الثلاثاء، نوفمبر 13، 2012

الربيع العربي في برلين 32

هبة العقاد
 
وصلنا بعد خمس دقائق من التاسعة إلى المبنى التابع للبرلمان الألماني والذي حضرنا فيه محاضرة الافتتاح بالأمس، ووجدنا الدكتور أورلش شولر " مدير دائرة البحث والعلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني" و كل من السيدة كارين جوته والسيدة " فون فنتر" في انتظارنا. كانت هذه هي المرة الثالثة التى ألتقي فيها الدكتور شولر ، فالمرة الأولى كانت في السفارة الألمانية بالقاهرة، والثانية كانت أمس حيث اللقاء مع النواب الذين اختبرونا وكانت هذه هي المرة الثالثة، وفي الثلاث مرات كان يرتدي الدكتور شولر نفس البدلة بنفس القميص من دون كرافته ولا ياقة، والتى تشبه إلى حد كبير الزي الإيراني أو الهندي! وودت لو سألته عن سر ذلك!
تحدث إلينا الدكتور شولر في محاضرة  استمرت لساعة وعشر دقائق تحت عنوان "مدخل إلى النظام السياسي لجمهورية ألمانيا الإتحادية"، ولقد أدي حديثة بالصوت المنخفض والأسلوب الهادئ إلى سرحان الكثير منا وشرودهم، وزاد من ذلك الأمر عدم وجود مكبر للصوت، وحتى عندما أحضروه ووضعوه أمامه كان قد فات الأوان، واستجمعت من هذا الحديث الهادئ عن الدولة الإتحادية ما يلى:-
" تتألف جمهورية ألمانيا الاتحادية من 16 ولاية اتحادية، وتتوزع سلطة الدولة بين الدولة المركزية (دولة الاتحاد) والولايات الاتحادية، وتتمتع هذه الولايات باستقلالية وبسلطات الدولة، وإن كانت هذه السلطات محدودة!
بعدها انتقل الدكتور شولر إلى الحديث عن الأحزاب السياسية في ألمانيا فقال: إن نظام الأحزاب الألمانية في غاية الوضوح واليسر، ومن الممكن لأي مجموعة أن تقوم بتأسييس حزب لها شريطة أن يحصل في الانتخابات البرلمانية على 5% من أصوات الشعب الألماني، وبحسب الدستورالألماني فإن تشكيل الأحزاب السياسية يخضع للأسس الديمقراطية (ديمقراطية الأعضاء)، وينتظر من هذه الأحزاب اعترافها بالدولة الديمقراطية. ولا يوجد على الإطلاق قانون يلزم بمنع أي حزب من العمل السياسي إلا عندما تتبين الحكومة  من أن أحد هذه الأحزاب يشكل خطرا على النظام الديمقراطي، وتتشكل لديها القناعة بأن منعه ضروري، حينها تقوم بتقديم طلب  للبرلمان الألماني لحظر هذا الحزب. أما قرار المنع بحد ذاته فهو محصور بيد المحكمة الدستورية العليا. وبهذه الطريقة يمكن تفادي خطورة أن تقوم الأحزاب السياسية الحاكمة بمنع أي حزب يعارضها ويشكل خطرا سياسيا منافسا لها. ( طبعا مفهووووم)
وألقى الدكتور شولر الضوء بعد ذلك على الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية، وذكر منها  أحزاب الاتحاد المسيحي: الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) والاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، ثم الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SPD). وأوضح أن هذه الأحزاب الثلاثة تعتبر أحزابا شعبية، الأمر الذي يعني أنها تمكنت في الماضي من الفوز بثقة شريحة كبيرة من الناخبين المنتمين إلى مختلف الطبقات، وجميعها تعتمد مبدأ الدولة الاجتماعية، التي تضمن دخل أبنائها من كبار السن والمرضى والمعوقين والعاطلين عن العمل. وبينما يعبر حزبا CDU/CSU عن مصالح الشركات وأصحاب الأعمال الحرة ورجال الأعمال، فيعتبر حزب SPD  هو الحزب المقرب من النقابات.
ثم إن هناك الحزب الديمقراطي الحر (FDP) الذي يعتمد مبدأ عدم تدخل الدولة في السوق ولا يعتبر هذا الحزب حزبا شعبيا ؛ فهو يمثل بشكل أساسي مصالح أصحاب الدخل المرتفع والطبقات المثقفة. وهناك أيضا حزب الخضر الذي يعمل دوما على الربط بين مبادئ اقتصاد السوق وبين الرقابة الصارمة للدولة على حماية الطبيعة والبيئة.
ولما فتح باب الأسئلة قامت هبة المصرية بطرح سؤال لم أفهمة ربما بسبب بعد المسافة أو بسبب لغتها الألمانية الأكاديمية القوية التى أشعر معها بالعجز، كذلك سأل غسان التونسي سؤالا  لم أستطع تجميعه، فقد أخذ يقدم له طويلا ويتفرع في مواضيع كثيرة ينسيك بعضها البعض، ثم إن طريقته في الإلقاء مع صوته الشجي يجعلانك تشعر وكأنك تستمع إلى مذيع نشرة إخبارية في الراديو! وحاولت أن يكون سؤالى عاما وسهلا وبسيطا فكان السؤال : " إن في ألمانيا ما يزيد عن ثلاثة ملايين مسلم من جنسيات مختلفة فماذا لو حدث وأن اجتمع منهم من قام بتشكيل حزب سياسي على أساس ديني مثل حزبي الاتحاد المسيحي الألماني، وطالبوا فيه بتطبيق الشريعة الإسلامية؟!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق