الخميس، يونيو 06، 2019

على شاهين يكتب: ملخص كتاب الأمير





المؤلف : نيكولا دى برناردو دى ميكافيلي. مفكرا وفيلسوفا سياسيا إيطاليا ولد وتوفى بإيطاليا (1469 ـ 1527(
نوع الكتاب : سياسة
قبل البدء فى التلخيص لابد من ذكر ملحوظتين
ـ أسلوب ميكافيلي سهل وبسيط وواضح، لذا يُمكن لأى شخص فهم محتوى الكتاب
ـ يعتمد ميكافيلى فى استنتاجاته وعرض نظرياته على الأحداث التاريخية ويستعين بها للتدليل على براهينه، ولهذا يكثُر بشدة فى كتابه الحوادث التاريخية وذكر سير الملوك والحكام لأخذ العظة او استنتاج رؤية من تاريخهم

(1)  فى الكلام على الإمارات المورثة :

 
ـ التمكن من الممالك الموروثة لا يحتاج لحيل سياسية، لإن الأمير يرث عرش أبائه ولا يحتاج إلا إلى اقتفاء آثار من سبقوه من الأمراء، وبهذا يكون على أي أمير مهما كان ضعيف فى السياسة أن يصون ملكه عبر اقتفاء آثار من سبقوه والاستعداد لطوارئ الزمن.

(2)  فى الإمارات المختلطة :

ـ بالنسبة للولايات التى كانت فى أول أمرها جزء من سلطنة كبرى، فإن أمثال هذه الولايات إذا ظلمها حاكمها؛ أنصرفت عنه ولو أدى ذلك لتحكم غيرهم فيها. فلو تولى عليها ملك غير ملكها رحبت به أملاً أن يُصلح الجديد ما أفسده القديم، وكثيراً ما تدفع تلك الأمنية بعض الولايات إلى الثورة على ملكها القديم، وكثيراً ما تكون تلك الثورات نتيجة خديعة دبرها الطامعون، ودلت الحوادث أنها لا تُصلح حال الولايات

ـ إن المغتصب لا يستطيع أن يوثق رابطة بين الولايات المغتصبة، وبين رجال جيشه وحكومته، وكذلك لايستطيع أن ينقذها من المصائب التى تجلبها طبيعة الاغتصاب. كذلك موقفه يبقى حرجاً مهما كان عادلاً فى أحكامه وقوياً بجنده. ولا يتمكن من اكتساب إخلاص جماعة الخائنين الذين مكنوه من بدلاهم، مهما منحهم من أموال، ولايستطيع أن يعاملهم بشدة لأنه مدين لهم بما أولوه، ولهذا لايستقيم له حال إذا لم يكن مع أهل البلاد على أتم مايكون من الصفاء والوداد

ـ اعلم أن الفاتح إذا ثارت عليه الولاية المفتوحة ، ثم عاد فقهرها ثانية يكون الفتح الثانى ضامناً لبقائه ابداً، لإن الثورة علمته دروساً منها : أن يُعاقب من يُسببون القلاقل والمشاغب، وأن يعرف أماكن الضعف فى حكومته فيقويها.

ـ كل ولاية تُفتح قد تكون متحدة مع الدولة الفاتحة فى الجنس أو اللغة أو غيرها من الروابط. فإن كانت الجنسية هى الرابطة فالاستيلاء على الولاية سهل، ويكفى للدولة الفاتحة انقراض الأسرة القديمة فى تلك الولاية. أما إذا ما كانت الولاية المقهورة تختلف عن الدولة القاهرة فى اللغة والأخلاق والقوانين، فمصاعب التمُّلك جمة. وخير وسائل الأحتفاظ بها ؛ أن ينتقل الفاتح إلى الولاية الحديثة ويعيش بين أهلها وهذا يوطد قدمه.
ـ يجدر بالفاتح أن يؤسس فى مداخل الولاية المفتوحة ومخارجها مستعمرات أجنبية. وتأسيس المستعمرات أفضل من الحاميات، لإن ثكنات الجند تستلزم نفقة طائلة، فضلاً عن ما يولده بقاء الجند الفاتح فى البلد المفتوح من أسباب الحقد بين الغالب والمغلوب، وفالمستعمرات كثيرة المنافع، والحاميات كثيرة الأضرار
ـ اعلم أنك إذا أردت أن تريح نفسك من رجل فاعمد إلى أحدى الطريقتين : إما أن تتملقه وتحسن إليه، أو أن تخمد أنفاسه وتنتهى منه. وفى طبيعة البشر أنهم ينتقموا من أعدائهم حين يصيبهم الأضرار التافهة، لكنهم لاينتقمون حين ينالهم من عدوهم أضرار كبيرة. لهذا من يريد أن يؤذى عدوه عليه أن يصب عليه جام غضبه قدراً يُعجزه عن الانتقام.

ـ ينبغى للفاتح أن ينصب نفسه زعيماً على ما يجاوره من الولايات، وان يجعل نصب عينه أن يُضعف ما كان منها قوياً، وأن يسُد باب ولايته فى وجه الأجانب. لإن الولايات المغلوبة كثيراً ما تستغيث بجيرانها، فيهرع إليه القوى، إما طمعاً فى الاستيلاء عليها، وإما خوفاً من امتداد نفوذ الفاتح إلى ولايته.

ـ ليعلم الفاتح أنه إن دخل ولاية جديدة، فإن من كانوا ضعافاً من الأشراف والنبلاء قبل فتحه ينضمون إليه نكاية فى الحاكم السابق. ولكن ليحذر منهم، فإنهم إذا بلغوا من القوة أكثر مما ينبغى استغنوا عنه وطغوا عليه، أما إذا ساسهم بالحسنى فإنه يستطيع بقوته وبما يمدونه به من إضعاف الحاكم الأصلى.
ـ اعلم أن القوى الذى يعمل لتقوية الضعيف يسعى إلى الموت بقدمه، وهيهات أن يرضى حديث العهد بالقوة بأن يعيش غير قوى.

 (3) خضوع سلطنة دارا لخلفاء الإسكندر.

ـ لحكم الممالك طريقتين :
 
أن يحكم المملكة أمير له أعوان هو ولى نعمتهم، يأمرهم فيأتمرون.
أن يحكم المملكة أمير يقاسمه الملك أشراف ونبلاء لا سلطة له عليهم، ويكون لهؤلاء الأشراف خدم ورعية خاصة به وكلهم متعلقون بسيدهم لأنهم لم يعرفوا سواه ملكاً عليهم
ـ الأمير الذى لا شريك له فى إمارته سوى خدمه يكون أعظم نفوذاً وأكبر شأناً، ولهذا النوعين من الإمارة فى عصرنا شبيهان : الأول سلطان الأتراك، والثانى ملك فرنسا.

ـ دولة الأتراك لا تعرف إلا أميراً فرداً، وكل من حوله من الحكام عباد إرادته ، وقد قسم ملكه إلى ولايات. أما ملك فرنسا فهو محاط بالأشراف والنبلاء، وهؤلاء فرق وأحزاب تمجدهم وتقدسهم ، ولهم حقوق لا يستطيع الملك أن يسلبهم إياها.
لهذا ففتح دولة كتركيا يكاد يكون مستحيل، لكنها إذا فتحت استسلمت للفاتح فى زمن قديم، أما صعوبة فتحها، فلإنها خالية من الأمراء الناقمين على الملك، ولايستطيع الفاتح أن يبث روح الثورة فى مثل تلك الدولة لإن أعوان الملك إذا أخلصوا له قل أن يقبلوا غيره سيداً عليهم. وإذا كان النصر حليف الفاتح فى دولة الأعيان ، فهزم جيوشها واحتل بلادها وشتت شمل جنودها ، فلا خوف عليه إلا من أفراد الأسرة المالكة، فإن هو أبقى عليهم كدروا من صفائه، وأما إن قضى عليهم، فلا خطر عليه من بقاء الأعوان، لإنهم لا حول لهم ولا طول، وكما أنه لم يرج خيرهم قبل الفتح فلا خوف عليه من شرهم، لأن من لا يُرجى خيره لا يخشى شره فى معظم الأحوال
أما أفتتاح مملكة كمملكة فرنسا، فيكفى للفاتح أن يأمن مكر شريف من أشرافها ونبلائها، لكن الفاتح إذا سهل له فتح مملكة من هذا القبيل، صَعُب عليه أن يتمكن منها. فقد يخونه من استئمنه من الأشراف، ولا ينتفع الفاتح كثيراً بهلاك الأسرة المالكة، لإن الأشراف بنتهزون فرصة كتلك للمطالبة بالمُلك. فيبقى الفاتح بين نارين، فلا هو بقادر أن يأتى عليهم ولا أن يرضيهم، فلا يطول حكمه.

 (4) كيف تحكم البلاد التى كانت قبل الفتح مستقلة؟

 
أولاً : أن يُخرب الفاتح البلاد المفتوحة، ثم يؤسس سلطنته على أنقاض الحكم القديم
ثانياً : أن يعيش الفاتح فى البلاد المفتوحة
ثالثاً : أن يمنح البلاد حريتها السياسية، واستقلالها الداخلى شريطة أن يفرض عليها الجزية، وهذا بعد أن يترك فى البلاد من يحافظ على سلطته فى غيابه، وان تشرح تلك الفئة لأهل البلاد المفتوحة حاجتهم إلى حماية الفاتح وتعضيده.
وبالنسبة لمنح الحرية للبلاد التى كانت قبل الفتح حرة فإنها أضمن الوسائل للإحتفاظ بها، لِتَعوّد أهلها الحرية، لكن الأساس المتين فى حكمها هو تخريبها وتدميرها بعد الفتح مباشرة. لإن مثل تلك البلدان إذا سالمت الفاتح فترة، فستتذكر الحرية وتشعل الذكرى قلوب أهلها، لإنه لا يمحو إسم الحرية من قلوب نشأت عليها وتعودتها

ـ إذا كانت البلاد ملكية، فهلاك الأسرة المالكة يسهل على الفاتح إمتلاك البلاد، لإنها معتادة على الطاعة، ويصعب عليها أختيار أمير من الشعب، لما يكون عادة بين الأفراد من التنافس، لهذا لاتقوى الولاية على أن تعيش حرة. أما إذا كانت جمهورية فتخريبها خير وسيلة لامتلاكها لإنها لن تنسى حريتها القديمة.

 (5) فى الولايات التى امتُلِكت بقوة الأمير وجيوشه.

ـ إقامة الأمير فى الولاية الجديدة يخفف عنه أعباء المتاعب الأولى.
ـ اعلم أنه ليس فى سياسة الأمم شئ أصعب من تبديل الشئون القديمة بغيرها، لإن للمُصلح أعداء وهم المنتفعين بالنظام القديم وهم كُثُر، وهناك أنصار لكنهم ضعاف مترددين، وهو ناتج عن خوفهم من أعداؤهم، لكن لابد من السؤال : هل هؤلاء المصلحون مستقلون، معولون عليهم، ام يعتمدون على سواهم فى تنفيذ مآربهم؟ فإن كانوا مستقلين ، واثقين من أنفسهم فإنهم لا يفشلون، وإن كانوا عاجزين عن تنفيذ الأغراض بالقوة فأنهم لا يفوزون. لهذا نرى الأنبياء الذين استعانوا بالحرب والقوة فى تبليغ رسالتهم نجحوا، بعكس من اكتفوا بالوسائل السلمية.

 (6) فى الولايات الجديدة التى يكون الفضل فى امتلاكها لحسن الحظ أو تعضيد الغير.

ـ الذين يرتقون إلى درجة الملك بفضل الحظ لا يجدون صعوبة فى الإرتقاء، لكن الصعوبة فى الاحتفاظ بما وصلوا إليه، وهؤلاء هم من يحصلون على الملك بشراءه بالمال، أو هبة ممن يهب الممالك، وهؤلاء يعتمدون فى حياتهم على إرادة من رفعوهم، وإرادة الرجال وحظوظهم كثيرة التقلب، وأمثال هؤلاء لا يعرفون كيف يحفظون مراكزهم، أضف إلى ذلك أن الممالك سريعة التأسيس يكون مثلها مثل النبات ليس له جذور قوية
ـ من يحسب أن الإحسان الحديث يمحو أثر الإساءة السالفة من نفوس العظماء فقد أخطأ

(7)  فيمن بلغوا الإمارة بالإثم والغدر

ـ اعلم بأن القسوة الحكيمة هى التى يستعملها الرجل ليحصل على مراكز وطيدة، ثم لا يطول أمدها، بل تُستبدل بأعمال نافعة للعية، أما القسوة الطائشة فهى التى تبتدئ شيئاً فشيئاً، وتزيد على مر الأيام.
ـ الفاتح الجديد ينبغى له فى أول أمره أن يقترف القسوة مرة واحدة، بحيث لا يحتاج إلى العودة إليها مراراً
ـ ينبغى للأمير أن يعيش مع شعبه على وتيرة واحدة، بحيث لا يضطر لتغير سلوكه لخير أو شر، فالخير ما لم يصدر عن طيب خاطر، لايستعبد القلوب



 (8) فى الإمارة المدنية

ـ وهى التى لم يصل إليها الفرد باغتصاب وإنما برضا الوطنين. ويصل إليها الفرد إما برضا العامة أو برضا الأشراف والخاصة، ومن وجود هذين الحزبين فى بلد تنتج ثلاث نتائج : إما حكومة مطلقة ، وإما الحرية ، وإما التطرف فى الحرية والعبث بها. والتطرف فى الحرية ينشأ من أحد الأمرين : إما من الشعب وإما من الأشراف. لإن الأشراف حين يرون أنهم عاجزون عن مقاومة الشعب يتحدون فى رفع واحد منهم إلى رتبة الإمارة ليسهل لهم تنفيذ مآربهم. والشعب إن رأى أنه عاجز عن مقاومة الأشراف رفع واحد من أبنائه إلى الأمارة ليحتمى به، ومن يرفعه الأشراف إلى طبقة الأمارة يجد فى سبيل الحكم صعوبات أشد من التى يلقاها من يرفعه الشعب

ـ لذلك الأمير لا يستطيع أن يحفظ نفسه من غضب الشعب لكثرتهم، لكنه يستطيع أن حماية ذاته ضد الأشراف لقلتهم، وشر ما يخشى الأمير من العامة هو تركهم إياه، ولكنه يخشى من الأشراف مقاومة فعليظة
ـ الأمير يعيش مع الأمة التى لا تتغير، لكن الأشراف يتغيرون.
ـ يُمكن للأمير رفع العامة إلى مقام الأشراف، وخفض الأشراف إلى مراكز العامة
ـ يُمكن أن يُنظر للأشراف من وجهتين : منهم من يعتمد على حظ الأمير، ومنهم ضد ذلك. فالذين يعتمدون عليك ينبغى إكرامهم وحبهم، أما من لا يعتمدون عليك ، فمنهم من يفعلون ذلك جُبناً، وهؤلاء ينبغى الأنتفاع بهم وخاصة من كان منهم ذو رأى صائب، ومنهم من يكونون مرتبطين بك رغبة فى نيل مطامعهم. وهذا دليل على أنهم يفكرون فى ذواتهم دون ذاتك، فواجب الأمير أن يحذر هؤلاء الرجال، ويعتبرهم أعداء خفيين يساعدون على الإيقاع به لدى الشدائد.
ـ من وصل إلى الحكم بحب الشعب، ينبغى أن يحافظ على صداقتهم، وهذا سهل، لإن الشعب لا يطلب إلا رفع الضغط والكف عن الظلم.

ـ من وصل إلى المُلك بمساعدة الأشراف ضد رغبة الشعب، فينبغى عليه كسب ود الشعب، فالإنسان يُقدر جميل من كان ينتظر منه شراً، فالشعب يميل إليك فى تلك الحال أكثر مما لو وصلت إلى الملك برضائه
ـ  على الأمير أن يبحث دوماً عن الوسائل التى تجعل رعاياه فى حاجة إلى حكمه، فيستطيع بذلك أن يعول عليهم وقت الشدة

(9)  كيف تُقاس قوى الحكومات؟

ـ الأمير الذى يحصن مدينته وينال رضا الشعب لا يُمكن أن يُهاجم
ـ قد يقول البعض أن الشعب المحاصر إن رأى أملاكه خارج المدينة المحاصرة معرضة للتدمير، ورأى فى مصلحته التسليم؛ نسى أميره، فأجيب على هذا بأن الأمير الشجاع يستطيع أن يقاوم تلك الصعوبات بأن يملأ قلوبهم بأم الخلاص القريب، وبتخويفهم من قسوة العدو الفاتح طوراً، وبالحصول على ثقة من يراهم أشد جسارة.

 (10) فى أنواع المحاربين والجنود المأجورة

ـ إن الأسلحة التى يدافع بها الأمير عن ملكه، إما أن تكون له، أو تكون لجنود مأجورة، أو جنود مساعدة، أو مختلطة.
ـ الجنود المأجورة والمساعدة خطرة ولا نفع لها ؛ لإنهم لا يتحدون، وهم ذوو مطامع ولا يخضعون لنظام، ففى وقت السلم ينهبونك، وفى الحرب يعرضونك لنهب الأعداء
ـ أما الجنود الغير مأجورين، فإما يكونون فى إمارة، أو فى جمهورية. لو كانوا فى إمارة فالأمير يتولى بنفسه قيادتهم. وإن كانوا فى جمهورية، فإن حكومة الجمهوية تبعث بالوطنين الصادقين.
ـ الجمهوية المسلحة محمية بأبنائها، وخضوعها لرجل منها أصعب من خضوع الجمهورية المحمية بجيش مأجور.

 (11) الكلام فى الجنود المعضدة والمختلطة والأصلية.

ـ الجنود المساعدة قد تكون حسنة فى ذاتها، لكنهم إن خسروا هُزِمت، وإن انتصرت وقعت أسيرهم. والأمير العاقل يتجنب دائماً هذه القوى الأجنبية، ويُفضل أن ينهزم بجنوده على أن ينتصر بجنود غيره

(12)  واجبات الأمير نحو الجند المحاربين.

ـ الأمير الجاهل بفنون الحرب لا يكون محترماً من جنده ولا يأمن جانبهم. وينبغى له أن يمارس الحرب فى السلم ، بوسيلتين : العمل والدرس. اما العمل فهو أن يستبقى جنوده مسلحين مستعدين، وأن يمارس الصيد ليعود بدنه على المتاعب، وليعرف طبيعة الأراضى، وأنواع الأنهار والمستنقعات، ولهذه المعرفة فائدة : أنه يعرف بلاده وكيف يذود عن حوضها.

(13)  الكلام فيما تمدَحَ به الرجال أو تذم.

ـ من يهمل ما هو كائن لأجل ما ينبغى أن يكون يجلب على نفسه الخراب العاجل.
ـ ينبغى للأمير أن يتعلم كيف يقلل من طيبته، وكيف يستعمل الخير أو الشر فى الأوقات المناسبة
ـ من الأمور ما تظهر للإنسان على أنها فضائل لكنها قد تؤدى إلى خراب إذا اتبعها، وكثيراً مما يبدو أنه من الرذائل قد يؤدى إلى الخير والسلامة

(14)  فى الكرم والبُخل.

ـ إننا لم نرى عملاً عظيماً صدر إلا عمن اتصفوا بالبخل، أما غيرهم فقد خربوا أنفسهم.
ـ لا ينبغى للملك أن يهتم باتهامه بالبخل إذا كان لايريد أن لا يسرق شعبه، ويدافع عن نفسه وقت الشدة، فإن رذيلة البخل من الرذائل التى تسهل له الاحتفاظ بالسلطة.

ـ إن قيل أن يوليوس قيصر بلغ السلطة بالكرم، فأقول : إما أن تكون أميراً، فاعلم أن السخاء مُضر، وإن كنت فى طريق الإمارة فالكرم ضرورى للوصول إلى السلطة، فلو لم يعتدل قيصر فى النفقة بعد حصوله على السلطة ، فلا شك أنه كان سيفقد المُلك.
ـ الأمير إما ينفق ثروته وثروة شعبه، او ينفق ثروة غيره. فى الحالة الأولى : ينبغى أن يكون حذراً، فى الحالة الثانية : ينبغى أن يكون كريماً وهاباً، فأنفاق مال الغير لا يقلل من اعتبارك بل يزيده.
ـ لا توجد خصلة مُهلكة لذاتها أشد من الكرم، لإنك بممارستها تفقد القدرة على ممارستها.
ـ انتساب الإنسان للبُخل أقرب إلى الحكمة ، لإنه يجلب العار لا البغضاء، وهو أفضل من الاتصاف بالجشع الجالب للعار والبغضاء جميعاً

(15)  الكلام فى القسوة واللين.

ـ الأمير لا يخشى أن يتصف بالقسوة فى سبيل توحيد شعبه.
ـ ينبغى أن يكون الأمير محبوباً مُهاباً، وحيث يصعب الجمع بين الحالتين فالأفضل أن يُهاب، لإن الناس عامة منكرون للجميل، سريعو التحول، وهم أسرع إلى الإساءة إلى من يحبون منهم إلى الإساءة إلى من يرهبون، لإن الحب قائم على نفعهم الذاتى، أما الخوف فأساسه العقاب، ورهبة العقاب لا تزول مطلقاً.

ـ لا ينبغى على الأمير أن يتعدى على ملك الغير ، لإن الناس أسرع إلى نسيان مقتل آبائهم منهم إلى نسيان ما لحق بأملاكه وأمتعتهم من الخراب والاغتصاب، أما إذا كان الأمير يقود جيشاً قوياً، فمن الضرورى له أن يُعرف بالقسوة، لإنه دونها لا يستطيع أن يحافظ على اتحاد جيشه.
ـ الناس تحب وتبغض بإرادتهم، لكنهم يهابون الأمير بإرادته، والأمير ينبغى أن يعول على ما فى قدرته، لا على ما فى قدرة الغير.

(16)  كيف يكون وفاء الأمراء؟

ـ تجارب زماننا دلت على أن الأمراء الذين لم يراعوا العهود قاموا بأعمال كبيرة، وتغلبوا على الأمراء الذين اتخذوا الأمانة عادة.
ـ اعلم أنه توجد طريقتان للحرب : الأولى بالقانون وهى للبشر، والثانية بالقوة وهى للوحوش. وحيث أن الطريقة الأولى لا تكون كافية فيضطر الإنسان للالتجاء للثانية
ـ ينبغى للأمير أن يكون ثعلباً ليتقى الحبائل، وأسداً ليُرهب الذئاب. لهذا لا ينبغى للأمير أن يحفظ العهود إذا كانت ضد مصلحته، وما دامت الأسباب التى دعت للوعد قد انقضى عهدها.
ـ ليس من الضرورى للأمير أن يتصف بكل الفضائل، ولكن من الضرورى أن يُذاع عنه الاتصاف بها. وأهم تلك الفضائل فضيلة التقوى، لإن الرجال يحكمون بالنظر لا بالخبرة، ولإن الناس ترى فيك مظاهرك، وقليلون يلمسون حقيقتك، فالعامة مأخذون بالمظاهر وبنتائج الأشياء.

 (17) فى اتقاء البغض والاحتقار.
ـ قد يصير الأمير مرذولاً إذا اشتهر بالتغير والخفة والتخنث والخوف وضعف العزيمة، فينبغى ان يتقى هذه المعايب، وفيما يتعلق بحكم الرعية، فليكن حكمه غير قابل للنقض، بحيث لا يستطيع أحد أن يخدعه أو إقناعه بالتغير.
ـ أنجح ترياق لسم المؤمرات هو الحصول على حُب الشعب، لإن المتآمر لا يمكنه ان يتآمر بمفرده، ولا يمكنه اتخاذ الرفاق إلا بين الفئة الغير راضية.
ـ يجب على الأمير أن يوكل إلى غيره القيام بالواجبات التى لا ترضى الرعية، وأن يختص بالأعمال التى ترضيها.

 (18) الكلام فى منافع الحصون وأضرارها.

ـ لم يُعرف عن أمير جديد أنه نزع سلاح رعيته، بل إنه إذا وجدها عزلاء سلحها، لإنه بتسليحها تصبح الأسلحة له، ومن كان غير مخلص له أخلص، ومن كان فى عداد الرعية يُصبح فى عداد الأنصار.
ـ إذا حصل الأمير على ولاية جديدة بجانب إمارته القديمة، فمن الضرورى أن ينزع السلاح من الولاية الجديدة. عدا الذين ساعدوه فى الحصول على الولايات الجديدة من أهلها، وهؤلاء على الأمير أن يضعهم ويخنعهم، لتُصبح القوة المحاربة فى الولايات الجديدة فى أيدى جنودك المقيمين فى إمارتك.

ـ على الأمير إذا سنحت له فرصة ان يسبب عداوة ما ليرتفع قدره بالتغلب على عدوه، وقد وجد الأمراء ـ لا سيما الجدد ـ أمانة وثقة فى الرجال الذين ارتابوا فيهم لأول عهدهم أكثر مما وجدوا فيمن ائتمنوهم لأول وهلة.

ـ الرجال الذين كانوا فى أول عهد الحكم أعداء؛ لكونهم فى حاجة إلى تعضيد الأمير لتثبت مواقفهم، فقد سهل عليه بذلك الاستيلاء عليهم، وتزداد غيرتهم فى العمل ليمحوا من ذهن الأمير ما علق به فى أول الأمر من الإرتياب
.
ـ على الأمير الذى استولى على ولايته بمساعدة سرية من أهلها، أن ينظر فى السبب الذى دعاهم إلى ذلك. فإن كان غير حبهم الطبيعى له ـ كأن يكون كرههم للحاكم القديم ـ فإنه سيجد صعوبة فى الحصول على صداقتهم
ـ من السهل على الأمير أن يحصل على صداقة الشعب الذى كان راضياً بالحال السابقة وكان عدواً له فى أول الأمر، من الحصول على صداقة الشعب الذى كان ناقماً وساعده على إمتلاك البلاد.
ـ الأمير الذى يخشى شعبه أكثر من العدو عليه أن يبنى حصوناً، أما من يخشى العدو أكثر من شعبه فلا حاجة له بها.
ـ احسن الحصون ما كان مشيداً فى قلوب الرجال.

 (19) كيف يَبعُد صيت الأمير؟

ـ واجب الأمير أن يقوم بأعمال تكسبه شهرة الفخار والعظمة، فالأمير يُحترم عندما يُعرف عنه أنه إما صديق صادق، وإما عدو ثابت. تلك السياسة أفضل من البقاء على الحياد.
ـ لا ينبغى للأمير أن يساعد من هو أقوى منه ليؤذى غيره إلا فى حال الضرورة، لإنه إذا فاز بقيت تحت رحمته.
ـ من المستحيل الخلاص من صعوبة دون الوقوع فى أخرى، إلا أن الحذر يمكن الرجل من التمييز والمقارنة فيختار أخف الضررين

 (20) الوزير وكاتم الأسرار

ـ يوجد ثلاثة أنواع من العقول :
 
عقل يفقه الأشياء دون مساعدة خارجية. وهو أعلى العقول
عقل يفهم الأشياء عندما يريه إياها شخص آخر. وهو عقل حسن
عقل لا يفهم بذاته ولا بواسطة غيره. عقل بلا نفع مطلقاً.
ـ إن كان الوزير يهتم بذاته أكثر من أهتمامه بالأمير، ويقوم بأعمال لنفعه، فإنه لا يصلح وزيراً. كذلك على الأمير أن يفكر فى مصلحة الوزير ليحصل على أمانته وإخلاصه.

 (21) فى إقصاء المتملقين.
ـ حواشى الملوك مملوء بالمتملقين، ويصعب اتقاء الإصابة بداء حب الملق، وهناك طريقة واحدة لإتقاء التملق: إفهام الناس أنه لا يسؤوك أن يُقال عنك الحق أمامك، لكن لو قال كل إنسان الحق فى وجهك فقد فقدت إحترامهم، فالأمير الحذر يجعل حوله رجالاً عقلاء، ويجعل لهم حق القول بالصدق فيما سألهم عنه ليس إلا.
ـ على الأمير ألايقبل مشورة أحد إذا لم يكن سأله ذلك.
ـ اعلم بأن الرجال يخدعونك ما لم يُضطروا للإخلاص لك. لهذا، فالمشورة الحسنة مهما كان مصدرها يجب أن تكون راجعة إلى حذر الأمير، لا أن يكون حذر الأمير راجعاً إلى النصيحة الحسنة.

 (22) لماذا فقد أمراء إيطاليا إماراتهم؟
ـ الأمير الحديث مراقب فى أعماله أكثر من الأمير الوراثى.
ـ الناس مأخذون بالحاضر والواقع أكثر منهم بالماضى أو المتوقع.
ـ إذا نظرنا فى أحوال الملوك الذين فقدوا إماراتهم فى إيطاليا ، فسيظهر لنا عيب فى جيوشهم مما سبق الكلام عليه، وبعضهم كان الشعب معادياً له، أو كان الأشراف ساخطين عليه، فلا ينبغى على هؤلاء الأمراء أن يلوموا الزمان، وإنما يلمون أنفسهم وإهمالهم.

 (23) الحظ والإنسان.
ـ أعتقد بأن الحظ يُدَبر نصف أعمالنا ويترك النصف الأخر أو أقل منه لندبره بأنفسنا.
ـ يستحيل على الرجال تغير الوسائل. إما بحكم الغريزة، أو بحكم العادة، ولذا إذا عرض للحذر وقت يقتضى الإسراع فشل، وإذا استطاع رجل أن يُغير خُلقه حسبما تقتضيه الأحوال فهيهات أن يتبدل حظه.
ـ الحظ كالأنثى، لايغلبها إلا من يقهرها بالقوة، وهى تسلم ذاتها للأقوياء المندفعين وتبخل على الباردين المترددين، وهى صديقة الشباب لقلة حذرهم، ولكونه أقسى وأقوى وأجرأ من الشيوخ.

إنتهى التلخيص.