3-
وهنا أخرجت السيدة أمل خريطة لبرلين،
وبدأت تبحث فيها عن شارعنا... ثم قالت يمكنكما أن تأتيا معي، فستأتي سيارة وتاخذني
إلى محل إقامتي.. قلت لها عفوا فنحن أربعة ومنتظرين الخامس ثم عرفتها بالفتاتين.. فسكتت قليلا
ثم قالت .. مفيش مشكلة أنا سوف أتصل بهم وأخبرهم بأن يحضروا سيارة كبيرة وألا
يحضرو الأطفال معهم ... شكرتها كثيرا وأحسست أن الله يكافؤني على صنعتي.
خلى المقعد المجاور للسيدة أمل فجلست عليه ثم
بدأت في مداعبة الطفل العفريت "عمر" بقولى: "خلاص يا عم عمر مش
ها تلاقي حاجة تفتحها تاني أنا سلمت شنطتي خلاص" فنظر عمر إلى ولم يرد وأحسست
أنه يفكر في أمر ما...
بدأنا نتبادل أطراف الأحاديث وبدأت دائرة
المعارف تتسع سريعا سريعا، فدخل في الحوار رجل في الأربعينات من العمر، طويل
القامة وطويل الشعر ، عرف نفسه بأنه يعمل مرشدا سياحيا في ألمانيا وشدد على كلمة
ألمانيا حتى نفهم أنه رجل مهم... وهنا قمت بتعريف "منة ومنى"
بقولي: "وانت معاك هنا فتاتين من
خيرة فتيات مصر حصلتا على منحة من البرلمان الألماني البوندستاج" فانتبه الرجل واعتدل في جلسته
وبدأ حديث الند بالند. وتدخلت بين الحين والآخر أم الطفل عمر ثم شاب آخر كان يجلس
على طرف المقاعد... تحدثنا في مواضيع مختلفة ، مهمة أحيانا وتافهة أحيانا أخرى،
وما أكملنا موضوعا لنهايته إلا ودخلنا في موضوع آخر من دون استئذان أو تقديم...
تركتهم واستدرت للسيدة أمل فسألتها : هل أنت
ذاهبة إلى برلين للزيارة أم أنك تقيمين هناك؟
رأيتها وقد أخذت نفسا عميقا سمعته بوضوح ثم
قالت: "ذهبت إلى ألمانيا في العام 2002 وحصلت على الماجستير من الجامعة
الإسلامية وكان تحت عنوان "الإسلام والبيئة". انتبهت من فوري فقد أثار
عنوان الرسالة فضولا كبيرا لدي وأخذت أردد العنوان مرتين أو ثلاثة لا أذكر "
الإسلام والبيئة" يا سلااام ، ما أحوجنا هذه الأيام لأبحاث هادفة من أمثلة
هذا البحث وهممت أن أسألها عما توصلت إليه في بحثها؛ إلا أنها لم تعطني الفرصة
وواصلت حديثها قائلة: ومنذ ذلك الحين فقد بدأتٌ في تجميع المسلمين العرب وغيرهم
ممن يعيشون في قريتي الصغيرة "Fuehrsten wald" والتى
تقع على أطراف العاصمة برلين، فحاولنا تأسيس مركز إسلامي صغيرنجتمع فيه في
المناسبات، ونقوم فيه بتدريس اللغة العربية والقرآن الكريم للأطفال وللكبار، وقد
نجحنا بفضل الله في هذا الأمر بعدما مررنا بصعوبات كثيرة. في هذه الأثناء سمعت صوت
أحمد يناديني فالتفت إليه فإذا به يخبرني بأن رامز لن يسافر معنا على هذه
الطائرة..
استأذنت من السيدة "أمل" وذهبت إلى
أحمد غير مصدق لما يقول، فأكد لي الخبر، فاتصلت برامز كي أتأكد منه وأستزيد فقال
:- " أيوه الخبر صحيح، إحنا فجأة بصينا لقينا الموظفين سابوا مكاتبهم
واختفوا، والناس لما لقوا كدا بدأوا يتظاهروا ويكسروا في الكمبيوترات والزجاج
والكراسي، وحصل هرج ومرج والبوليس جه وقبض على ناس والدنيا هنا مقلوبه وأنا مش عارف أعمل إيه؟؟!"
قلت لرامز: "كدا الموضوع بقى كبير "
رامز
أنهيت المكالمة مع رامز وجلست لا أنطق بكلمة
ولم أحرك ساكنا حتى انتبهت لصوت مشاجرة بين أحد المسافرين والأمن، فالتفت خلفي
فوجدت أحدهم يسب ويلعن ويتوعد ويهدد فتركته وجلست. أخبرت من حولي بالخبر فسكتوا
جميعا وسادت حالة من الوجووم..
نظرت في ساعتي فوجدتها الثانية عشرة ظهرا أي
أن موعد إقلاع الطائرة "الأصلى" قد مرَّعليه ساعة ونصف.. قمت فذهبت إلى
رجل الأمن أستعلم منه عن الوضع فطمأنني وأخبرني بأن الأمور كلها تحت السيطرة!
عاودت الاتصال برامز فأخبرني بأنهم يفترشون
الأرض وأنهم قد بعثوا بأحدهم ليشتري لهم طعاما وشرابا، وأنهم سمعوا بأن المضيفين الجوويين
قد عاودوا الإضراب وأنه من الممكن ألاّ نسافر نحن أيضا... استرها معانا يارب
انتظروني
محمد شحاتة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق