الثلاثاء، يونيو 30، 2015

مجهول يكتب: ملخص كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ



مجهول يكتب: ملخص كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ


الجمعة اللي فاتت اشتريت من معرض "رسالة" للكتب المستعملة كتابين: كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، وكتاب (الأدب الصغير والأدب الكبير) لابن المقفع. ولما روحت البيت و فتحت كتاب " البيان والتبيين" وجدت فيه ورقتين مكتوب فيهم مخلص للكتاب، قلت: يا من انت كريم يا رب، رزقتنى بملخص لكتاب مهم وصعب، بس لقيت ان فيه مشكله، الملخص مش مكتوب عليه اسم صاحبه، وعلشان كده أن مضطر إني أنسب الملخص ده لمجهول، لحين أن يظهر له صاحب.

من هو الجاحظ؟

هو أبو عثمان عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ؛ لأن عيناه كانت بارزتان. ولد الجاحظ سنة 159 هـ، ومات سنة 255 هـ، ولد في مدينة البصرة ومات فيها، وعاصر 12 خليفة. طلب العلم في سن مبكرة، فقرأ القرآن، ومبادىء اللغة، وتوجه إلى بغداد، وهناك تصدر للتدريس، وصار مسؤلا عن ديوان الرسائل للخليفة. يمتاز الجاحظ بأسلوب رفيع في الكتابة يجمع بين السهل والممتنع. كان محبا للكتب بطريقة غريبة، حتى قيل أنه لم يقع في يده كتاب إلا استوفى قراءته، وكان فقيرا لا يستطيع شراء الكتب، فكان يحرس  دكاكين الوراقين ليلا كي يقرأ الكتب مجانا.
ترك كتبا كثيرة، قيل أنها بلغت 360 كتابا، أشهرها البخلاء، والبيان والتبيين. قال ابن خلدون في مقدمته: "وسمعنا من شيوخنا في مجالس العلم أن أصول هذا الفن وأركانه -يقصد علم الأدب- أربعة دواووين وهي: (أدب الكاتب) لابن قتيبة، وكتاب (الكامل) للمبرد، وكتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، وكتاب (النوادر) لأبي على القالي"، ثم زاد عليهم كتابا خامسا وهو (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني...

وإليكم ملخص الكتاب بتصرف:

يعد كتاب (البيان والتبيين) أحد أركان الثقافة العربية القديمة، وأحد أهم المصادر الأدبية العريقة لأدبنا العربي القديم، وإلى جانبه كتاب (الكامل) للمبرد و(عيون الأخبار) لأبي قتيبة، و(العقد الفريد) لابن عبد ربه. ويقع الكتاب في مجلد يضم ثلاثة أجزاء، حرص الجاحظ على أن يضع في كل جزء خلاصة معرفته وثقافته، فقد صب ذلك صبا، وأشار إلى هذه النظرية إشارة توحي بتجربته وخلاصة فكره، حيث تحدث في الجزء الأول عن عيوب النطق، وعيوب الكلام من: لثغة، وتمتمته، وفأفأة، ولكنة أعجمية، وغيرها. وذكر كثيرا من أساسيات الفصاحة والبيان، والآلات الطبيعية، والآلات المكتسبة، وما ينبغي على المتكلم تجنبه، وما ينبغي على السامع تفهمه.
ثم انتقل إلى الحديث عن ألوان الكلام الذي يدل على البيان، والبلاغة، والنقد، وصناعة الكلام، وجمع فيه أقاويل وآراء عن البلاغة عند الأمم القديمة والمجاورة، وأشار إلى أسماء بعض البلغاء والخطباء والأمراء... وقد زين حديثه بشواهد شعرية ونثرية.
أما الجزء الثاني والذي نظن أنه قد قصد به التبيين فقد خصصه للرد على الشعوبية في طعنهم على العرب، وصدر هذا الجزء بأحاديث من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السلف المتقدمين، والتابعين... إلخ. وكل ما في هذا الجزء ينبئك بأن الجاحظ أراد أن يبين للشعوبية قوة لغة العرب وقدرتهم على الكلام والتوضيح؛ فهو ينقلك من كلام الرسول الكريم، إلى خطابة الصحابة ورسائلهم، إلى كلام التابعين والسلف الصالح والخلفاء، ومنه إلى كلام الأعراب والفصحاء، سواء أكان ذلك شعرا أو نثرا، ثم إلى كلام الزهاد والنساك...
أما الجزء الثالث فقد قصد فيه الجاحظ فيما يبدو إلى التبيين، حيث صدره بكتاب (العصا واستعمل العرب لها)، وتحدث عن فوائدها في إشارات وفي حوارات قصصية ممتعة، وهو بذلك يرد أيضا على الشعوبية آراءهم وطعونهم على العرب واستعمالهم للعصا في حياتهم، واعتمادهم عليها في خطوبهم، وكالعادة فقد حشى الكتاب بألوان كثيرة من الخطب، وأقوال الأعراب، والنساك، والزهاد، والحمقى، والمغفلين، والمجانيين.
والكتاب فيه تقسيم فكري لموضوعاته عجيب، وفيه رؤيا يريد الجاحظ أن يوصلها للقارئ من خلال نظرية (البيان) التى تعني الإفصاح والإيضاح و(التَبَيُين) التى تعنى التفكر والتثبت و(التَبْيِين) التى تعنى التوضيح والتفهيم. وعلى الرغم من تداخل هذه النظريات بعضها ببعض في عمق كل جزء إلا أن الجاحظ قد قصد إليها قصدا، ونحن لانجزم بشئ ليست بين أيدينا مفاتيح قواعده، وإنما نفترض ذلك من خلال حجتنا المتأنية لأجزاء الكتاب الثلاثة.
أقول ومع ذلك فالكتاب يخضع للفوضى التأليفية المعهودة في عصر الجاحظ ، فهي سمة من سماته، فليست فيه منهجية معينة ولا ترتيب منظم ، فلا ابتداء ولا انتهاء لموضوع واحد محدد.. فترى كلام الزهاد والنساك بجوار كلام المغفلين والموسوسين، وكلام العقلاء بجوار كلام المجانيين، وكلام الأعرب إلى جانب كلام المولدين، ناهيك عن الاستطراد بالخروج من موضوع إلى موضوع ثم العودة إليه بعد عدة صفحات وقد لا يعود إليه مرة أخرى..

وقد تكون في الكتاب ميزة أساسية وهي: أنه يعكس الصورة الثقافية لعصرة، وأنه -أي  الجاحظ- على الرغم من تكرار بعض الفقرات فقد جمع فأوعى، وسجل فيه عبارات وأقوال في غاية الحكمة، فيها غذاء للعقل والفكرة، وفيها مادة للتربية والتأديب.

السبت، يونيو 27، 2015

ملخص قصة بيتر شليميل العجيبة لـ "أدلبرت فون شاميسو" ترجمة د. لبنى فؤاد




لبنى فؤاد[1] تكتب:
ملخص قصة بيتر شليميل العجيبة لـ "أدلبرت فون شاميسو" ترجمة د. لبنى فؤاد




(Peter Schlemihls wundersame Geschichte (1814
(Von: Adelbert von Chamisso  (1781-1838

تعريف بالكاتب:
آدلبرت فون شاميسو (1781- 1838)
الكاتب ليس أديبا وشاعرا فحسب، بل هو أيضا عالما طبيعيا ورحالة وله مقتنيات باسمه فى متحف برلين للعلوم الطبيعية جمعها من رحلاته حول العالم، هذه القصة هى العمل النثرى الوحيد له، وجميع أعماله الأخرى دواوين شعرية لم تترجم بعد إلى العربية، وتتسم لغة القصة بالروح الشعرية فى اختيار الألفاظ والصور الجمالية، كما تنعكس فى لغة القصة الثقافة الفرنسية للكاتب الذى ينتمى لأسرة من نبلاء فرنسا اضطرت على إثر اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 للهرب من فرنسا إلى ألمانيا حيث عمل "آدلبرت" على اكتساب اللغة الألمانية ليتمكن من الدراسة والعمل. أجاد "آدلبرت فون شاميسو" اللغة الألمانية إلى الحد الذى مكنه أن يكون شاعرا وكاتبا بها، ولذلك خصصت ألمانيا جائزة أدبية سنوية باسم الكاتب تعطى للمبدعين فى الأدب الألمانى ممن ينتمون فى الأصل لثقافات غير ألمانية.
ملخص القصة:
تحكى القصة عن "بيتر شليميل" وهو شاب فقير يتطلع لحياة الأغنياء، ويغبط الأثرياء على حياة الترف والنعيم، يقابل فى حفل جمعه بأحد الأثرياء يدعى "توماس جون" رجلا غريب الأطوار يستطيع تحقيق أمنيات جميع ضيوف الحفل مهما كانت غريبة فى التو واللحظة، يعرض ذلك الرجل على "بيتر شليميل" أن يبيعه ظله مقابل "زكيبة السعادة" وهى زكيبة مليئة بالذهب الذى لا ينضب، يوافق "شليميل" بتعجل طمعا فى الذهب، ويصبح ثريا يتمتع باحترام وتقدير الناس حتى أنهم يعتبرونه أميرا من الأمراء، فيشعر بالسعادة وإن بقيت تلك السعادة منقوصة لخوفه الداخلى من  افتضاح سره وأن يكتشف الناس أنه لا ظل له، ويسانده خادم وفى يدعى "بندل" على احتمال قدره المؤلم، حتى يقع فى حب فتاة تدعى "مينا" يرحب به أهلها فى البداية ثم ما يلبثوا أن يرفضونه عندما يشى به خادمه الماكر "راسكال" طمعا فى الزواج منها، فيهرب هائما على وجهه فى الغابة حيث يظهر له ذلك الرجل غريب الأطوار ثانية لنعرف أنه الشيطان عارضا عليه استعادة ظله مقابل أن يوصى له بموجب توقيعه بروحه بعد موته على أن يحتفظ بزكيبة الذهب، ولكن "شليميل" يرفض فيظل الشيطان يلاحقه ويغريه بالثراء والسعادة اللذان سيكونان من نصيبه إذا استرجع ظله ليتزوج عروسه مع احتفاظه بزكيبة الذهب، ولكن "شليميل" يظل متمسكا بعدم التفريط فى روحه للشيطان، وتدور حوارات شيقة للغاية بينهما عن الانسان والله واختبار الحياة وأهمية الروح والمال يحاول فيها الشيطان استمالته لقبول صفقته، وكلما طرده "شليميل" يعود فيظهر له فى صورة أخرى ويظل يلاحقه متوعدا تارة ومغريا تارة حتى يضطر "شليميل" فى النهاية للتخلص من زكيبة الذهب بإلقائها من فوق الجبل كى يغرب الشيطان للأبد عن وجهه، خاصة بعدما علم بالمصير الأسود للسيد "توماس جون" الذى باع روحه للشيطان من أجل المال، وهكذا يبقى بلا ظل وبلا مال أيضا ليذوق مرار الفقر ثانية بالإضافة إلى الخوف من الناس الذين اضطر للانعزال عنهم كى لا يكتشفوا أمره، إلى أن يشمله الله برحمته بإهدائه "حذاء السبعة أميال" وهو حذاء يجتاز صاحبه فى كل خطوة سبعة أميال، فيستطيع "شليميل" بفضله التجول فى العالم ورؤية النباتات والحيوانات والطبيعة المتباينة فى جميع القارات، والطريف أنه يأتى إلى مصر ويصف الأهرامات والمعابد القديمة بل ويختار "طيبة ذات المائة بوابة" لتكون بيته، ويعرف "شليميل" المصير التعس لحبيبته "مينا" التى ترملت بعدما أدى حادث لقتل زوجها "راسكال"، ويعرف أن صديقه الوفى "بندل" قد أنشأ بالمال الذي تركه له مستشفى خيرى يحمل اسمه ليدعو له الفقراء بالرحمة، وتنتهى القصة التى كتبت كاعتراف ذاتى موجه من "شليميل" وكأنه شخصية واقعية للكاتب نفسه "شاميسو"  بنصيحة مفادها أن ظل الإنسان وهو فى القصة رمز لمبادىء الإنسان والقيم التى يحيا بها أهم من المال، ومن الجدير بالذكر أن الكاتب قد تأثر فى هذه الرواية بمسرحية جوته الأشهر "فاوست".
نشرت هذه القصة للمرة الأولى عام 1814 وأصبحت الأكثر مبيعا فى القرن التاسع عشر كما أثارت خيال الرسامين لتصوير مشاهد منها، ويشبهها النقاد بظاهرة "هارى بوتر" فى عصرنا الحالى، كتبت هذه الرواية بأسلوب لغوى رائع وتعتبر قطعة فنية من أدب العصر الرومانسى، وكانت هذه القصة من المقررات الدراسية فى المدارس الألمانية للغتها ومضمونها الرائعين، وقد سبق ترجمتها لثماني وعشرين لغة ليس منها اللغة العربية، يتواكب ترجمتها لأول مرة إلى اللغة العربية هذا العام مع احتفال ألمانيا بمرور 200 عام على نشرها للمرة الأولى عام 1814، وهى من مطبوعات المركز القومى للترجمة بالقاهرة.





[1]  لبنى فؤاد محمد على: من مواليد القاهرة 1971، خريجة المدرسة الألمانية الإنجيلية الثانوية بالدقى، درست بقسم اللغة الألمانية وآدابها بكلية الآداب، جامعة القاهرة وتخرجت منه عام 1994 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، حصلت على الماجستير فى الآداب من جامعة القاهرة عام 2000  بتقدير امتياز، عضو بعثة الإشراف المشترك للبعثات المصرية عام 2005 حيث درست للدكتوراة فى جامعة لودفيج ماكسيميليان بمدينة ميونخ بجمهورية ألمانيا الاتحادية، نالت درجة الدكتوراة فى علم اللغة المقارن عام 2010 بتقدير امتياز، تعمل مدرس بكلية الآداب، جامعة حلوان.

الأربعاء، يونيو 24، 2015

إشارة لكتاب ( مفهوم الدولة،" الدولة الإسلامية"، "دولة الخلافة")



الدكتور عاصم حفني يكتب: إشارة لكتاب ( مفهوم الدولة،" الدولة الإسلامية"، "دولة الخلافة")


ملحوظة: هذا الملخص مقتبس من بحوث الكتاب

ليس بين المفاهيم السياسيّة المعاصرة مثل مفهوم الدولة موضوعاً للجدل وأهميّة وصعوبة في التعريف. ثمّة إجماع كونيّ بين أعلام الفكر العالم بموضوعه على هذه الحقيقة، فلا يختلف في هذا الشأن علماء السياسة أمثال مارسيل بريلو، عن علماء الاجتماع السياسيّ أمثال موريس دوفارجاي، عن علماء القانون أمثال هانس كلسن، عن علماء الأنثروبولوجيا أمثال جورج بالانديي، وغيرهم كثيرون في شتّى التخصّصات المعاصرة المتعلّقة بدراسة الظاهرة السياسيّة. جميعهم يقرّون بهذه الصعوبة، ويؤكّدونها مقابل بعض الأصوات المتمسّكة بضرورة الاستغناء عن المفهوم، من أمثال جيرار بارجرون.
وإنّ ثقافتنا العربيّة المعاصرة، بين الثقافات الإنسانيّة الرّاهنة، دليل على هذه الحقيقة.
ففي مشروعنا العربي الإسلاميّ الحضاري كانت الدولة منذ فترتنا الحديثة هي المشروع. هذا ما صرّح به جميع الدارسين المعاصرين لمسألتها في تاريخنا المعاصر، من ألبرت حوراني ومجيد خدوري، إلى هشام شرّابي، وكمال عبد اللّطيف، ووضّاح شرارة، ومحمّد الحدّاد، وغيرهم.
وفي هذا المشروع أيضاً، تثار النقاشات الطويلة التي أثيرت حوله في الفكر الغربيّ، وإن بمضامين مختلفة.
وفيه أيضاً تبقى مشكلة التعريف في رأس مشاكله الرّاهنة، ففضلاً عن تعدّد صوره التاريخيّة المركّبة على مفهوم دولة الأمّة، كما يسمّيها التقليد الفرنسيّ، أو دولة الحقّ كما يسمّيها التقليد الألماني، يواجهنا مفهوم الدولة في الفترة الراهنة من تاريخنا بتركيبات جديدة، تقرنه بالإسلاميّة، أو الوسطيّة، أو الثيوديمقراطيّة، أو الشريعة، أو تواجهه بالخلافة.
و لذلك لا يظلّ هذا المفهوم كما وصفه كمال عبد اللّطيف منذ التسعينات من المفاهيم الملتبسة الأساسيّة في الفكر العربيّ المعاصر، إنّما هو يكاد يتحوّل كما قرّر عبد اللّه العروي في شأن الخلافة إلى طوبى أو فكرة غائمة محرّكة للواقع، دون أن يكون لها وجود حقيقي فيه.
وإزاء أهميّة الأفكار والمثل العليا في دفع حركة التاريخ، والإرباك الحاصل لنا نحن ـ العرب المسلمين ـ في التعامل مع هذا المفهوم المثال، والخوف من تشظّي منظومتنا الفكريّة وقيمنا السياسيّة بسببه في كلّ اتّجاه، نحتاج اليوم في سياق ما بعد الثورة العربيّة الرّاهنة، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى المزيد من تدقيق معرفتنا بالدولة.
ومن هذا المنظور يؤسّس هذا البحث التعريفيّ للدولة قيمته العلميّة، هدفاً إجرائيّاً وموضوعاً ومنهجاً. فهدفه الإجرائيّ تعريفيّ، وموضوعه الدولة بين التاريخ والنظريّة، حسب المحورين التاليين:
- مفهوم الدولة في الفكر الغربيّ: من دولة المدينة إلى الدولة متعدّدة الثقافات.
- مفهوم الدولة في الفكر العربي والإسلاميّ: من الخلافة إلى "الدولة الإسلاميّة".
سيجد القارئ لفقرات هذا الملفّ محاولات لرفع الالتباس عن فكرة الدولة في المجال العربيّ الإسلاميّ، تتغيّا كشف تاريخيّتها، ضدّ كلّ دعاوى قدسنتها عبر ربط شرعيّتها السياسيّة بشرعيّة دينيّة متخيّلة تألّبت على تكريسها في الذاكرة الجماعيّة طبقات المنظومة الثقافيّة الإسلاميّة المتشكّلة حول الكتاب والسُنّة...
رابط الملف:
http://mominoun.com/articles/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-2461

الاثنين، يونيو 22، 2015

توصيف كتاب: موسوعة أحمد أمين






محمود عبدالله أبو شعير يكتب: توصيف موسوعة أحمد أمين





لكل من يريد البحث في العلوم الإسلامية، ويريد إلقاء نظرة شاملة على الإسلام، ديناً، وتاريخاُ، وشريعة، وعقيدة، ودولة، وما صاحب الإسلام من حضارات أخرى، أنصح بقراءة ما يسمى بموسوعة "الحضارة الإسلامية" لـ أحمد أمين. وهي ثلاثة أعمال كتبها أحمد أمين، أحد أعلام الفكر العربي والإسلامي في النصف الأول من القرن العشرين، وهي: فجر الإسلام، وضحى الإسلام، و ظهر الإسلام.

فجر الإسلام

في هذا العمل يقدم المؤلف عرضاً تاريخياً لحياة العرب قبل الإسلام، واتصالهم بالشعوب المجاورة للجزيرة العربية، مبطلاً ذلك الزعم القائل بأن العرب لم يتجاوزوا مجرد كونهم قبائل مشرذمة منعزلة عن العالم، كما يتعرض للحياة العقلية قبل ظهور الإسلام مبيناً أثر البيئة والمجتمع في تكوين تلك الحياة العقلية، ثم يدلف المؤلف إلى بيان أثر الإسلام وتعاليمه في بيئة العرب متحدثاً عن الفتح الإسلامي. كما يعرض أمين أثر ثقافات وأديان الفرس واليونان على الأدب العربي والحياة الفكرية بشكل عام، ثم يبدأ المؤلف بعد ذلك في وصف ورصد الحركة العلمية في الدولة الإسلاميه متحدثاً عن نشأة العلوم الإسلامية الكلاسيكية: كالتفسير، والحديث، والفقه، في مدارس مكة والمدينة والعراق والشام، ثم يختم بمسألة الخلافة، وكيف أن الاختلاف حول تلك المسألة كان سبباً مباشراً حيناً وغير مباشر حيناً آخر في نشأة علم الكلام والفرق الإسلامية السياسية، كالخوارج والمرجئة والشيعة.

ضحى الإسلام

يتكون هذا العمل من ثلاثة أجزاء، وفيه تناول المؤلف الحياة الثقافية والاجتماعية في العصر العباسي، وبالتحديد في المائة الأولى من عصر الخلافة العباسية من التاسيس وحتى عهد الخليفة الواثق بالله، مبينأ أثر تداخل الثقافات المختلفة من ثقافة فارسية وهندية ويونانية في الحضارة الإسلامية، وراصداً لحركة الشعوبية وأثرها في الفكر الإسلامي، وعرض كذلك لحياة اللهو والمجون، وتصويرها في أدب تلك الفترة، كما يعرض إلى أثر امتزاج الثقافة العربية بالثقافات الأخرى المختلفة من خلال أعمال علماء وأدباء كبار وهم: الجاحظ، وابن قتيبة، وأبو حنيفة الدينوري، ثم تناول في الجزء الثاني مراكز الحركة العلمية في العصر العباسي، متحدثاً عن علم الحديث، والفرق بين تدوين الحديث والبحث فيه في العصر العباسي والعصر الأموي، وكذك التفسير والفقه راصداً لحركة التشريع في هذا العصر، وسارداً للمذاهب الفقهية الأربعة، بجانب مذهب داوود الظاهري، ثم يتبعهم بعلوم اللغة، والسيرة، وكتابة التاريخ وانفصالهما عن علم الحديث. وفي الجزء الثالث  تحدث باستفاضة عن أهم المدارس الكلامية وهي: المعتزلة، موضحاً أصول هذه المدرسة بفرعيها البصري والبغدادي، ومترجماً لأهم رجال مدرستي الاعتزال، ثم يعرض بالتفصيل لأهم الفرق الإسلامية وهي: الشيعة والخوارج والمرجئة.

ظهر الإسلام


يتكون هذا العمل من أربعة أجزاء يتناول في مجملها أحمد أمين الحياة الأجتماعية والأدبية، وكذلك الفرق الدينية التي ظهرت في العصر العباسي الثاني، ويرتكز محور التحليل في الجزء الأول على وصف الحالتين الاجتماعية والعقلية بما اشتملت عليه الأخيرة من أعلام وتيارات ومدارس، وذلك منذ عهد المتوكل حتى أواخر القرن الرابع الهجري، وتُعد تلك الفترة هي الأوسع مجالًا والأخصب إنتاجًا في تاريخ الحضارة الإسلامية. وينتقل المؤلف في الجزء الثاني ليتناول تاريخ العلوم والفنون والآداب في القرن الرابع الهجري؛ وذلك في بحث بانورامي يحلق فيه فوق علوم التفسير، والحديث، والفقه، وعلم الكلام، وعلم الأخلاق، والفلسفة، والتصوُّف، والنحو والصرف، والبلاغة والأدب، والجغرافيا، والفن، والزراعة، والتجارة، والإدارة، والقضاء. أما الجزء الثالث فيخصصه المؤلف لدراسة الحياة العقلية في الأندلس منذ أن فتحها المسلمون إلى أن أُخرجوا منها. ويتناول الجزء الرابع من «ظهر الإسلام» المذاهب والعقائد الإسلامية، وتطورها، وصراعها، ومستقبلها. وتجدر الإشارة إلى أن أحمد أمين قد همَ بكتابة حلقة جديدة من سلسلة حلقات الموسوعة الإسلامية، أراد لو يسميها "عصر الإسلام" ولولا فقدانه لبصره لأتم لنا هذا العمل، إلا إنها إرادة الله، وحسبه كتاب "يوم الإسلام" الذي كتبه آخر أيامه من الذاكرة! 

الأحد، يونيو 21، 2015

ملخص كتاب كيف نتعامل مع القرآن




محمد يسري يكتب: ملخص كتاب "كيف نتعامل مع القرآن" للشيخ محمد الغزالي



كيف نتعامل مع القرآن؟ كثيراً ما نتلو كتاب الله تعالى ليل نهار، بل قد نكون من الذين يجيدون تلاوته وأحكامه بأروع الأصوات، لكن!، هل هذه الطريقة التي نحن نتعامل بها مع القرآن هي الطريقة التي تحقق الأهداف الأساسية لهذا الكتاب؟!هل هذه هي الطريقة التي نستطيع بها أن نرسم الطريق للتخلص من أزماتنا وهمومنا وكروبنا؟!هل هذه هي الطريقة التي بها يكون القرآن مصدرًا لشحذ فاعلياتنا، وبناء نهضتنا، ونصل به إلى موقع القيادة والشهادة؟ !أما آن لنا أن نعرف: كيف لنا أن نتعامل مع كتاب الله؟ بهذا العنوان ( كيف نتعامل مع القرآن؟) افتتح الشيخ محمد الغزالي هذا الكتاب، وبدأ مقاله الجميل ببعض الأسئلة الاستنكارية التي يستنكر بها حال المسلمين الآن مع كتابهم "القرآن"، ويبين الشيخ أن معظم المسلمين اليوم انصرف اهتمامهم فقط إلى ناحية التلاوة وضبط مخارج الحروف وإتقان الغنن والمدود وما الي ذالك مما يتصل فقط بأحكام القرآن – أقصد أحكام التلاوة - . ويعاتب الشيخ أيضا على من يقرأ القرآن ويفصل بين تلاوته وتدبره! فالغاية الأساسية التي لأجلها نزل هذا الكتاب ذكرها الله في كتابه، قال تعالي: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " فأين التدبر إذن !! وأين ألوا الألباب !! إننا في هذه الأيام قد كثر الذين يخرون صما وعميانا إذا تليت عليهم آيات الله، والله تعالي وصف عباد الرحمن وقال: (والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا) ، فأين هم اليوم !! حتى وصلت الدرجة في هذه الأيام أن بعض الإذاعات الصوتية لدول الغرب، غير المسلمين، والذين لايعرفون للقرءان قدرا، ترى أنهم يذيعون القرآن في فترات من اليوم وفي بعض المناسبات، كأنهم اطمأنت قلوبهم أن الأمة الاسلامية اليوم تسمع ولا تعي . ويقارن الشيخ حالنا مع القرآن بحال السابقين في جملة جامعه شامله ويقول : كان الأولون يقرءون القرآن فيرتفعون الي مستواه ، أما نحن فنقرأ القرآن فنشده الي مستوانا ، وهذا ظلم للكتاب العظيم. وينبغي كذلك أن يكون للقرءان تأثيرا علي سلوكنا، وأخلاقنا، وفي جميع حياتنا ، فالنبي كان خلقه القرآن وكان قرءانا يمشي بين الناس ، هذا معناه أنه كان يعيش بالقرآن ويحيا في جو القرآن ، صلي الله عليه وسلم . ثم ينبغي لنا ونحن نقرأ كتاب الله أن نفهم شمول الرؤية القرآنية، هذا يعني أن القرآن ليس كتابا فنيا مقيما على قضايا معينة، ثم تنقطع فيه الرؤية الشاملة ، بل هو يعرض الكون وهو يبني عقيدة ، ويعرض الكون وهو يربي أخلاقا ، ويمزج بين الجميع بطريقة مدهشة ، اقرأ معي قوله تعالي ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم) هذا توحيد، فيه أمر للناس بعبادة الله ، لكن! "الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلو لله أندادا وأنتم تعلمون " انظر الي طريقة القرآن ! كيف عرض الكون، ومظاهرة وحقائقه، وهو ينفي الشركاء ويؤسس عقيدة التوحيد
 ثم تابع الشيخ كثيراً من الأمثلة لتوضيح الرؤية الشاملة للقرآن . ثم تحت عنصر موطن الخلل يكتب الشيخ صفحات كثيرة، ويذكر أن الإصابة والخلل متمركزان في المؤسسات الموكول إليها عملية الإشراف على التربية والتعليم من مناهج، وكتاب، ومدرس، ووسائل معينة ... ويبين أن هذه المؤسسات لم تستطع أن تكون أداة توصيل صحيحة بين الجيل وبين القرآن ومواريثه الثقافية ...حتى أصبح هناك توارث للتخلف والمرض ..فالمشكلة قد تكون في المؤسسات المنوط بها الآن تفهيم القرآن للجيل .. ويؤكد الشيخ على أننا لابد أن نفهم فهما موضوعيا لآيات القرآن وليس فهما محدودا للنص، فإذا كان هناك في المسلمين ممن يقرأ القرآن مع فهم محدود للنص دون أن يعمل هذا النص في ما نزل من أجله وفي ما نزل علي محمد به، فمعني هذا أننا نريق الدواء على الأرض، ولا نحسن علاج المرضي بتعاطيه . إننا لابد لنا بدلا من أن نضع لافتة أثناء افتتاح مدرسة عسكرية ونكتب عليها "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، أن يكون البناء التربوي والإعداد العلمي، والتخطيط الاقتصادي والعسكري مبنيا على أدوات تجمع وأجهزة تحشد وتعد ... هذا هو المعني الحقيقي للآية وهذا هوا المعني الحقيقي للجهاد في سبيل الله ، ليس في كثرة ترديد الآية دون وعي أو فهم بحزاقة شديدة . الله جل وعلا يقول في كتابه " وعلامات وبالنجم هم يهتدون" نحن المسلمين اكتفينا من هذه الآية، أن الله ألفت أنظارنا الى أن هناك علامات في الأرض والسماء! لكن، ماهي؟ وماذا صنعنا مع هذه العلامات؟ وما هي الوسائل والمبتكرات التي طورناها في هذا الموضوع؟ للأسف الشديد غيرنا الآن –من غير المسلمين- يغزو الفضاء ويتخذ من عزو الفضاء منارات وعلامات لكي يسخر الحضارة له .. أما نحن فوقوف ! لابد لنا أن نحسن التعامل مع القرآن، وأن نجعل القرآن يتحول في حياتنا إلى طاقة متحركة ... لا أن يوضع في المتاحف أو المكاتب للبركة،أو أن نفتحه ونقرأ منه آية أو آيات وينتهي الأمر، هذا لا يجوز مع كتاب الله . ثم ينتقل الشيخ إلى نقطة هامة وهي تعاملنا مع القرآن في تعليمنا له وتحفيظنا له، وتحت هذا بين الشيخ أن أكثر ممن يمن الله عليهم بحفظ كتابه يحفظونه منذ الصغر وهم أطفالا، وأن الحقيقة هي أن أفضل وقت لحفظ كتاب الله في سن الطفولة، والطريقة المعتاده في تعلم الصغار هي الحفظ والتسميع دون وعي بأي شئ أو إدراك لمعني ، فالطفل يقرأ القرآن وتمر عليه آيات بها كثير من العبر والعظات فما يدرك منها شيئا ، والمشكلة الكبيرة أن هذه الطريقة قد تؤثر عليه بعدما يكبر، لأنه اعتاد على أن يقرأ دون أن ينظر إلى معني أو مغزي، والشيخ ذكر مثالا على نفسه وهو صغير السن ، يقول: كنت أقرأ قوله تعالى وأنا في العاشرة من عمري "وكل انسان ألزمناه طائره في عنقة"، فكنت أظن أن هناك طائراً ما كالغراب أو الحمام بعنق كل إنسان ...هذا لأنه حفظ القرآن دون أن يعلمه شيخه ما المراد وما المغزى مما يقرأ ! ثم يؤكد الشيخ على ضرورية إيجاد طريقة مبسطة سهلة للأطفال نربط بها الحفظ مع الفهم والإدراك لمعاني القرآن ، حتي ينشئ الطفل من البداية وهو مدرك لأهمية فهم النص قبل حفظه .
ثم ينتقل الشيخ إلى نقطة أخرى، وهي دور المناهج التراثية في فهم القرآن، وباختصار شديد يببن الشيخ تحت هذا العنصر أهمية جميع المناهج في تفسير القرآن بلا استثناء ، فليس المنهج الأصولي فقط هو الذي نعتمد عليه، بل نحن بحاجة أيضا إلى المناهج الفلسفية والصوفية والأدبية وغيرهم، وبين الشيخ بالتفصيل هذه المناهج ورجالها وممن صاروا عليها . ثم انتقل الشيخ في نهاية حديثة إلى الحديث عن بعض الأحكام المتعلقة بالقرآن الكريم وأبرزها : النسخ في القرآن ، فالشيخ يرفض تماما أن يقال أنه هناك آيات في كتاب الله أهملت أو عطلت أو سقط حكمها ويرى أن هذه إهانة للكتاب العظيم ، بل كل آية يمكن أن تعمل ، لكن الحكيم هو الذي يعرف الظروف التي يمكن أن تعمل يها الآية . هذا على حد قول الشيخ في النسخ ، وهو رأى يحترم لما له من تبريرات، فضلا عن كثير من العلماء ممن قالو بمثل هذا الرأي، وممن نفوا تماما وجود النسخ في القرآن ، والشيخ قد عالج القضيه باستفاضة كبيرة ، وأورد لنا كثيراً من هذه الآراء . وهناك أحكام أخرى تحدث عنها الشيخ كترجمة معاني القرآن وغيرها ، إلا أنه ليس من الضروري ذكرها هنا . والله أسأل أن يجعلنا أهل القرآن ، الذين هم أهله وخاصته .

السبت، يونيو 20، 2015

نبذة عن كتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه



عبد الوكيل يكتب : نبذة عن حقائق الإسلام وأباطيل خصومه لعباس محمود العقاد


 بدأ العقاد كتابه بسؤالين هما: هل للدين حقيقه قائمة؟ وهل للدين ضرورة لازمة؟ وأجاب عنهما باستفاضة، ثم تحدث عن شبهة الشر وفهم الإنسان لها على مر العصور، ثم تحدث كذلك عن شبهة الخرافة وعلاقتها بالدين، وتكلم عن العقيدة الشاملة من وجهة نظره، وكيف تكون؟ و تحدث بعد ذلك عن العقيدة الإلهية وآراء الفلاسفة فيها وآراء المتدينين، ووجهة نظر أرسطو وأفلاطون ، والفرق بينهم، وتحدث عن تنزيه الفكرة الإسلامية على مدار العصور.
 تحدث عن النبوة لمن، وكيف تكون، وما الغرض منها، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن الإنسان، وعن تعريفه المشهور به، وكيف عرفه القرآن، ومسأله القدر ومقارنتها، مع جميع الأديان، وكيف هي نعمة للمسلمين وليست نقمة عليم ثم تحدث عن الشيطان وآراء الأديان فيه، وكيف نشأ، وما هو أصله، وتحدث عن العبادات ولماذا قامت وما الغرض منها، ثم تحدث عن المعاملات، وكيف تفرد الإسلام بمعاملات لم تكن من قبله، ورده المفحم علي القائلين بأن عقائد الشرائع الإسلامية هي سبب تأخر هذه الامة، وبدأ الحديث عن الربا وكيف لم يتفرد الإسلام بتحريمه كما يزعم البعض، ثم تحدث عن الحرية والحقوق الإسلامية، ووضح أشياء في الديموقراطية الإسلامية التي انفرد بها الإسلام دون غيره في تاريخ البشرية، وكيف رد علي القائلين بأن الحرية الاسلامية هي نبته من الجاهلية أو نبتة أجنبية من الغرب، ثم انتقل للحديث عن الأمة الإسلامية، وكيف جعلها المسلمون المصدر الوحيد لجميع السلطات، وكيف حرر الإسلام الأمة من طغيان الكهانة وفتح آفاق للفكر الإسلامي لم تكن موجوده من قبل
ثم تحدث عن الأسرة وكيف نظمها الإسلام بطريقه فريدة من نوعها، وكيف علا الإسلام من شأن المرأة التي كانت مهضومة الحقوق، ثم تحدث عن تعدد الزوجات والحكمة منها ووضح أنها لم تمنع في جميع الشرائع، ثم تحدث عن أزواج النبي، ورد علي القائلين بأن الرسول صلي الله عليه وسلم كان رجلا شهوانيا غارقا في الملذات، وتحدث بعد ذلك عن الطبقية، وكيف كانت قبل الإسلام، ورأي الإسلام فيها، وبين قصد الإسلام من الزكاة، وتحدث عن الرق، وكيف جاء الإسلام لمنعه في حين قد أباحته الشرائع الأخرى، وأورد آراء الفلاسفة الذي صدمت منه شخصيا في هذه المسألة، وقانون الأسرى الذي لم يكن موجودا في أي دين، ثم تحدث عن ادعاءات البعض القائلين بأن الإسلام هو دين السيف، وتحدث العقاد عن الإمام وما هي وظيفته، وكيف يطيعه المسلمون، وتحدث أخيرا عن الأخلاق والآداب، وكيف أساء معارضوا الإسلام فهم تعاليمه وقيمه، وأوضح أن معظم الآداب الغربية والفلسفية متفقة مع الإسلام، وقال أن المجتمع يقاس بالدين وليس العكس.
 والحقيقة لقد وجدت في هذا الكتاب القيم أقوى الردود وأفحمها على رد المشككين في ديننا، وجميعها بأدلتهم العقلية، ومن يقرأ هذا الكتاب ولا يقتنع بما فيه فهو إما بلغ قصور الفهم لديه ذروته، وإما هو ينتقض الإسلام للتشكيك فقط بغرض منع الناس عن الدخول فيه.

الأربعاء، يونيو 17، 2015

سطور حول كتاب الدولة المستحيلة



أحمد عبد الإمام يكتب: سطور حول كتاب الدولة المستحيلة لوائل حلاق


انشغل عدد لا بأس به من الشرقيين والغربيين بمسألة الدين والدولة أو الدين والسياسة في الإسلام في سياق العالم العربي الإسلامي، في الصحافة والإعلام، في البحث والتدريس، وفي الكتابة والتأليف، ورغم كثرة الإسهامات التي قدمت في هذا الحقل، إلا أن ثورات ما يسمى بالربيع العربي أعادت هذا النقاش مرة أخرى للأذهان، لا سيما بعدما علت الأصوات التي تطالب بإقامة دولة إسلامية تطبق فيها الشريعة، وعلت على الجانب الآخر أصوات تطالب بإقامة دولة عصرية حديثة يزحزح فيها المجال الديني عن المجال السياسي حتى لا يُستخدم المجال الأول كوسيلة للوصول للثاني، وحتى لا يكون المجال الثاني أداة مفسدة للمجال الأول. وبعيدا عن الإسهاب في تفصيل وجهة نظر كل فريق وخلفيته التي ينطلق منها، إلا أن البعض صورهذه الحالة على أنها صراع شديد، يحاول كل طرف فيه إثبات وجهة نظره من النص والواقع الذي عاشته المنطقة العربية الإسلامية وما زالت تعيشه حتى اليوم.
من ضمن هذه الإسهامات التي تناولت الحديث عن الدولة ومدى علاقة الدين بها، والحداثة وتأخر المسلمين عن الركوب في سفينتها،  كتاب بعنوان "الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي"، للأكاديمي الدكتور وائل حلاق، أستاذ الدراسات الإسلامية المتخصص في القانون والتاريخ الإسلامي بجامعة كولومبيا، صاحب مؤلفات في الفقه والأصول والشريعة والقانون. وهو من أصل فلسطيني لأسرة مسيحية، ولد عام 1955.[1]
الكتاب في الأصل باللغة الإنجليزية، وصدرت ترجمة له عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة "ترجمان"، عدد صفحات النسخة العربية 352 صفحة، من القطع الكبير.
يعد هذا الكتاب من أكثر الكتب رواجا في الفترة بعد 2011، ليس فقط بسبب عنوانه الذي يجذب القارئ، بل لقوة العرض الفلسفي الذي يمس قضية هامة لمنطقة الشرق الأوسط على الإطلاق، وهي فكرة الدولة الإسلامية والدولة الحديثة. ومما يجذب أيضا لهذا الكتاب غموض فكرته قبل البدء في قراءته، حيث قد يتسائل البعض عن الرسالة الأساسية للكتاب، هل هي استحالة قيام ما يسمى بدولة إسلامية، أم استحالة قيامها على غرار الدولة الغربية القومية الحديثة؟ هل يروج الكاتب بهذا للدولة الإسلامية التي كانت أم التصور الذي قد يكون؟ أم يعمل على إظهار تناقضات تعتري كلا النموذجين، الغربي والإسلامي الحالي؟ وهذا الغموض أشارت إليه أستاذة العلوم السياسية الدكتورة هبة رؤوف حين عرضت هذا الكتاب في إحدى الندوات، بقولها أن الكتاب قد يساء فهمه كونه يتحدث عن استحالة قيام دولة إسلامية، مما جعل الكاتب يرسل لها رسالة هاتفية لتوضيح أهداف الكتاب في نقاط، حين علم بندوتها عن الكتاب، والتي قامت الدكتورة بتوضيحها للحضور.[2]
الرسالة التي يهدف إليها الكتاب، كما يرى تركي الربيعو في قراءته، هي أن مفهوم الدولة الإسلامية يستحيل تحقيقه لأنه ينطوي على تناقضات داخلية بحسب أي تعريف سائد لما تمثله الدولة الحديثة. فأي قراءة مقارنة بين تاريخ تشكل الدولة الحديثة والحكم الإسلامي تظهر لنا أن التجربتين تميلان إلى إنتاج طريقين مختلفين من التصورات الأخلاقية والسياسية والمعرفية والإجتماعية للعالم. وفي المجمل يسير الكتاب في اتجاه أن الدولة الإسلامية لن تكون منبنية على قيم الحداثة في شكلها الذي أنتجته التجربة السياسية الغربية، بل ستأخذ شكلا مخالفا يعطي أولوية للوحي كمصدر للقيم الاخلاقية.
وردَ الكتاب في سبعة فصول: يتناول الفصل الأوّل "مقدمات" يوصف فيها "الحكم الإسلامي" بالحكم النموذجي. يدور الفصل الثاني حول ماهية الدولة الغربية الحديثة محددا خصائصها والصفات الجوهرية التي تقوم عليها فلسفة الحكم، شارحا للتنوعات المتلاحقة في تكوين الدولة. أما الفصل الثالث "الفصل بين السلطات: حكم القانون أم حكم الدولة"، فيناقش مفاهيم الإرادة السيادية وحكم القانون بخصوص الفصل بين السلطات، وهنا يستعرض الكاتب البنية والإطار الدستوري لكلا النموذجين الإسلامي والغربي الحداثي. يتناول الفصل الرابع "القانوني والسياسي والقيمي" التباينات القانونية والسياسية لإظهار عدم التوافق بين الدولة الحديثة والشريعة. أما الفصل الخامس "الذات السياسية ومحصنات الذات الأخلاقية" يخلص إلى أن الدولة القومية الحديثة تولد نموذجا مغايرا عما تنتجه الشريعة الإسلامي فيما يتعلق بتكوين الذاتية الأخلاقية والإجتماعية والسياسية والمعرفية والنفسية. ويحاجج الفصل السادس "عولمة تضرب حصارها واقتصاد أخلاقي" في أنّ الأشكال الحديثة للعولمة ووضع الدولة في هذه الأشكال المتعاظمة القوّة، يكفيان لجعل أيّ صورة من الحكم الإسلامي إمّا أمرًا مستحيل التحقّق وغير قابل للإستمرار. وينتهي الكتاب بالفصل السابع الذي يحاول الباحث فيه شرح الأزمة الأخلاقية الحديثة بصفتها تؤسس لأصل الأزمات الأخلاقية التي واجهتها الحداثة في كل صورها الشرقية والغربية.
وعليه فيمكننا الخروج من قرءاة هذا الكتاب بنقاط ثلاث ذكرتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود في قراءة الكتاب:
1. الحداثة الغربية تعيش أزمة قيم تتجلى في مفهوم الدولة الحديثة وما يتبعها من نتائج لا قيمية على مستويات عدة.
2. "الدولة الإسلامية" مفهوم لا قاعدة له في التجرية الإسلامية التاريخية، بل هو مفهوم تمّ إسقاطه على الفكر الإسلاميّ خطأ، ومن ثم كان عنوان الكتاب: "الدولة [الإسلامية] المستحيلة". وحاصل هاتين الفكرتين هو (الفكرة الثالثة).
3. الدعوة إلى إعادة النظر في مفهوم القيم في الدولة الحديثة، لتخرج من استلابها لذات المواطن الحداثي الذي انتزعت منه ذاتيته الوجودية، وأعدمت قيمته الإنسانيّة لحساب السلطة والدولة، والدعوة إلى إعادة الاعتبار بشكل إبداعيّ جديد لقيم الشريعة الإسلاميّة كنموذج قيمي يفوق ما وصلت إليه الدولة الحديثة.[3]
هذا هو مجمل الكتاب الذي تم عرضه وقراءته في أكثر من مكان لأهميته ورجته التي أحدثها بعد صدوره. ومع ذلك تبقى بعض النقاط الهامة التي يجدر الإشارة إليها:
- الكتاب قد يستخدم من كل جانب على أنه يقوي وجهة نظر هذا الفريق أو ذاك، أي قد ينظر إليه البعض على أنه تأكيد لوجهة نظر تقول أن الحداثة ليست مشروعا ناجحا لأنها تقوم على فلسفة الإنسان وعقله المحدود. وقد يُقرأ الكتاب من البعض الآخرعلى أنه تأكيد لاستحالة قيام ما يسمى بالدولة الإسلامية، لأن نصوص الإسلام لا تدعو لقيام دولة. هنا تجدر الإشارة إلى أن الدرس المستفاد من هذا الكتاب ببساطة هو أن أي نظام به من الأخطاء التي قد تقوض استمراره، ومن أهم هذه الأزمات هي الأزمة الأخلاقية، لذا ينبغي على كل نظام أن يراعي البعد القيمي على مستويات السياسة والإجتماع والمعرفة...
- قد يُعتبر الكتاب من الأصوات التي تدعوا لتقوية المشروع الأخلاقي، والذي أشار فيه الكاتب للدكتور طه عبد الرحمن، والذي قد يفيد الإطلاع على كتبه أيضا في معرفة مشروعه بشكل أعمق. وبالتالي يعتبر النموذج الذي يتحدث عنه حلاق وعبد الرحمن نموذج البعد القيمي الأخلاقي. وهذا يجسد المدرسة التي تميل إلى العقل والشرع معا، فكلاهما يهدف إلى فعل الخير. فالأخلاق والسياسة و الدولة قد يسيروا في طريق واحد.
- الكاتب يفصل بين الحكم الإسلامي قبل وبعد فترة استعمار العالم العربي الإسلامي، حيث يرى أن فترات حكم المسلمين قبل الاستعمار كانت أكثر عدلا وخلقا، وبالتالي يركز على فترة ال 12 قرنا الأولى للحكم الإسلامي. هنا ربما ينبغي علينا أن ننتبه إلى أنه لا ثمة فرق كبير بين فترات حكم المسلمين بعد الاستعمار وقبله،  فحين نستثني فترة حكم الرسول عليه الصلاة والسلام وحكم الخلفاء الراشدين، قد لا نجد فرقا كبيرا، أي أن المشروع الأخلاقي قد لا تجد ملامحه أو بصماته في فترات حكم كثيرة للمسلمين، بدءً من العصر الأموي وحتى اليوم. وعليه فإن تحديد هذه الفترة الزمنية وتسميتها بالحكم الإسلامي فيه مبالغة بعض الشيء.
ختاما: يعد الكتاب ذا أهمية لمن يريد أن يتعرف على المشروع الغربي الحداثي عن قرب من خلال فلاسفته ومدارسه المختلفة، التي تناول بعضا منها الدكتور حلاق في كتابه. وفي نفس التوقيت معرفة وجهة نظر الباحث حول فكرة استحالة قيام النموذج الإسلامي في ظل الحداثة الغربية المؤثرة في العالم كله.