الثلاثاء، أكتوبر 30، 2012

الربيع العربي في برلين 19

الاثنين 10 سبتمبر
في الثامنة صباحا كانت البداية حيث التقينا جميعا " أربعة وعشرون شابا وفتاة من سبع دول عربية" وكانت في انتظارنا فتاة مصرية من أم ألمانية، أو إن شئت فقل فتاة ألمانية من أب مصرى" واسمها "ليلى أرمانيوس".
كنت قد قرأت اسمها في البرنامج الذي أرسل إلينا قبل السفر ببضعة أيام، فظننتها امرأة كبيرة في السن، فاسم "ليلى" اسم قديم قدم الشعر العربي، واسم أبيها "أرمانيوس" أقدم من اسمها، فهو يعود إلى الحقبة اليونانية؛ ولما رأيتها عرفت أنى قد أخطأت عندما حددت السن بالإسم !
وامتلئ بنا رصيف الشارع ونحن نسير خلف ليلى ( اللهم لا حسد)! وفي الطريق تعرفت على زملاء جدد، فتعرفت على أندريه من لبنان، وأروى من تونس، وعبد الله من الأردن، ومشتاق من اليمن، وسناء وسمية من المغرب، وعلاء وكمال من فلسطين. ثم سلمت على سارة من مصر وكنت قد تعرفت عليها من قبل في السفارة الألمانية وقت تقديم الأوراق. وبهذا يكون قد اكتمل العدد واكتملت المجموعة من أصغرها سنا وهو أحمد مسعد لأكبرها سنا وهو علاء الفلسطيني على ما أظن، ومن أطولها " أندرية" إلى أقصرها "لا أحد"!
ركبنا المترو من محطة "هاينرش هاينه" إلى محطة "ألكسندر بلاتس" ثم استبدلناه بالأتوبيس حتى باب المبنى التابع "للبوندستاج". كنت أود أن تكون زيارتنا الأولى للمبنى الرئيسي للبوندستاج وليس لمبنى تابع له!
 ( من اليمين: كارين جوته، فون فينتر، يورجن بيترز)

دخلنا قاعة كبيرة في الطابق الأرضي قد جهزت بأحدث الأجهزة والمعدات، ثم وجدنا على مقاعدنا حقائب يد كبيرة مكتوب عليها اسم المنحة "IPS" وبداخلها عدة هدايا "فلاشة كمبيوتر، ومجموعة من الكتب التعريفية بالبرلمان الألماني، وقلم، وكراس"، ووجدنا في انتظارنا كلا من السيدة "فون فينتر" المسؤلة الأولى عن البرنامج والتى رحبت بنا بشدة، ثم قامت بتعريفنا بكلا من السيدات المشرفات والسادة المشرفين، فبدأت بالسيدة "كارين جوته" ثم السيدة " كاترين جروته" والسيد " يورجن بيترز" والسيد "اشتيفان كروتسكي" وغيرهم، ثم طلبت منا أن يقوم كل واحد منا بتعريف نفسه للآخرين. بعدها قامت السيدة "كارين جوته" بعرض برنامج المنحة من بدايته لنهايته! ثم خرجنا لنذهب إلى المبنى الرئيسي للبرلمان الألماني " البوندستاج"

الأحد، أكتوبر 28، 2012

الربيع العربي في برلين 18


واصل رامز حكايته بقوله:- ووصلت مطار برلين ومعى حقيبتين كبيرتين يحملهما جسد منهك يحتاح إلى كثير من المساعدة، وخرجت من بوابة المطار على أمل أن أجد أحدكم في انتظارى، يهون عنى ويذهب بي إلى السكن! ووقفت أنتظر ومر الوقت ولم أرى أحدا منكم فاتصلت بأحمد فلم يرد وتذكرت أنه ليس معى حتى عنوان السكن فاعتمادي على أننى سأسافر مع مجموعة جعلنى لا أهتم بكتابة العنوان!!

أحس رامز بأن الفضول لمعرفة بقية القصة سيقتلنى، فانتهزها فرصة وطلب منى أن أحضر له كوبا من الماء، وفعلت ذلك مضطرا، ولما ارتوى واصل الحديث بقوله:- " وتخيل أنك لم تنم سوى ثلاث ساعات ، وأنك  تحمل حقيبتين كبيرتين ، ويتعطل تليفونك بسبب الشاحن، وفوق كل هذا يبيعك أصدقائك ويتخلون عنك، ثم لا تجد الورقة التى بها العنوان"! قلت له " إنجز يا رامز وبعدين!"

أدرك رامز أن صبري في معرفة بقية القصة قد بدأ ينفذ، لذا بدأ على الفور في اختصار ما تبقى من القصة بقوله :- " لا شئ،،، هداني تفكيرى أن أذهب إلى مكتب الاستعلامات في المطار، فسألتهم أن يعطوني خريطة لبرلين ، ثم حاولت أنأ تذكر العنوان فتذكرت شارع " مولشن شتراسه" وعندها طلبت من الموظفة أن تخبرنى بأقصر الطرق للوصول. ركبت الأتوبيس ومن بعده المترو حتى نزلت في محطة " هاينرش هاينه" القريبة من السكن، ثم سرت بحقائبى أسأل الناس حتى صرت منهكا أكثر وأكثر، وكان من بين الذين سألتهم شاب تبين لى  أنه زميل لنا في المنحة واسمه " خالد " من اليمن ، وساعدني الرجل للوصول إلى الموظفة التى أعطتنى المفاتيح والأوراق وأوصتنى أن أنتظر زميلي الفلسطينى  كي أفتح له البيت فسيصل في منتصف الليل" وهنا قلت له :- "تصبح على خير وأراك في الغد بإذن الله"
الاثنين 10 سبتمبر
في الثامنة صباحا كانت البداية حيث التقينا جميعا " أربعة وعشرون شابا وفتاة من سبع دول عربية" وكانت في انتظارنا فتاة "مصرية من أم ألمانية، أو إن شئت فقل فتاة ألمانية من أب مصرى" واسمها "ليلى أرمانيوس".


ليلى أرمانيوس
 
كنت قد قرأت اسمها في البرنامج الذي أرسل إلينا قبل السفر ببضعة أيام، فظننتها امرأة كبيرة في السن، فاسم "ليلى" اسم  قديم قدم الشعر العربي، واسم أبيها "أرمانيوس" أقدم من اسمها، فهو يعود إلى الحقبة اليونانية؛ ولما رأيتها عرفت أنى قد أخطأت عندما حددت السن بالإسم !

السبت، أكتوبر 27، 2012

الربيع العربي في برلين 17

دخلت خلف رامز الذي ما أن وجد السرير حتى ارتمى عليه، وأخذت أبحث عن مكان أجلس فيه وسط حقائبه التى أفرغ أكثر مافيها وبعثره على الأرض، فصارت أشبه بساحة حرب خرج الجميع منها منهزمون. وتساءلت هل دخل عليه أمن الدولة؟!
طلبت من رامز أن يحكي لي ما حدث له بالأمس من وقت أن تركناه، فقال لى أنه قد تأذى كثيرا وتضرر أكثر، أو على حد تعبيره" أنا اتبهدلت بهدلة السنين"، ثم أخبرني بأنه لم ينم سوى ثلاث ساعات،  وقال بلهجة فيها كثير من الأسى " و أكثر حاجة زعلتنى إن مفيش حد منكم استناني في المطار"
اعتذرت له وتعللت بأننى لم تصلني منه أية رسائل، وأقسمت له بأننى لم أعلم بموعد قدومه، ثم رجوته أن يحكي لي كل شئ بالتفصيل، فاعتدل من نومته ثم أخذ نفسا عميقا وقال:-
" بعد أن حدث ما حدث، واختفى الموظفون، وثار الناس، وقام البعض بتحطيم الزجاج وأجهزة الكمبيوتر، وجاء البوليس وأخذ منا من أخذ، وافترشنا الأرض في انتظار مسؤول يشرح لنا الموقف أو يعلمنا بالمستجد من الأمر.. ومرت ساعة تلو الأخرى ولم يأت أحد، فثار الناس مرة أخرى، ثم حدث هرج ومرج، وهتف الناس " الوزير فين الوزير فين!"، فجاء موظف شاب واعتلى أحد الكراسي، ثم أخذ ينادي في الناس ويطمئنهم أنهم سيسافرون جميعا، ولكن ليس اليوم !! ثم طلب منهم أن يسلموا حقائبهم ويذهبوا إلى فندق قريب من المطار، فقد تم حجز غرفا لهم كي يبتون فيها للصباح".
سكت رامز قليلا وكأنه تذكر شئيا ثم قال:-" ممكن تناولنى الموبايل اللي في الشاحن جانبك؟" فأعطيته إياه فنظر فيه ثم قال:" وحتى تكتمل المعانة فقد نسيت أن أخرج شاحن الموبايل من حقيبتي التى سلمتها لموظف المطار، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بيني وبين العالم الخارجى ".
حاولت أن أخفف عنه فأخذت أواسيه ببعض العبارات من قبيل " كل دا عادي جدا وبيحصل منه في أحسن العائلات" ثم قلت له " أنت أفضل من غيرك كثيرا، فأنت تأخرت ليلة واحدة، وغيرك تأخر ليلتين!
ثم واصل رامز حكايته بقوله:- ووصلت مطار برلين ومعى حقيبتين كبيرتين يحملهما جسد منهك يحتاح إلى كثير من المساعدة، وخرجت من بوابة المطار على أمل أن أجد أحدكم في انتظارى، يهون عنى ويذهب بي إلى السكن فلم أجد! ووقفت أنتظر، ومر الوقت ولم يأتى منكم أحد، فاتصلت بأحمد فلم يرد وهنا تذكرت أننى ليس معى عنوان السكن؛ فاعتمادي على أننى سأسافر مع مجموعة جعلنى لا أهتم بكتابة العنوان!!

الربيع العربي في برلين 16


تجولنا قليلا في شارع " أونتر دين ليندن" الذي بنيت على رأسه بوابة برلين ليربط بينها وبين نهر "شبريه" ولما رأينا أن الساعة قد تخطت الرابعة عصرا أسرعت وعبد الرحيم لنذهب إلى محطة " أوستبانهوف" ففيها سوبر ماركت كبير مفتوح يوم الأحد. ويعد فتح هذا السوبر ماركت أبوابه للجمهور يوم الأحد استثناءا؛ فكل المحلات والمصالح والهيئات تغلق أبوابها بشكل تام في هذا اليوم. واصطحبنا في هذه الجولة التسويقية كلا من "منة ومنى"إلا أنهما أشتريتا أغراضهما وانصرفتا قبلنا.

واشترينا أغراضا كثيرة ( دجاجة، وخضار، وفاكهة، وعصائر، وشاي، وسكر، ومنظفات، وحتى المناديل الورقية)، ثم اقتسمنا المبلغ فيما بيننا فكان نصيب كل واحد منا اثنين وعشرين يورو وتسعة عشر سنتا. وكان الحمل ثقيلا والمسافة ليست بالقصيرة؛ ولكن الصحبة وتبادل أطراف الحديث هونا  عنا كثيرا من المعانة.

عدنا إلى المنزل فرتبنا ما اشتريناه بوضعه في الثلاجة إن كان من المثلجات ووضعة فى الأدراج إن كان لا يحتاج للتبريد، ثم قمت بعمل سلاطة خضار لنفسي؛ فعبد الرحيم لا يأكل أي شئ تدخله الطماطم، ثم مع عبد الرحيم نشاهد التلفاز وكان يعرض فيلما وثائقيا عن أحدات الحادي عشر من سبتمبر!

وجاء سفيان فاستأذن عبد الرحيم ليذهب معه إلى المطعم التركي كي يشتريا الدونر، وبقيت وحدي أتابع أحداث الفيلم ولما انتهى خرجت إلى مقهى الإنترنت، وفي الطريق تقابلت مع اليمنى "خالد" فأخبرني أنه التقي بزميلنا "رامز" القادم لتوه من المطار، فسألته في أي البنايات يسكن رامز ؟ فأخبرني بأنه يسكن في النباية التى أسكن فيها، ولكن في الطابق الذي يعلوني، ثم أوصاني ألا أذهب إليه الآن وترجاني أتركه ليستريح فقد كان في غاية التعب والإرهاق.

ذهبت إلى مقهى الإنترنت فقضيت فيه ساعة ثم عدت فصعدت إلى شقة رامز وضغطت على الجرس كثيرا فلم يفتح لي. عدت إلى شقتى فقضيت فيها ساعة أخرى ثم عاودت الصعود والضغط على الجرس حتى فتح لي رامز وقد كان في حالة مذرية، وأحسست نصفا منه كان مستيقظا والننصف الآخر كان نائم!

الأربعاء، أكتوبر 24، 2012

الربيع العربي في برلين 15



عبرنا كوبري صغير على نهر "شبريه" هذا الكوبري مصنوع من الحديد والخشب وخصص لعبور المشاة وراكبي الدراجات الهوائية، ويقع عن يمينه مبنى الاستشارية "أي المبنى الذي يوجد فيه مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل"، ويقابلة على اليسار مبنى البرلمان الألماني "البوندستاج" وتفصلهما حدائق مكشوفة تقطعها بعض الشوارع المحاطة بأشجارصغيرة أوراقها أقرب للبنفسجي منها للأخضر. ارتمى بعضنا على الحشائش الخضراء منتهزا فرصة وجود أشعة الشمس التى زادت من دفئ المكان فأضفت سعادة وأعطتنا الحيوية.
وصلنا أمام مبنى البوندستاج فالتقط كل منا صورا جعل من بوابة المبنى التاريخي خلفية لها على أمل أن تلتقط لنا الصور بداخله غدا بإذن الله. في هذه الأثناء اتصلت بي "منة" وأخبرتنى بأنهم قد وصلوا بالقرب من  بوابة براندنبورج فقلت لها ونحن في الطريق إليكم.
وكما التقت جيوش الحلفاء " الجيش الروسي والجيش الأمريكي" التقينا  بالمجموعة الأخرى في المنطقة الواقعة بين بوابة برلين ومبنى البوندستاج، ونظرا لأن هذا اليوم هو الأحد وهو عطلة نهاية الأسبوع، فقد كانت المنطقة المحيطة بالبوابة والمجاورة للبرلمان الألمانى مزدحمة بشكل كبير مما أعطى فرصة كبيرة للشحاذين المبدعين في التواجد بكثرة في هذه المنطقة وعرض إبداعاتهم للحصول على مبلغ من المال ولو ضئيل.

هذا النوع من الشحاذين وللأسف انقرض في مصر ، فلم يعد هناك الأرجوز ولا الساحر ولا المصارع. أما هنا و كذلك في أغلب الميادين الأوربية تجد من يقف أو يجلس ليعزف شيئاً ما على آلته الموسيقية ، أومن يرسم بالطباشير عملاً فنياً رائعاً على الرصيف، أو حتى الذين يرتدون ملابسا غريبة وأقنعة مستفزة أحيانا ورسمية أحيانا أخرى، والجميع يشتركون في عمل واحد وهو وضع منديل أو طاقية أمامهم على الأرض وإذا أعجبك ما يقدمونه فضع فيه ما تستطيع من نقود.
وقفنا أمام بعض من هؤلاء الشحاذين المبدعين وحرص البعض منا على أن يلتقط صورا معهم ثم واصلنا السير نحو بوابة برلين فعبرناها متجهين نحو الشرق.


رأينا عددا من الدراجات السياحية ذات السبع مقاعد تقف أمام البوابة، اقتربنا من إحداها كي نستعلم عن سعر الركوب، فجاءنا رجل بدى من هيئته أنه عربي، ويبدو أنه استشعر أيضا أننا عرب فتحدث إلينا بلهجته اللبنانية مرحبا بنا ومستعدا لتقديم السعر المناسب. استئذناه في أن يلتقط لنا صورة تذكارية على دراجته ثم ودعناه متعللين بضيق الوقت.

الثلاثاء، أكتوبر 23، 2012

الربيع العربي في برلين 14


وقفنا جميعا مبهورين بهذه المحطة، وتصميماتها الإبداعية، والدقة المتناهية، والفخامة، والعظمة، وقل ما تشاء من مديح. فالمحطة كبيرة جدا، تبلغ مساحتها حوالى 250 ألف متر مربع، وتعتبر محطة مركزية بين محطات القطارات فى أوروبا، فتلتقى بها قطارات الشمال والجنوب مع قطارات الشرق والغرب، ويزورها يوميا نحو 700 ألف راكب.
ولا تتعجب عندما تعرف أنه قد وضع  كل شىء في الحسبان،  فبدءاً من بلاطات بيضاء ذات بروزات تشعر بها قدمك لإرشاد المكفوفين أثناء سيرهم فى المحطة، إلى مقابض درابزين السلم الحجرى الذي  به حروف وأرقام بارزة لو لمسها الكفيف لعلم أين يجد قطاره وعلى أى رصيف يوجد. وروعيت تلك البروز أيضا  فى أزرار المصاعد و التى صممت على هيئة بانوراما ليتمتع الزائر بمشاهدة المحطة.

 



والمحطة مؤمنة تأمين كامل من خلال وحدة كاميرات للمراقبة تتنوع أشكالها ومهامها، فهناك كاميرات 360 درجة تتابع المحطة على مدار 24 ساعة ومن كل الزوايا عبر متخصصين لهذا الغرض فقط، وهناك كاميرات أحادية الجانب لإطلاق صافرات الإنذار فى حالة انبعاث أى دخان يمر أمامها حتى ولو دخان سيجارة، لأن التدخين ممنوع داخل المحطة، ويتم التصدى لأى سلوك ممنوع أو إرهابى بسرعة عبر وحدة شرطة متخصصة داخل المحطة. حتى الناحية الجمالية تمت مراعاتها من خلال تصميم رائع للمحطة ونوع الإضاءة بها ولون الطلاء المتماشى مع ألوان القطارات والأرضيات التى تم استيرادها من الصين!!
وفي المحطة طابقين رئيسيين للقطارات فالطابق الأسفل تسير به القطارات المتجهة من الشمال للجنوب وتصل لروسيا وإيطاليا، وفي الطابق الأعلى تسير القطارات المتجهه من الشرق للغرب وتصل بين هولندا وبولندا. هم هناك مترو الأنفاق لمن أراد أن يذهب  داخل برلين ثم إن بها  ممرات تؤدي إلى موقف انتظار السيارات وإلى الميناء. هذا غير المحال التجارية التى يبلغ عددها نحو 70 محلاً، تتنوع بين المطاعم المختلفة التى تقدم أطعمة من شتى بقاع العالم، ومحال الهدايا، والكتب، وتأجير السيارات، والملابس، بحيث لا يحتاج الراكب للخروج منها  للشراء. كله موجوووود!
وأما من حيث الصيانة فحدث ولا حرج، فالمحطة مفتوحة على مدار 24 ساعة وتتواصل حركة مرور القطارات بها على مدار اليوم ما عدا القطارات شديدة السرعة التى تعمل حتى الواحدة صباحاً وتبدأ عملها فى الرابعة صباحاً، وخلال تلك الـ 3 ساعات يتم تنظيف المحطة وصيانة أى جزء بها. وقد روعي أيضا  فى تصميم المحطة أن تتم الصيانة  بهدوء، ودون أى إضرار بالشكل الجمالى لها. فهناك  بلاطات مربعة مثبتة بمسامير فى حالة الحاجة لتغيير سلك كهرباء، أو ماسورة مياه فلا حاجة لحفر أو تعطيل.
وفي المحطة أرصفة لقطارات فائقة السرعة، وأخرى لقطارات متوسطة السرعة، ولكل منها قضبان ومسارات لا تتعارض مع الأخرى، وقد زود كل رصيف بشاشات كمبيوتر توضح لرئيس المحطة كل أبواب القطار والعربات وحركة الركاب صعوداً وهبوطاً، فلا يعطى شارة انطلاق القطار إلا بعد ملاحظة جيدة لهذه الشاشات، كما أن تسيير القطارات فى المحطة يتم عبر شبكة كمبيوتر لأن أى تأخير فى موعد أى قطار يؤثر على ألمانيا كلها!

والمدهش في الأمر أن حوائط المحطة مصنوعة من الزجاج الذي خصص كثير منه  لتوليد الطاقة الكهربائية التى تستخدم فى إنارة المحطة ليلاً.
 
ولما لم نجد ما ننطق به من روعة وعظمة  ما رأيناه خرجنا من البوابة الرئيسية للمحطة العملاقة متجهين ناحية الجنوب حيث البرلمان الألماني.

 

الاثنين، أكتوبر 22، 2012

الربيع العربي في برلين 13


كانت العاشرة صباحا حينها أخبرت عبد الرحيم بأنني سألتقي (أحمد ومنة ومنى) بعد ساعة، وسنذهب في جولة في مدينة برلين وسألته عما إذا كانت لديه الرغبة في المجيئ معنا أم لا، فأبدى ترحيبا ثم أخبر "سفيان" بالأمر فوافق بدوره، وتهيئنا جميعا للنزول.

وأمام مدخل الممر المؤدي إلى بيوت كثير من الزملاء رأيت أحمد مسعد يقف مع زميلة جديدة عرفت نفسها بأنها "أريج" من مصر. "لم نتقابل معها في القاهرة فقد كانت مسافرة خارج مصر وقتذاك". لم يطل بنا الانتظار حتى أتت منى ومنة ثم تلاهما التونسيان مها وغسان، واليمني خالد، ثم المغربيان عبد الرحيم وسفيان، واكتملت المجموعة بمجئ  بالأردنيتين مها وأنمار. (بقي اثنى عشر زميل وزميلة لم يشاركونا هذا اليوم لأسباب مختلفة ، فالمجموع الكلي أربع وعشرون عربي)
 
تحدثنا في البداية باللغة الألمانية، ثم وجدنا أنفسنا تلقائيا كل يتحدث بلهجته، وكون كل اثنين منا مجموعة وبدأو يتحدثون في موضوعات مختلفة.

وفي محاولة منى لجمع هذا الشتات قمت بعرض فكرة التجول في برلين، وركزت على أن هذا اليوم سيكون لمشاهدة برلين إجمالا، فاليوم لا يمكننا أن ندخل متاحفا أو أن نزور مزارات،فالمزارت والمتاحف كثيرة والوقت ضيق، وربما تكون هذه المزارت من ضمن ما سنراه لاحقا في برنامج المنحة.

واتفقنا... ولما قررنا أن ننطلق تذكر خالد اليمني أنه قد نسى تذكرة المواصلات التى أعطيت لنا، والصالحة لمدة شهر كامل لجميع أنواع المواصلات العامة داخل برلين، فانتظرناه حتى عاد بها، ثم انطلقنا....

سرت بهم في الطريق الذي اكتشفته صباحا، وحكيت لبعضهم ما قمت به في الصباح، فصدقنى البعض وتحفظ الآخرون. توقفنا على نفس ذات الكوبري الذي تحدثت فيه مع صائد الأسماك، والتقطنا لأنفسنا ولبعضنا صورا تذكارية. كنت سعيد جدا بهذا اللقاء العربي العربي؛ فاختلاف اللهجات وتباينها، واختلاف الثقافات وتبانيها حتما سيفتح لي أبوابا لتعلم أشياءا جديدة، وهذا دوما ما أصبو إليه.

مرت على أذني كلمات كثيرة من تلك اللهجات لم أستطع فهمها، وحرصت دوما على السؤال عن معانيها. وكانت اللهجتين التونسية والمغربية أصعبهما على الإطلاق: إلا أنني وجدت المتعة في الاستماع إلى متحدثيهما.


ركبنا القطار وماهي سوى محطتين حتى رأينا برج التليفزيون، فنزلنا جميعا في محطة "الكسندربلاتس" ثم اتجهنا نحو البرج. أراد البعض منا وعلى رأسهم أحمد مسعد أن يصعدوه إلا أن البعض الآخر رفض ذلك، فانقسمنا إلى مجموعتين. المجموعة الأولى وفيها (أحمد ومنى ومنة وأريج والأردنيتين مها وأنمار) والمجموعة الثانية وفيها ( التونسيان مها وغسان، والمغربيان عبد الرحيم وسفيان، واليمني خالد، وأنا).

قررت مجموعتنا أن نتجول باتجاه البرلمان الألماني، فمشينا من محطة "ألكسندربلاتس" حتى وصلنا إلى المحطة التى تليها، ثم ركبنا منها القطار إلى المحطة الرئيسية العملاقة. قال لي أحدهم: أنه شاهد فيلما وثائقيا على الجزيرة عن بناء هذه المحطة، ثم أخبرني بأن الذي بناها هو مهندس مصري. فقلت له نعم، واسمه هاني عازر.

وهاني حلمي عازر لمن لا يعرفه هو مهندس مصري ولد في طنطا عام ١٩٤٨، وسافر إلى ألمانيا  عام 1973 فدرس بها الهندسة المدنية. شيد محطة قطارات برلين، أهم محطة قطارات في أوروبا والعالم، وكرمته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

والعجيب في الأمر أن هذا المهندس المصري قام بتحويل مجرى نهر «شبريه» الذى يمر فى قلب برلين 70 متراً وحفر الأنفاق تحته ثم أعاد النهر لمجراه الأول دون أن تتأثر حركة النهر. ليس هذا فحسب بل إنه قام ببناء برج إدارى فى المحطة بطول 70 متراً بشكل رأسى ثم قلبه أفقيا ليمر بالعرض فوق خط القطارات الرابط بين شرق وغرب ألمانيا. تحيا مصر

الأحد، أكتوبر 21، 2012

الربيع العربي في برلين 12


ودعت صائد الأسماك الذي أبى أن ألتقط له صورة، أو أن أعرف له اسما. وانطلقت في طريقي حتى وصلت محطة القطار (أوستبانهوف) فتجولت فيها بعض الوقت، وعرفت أن بإمكاني أن أذهب منها إلى المحطة الرئيسية لأكون بالقرب من البرلمان الألمانى...

عدت إلى البيت من طريق غير الذي ذهبت منه، وعدت أيضا بشعورغير الذي خرجت به، فقد أحسست أنني قد تعلمت شيئا جديدا، وتعرفت على اتجاهات المكان الذي أسكن فيه... فحقا " البركة في البكور"..

وجدت عبد الرحيم جالسا في الصالة ومعه أحد الزملاء الجدد، عرفني عليه بقوله:- " هذا هو سفيان من المغرب من الأمازيغ" قلت له: يعني من البربر! فلم يرد سفيان، وأجاب بدلا منه عبد الرحيم، بنعم.
 
سفيان

حاولت التحدث مع سفيان بالعربية؛ إلا أنني أحسست أنه لا يحب التحدث بها، فكلما حدثته بالعربية أجده يرد علي بالألمانية، أو لا يرد أصلا، أو يظهر لى أنه لم يفهمنى جيدا.

سألت عبد الرحيم عما إذا كان قد تناول طعام الإفطار أم لا؟! فأجابني بأنه لا يوجد خبز. فقلت له إن معي خبزا أبيضا من مصر فهل معك ما نأكله به؟! أجابني بأن معه زيت من المغرب !! استغربت لذلك، فهل نفطر بزيت؟!

نهض عبد الرحيم ودخل المطبخ ثم أحضر زجاجة خضراء بلاستيكية وقد امتلأ نصفها بزيت زيتون. ثم قال: "ياعزيزي إنه ليس زيت زيتون عادي؛ بل إنه زيت من شجرة الأرجان النادرة".  ثم أخذ يعدد لي فوائدها وخصائصها حيث قال:-

شجر الأركان أو الأرجان هو شجر نادر للغاية، يتواجد بجنوب المغرب فقط في العالم بأسره! وزيت الأرجان هو أغلى الزيوت في العالم لكثرة فوائده. ويقال أن هذه الشجرة عمرت لملايين السنين، فهي تتميز بقدرتها الهائلة على مقاومة الجفاف ومحاربة ظاهرة التصحر، وتنتشرهذه الشجرة على مساحة آلاف الهكتارات في عدد من المحافظات الجنوبية المغربية من ضمنها (الصويرة وأغادير وتارودانت وتيزنيت وشيشاوة).

أصابتني دهشة كبيرة فكيف لنا في مصر لا نعرف عن هذا الزيت، ربما لأن عندنا زيت الزيتون؟! ربما!!
 وعلمت بعد ذلك من خلال البحث عنه أن هذا الزيت يستخلص بطريقة خاصة ويستعمل في أغراض التغذية والتجميل وبعض العلاجات الطبية، كما تستغل فضلاته كعلف مقو للماشية. وللأسف الشديد فقد تعرضت غابات أرجان على مر السنين لاستغلال مفرط وخطير سواء من طرف رعاة الماشية، أومن منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي، ولم يتم الالتفات إلى وضعيتها التي تنذر بالخطر إلا أخيرا حيث اتضح أن تأهيل هذه الشجرة وحمايتها يستوجب تضافرا فعليا وحقيقيا لجهود العديد من الجهات.. شدوا حيلكم يا مغاربة لحماية هذا الذهب السائل.

أحضرت طبقا فصب عبد الرحيم فيه قليل من الزيت، وأحضرت الخبز المصري وجلسنا نأكل زيت بخبز أو إن شئت فقل خبز بزيت. وانشغل سفيان في ضبط التلفاز الذي فشلنا (عبد الرحيم وأنا ) في ضبطة بالأمس. شكرا لك يا سفيان.

في أثناء تناولنا للإفطار حكيت لعبد الرحيم حكايتى مع صائد الأسماك، وكيف أنه كان متحفظا في البداية، وكذلك  النهاية عندما رفض أن ألتقط له صورة تذكرني به، ثم عقدنا مقارنة بين الألمان والعرب في مثل هذه الظروف ؛ فلو أن أجنبيا جاء إلى بلادنا فسيجد الترحيب والكرم المبالغ فيه، وإذا سأل سؤالا فسيجاب عليه في الحال، ولن يرفض أحد منا أن تلتقط له صورة بل وسنكون سعداء..

السبت، أكتوبر 20، 2012

الربيع العربي في برلين 11


 
جعلت المحطة ومن فيها خلفي، ثم اتجهت ناحية الشمال فعبرت شارعا عرضيا وواصلت السير حتى وصلت نهر شبريه الذي يقسم برلين نصفين، وفوق الكوبري رأيت رجلا وقد ارتدى معطفا أزرق اللون ووضع إحدى قدميه على دراجته التى أسندها على سور الكوبري، وأمسك صنارة طويلة سوداء بكلتا يديه منتظرا أن تجود له بشئ يعود به فرحا إلى بيته، هكذا تخيلت. اقتربت منه أسأله عن أقرب الطرق وصولا للبرلمان الألمانى (فقط أردت أن أعرف الاتجاهات ). كان الرجل متحفظا كثيرا في كلامه، فأجابني:- " بأن أقصر الطرق أن يكون معك خريطة، أو أن تسأل في محطة القطار!" ولما هممت أن أتركه قال لي مبتسما وكأنه أدرك أني قد غضبت:- " ويمكنك أيضا أن تذهب من هذه الناحية سيرا على الأقدام، وأشار بيده ناحية الغرب، ثم بدأ يشرح بتفصيل أكثر وأعمق... ولما انتهى من وصفه سألني عن بلدي وعن سبب قدومي، ثم سألته عن وظيفته، فأخبرني بأنه يعمل في هيئة الغاز، حيث يقوم بإصلاح الأعطال والصيانة الدورية في المنازل والمصالح الحكومية، وتطرق بنا الحديث بعد ذلك إلى صيد الأسماك.
 
وجدتها فرصة ولا بد من استثمارها فهوايتى المفضلة هي صيد الأسماك؛ فأردت أن أستعلم منه عن أفضل الطرق لصيد الأسماك، واستغربت جدا عندما علمت أن لصيد الأسماك في ألمانيا ترخيصا؛ فلا يسمح لأحد أن يصطاد أسماك من بحر، أو نهر، أو ترعة، أو بحيرة في ألمانيا من دون ترخيص أو تصريح. وفي حالة ضبط أي شخص وهو يصطاد السمك من دون ترخيص فعلية دفع غرامة مالية فورية تزيد عن المائة يورو وإلا فالحبس هو البديل.
 وأخبرني الرجل الذي لم يفصح لي عن اسمه بأن الحصول على ترخيص لصيد الأسماك يتطلب حضور محاضرات لمدة أربعة أيام مقسمة على أسبوعين ( أيام نهاية الأسبوع: السبت والأحد).
 في هذه المحاضرات يتم تعريف الدارسين بأنواع المياه، والأسماك التى تعيش في كل منها، وكذلك أنواع الأسماك المختلفة؛ الضار منها وغير الضار، ومواعيد التكاثر، والمواعيد التى يستحب فيها الصيد، والمواعيد التى يمتنع فيها، وغير ذلك... ثم قال:"ياسيدي هنا في ألمانيا كل شئ بتصريح؛ فالأوراق هي كل شئ، وأنتم في مصر أول من اخترع الأوراق وأول من اخترع الروتين ونحن قد ورثناهما منكم!!"
 
 
ولما رأيت أن الرجل قد أصقل موهبته بالتعليم أردت أن أستفيد منه أكثر وأكثر فسألته عن أي نوع من أنواع الأطعمة يستخدم؟ فأجابني بقوله: " أستخدم طعم السبلة"! ورآني مندهشا مستغربا متعجبا فأخرج لى علبة صغيرة وقام بفتحها فرأيت دودا أبيضا يتحرك بداخلها. هذا الدود الأبيض يختلف اختلافا كليلا عن الدود الذي أستخدمه ويستخدمه الصيادون من أمثالي في فرع النيل الذي يمر بقريتي في دلتا مصر.

 وبدأ الرجل يشرح لي أن هذا الدود عبارة عن تحول اليرقات إلى ديدان، وأخذ الرجل يؤكد أن هذا الدود هو  أفضل إغراء لسمك البلطي ولمعظم أسماك المياه العذبة.

سألته عن سعره ومن أين يشتريه ؟ فقال إن سعر هذه العلبة لا يتجاوز اليورو الواحد، وأنه يشتريها من السوبر ماركت المجاور لبيته، ثم واصل حديثه بقوله: "وهناك طرق كثيرة لإنتاج هذا الدود". رأيت أن الموضوع شيق جدا فطلبت منه ورقة وقلما ثم بدأت أدوون ما يقول.

أخبرني بالطريقة الأولى وهي من بقايا الطعام عندما يترك لمدة أسبوع مكتوما في جو حار نسبيا حتى يتعفن فيخرج منه ذلك الدود!! وهنا سألته عن طريقة أفضل من هذه الطريقة المقززة فأجابني:- "هناك طريقة أخرى وهي أن تحضر رغيف خبز وتقوم بتخميره ثم عصره ووضعه في كيس مع قطعة صغيرة من الخميرة وملعقة سكر وخلطهم جميعا وتركهم لمدة أربعة أيام حتى يخرج الدود... فقلت له شكرا، واكتفيت بهذا القدر من الدود...

الجمعة، أكتوبر 19، 2012

الربيع العربي في برلين 10


الأحد 9 سبتمبر

تعاهدت مع نفسي قبل النوم أن نقف سويا وبكل قوة في وجه الكسل ، وأن نقلل من عدد ساعات النوم قدر المستطاع، وألا ندخر وسعا أو طاقة في الاستفادة من كل ثانية والاستمتاع بكل دقيقة، وحتى أثبت تلك الجدية للوصول إلى الوفاء بالعهد فقد قمت بضبط منبهي على الخامسة صباحا وما إن سمعت تنبيهاته حتى نهضت من فوري وأخذت حماما ثم دخلت المطبخ أستكشف ما فيه وأصنع لنفسي كوبا من الشاي فلم أجد لا شايا ولا سكرا، وتذكرت أن معي قليل من حبات "الحلبة" أحضرتها معي من مصر وكيس سكر صغير احتفظت به من الطائرة وبهذا تم إنقاذ الموقف.

قمت بتفريغ ما في حقيبتي من الملابس والأوراق وبدأت في ترتيب الغرفة ثم ارتديت ملابسي الرياضية وخرجت أستكشف ما حولى من المكان. وعند خروجي من البوابة أحسست ببرودة في الجو فرأيت أن أبدأ بالركض مباشرة حتى أشعر بالدفئ وما هي سوى خطوات قليلة حتى توقفت وبدأت أتسائل في أي اتجاه سأسير؟ وكعادتي في مثل هذه الظروف أترك دوما لقدمي الاختيار وأسلمها مفاتيح القيادة. وقد كان...
 

اختارت قدماي أن أدخل في الممر المحفوفة جوانبة بالزروع والأشجار، فمررت بالأبنية التى يسكن فيها ( منة، ومنى، ولمياء، وأحمد وآخرون سأتعرف عليهم لاحقا). ولما انتهى بي الممر اتجهت يمينا فوجدتنى في شارع رئيسي واصلت ركضي فيه متجها ناحية الغرب فعبرت طريقا عرضيا رأيت على ناصيته مبنى ضخم أمامه حديقة صغيرة وخلفة حديقة أكبر منها وقد بنى بالكامل  بالطوب الأحمر. وتبن لي أن هذا المبنى لكنيسة أعجبت بشكلها كثيرا فتوقفت أمامها وأخرجت كاميرتي والتقطت لها صورة من دون أن أعرف لها اسما أو أن أستعلم عن تاريخها.

واصلت السير مسرعا فوجدتني أمام محطة للمترو اسمها " هاينرش هاينه " وهو شاعر وناقد وصحفي ألماني شهير ولد سنة 1797 وتوفي سنة 1856 وهو من أهم الشعراء الألمان الرومانسيين.

 وجدتها فرصة أن أدخل هذه المحطة وأستكتشف ما فيها. وفيها رأيت شبابا وفتيات تتراوح أعمارهم بين السابعة عشر والخمسة وعشرون عاما،وقد ارتدوا ملابس قديمة متمزقة، واختاروا لشعورهم تسريحات وقصات غريبة، ورأيت في أيديهم زجاجات من الخمر والبيرة والبعض منهم يدخنون. انتابني شعور مخيف من أشكالهم  فواصلت السير بسرعة حتى وجدت بابا آخر فخرجت منه. " عذرا لك يا هاينرش هاينه فقد فهموا الرومانسية خطأً)

الخميس، أكتوبر 18، 2012

الربيع العربي في برلين 9


لم يكن المطعم الذي أكلنا فيه " الدونر" هو المطعم الوحيد في هذا الشارع؛ فهناك أكثر من مطعم تركي، وأكثر من مطعم عربى (لبناني وسوري) وأكثر من سوبر ماركت ومقهى وإنترنت ومعظمهم للأتراك؛ فهذا الشارع – ولحسن الحظ- حيوي إلى درجة كبيرة جعلتني أشك أنني في العاصمة الألمانية برلين... ( العرب والأتراك والأجانب أكثر منهم من الألمان)

في أثناء تناولنا لهذا العشاء السريع قصصنا على " لمياء" ما حدث لنا اليوم  جراء الإضراب وأخبرناها بما حدث لزميلنا رامز. أين أنت يا رامز " يا ترى ها تسافر النهاردة ولا مفيش أمل "

دخلنا إحدى هذه المحلات كي نسأل عن أفضل العروض لخطوط التليفونات المحمولة؛ فنحن هنا لمدة شهر واحد فقط، ونحتاج أن نتواصل فيما بيننا وفيما بين أهالينا في مصر ونحتاج أيضا إلى أرخص الأسعار.

قدم لنا الشاب التركي عرضا لخطوط الـ " O2" وأخبرنا بـأن سعر الخط بثمانية يوروهات وعليه خمسة يوروهات هدية، وفي حالة الاتصال بخط آخر من نفس النوعية " O2" فسيكون الاتصال مجانا.. بدا لنا هذا العرض مغريا جدا فطلبنا منه أربعة خطوط فلم نجد لديه سوى خطين فاشريت واحدا واشترت "منى" الخط الآخر، وذهبنا لمحل آخر فوجدنا سعر الخط  فيه بسبعة يوروهات فاشترى "أحمد ومنة" بأرخص منا .

كانت الحادية عشرة ليلا وقت أن قررنا العودة إلى مساكننا، وما زالت الحيوية تدب في هذا الشارع، والناس في رواح وغدوو، ولولا أن الإجهاد قد قضى علينا والنوم قد غلبنا لقضينا الليل هنا. واتفقنا على أن نتقابل في الغد في حوالى الحادية عشرة صباحا وقبل أن نفترق أخبرني أحمد بأنه تلقى رسالة من رامز يخبره فيها بأنه سوف يأتى في الغد... وكان خبرا سارا قبل النوم..
 
محمد شحاتة

الأربعاء، أكتوبر 17، 2012

الربيع العربي في برلين 8


تركت حقيبتي بجوار الباب ثم دخلت الصالة فجلست أتبادل الحديث مع عبد الرحيم ثم استأذنته كي أغير ملابسي... الشقة تتكون من غرفتي نوم إحداهن كبيرة بها سريرين ودولاب كبير والأخرى صغيرة ليس بها سوى سرير واحد ودولاب صغير، وكلا الغرفتين به تسريحة وكرسى وحامل ملابس ودفاية ثابتة ونافذه تطل على الحديقة التى بها الممر المحفوف جوانبة بالزروع. وبالإضافة إلى المطبخ والحمام فهناك صالة مستطيلة الشكل بها منضدتين واحدة مستديرة والأخرى مستطيلة وأنتريه مكون من كرسي وكنبة صغيرة ، ثم نيش كبير وضع به تليفزيون ومجموعة من الكؤوس الزجاجية الفارغة. وبالصالة بلكونة تطل على الشارع الرئيسي.

وعلى رأي المثل اللي أنا مش عارف جنسيته " إللي سبق أكل النبق" فقد سبقني عبد الرحيم وأخذ الغرفة الكبيرة ذات السريرين والدولاب الكبير. ولم أجد من حل أمامي سوى الاستسلام للأمر الواقع والرضا بالقليل.

كنا قد تواعدنا " منى ومنة وأحمد" أنه بمجرد أن ننتهي من استلام غرفنا ووضع حقائبنا فيها أن نتقابل في الممر لنذهب ونتناول طعام العشاء ثم نشتري خط تليفون وبعض الأغراض. وقبل أن أغادر الشقة سألت عبد الرحيم عن أقرب مطعم وأقرب سنترال به إنترنت وتليفون، فأخبرني عبد الرحيم بأن محلا تركيا يبيع سندوتشات الـ"دونر" ليس بعيد عن المكان ثم تذكر أنه قد اشترى لتوه مثل هذا الساندوتش فقام وأحضره من المطبخ ثم بدأ في تناوله ولم يعزم على...

تقابلنا نحن الأربعة وانضمت إلينا زميلة جديدة اسمها "لميا" من الأسكندرية، وكنا قد تقابلنا معها لمرة واحدة في القاهرة عند تقديم الأوراق للسفارة.

في البداية ذهبنا نحن الخمسة إلى سوبر ماركت مجاور للمباني التى بها شققنا والتى يزيد عددها على عشرة عمارات، بكل عمارة عشر شقق. ولما لم نجد مبتغانا في هذا السوبر ماركت قررنا أن نقطع الشارع جنوبا حتى وصلنا إلى المطعم التركي الذي يبيع ساندوتشات "الدونر".

ويتكون ساندويتش "الدونر" في الغالب من شرائح لحم الضان المشوي المضاف إليه الكثير من التوابل والمطهو على الطريقة التركية، حيت تتراصّ طبقات اللحم فوق بعضها على سيخ حديدي يدور حول محوره ليشوى اللحم على نار هادئة. وبالهنا والشفا.
 

وقد قمت بالبحث والفحص والتمحيص عن هذا الساندوتش العجيب، فعرفت أن منتصف التسعينيات من القرن الماضي كانت فترة ازدهار كبير للمأكولات التركية في ألمانيا ، حيث اكتشف الألمان الشاورمة أو الدونر كبديل للهامبورجر والسجق والوجبات السريعة.

 وبسب هذا السندوتش أصبح كثير من الأتراك ذوي ثروات طائلة ورجال أعمال ناجحون. ومن بين هؤلاء رجل أعمال تركي اسمه "دوزجون". وعن حكايته مع "الدونر" يقول " دوزجون":- "كنت أعمل كتاجر للمواد الغذائية في تركيا ولدي الخبرة الكافية في هذا المجال، وبقليل من المعلومات في اللغة الالمانية، وكثير من التصميم على النجاح اشتريت محل جزارة قديم وبدأت في إنتاج أسياخ اللحوم التي تستخدم لصناعة "الدونر" وتوريدها لمحال الوجبات السريعة التركية. وبعد فترة حقق هذا المشروع نجاحا كبيرا حتى أصبحت أمتلك الآن أكبر مصنع للشاورمة في ولاية شمال الراين، ويعمل لدي الكثيرون، كما أن إنتاج مصنعى يورد لأنحاء مختلفة من أوروبا".

محمد شحاتة 

الثلاثاء، أكتوبر 16، 2012

الربيع العربي في برلين 7



لم تستغرق الرحلة من مطار "برلين شونفيلد" إلي محل إقامتنا سوى عشرون دقيقة تحت قيادة الـ " جي بي إس ". فمطار "برلين شونفيلد" يقع جنوب العاصمة برلين ويبعد عنها حوالي ثمانية عشر كيلو متر ويحتل هذا المطار المرتبة الثامنة بين كبرى مطارات ألمانيا. تم افتتاحه سنة ١٩٤٦ وتبلغ مساحته ٦٣٠ فدان ويتسع لـ ٧ مليون راكب سنويا. وقد قررت السلطات المسؤولة عنه توسعته وضمه إلى المطار الجديد وهو مطار برلين براندنبرج والذي كان من المقرر أن يكتمل إنشائة هذا العام. وفي حين الانتهاء من إنشائه- الله أعلم متى- سيجري إغلاق مطار برلين تيجيل في غضون ستة أشهر من افتتاح المطار الجديد.

 أظهر عداد التاكسي الحساب والذي قدره بـ " 32 " يورو فطلبت السيدة " شينكل برج" من السائق أن يعطيها إيصالا بـ" 35" يورو. سألناها هل ينبغي علينا أن ندفع؟ فقالت لا، فستقوم الجامعة بتحمل ذلك. زي الفل...

أنزلنا حقائبنا ووجدنا أنفسنا نقف على ناصية شارع صغير متفرع من شارع أكبر منه يسمى: " مولشن شتراسه" . سرنا خلف السيدة "شينكل برج" فوجدنا عن يميننا محلان أحدهما وقد ارتصت أمامه بعض من الموائد حولها عدد من الكراسى فعرفت أنه ربما يكون مقهى، والآخر لم أتمكن من معرفته.  دخلنا من بوابة كبيرة ليس بها باب، فوجدنا أمامنا ممرا طويلا محفوف جوانبه بالزروع التى لم أتمكن من معرفة نوعها فقد كانت إضاءة المصابيح خافته.

توقفنا أمام لافتة معلقة على باب إحدى البنايات مكتوب عليها "IPs" فدخلنا من البوابة وكانت مفتوحة ثم تركنا حقائبنا خلفها، بعد ذلك قامت السيدة "شينكل برج" بإغلاقه حتى تطمئن قلوبنا على حقائبنا. صعدنا خلف السيدة عدة درجات ثم دخلنا في الشقة التى تقع في الطابق الأرضي. وجدنا فيها ثلاث فتيات لا أعرف منهن سوى "هبة" زميلتنا في المنحة، وتعمل معيدة في جامعة القاهرة، كنت قد تقابلت معها مرتين وكلايهما كان في السفارة الألمانية بالقاهرة. كانت المرة الأولى أثناء تقديم أوراق التأشيرة، أما  الثانية فكانت عند استلامها.

عرفتنا السيدة "شنكل برج" بزميلتها المسؤولة عن تسليمنا مفاتيح الشقة والنقود. جلسنا أمام الفتاة فأعطت كل واحد منا ملفا به مجموعة من الأوراق ( برنامج الرحلة + أسماء المشرفين+ خريطة لمدينة برلين + أسماء الزملاء المرافقين في السكن ) ومفتاحين أحدهما لغرفة الغسيل وغرفة صناديق القمامة، والثاني للبوابة الخارجية وباب الشقة. والعجيب في هذا المفتاح الأخير أنه يفتح باب العمارة وباب الشقة وأبواب العمارت الأخرى ولا يفتح باب شقة أخرى غير التى صنع خصيصا لها، ولا تسألني كيف ذلك فلن تجد عندي رد..  ثم أعطت كل واحد منا مظروفا به أربعمائة يورو...

اصطحبتني السيدة " شينكل برج" - هكذا فعلت مع كل منا- إلى المبني الذي فيه سكنى. وأمام المبنى رقم "59" قالت لى شقتك في الطابق الثاني بعد الأرضى.

فتحت باب الشقة فإذا بي أرى شابا أطول منى قليلا وذو لحية سوداء خفيفة وقصيرة، عرفته بنفسى ثم عرفني بنفسه قائلا :- " اسمى عبد الرحيم السعدي من المغرب من الأمازيغ. فسألته مستفهما: أمازيغ ؟! فأجاب نعم أمازيغ! ولما رأى منى اندهاشا أراد أن يقرب لي المعنى فقال: هل تسمع عن البربر؟ فقلت له نعم. فقال هم الأمازيغ! عرفت بعد ذلك أن الأمازيغ  أو البربر هم  شعب يسكن شمال إفريقيا بدءا من مصر.. نعم بدءا من مصر، فبدايتهم من واحة سيوة وحتى المحيط الأطلسي، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى نهر النيجر.ولقد تحدّث البربر، عبر التاريخ، عددا من اللهجات البربرية المختلفة التي تشكّل معاً فرعاً من عائلة اللغات الأفرو آسيوية. أما اليوم، فيتحدثون اللغة العربية  إضافة إلى اللغة الأمازيغية اللغة الدارجة، وكذلك الفرنسية؛ بسبب الاستعمار الفرنسي في دول شمال إفريقيا، وبعض الإسبانية.  وكثير من البربر يسمون أنفسهم بـ «الأمازيغ»، وهي كلمة مأخوذة من "مازيس" أو Mazices، وهي إحدى التسميات الرومانية للبربر. ولا تتعجب إذا عرفت أن طارق بن زياد، وابن خلدون، وعباس بن فرناس، وابن بطوطة وزين الدين زيدان أصلهم من البربر "الأمازيغ"...
 
محمد شحاتة