الأربعاء، نوفمبر 14، 2012

نجوت من الموت بأعجوبة

 
 
صباح خريفي معتدل  لم يميزه عن غيره سوى  صفاء سماءه وخلوها من  الضباب، وككل صباح أخرج من بيتي مبكرا متوكلا على الله ومرددا الشهادتين  ومتوسلا إليه أن يعيدني إلى أهلي سالما وسليما. واستوقفت ميكروباصا من أولئك المنتهية صلاحيتهم -وأغلبهم كذلك- فرميت فيه بنفسي ، ولما امتلأ عن آخره وانطلق بنا أخرجت كتابا وانكفأت أقرأ فيه، ومرت دقائق لم أشأ أن أحسب عددها، حتى انتبهت على صوت  حشرجة  يخرج من شئ ما بجوار السائق فنظرت إليه فإذا به يقلب كفيه على ما حدث له  ويضرب بعجلة القيادة في حسرة لم أعرف لها سبب، حتى سأله أحد الركاب ما الأمر؟ فقال في أسى ممزوج بالحسرة: "إن سلك الفرامل قد انقطع"!!
 
 ونظرت فإذا بنا في انحدار شديد، والسيارة تنطلق مسرعة، والسائق لا حول له ولا قوة، وقد أخذ يصيح مكررا "استرها يا رب"، "استرها يا رب"! وتلبد كل منا في كرسيه، ونادى رجل في السائق أن اجنح إلى الرصيف! فاستجاب السابق لندائه، ولما جنح ناحية الرصيف فوجئنا بسيارة نقل كبيرة تسير ببطئ أمامنا، فارتفع صراخ السائق: "استرهاااااا يا رااااب"  وقبل أن نصطدم بها أدار السائق عجلة القيادة بسرعة ناحية اليمين، فمررنا من جوارها وكنا على وشك الإحتكاك بها، وفجأة وجدنا أنفسنا أمام مقب صناعي، ومع اندفاع السيارة من دون فرامل وجدنا أنفسنا وقد ارتفعت بنا السيارة إلى أعلى عليين ثم سقطت بنا إلى أسفل سافلين حيث تحطمت نوافذها الجانبية، وتناثر الزجاج على أيدينا وأرجلنا، واسودت الدنيا أمام أعيننا، وصرخت النساء اللواتي يركبن معنا، وتعالت الأصوات واختلطت!
 وأعاد السائق صياحة " استرها يا رب" فوجدنا أنفسنا مرة أخرى أمام مقب صناعي آخر ،إلا أنه كان ولحسن الحظ  أخف من ذلك الذي تحطمت فيه الزجاج،  وهدأت السرعة رويدا رويدا حتى توقفت!
 
إن هذا المشهد يتكررا كثيرا في بلد نعرف فيه  جيدا متى نخرج من بيوتنا، ولكننا لا نعرف أبدا متى نعود!
 
والله المستعان
محمد شحاتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق