الأحد، نوفمبر 25، 2012

الربيع العربي في برلين 44


مها الأردنية
 
أشار المرشد بيده اليمنى على مبنى كبير اكتسى باللون الأبيض وتقبع أمامه حديقة بها بعض الأشجار الوارقة والواقفة بشموخ في وسط العشب الأخضر ومحاطة بسور حديدي كبير، يقف أمامه تمثالين أبيضين كبيريين لرجلين جالسين على كرسيهما ثم قال: هذه هي جامعة"هومبولت" أقدم جامعات برلين(بنيت سنة 1815)، وثانيها من حيث المساحة.وقد أسسها عالم اللغويات" فلهيلم فون همبولت" المولود سنة 1767، وأشار بيده ناحية أحد التمثالين، ثم واصل حديثه بقوله: إن هذا العالم كان صديقا لكل من جوته وشيلر، وهو صاحب نظريات في التعليم أخذتها منه كل من أمريكا واليابان والتى على أثرها قد نهضتا.

 تذكرت ساعتها مقولة لأحد أساتذتي قال فيها:- " إن أساس أي نهضة هو التعليم"

 وعبرنا نهر اشبريه ثم توقفنا مباشرة بعد الكوبري وعن شمالنا وقفت كاتدرائية كبيرة عملاقة ذات تصميم جذاب ينبض منه عبق التاريخ، وذكر لنا المرشد أن هذه هي كاتدرائية برلين ، وهي كنيسة إنجيلية تم بناؤها ما بين سنة 1894وسنة 1905 ، ثم تغيرت نبرة صوته وامتزج بها الشجن والحزن عندما قال: " ولقد مرت هذه الكاتدرائية بالكثير من المراحل التى تطلبت إعادة بناؤها وتحديثها من الداخل والخارج، مما أدي إلى تغيير كبير في تصميمها المعماري ؛ فقد تضررت هذه الكاتدرائية بشدة خلال الحرب العالمية الثانية من خلال حريق ناجم عن انفجار قنبلة ألقيت من الجو فتحولت في ساعتها إلى خراب، وظلت خربة لمدة زادت عن ثلاثين عاما حتى أعيد بناؤها في العام 1983 وقد انتهت الأعمال الداخلية فيها فقط منذ عشرة أعوام !

 لا أدري لماذا اكتئبت فجأة، ولا ما السبب في هذا الانقباض الذي أصابني في قلبي؟ هل بسبب فيديوهات الدمار والخراب التى عرضها علينا مرشد الرحلة منذ بداية هذه الجولة وحتى هذه اللحظة، أم أن لغياب الشمس وحلول الظلام رويدا رويدا سببا في هذا؟

 وتساءلت....

 هل حقا أساس أي نهضة يبدأ من التعليم؟! أم أن أساس أي خراب يبدأ بالتعليم!!

 وأصيبت بحيرة شديدة عندما تذكرت "ألفريد نوبل" ذلك العالم الشهير الذي اخترع الديناميت، والذي كان اختراعه سببا رئيسيا في دمار أوروبا في الحرب العالمية الأولى والثانية، وهو السبب كذلك في دمار فيتنام والعراق وأفغانستان وفلسطين و وو.. وما خفي لا يعلمه إلا الله، ثم ضحكت فجأة فقد تذكرت قصة طريفة قرأتها ذات مرة تؤكد على هذا المعنى وتركز على ذات المغزى (ومن العلم ما قتل):-

 "يُحكي أن ثلاثة من العلماء ( عالم دين، عالم قانون، عالم فيزياء) حكم عليهم بالإعدام. وعندما حانت لحظة تنفيذ الحكم قُدم عالم الدين لتقطع رأسه أولا ، ولما وضعت رأسه تحت المقصلة سأله القاضي: هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فأجاب عالم الدين بقوله: الله، الله هو من سينقذني! فنزلت المقصلة على رأسه من دون أن تقطعها؛ فأطلقوا سراحه. ثم قدم عالم القانون لينفذ عليه الحكم وسئل نفس السؤال: هل تود أن تقول شيئا؟ فأجاب عالم القانون بقوله: العدالة، العدالة هي من ستنقذني! فنزلت المقصلة على رأسه من دون أن تقطعها؛ فأطلقوا سراحه. ثم قُدم عالم الفيزياء لينفذ عليه حكم الإعدام وسئل نفس السؤال: هل تود أن تقول كلمة أخيرة؟ فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي ولكني أعرف أن هناك عقدة في حبل المقصلة تمنع المقصلة من النزول فنظر القائم على تنفيذ حكم الإعدام فوجد العقدة ففكها، ثم نزلت المقصلة على رأس الفيزيائي فقطعتها!!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق