الخميس، مارس 01، 2018

على شاهين يكتب: ملخص كتاب (هروبي إلى الحُرية) لعلي عزت بيجوفتش




على شاهين يكتب: ملخص كتاب (هروبي إلى الحُرية) لعلي عزت بيجوفتش
نوع الكتاب : خواطر فكرية وأدبية وسيرة ذاتية
نُبذة عن الكاتب : علي عزت بيجوفتش (1925 - 2003) أول رئيس لدولة البوسنة والهرسك وناشط سياسى ومُفكر إسلامى. له العديد من الكُتب كـ(الإسلام بين الشرق والغرب) و(الإعلان الإسلامى) و(هروبي إلى الحرية). حاز العديد من الجوائز والتقديرات الدولية أشهرها (جائزة الملك فيصل العالمية فى خدمة الإسلام). وتُعتبر مؤلفاته الأكثر تداولاً بين القُراء.
المُترجم: للكتاب ترجمتان: (اسماعيل أبو بندورة) وهى ترجمة سيئة للغاية. والأُخرى ترجمة(محمد عبد الرؤوف) وهى ترجمة ممتازة.
- الكتاب مُتاح فى المكتبات وموجود بصيغة الـ بى دي أف.
أجواء الكتاب : الكتاب هو مجموعة خواطر حول الكُتب التى قرأها على بيجوفتش فى سجنه، وكذلك بعض الرسائل التى كانت تأتيه من العائلة. فى 1983 تمت محاكمته فى محكمة سرايفوا هو واثنى عشر من رفاقه بتهم عديدة، منها تنظيم زيارة للمؤتمر الاسلامى فى ايران، ونشر المبادئ الاسلامية الاصولية، ومحاولة لاستنساخ الثورة الإسلامية الايرانية فى البوسنة. وحُكم عليه بلسجن أربعة عشر عاماً. ثم خُفف الحكم بعدها إلى تسعة سنوات، ولكن سرعان ما أُفرج عنه بعد أن قضى خلف القضبان خمسة سنوات ونصف، نتيجة لتدهور أوضاعه الصحية. وفى هذا المُناخ كتب بيجوفتش تلك الخواطر والتى جمعها فيما بعد في كتاب (هروبي إلى الحرية) ونشره فى عام 1998.
الفصل الأول : عن الحياة والناس والحُرية.
 أبرز ما جاء فيه .
1 - الشخص اليقظ بين السكارى مضحك ومثير للسخرية؛ ففى مجتمع السكارى يكون السكارى هم الأغلبية التى تُحدد معيار الحالة السوية، ووسط هؤلاء يبدو اليقظ شاذاً.
2 - إننى أحتَمِل ما أحتَمِل لسببٍ واحد فقط، ولكنه كافٍ : لأن هذا مايتوجب عليّ فعله.
3 - لا أسوأ من اجتماع روح خاوية ومعدة ممتلئة. ولكن ماسر هذا؟ إن التفكير فى هذا الأمر قد يساهم فى فهمنا لحقيقة الإنسان أكثر من المناقشات الفلسفية العلمية العميقة حول هذا الموضوع.
4 - حين تكون فى السجن، لايكون لديك سوى رغبة واحدة : الحرية. فإذا مرضت، فإنك لاتفكر فى الحرية، وإنما فى الصحة. الصحة إذن أهم من الحرية.
5 - كان هناك رجلان يتقامران على سطح سفينة تايتنك وهى تغرق، وكان أحدهما يغشُّ الآخر. فى الحياة الحقيقية، الكثير من الناس يشبهون هذين الأثنين.
6 - فى العالم توجد الأشياء فى علاقات تكافل أكثر من كونها فى علاقات عِلَّيَّة. وبدلا من أن نرى الأشياء فى علاقة سبب ونتيجة، ينبغى أن نراها فى ارتباطها وعلاقتها التكافلية التضامنية.
7 - كثرة القراءة لاتجعلنا أكثر ذكاءاً. فبعض الناس يلتهمون الكتب من دون الوقفات الضرورية للتفكير، هذه الوقفات ضرورية من أجل (( هضم)) المقروء ومعالجته من اجل استيعابه وإدراكه. إن القراءة تقتضى إسهام القارئ فيما يقرأ، ويحتاج هذا إلى وقت، كالنحلة تُحوَّلُ الرحيق فى بطنها إلى عسل.
8 - توجد أماكن أكثر بؤساً وكآبة من المقابر، فالناس يذهبون إلى المقابر مُحمَّلين بالذكريات والمشاعر ويضعون الورود، ولذلك، لاينبغى أن تقول : كئيب مثل مقبرة. فالمقارنة خاطئة
9 -إذا كنتُ لا أستطيع أن أتحدث بحرية مع صديق ـ ومن الواضح أنني لا أستطيع، هكذا يُشير الحكم الصادر بحقي ـ وإذا انتفت الخصوصية تماماً؛ فنحن إذن في معسكر اعتقال. إن الأمر هنا ليس مجرد عنف عادي؛ إنه القضاء الكامل على الخصوصية، وهذه إحدى سمات معسكرات الاعتقال.
10 - ثمَّة بعض المُفارقات. فلو لم يوجد الليل، لحُرمنا من المشهد الرائع للسماء المُرصعة بالنجوم. وهكذا يُجردنا الضوء من ((الرؤية))، ويساعدنا الظلام على أن نرى.
11 - الكلمة التى تكشف الحقيقة، يُمكن استخدامها أيضاً لإخفائها
12 - يقول المَثَل: أن تتعامل مع ذكي شرير خير من أن تتعامل مع أحمق طيب. عِلَّةُ ذلك، على الأرجح ، أن الوغد الذكى تُحركّه المصلحة، ومن ثم يُمكن غالباً توقع تصرُفاته، عكس الأحمق الطيب، أى إنك مع الذكي الشرير تعرف أين تقف وماذا تتوقع.
13 - بين الحزن واللا مبالة، سأختار الحزن.
14 - الحزن مسألة تتعلق بالروح، وليس بالنفس، ولذلك كان دائما موضع اهتمام الفلاسفة والشعراء ورجال الدين، وليس الأطباء.
15- ((بئس العصر عصرنا، حيث أمكن تحطيم الذرة وتعذر تحطيم التحيز الأعمى)) ألبرت اينشتاين
16- يُتيح السجن للمرء أن يُدرك من الأمور مايُمكن وصفه بأنَّه((جوهري إلى حد الألم)).
17 - لم ألاحظ خلال فترة سجني أيّ هبوط فى رغبتي فى الحياة، لكنني كنت على وعي بأنني أجد الراحة فى تذكُّر أن الموت ليس بعيداً عمن فى عمري. كنت أجد فى هذه الفكرة راحة وسلوى، واحتفظت بها كَسرِ كبير.
18 - هناك أناس أحياء من الناحية البيولوجية فحسب، أما من الناحية الوجدانية والنفسية فهم في عداد الموتى. فالحي هو من تتَّقد روحه بالحياة.
19 - رغم ما في الموضة من مُبالغات كثيرة، بل وتفاهات، إلا أن لها وجهاً مُفيداً : إنها تُعبّر عن حاجة الفرد إلى أن يكون فرداً، أن يكون ((مختلفاً)).
20 - ليست القضية كيف يعيش المرءُ، بل لماذا يعيش.
21 - كُنت أشك فى إيماني أحياناً، بل كُنت أتساءل هل أنا مؤمن حقاً؟ إلا أن شيئاً واحداً كان مؤكداً : إنني أصبحت رجلاً مُسناً بالفعل، ومع ذلك لم يكن لدي كبير خوفٍ من الموت، ولم يخطر ببالي قط إنني سأموت بالفعل. كُنت مستغرقاً أكثر فى الخوف من المسئولية التى كانت تنتظرني، وعندها أدركتُ أن إيماني أقوى مما كنت أظن، وأن مثل هذا الشعور لا ينشأ إلا عن الإيمان بالله ، ولايحفظه إلا هو.
22 - هناك أُناس يُكدسون المعارف في عقولهم من دون أن تتسع رؤيتهم، فهذا الاتساع لا يتحقق إلا من خلال الأفكار.
23 - لايُمكنك أن تتخلى عن مبادئك، حتى وأنت ترى بوضوحٍ تام أنه لامكان لها فى الواقع. إنه موقف مأساوي.
24 - من الصعب أن تساعد إنساناً من دون أن تجرح كبرياءه، فكُل إنسان يُريد أن يكون مُعطياً لا آخذاً.
25 - الشرط الأول لأن يكون المرء إنساناً هو أن يمتلك (( أناه))، أن يكون واعياً بها، أن يدافع عنها، بغض النظر عما تعنيه هذه ((الأنا)). ولهذا أحياناً نحترم ونتابع باهتمام مسار البطل الشرير ومايؤول إليه، إذا كان مُتسقاً مع نفسه ومُستعداً لتحمُّل مايترتب على مواقفه من نتائج وعواقب.
26 - العدالة واحدة من بين أشياء قليلة لاتحتاج إلى برهان. مجرد السؤال عن الحاجة إلى العدالة يُبيَّن أنه من العبث الدخول في أي حوار أو تقديم تفسير حول هذا الأمر.
27 - البحث عن المتاعب ليس شجاعة، بل هو جنون. فالشجاعة هي استعداد الإنسان لأن يُواجهَ، بحكمة ، المتاعب التى لايُمكنه تجنُّبُها.
28 - لقد انقذتني هذه المحنة الكُبرى من مئات المحَن الصغرى التى كان من الممكن أن تأكلني وتستنزفني كل يوم بشكل منتظم شيئاً فشيئاً.
29 - انتقمت من الشدة التى ألَّمت بي فى حياتي المُبكرة بأن نسيتُها.
30 - ليس التحرُّك إلى الأمام ممكناً، ما لم يكن وراء يُرجَع إليه.
31 - فيما يتعلَّقُ بالأسئلة الكُبرى، تلك التى تدور حول الحياة والموت، خصوصاً الموت، نجد أن البعض لايتوقف عن طرحها، والبعض الأخر يتجنبها. الفريق الأول لم يجد إجابات لأنه لا توجد إجابة، والفريق الثاني لم يجد إيجابات لأنهم لايبحثون عن إجابات. للولهة الأولى تبدو النتيجة واحدة، إلا أن الفرق بين هذين الفريقين من الناس فرق هائل، تماماً كالفرق بين الحكمة والرعونة.

32 - إن عبارة (حياة أفضل) كشعار أو هدف هي شئ يُمكن أن يعمل الإنسان من اجله لا أن يموت من أجله. ويمكن للمرء أن يُكابد من أجل الارتفاع بـ(مستوى المعيشة) رغم أن هذا (الارتفاع) يكون أحياناً وهماً. فى الحقيقة ما هو ((أعلى)) هو شئ ينتمى إلى المستوى الذى تنتمى إليه أشياء مثل: الموت الحب ، الشرف، الحرية، الكرامة ، الفكرة ، إلخ. فالتضحية بالحياة عمل غير عقلاني، وشئ كهذا يُمكن أن يحدث فقط بدافع من المشاعر لا بدافع من العقل.
33 - لايُعرف الإنسان بآرائه، وإنما بمشاعره. قد يُغير الإنسان رأيه تماماً ويظل كما هو. يُمكن القول إننا نتبنى بعض الآراء معتقدين أنها سوف تُسهم بشكل أفضل في تحقيق ما انحازت إليه مشاعرنا أو ارتبطت به.
34 - يُمكن للمرء أن يتكلم عن معنى أو (لامعنى) المكابدة، وعن دورها فى حياة الإنسان وفي التاريخ، إلا أن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، وهو أن المُكابدة شئ نبيل، وتنشأ عن أمر نبيل.
35 - الإنسان دائماً لديه مخرج وقُدرة على تجاوز الظروف المُحيطة، وهنا تكمن عظمته.
36 - خلقنا الله منتصبي القامة، بخلاف الحيوانات. بيد أن كثيراً من الناس يقضون معظم حياتهم مُنْحَنيِن، بل زاحفين.
37 - هناك أُناس عاشوا حياتهم كما لو أنّهم مرُّوا بالعالم وعيونهم مُغلقة.
38 - لايُمكن الانتصار على العالم من خلال إنكاره، بل من خلال قبوله. قبول العالم هو الشرط الأولي لتغير العالم.
39 - لكل مايقوم به المرءُ في الحياة مايُسمى بقواعد اللعبة. اتبع القواعد أو ضعها بنفسك.
40 - لماذا نُقدَّر دائما السلوك الأخلاقي ونحتقر الوعظ الأخلاقي؟ لأن السلوك الأخلاقي فعل، اما الوعظ الأخلاقي فمجرد كلام. السلوك الذى تقوم به طلب إلى نفسك، أما الوعظ فهو طلب إلى الآخرين. ولهذا فالسلوك الأخلاقي شئ أخلاقي دائماً. اما الوعظ فهو غالباً زيف ورياء، وبالتالي فهو شئ لا أخلاقي.
41 - خلال رحلة علمية فى المحيط الهادئ على متن مركب خشبي. يُقال أن ثلاثة من طاقم الرحلة اصطادوا ذات ليلة سمكة لها ألوان خلابة، فأخذوها على الفور إلى العضو الرابع وكان عالم أحياء، أيقظوه من النوم وعرضوا عليه السمكة. فقال : (هذه السمكة لاجود لها) وعاد لنومه. الكثير من الناس يسلكون في الحياة مثل هذا الخبير.
42 - كتب الأديب توماس بيلي ألدرتش ذات مرة : إننا نبكي عندما نولد، لاعندما نموت.
43 - بدون الألم والمُكابدة، سنفتقد ذلك الشئ المهم الذى نُسميه المصداقية.
44 - قد تستطيعون إخفاء الماضي، أما الحاضر فلا.
45 - العلم لايُمدح أو يُلعن، بل يُستعمل. وليس العلم بأي حال حقيقة خالصة، كما يراه البعض أو يزعم، بل هو أحد السُبل إلى الحقيقة.
46 - كان نيتشه إنساناً حساساً ورقيق الشعور للغاية، ولم يكن على الإطلاق مثل (إنسانه الأعلى) السوبرمان. فَقَد نيتشه عقله وهو فى الرابعة والأربعين من عمره، ووفقاً لما ذكره كُتَّاب سيرة حياته، فإن السبب المباشر لهذا الأمر كان مشهداً وقع في ميدان تورين، فبعد أن غادر الفيلسوف شقته رأى سائق عربة يضرب حصانه بالسوط بلا رحمة،  فاقترب الفيلسوف من الحصان وعانقه بلطف وانخرط في البكاء، ثم سقط على الأرض. عاش نيتشه بعدها لمدة اثني عشر عاماً، إلا أنه لم يستعد عقله بعدها أبداً. نحن مانكونه بالفعل، وليس مانتوهم أو نتمنى أن نكونه.
47 - الصورة الكتابية اليابانية للفعل (يُفكر) تعنى (يكون حزيناً)، هل هذه صُدفة أم منطق خفي؟
48 - إن عصرنا هذا عصر صعب، لكنه مثير للغاية، قد نشكو من أنه كان قاسياً، ولكننا لن نشكو من أنه كان مُملاً. ربما أشعر بالأسف فقط لأنني لن أعيش حتى أرى نتيجة هذا كله. إنني أتحدث عن الموت، ولكن قد لاتكون هناك نتيجة ولا موت. فربما يكون الأمر مجرد أن تُغمض العيون التى طالما كانت ترى العالم، وهكذا بلا نهاية. إلهى... ما أعظمك! وما أعظم الكون الذى خلقته !
الفصل الثاني : عن الدين والأخلاق.
أبرز ما جاء فيه :
1 - الدين بطبيعته مسألة شخصية.
2 - إن العلم قد يستبعد الدين، ولكنه يعجز عن أن يحل محلّه.
3 - العالم مُعجزة حقيقية، غير أننا اعتدنا عليه.
4 - بصرف النظر عن التحفُّظات التي يُبديها الدين عند تعامله مع العالم، فليس اليأس والتشاؤم من الدين فى شئ. فما الكتاب المُقدس إلا ((بشارة)). والبشارة تُبدّد التشاؤم.
5 - يقول تولستوى : ((ألاّ تواجه الشر هو أمر ليس مهم فقط لأن الإنسان ينبغى عليه أن يسلك هكذا لمصلحته الخاصة، أي يبلغ الكمال، ولكن أيضاً لإن عدم مواجهة الشر بالمثل هو فقط مايُمكنه أن يمنع الشر، أن يمتصه داخله ولايسمح له أن ينتشر أكثر من ذلك)) في توضيح تولستوى هذا يُلفت الانتباه بشكل خاص أن عدم مواجهة الشر بالمثل يستوعب الشر، يا لها من فكرة مُثيرة!
6 -  الدين طفرة تعني خروج الإنسان من الحالة غير الإنسانية. ولكن بعكس التطور الدوري التدريجي والذى هو تطور موضوعي برَّاني، يكون الدين دائماً طفرة إنسانية جوَّانيَّة، أي إمكانيات ذاتية.
7 - يُقدس الناس دائماً شيئاً ما. ولايُمكنهم إلا أن يفعلوا ذلك. إذا لم يعبد الناس الصانع فسوف يعبدون الصنعة. إذا لم يخضعوا للخالق، فسوف يخضعون للمخلوق.
8 - ليس السحر من الدين في شئ. فالسحر إيمان الإنسان بقوى يُمكنه أن يقهرها، أي أن يجعلها خادمة له. أما الدين فهو إيمان الإنسان بقوة يخضع هو لها ويُطيعها. السحر هدف أو مصلحة دنيوية. أما الدين فيُريد ملكوتاً سماوياً أخروياً. السحر لايُشير على الأطلاق إلى قيمة الإنسان ولا خلوده فى عالم أخر ، فكل شئ هنا والأن على الأرض. أما الدين مأخوذاً بخلود الروح وخلاصها، فهو ينظر إلى مابعد هذا العالم.
9 - دُعيَ أحد المُصورين من مدينة (تولا) لالتقاط صورة فى مقر إقامة تولستوى. سأل المصور تولستوى : هل الله موجود؟ فسأله تولستوي إن كان قد رأى يوماً الميكروبات تحت الميكروسكوب، وأضاف : لو سألنا أحد الميكروبات هل يوجد مصور من مدينة تولا يُدعى رايفسكي، بم تعتقد أنه سيُجيب؟
10 - السمة التى تجعل الكتاب المُقدس مختلفاً للغاية عن كل الكتب السابقة عليه أو الكتب التى كانت موجودة قبل ظهوره ( وبالطبع أن أُشير إلى النص الأصلي) هي أصالته المطلقة. إنه شئ جديد تماماً، كأنه (نزل من السماء)، وهو كذلك في الحقيقة. وهناك شبه إجماع بشأن هذه السمة.

الفصل الثالث : خواطر سياسية
أبرز ماجاء فيه :
1 - في أوائل الخمسينيات من هذا القرن، كان رئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي بريطانياً، وكان يفصل فى النزاع بين بريطانيا وإيران. وفي هذا النزاع صوّت الرجل ضد بلده. غضب الشعب البريطاني لهذا الأمر، إلا أنهم لم يقولوا أن الرجل خائن لوطنه.
2 - عرَّف إريك فروم (الخلل المُقَنَّن اجتماعياً) بأنه حالة يُصبح فيها انحراف ما أو عمل همجي واضح أمراً طبيعياً، بل يُصبح جذاباً ومرغوباً فيه؛ إذ يكون المجتمع الذي يُقنَّنه منحرفاً وهمجياً فى الوقت ذاته. المثال الجيد على هذا هو الفرد العدواني عديم الضمير في مجتمع ذي طبيعة عسكرية واضحة (هذا الفرد " مُكيف جداً " ولن يُصاب باضطرابات عصبية أو نفسية)، أو وجود الإباحية والخيانة الزوجية فى مجتمع يؤيد (الثورة الجنسية) حيث تُعَدُّ الخيانة الزوجية فيه شيئاً عادياً مُثيراً للضحك، إلخ. أي أن ماهو مُقزز وبشع وشنيع يُصبح أمراً عادياً وطبيعياً.
3 - عندما أعلن الاتحاد السوفيتي أن يوم السبت عُطلة رسمية، زاد استهلاك المواد الكحولية بشكل سريع!
4 - علَّمنا هكسلي شيئين: أ- أن الطوبيا ممكنة، وهذا مكمن خطورتها، ب - أنه ليس كل الناس يُفضلون الحرية، وأنه ينبغى دعوتهم إلى الحرية أو تعليمهم أياها، تماماً كأي شيء سامٍ ونبيل. إن الحرية حالة تُغرَس وتُتعهَّد بالرعاية، وقد يتنازل عنها أكثر الناس بسهولة من أجل الأمن والمتعة، وهذا ما يؤكده تاريخ القرن العشرين.
5 - عندما نتحدث عن الحضارة الأوروبية، إذا ذهب بنا الحماس المُبالغ فيه بعيداً، فلنتذكر أن هذه الحضارة أنتجت أيضاً النازية والشيوعية. هذه الذكرى لا مفر منها.
6 - تسأل الأيديولوجيا كيف يعيش الناس ومِمَّ يعيشون؟ أم الدين فيسأل من هؤلاء الذين يعيشون؟ ولماذا يعيشون؟ لأن الايديولوجيا لا ترى بشراً على الإطلاق، بل ترى مخلوقات تعمل وتستهلك.
7 - لاتكمن الفوارق الحقيقية بين الناس والمجتمعات والانظمة السياسية في الأهداف، وإنما فى الوسائل. فلاتسأل كثيراً عن الأهداف، لإن الأهداف المُعلَنة ستكون دائماً نبيلة وصالحة، ولكن اسئل عن الوسائل أو راقبها. لن تخدعك هذه الطريقة أبداً
8 - خطوة واحدة تفصل بين عدم الفهم والعدوانية
9 - أحد قوانين البيروقراطية : من الأفضل ألا تفعل شيئاً، لإن الذي لايفعل شيئاً لا يرتكب أية أخطاء، ولايُمكن مُحاسبة المرء على ما لم يفعله. ولذلك فالبيروقراطية هي سبب بقاء الوضع كما هو، حيث تقف مناهضة لكل إبداع وابتكار.
10- تنطوي الديمقراطية، بطبيعتها، على إمكانية إساءة استعمالها. ومن يحاول أن ((يُعالج)) الديمقراطية من هذا الخطر، فإنه يقتل الديمقراطية ذاتها. ينبغي أن تُقبَل الحرية كما هي، بجميع مخاطرها. لا مجال هنا للاختيار.
11 - كلُّ قطعة موسيقية تُؤلَّف، يولد معها وعي جديد لدى الناس.
12 - هناك أُناس صالحون ليس بسبب الصلاح في ذاته، وإنما بسبب الحماقة أو الضعف. إنهم صالحون موضوعياً وليس ذاتياً. ولكن ، برغم أن هذا الصلاح ناتج عن ضيق الأُفق أو الجُبن وهو لذلك بلا قيمة أخلاقية حقيقية، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل قيمته الموضوعية، أي قيمته بالنسبة للآخرين. هؤلاء الناس ليسوا ضارين على الأقل. وإذا لم يكونوا نافعين أخلاقياً، فهم نافعون اجتماعياً، ولذلك لن يتجاهلهم أي سياسي يفهم الواقع. أما فى عالم يُقدَّم النوايا والدوافع على النتائج والعواقب، فلا قيمة لحياة هؤلاء. فهذان عالمان مختلفان: عالم الأخلاق والعالم الاجتماعي.
13 - هناك مُفارقة غريبة: بينما يصبح التردد على الكنائس فى الغرب أقل فأقلَّ، فإنها تمتلئ بالناس فى الشرق الاشتراكي. يرى علماء الاجتماع أن السبب في الحالتين هو وجود أزمة فى المؤسسات: فى الموسسات الدينية فى الغرب، وفي مؤسسات الدولة فى الشرق.
14 - إن إعاقة التعبير عن الرأي في حياة الفرد أو المجتمع لفترة طويلة يؤدي إلى تلاشي الرأي الخاص. كما أن الناس سيتجنَّبون تطوير الأفكار والمشاعر التى لن يستطيعوا التعبير عنها، أو التى ستُمثَّل عبئاً عليهم بل وخطراً. أخيراً، من الممكن تصور وجود بشر ليس لهم رأيّ، أما إلى أى درجة لايزالون بشراً فهذه مسألة أخرى.
15 - عملية التكيُّف هي أكبر سلب للـ(ذات) الإنسانية. وطالما أنك تُعبر عن رأي ما وأنت على وعيّ أنه رأي شخص أخر وأنه مفروض عليك، فما يزال فيك أمل.
16 - في انجلترا: ثورة صناعية، فى فرنسا: ثورة سياسية، في ألمانيا: ثورة فلسفية. ما قام به الانجليز والفرنسيون في ساحة الاقتصاد والسياسة، قام به الألمان في ساحة الفكر.
17 - صاغ جان جاك روسو شكلاً من الدين النظري الرسمى بناءاً على نظريته فى العقد الاجتماعي، وتضمن هذا الدين مبدأين أساسيين: الإيمان بالله، والإيمان بالآخرة حيث يوجد ثواب للاخيار وعقاب للاشرار. الفكر الاجتماعي لروسو غيَّر العالم، أما دينه فسرعان ما طواه النسيان، لأنه دين مُصطنع.
18 - لم يكن جوته مؤيداً للانقلابات العنيفة، وقد كتب فى مكان ما أنه ينبغي على الشعب أن يلجأ إلى ((الضغط)) وليس ((التعسف)).
19 - يوجد فى العالم نموذجان لمكافحة المخدرات : نموذج إعادة التأهيل والنموذج الجنائي. فى اعادة التأهيل، تحدث عمليه تعليم وتهذيب من جديد للمجرم ( الذى غالباً مايكون الزارع أو المنتج المُوزع أو المستهلك للمخدرات). في النموذج الجنائي يُعاقَب المجرم. ساد النموذج الأول نظرياً وعملياً لفترة طويلة. ولكن كانت النتائج ضعيفة جداً. مؤخراً، يُمكن ملاحظة انتشار المسلك العقابي في كل مكان فى العالم. ويؤيد مجموعة من الأمريكين المعروف عنهم أنهم ليبراليون تجريم حتى مجرد الاشتباه في تعاطي المخدرات. ويعتبر البعض أن هذا التغيُّر بمثابة اعتراف المجتمع بالهزيمة في هذه المعركة. وبشكل عام، فالدول المتخلَّفة هي الدول المنتجة فى المقام الأول، والدول المتقدمة هي الدول المستهلكة، ومن هنا ينشأ الاختلاف في النظر إلى للمشكلة.
20 - ليس الوطني الحقيقى هو من يرفع وطنه فوق الأوطان الأخرى، وإنما هو من يعمل حتى يكون وطنه أهلاً لهذا التمجيد، كما أنه يحرص على كرامة وطنه أكثر من حرصه على تمجيده.
21 - أثبتت التجربة في الدول الاشتراكية أن تأميم الاقتصاد يسير جنباً إلى جنب مع (تأميم) الحريات السياسية والشخصية.
22 - أودُّ أن أُدخل في مدارس الشرق الإسلامي كلها دروساً عن (التفكير النقدى). فالشرق، على خلاف الغرب، لم يُجرب هذه المدرسة القاسية، وهذا منشأ الكثير من مواطن ضعفه.
23 - في الاقتصاد، هناك ظاهرة واضحة : كلما زاد عنف الدولة كانت عُملتها أضعف، إلى أن ينهار كلاهما في النهاية.
24 - لا أريد مظاهر ديمقراطية، أريد ديمقراطية.
25 - سأل أحد الصحفيين لينين ما إذا كانت الثورة ستندلع في سويسرا أم لا، فأجابه لينين : من الصعب توقُّع شيء كهذا فى بلد فيه 3.5 مليون نسمة و 3800.000 حساب توفير.
26 - في السياسة ليس المهم ما هو كائن بالفعل، ما هو موجود، وإنما المهم هو مايعتقد الناس أنه موجود.
27 - ما الفرق بين رجل الدولة والسياسي؟ يقول تشرشل مُجيباً : رجل الدولة يُفكر فى الدولة، أما السياسي فيفكر فى الانتخابات القادمة.
28 - لا يُمكن أن يكون الإنسان مجرد وسيلة. كل استعمال للإنسان هو امتهان له.
29 - يُحبّون الحديث عن استقلال الدولة. ولكن يتحدثون على مضض عن استقلال المواطنين. هذا الاستقلال، الذي لاتوجد حرية بدونه، يُمكن قمعه (تدميره، سلبه، سحقه) عبر الإرهاب و(غسيل المخ). والنتيجة واحدة : إنسان عالة مقهور، قد يكون أيّ شئ إلا أن يكون مواطناً.
30 - ((فى البدء كانت الكلمة))، وقد كان الأمر هكذا دائماً : فالثورة الفرنسية (1789م) كانت قد سبقتها الثورة الفلسفية. فقد رحل هيوم فى 1776، ورحل جان جاك روسو في 1778 م. واكتملت طباعة الموسوعة( التى شارك فيها ديدرو، ودالامبير، وغيرهم) فى عام 1780، وظهر كتاب كانط (نقد العقل الخالص) فى 1781 م. فالأحداث السياسية الكبرى التى غيّرت العالم والتي بدأت مع الثورة الفرنسية، هذه الأحداث سبقها الفكر الإنسانى.
31 - ((تاريخ العالم هو محكمة العالم)) هذه المقولة لهيجل. والتى تُفيد أن قوة الأفكار والدول والحركات تُقيَّم على أساس مصيرها في تاريخ العالم، أي تجربتها فى التاريخ.
32 - أكثر أشكال العنف شيوعاً فى العالم هو العُنف العائلي. ورغم ذلك، فإن هذا العنف يظل غير مُكتَشف ودون عقاب، لإنه يحدث وراء جدران البيت ((الذي لاتُنتهك حرمته)) وفي الحياة الخاصة.
33 - لسنا منقسمين إلى أُناس أخيار وأُناس أشرار فحسب، ولكننا منقسمون إلى أخيار وأشرار في داخلنا. فالانقسام ليس بين الناس، وإنما في داخلهم. وهناك كذلك انقسام بين الناس إلى أخيار وأشرار. ولكنه انقسام ثانوي ناشئ عن قدر معين من التوازن بين الخير والشر داخل الإنسان. الانقسام الأساسي هو المتعلق بالخير والشر الموجود داخل الناس. ومن ثم فالصراع صراع ذاتي جواني، وليس صراعاً اجتماعياً برانياً.

الفصل الرابع : على هامش كتاب الإسلام بين الشرق والغرب.
أبرز ما جاء فيه :
1 - الفن لا تاريخ له، فهو لايعرف سوى (الأن). ولا وجود للزمان والمكان في الفن. يقول بيكاسو أنه أدرك دلالة فن الرسم ومغزاه من خلال تعرُّفه على الأقنعة القديمة التى صنعها نحَّاتو الخشب الأفارقة. كما أن جميع الفنانين المعاصرين له تقريباً استلهموا الأعمال الفنية التى أبدعتها الثقافات التى وجدت في افريقيا وأمريكا وأستراليا والجُزُر القريبة منها. ولايُمكن فهم الفن المُعاصر، بدون هذا الإلهام. وفي معرض (البدائية فى القرن العشرين) بنيويورك، كانت الأعمال الفنية الأوروبية الحديثة معروضة جنباً إلى جنب مع أعمال لفنانين مجهولين من مناطق الأقل تقدُّماً في العالم.
2 - أشار ديكارت إلى أن أي قضية تخضع للبحث ينبغى (تقسيمها إلى أجزاء كثيرة قدر الإمكان). وبهذا يكون ديكارت قد حدد جوهر المنهج العلمي. أما فى الفن، فكل شئ علَ العكس من ذلك تماماً.
3 - في مشهد الحج، ينعكس الأمل الإنساني الحقيقي فى المساواة. صحيح أن هذه المساواة لن تتحقق أبدأً بشكل كامل، إلا أنها ستظل دوماً جزءاً من الحلم الإنساني بعالم أفضل. إن الحج ضرب من الطوبيا، لحظة من الأخوة والمساواة العالمية.
4 - يقول فيروتشيو بوسوني : إن الموسيقى لاتتطور بمرور المراحل التاريخية. إنها دائماً شئ واحد كما هو، (وحدة تاريخية). ((يقصد أن جوهر الموسيقى هو الإيقاع واللحن الجميل، الذي يجب وجوده بصرف النظر عن الأداة الموسيقية المستخدمة. وبالتالي قد تتغير الآلات عبر التاريخ لكن يظل جوهرها واحد. التوضيح من عندي وليس من عند بيجوفتش)).
5 - لايُمكن للإنسان أن يرفض جسده، ولو أراد ذلك. فمن يرفض جسده يُصبح ضحية له. هذا هو قدر الإنسان.
6 - تُبيَّين المُقارنة بين الحرفة والفن أن الحرفة تستهدف المُستهلك، أما الفن فيستهدف المُشاهد أو المُستمتع. كما أن مُنتَّج الحرفي ذو قيمة استعمالية، أما الفن (فغرضه نفي الغرض). تستهدف الحرفة الجسد وتُلبى حاجة ما، بينما يستهدف الفن الروح ويُلبيّ نوعاً من الأشواق الروحية. الفن والحرفة، معاً، يعكسان ويؤكدان الطبيعة الازدواجية للإنسان.
7 - يُمكن لصورة جدتك أن تُثير الانفعالات فى نفسك فقط لأنك تبعث الحياة فيها بمشاعرك وذكرياتك، وقد يبقى الآخرون غير مُكترثين أو قد يتظاهرون بالاهتمام. ولكن لوحة رسمها فنان لجدتك ستُثير الانفعالات في كل من ينظر إليها؛ وذلك لأن اللوحة تُصوَّر الشخصية، الروح، وهي الجانب الذي يثير اهتمام الجميع.
8 - يكمن المعنى الآخر للحياة، المعنى الثقافي وليس الحضاري، فى الحياة الجوَّانية، في نوع من تنمية الوعي وتطهيره.
9 - يُقال إن الإنجيل والقرآن والبيان الشيوعي (أهم ثلاثة كُتب في تاريخ البشرية). ألا تتطابق هذه الكُتب الثلاثة مع رؤى العالم الثلاث الأساسية؟
10 - ثمة ظاهرة في الشعر الصيني تُعرف باسم عدم اكتمال القصائد الصينية. فمثلاً يقوم شاعر صيني (شعبي) مجهول بعمل مسودة شعرية، ويتعمَّد عدم اتمامها بهدف إشراك الجمهور في العمل. يترك الشاعر الفرصة للجمهور ليستخدموا خيالهم لإتمام الصورة، ومن ثم تُصبح التجربة شيئاً يخصُّهم بشكل حميم، فهو يدفعهم إلى الإبداع بدلاً من الاستمتاع أو التلقي بشكل سلبي، ومن ثم يصبحون هم أنفسهم شعراء.
11 - يُشارك المُستمع أو المُشاهد في إبداع العمل الفنّي دون أن يكون واعياً بهذا. إن استمتاعنا بالموسيقى هو في الحقيقة نوع من المشاركة. نحن (نُغني) بصوتنا الداخلي، و(نستمع) بأذننا الداخلية إلى المقطوعة الموسيقية التى لم نؤدها. بدون هذا السلوك الحي، يبقى العمل الفني مُهملاً، غير موجود.
12 - يوجد لدى الإنسان رفض فطري لتفسير العالم بطريقة عقلانية خالصة، وكذلك لديه ميل فطري لما هو مُلغِز وغير عقلاني.
13 – شعار  نيتشه (لقد مات الله) كان لابد أن يتبعه ـ وبمنطق قاسٍ ـ شعار فوكو (لقد مات الإنسان). وهكذا ، إذا لم يكن الله موجوداً، فالإنسان غير موجود. كلاً منهما مرتبط بالآخر.
14 - كل مانعرفه عن المصريين القُدماء يُظهر أنهم كانوا مهمومين بالأفكار حول الغاية من الحياة ومعنى الموت. لم يتغيَّر شئ فى الـ5000 سنة الماضية( يقصد بيجوفتش أن قضية المعنى من الحياة والموت لازلت محل بحث ونظر وتفسير كل الفلاسفة عبر التاريخ. ومن ثم هى قضية تمس روح الإنسان، بعكس العلم الذي يتطور ويتغير عبر العصور)
15 - الطوبيا شمولية بطبيعتها. فإلى جانب تنظيمها للعلاقات البرَّانية، تنطوي الطوبيا دائماً على محاولة تشكيل النفس الإنسانية.
16 -هل يستطيع الكومبيوتر يوماً ما، حتى فى أقصى درجات إتقانه، أن يُفكر بصورة مجازية؟ كيف يُمكنه التمييز بين المعنى الحرفي والمعنى المجازي للكلمة؟
17 - مازلنا حتى الآن ننفعل بقراءة ملحمة جلجامش التى ظلَّت ((مُعاصرة)) بعد مُضيّ 4000 عام على ظهورها.
18 - ما الثقافة إن لم تكن محاولة ترويض هذا الحيوان الذي يُسمى بالإنسان؟
19 - البشر متساوون، لكنهم ليسوا متطابقين. نحن متساوون أمام الله، ومتطابقون بالنسبة للطبيعة. نحن متساوون كأرواح (كأفراد)، ومتطابقون كأجساد(أو من الممكن أن نكون هكذا).
20 - يرى هيجل أن الفن أكثر حقيقية وأصالة من الحقيقة بمعناها المبتذل الدراج لإن الفن هو حقيقة مُجسدة ذات معنى. كما أن ((ارتقاء)) وعي البشرية عبر التاريخ يتحقق من خلال الفن والدين والفلسفة.
21 - كانت زوجة فيتولد غومبروفيتش ـ وكان مُصاباً بمرض خطير ـ تقول أن آلامه لم يكن يُخففها إلى حد ما سوى الحديث عن الفلسفة. الفلسفة كانت بالنسبة له نوعاً من المداواة.
22 - الروح ـ النفس. إن الاختلاف بينهما ليس فى التسمية، وإنما ثمَّة اختلاف جوهري. (النفس هي المُحصلة العلمية للسمات والملامح الشخصية، ويسرى عليها معايير الصحة والمرض، وليس معايير التزكية والخطيئة). أما الروح فلا تعرف المرض، تماماً كما لاتعرف النفس الخطيئة.
23 - إن ما جاء في مواضيع كثيرة فى القرآن الكريم من حثّ متكرر على التفكُّر والنظر وإعمال العقل، لايُمكن تفسيره إلا بأنه إيمان راسخ بأن شهادة الحواس والعقل لن تنقض إيمان الروح، ومن ثم ، وعند نقطة ما، عند أُفُقٍ ما ، لن يكون هناك صراع بين العلم القائم على الملاحظة والدين القائم على الوحي، بل ويُمكن لكل منهما أن يُعزَّز الآخر. هذا الأُفق هو ما أُسميه أفق الإسلام.
24 - يقول رامانا العظيم : الحكيم هو ذلك الذي يسكن في أقصى أعماق روحه فى كل لحظة. يُمَثّل الغرب والهند عموماً، قُطبين متضادين أو نموذجين مختلفين للتطلعات الإنسانية. ففي حين تحول الإنسان الغربي نحو العالم البَّراني. فقد تحول الإنسان الهندي نحو العالم الجواني، واكتشف عالماً لا نهائياً في أعماقه. يكفى أن يتأمل المرء فى علم اليوجا وسيكتسب شيئاً من تلك التجربة الفريدة.
25 - إذا قرأنا شرحاً للوحة ما أو مراجعة نقدية لها، سنلاحظ مفارقة غريبة : شرح مُعقَّد وعقلاني للغاية في مقابل بساطة اللوحة بل وسذاجتها أحياناً. ولذلك من الأفضل أن تُشاهد اللوحة وتحاول تفسيرها بنفسك. لايُمكن تفسير أي لوحة، والطريقة الوحيدة لفهم لوحة ما ـ هذا إذا كان من الممكن أن نفهمها ـ هي أن نُشاهدها.
26 - اكتشف نيوتن أن الجاذبية هي القانون الأساسي (أو القوة الأساسية) الذي يحكم العالم المادي. فما القانون الأساسي الذي يحكم العالم الأخلاقي؟ أعتقد أنه قانون الحرية. فالحرية في العالم الأخلاقي كالجاذبية فى العالم المادي.
27 - يستعصى الجانب المثالي من القانون ، أي فكرة العدالة، على كل محاولة لتعريفه. وأعتقد أن (شرييه) كان يقصد هذا عندما قال أن تعريف القانون (أمر فوق القانون بكل ما تحمله الكلمة من معنى).
28 - هل الفن مجرد إعادة إنتاج لهذا العالم الواقعي أم إنه يُبدع عالماً نسبياً آخر؟ يُعبَّر هذا السؤال عن جوهر الانقسام فى فلسفة الفن.
29 - تغيير الإنسان؛ هو الثورة التي قام بها الدين.
30 - وصف شخص ما المسيح بأنه ((الشخصية الأكثر صموداً في تاريخ البشرية)) وإنه لكذلك.
31 - كان كارل بوبر مُحقاً في قوله إنه لاتوجد فى نهاية المطاف سوى صورتين للدولة : الدولة التى يُمكن فيها إسقاط الحكومة بالانتخابات، والدولة التى لايُمكن فيها هذا. فإذا تشكلت السلطة بحيث يكون اسقاطها مستحيلاً نظرياً وعملياً ، فهي ديكتاتورية. وحتى لو لم تكن هكذا في البداية، فسوف تصبح هكذا بمرور الزمن. إن إمكانية إسقاط الحكومة أهم من قضية أي حزب سيكون الحزب الحاكم. وهي القضية التي تشغلنا كثيراً. كما أن كُل حكومة يُمكن استبدالها بغيرها ستعمل جاهدة على إرضاء شعبها، والعكس صحيح، فأي حكومة إذا لم يكن إسقاطها ممكناً، ستكون حكومة فاسدة، فليس مايدفعها لتكون حكومة نزيهة.
32 - تأثير المقالات النقدية يكون فى الغالب على شُهرة الكاتب ومبيعات كُتُبه، أي على وضعه المادي وليس على عمله الإبداعي. لايوجد تأثير للمراجعات النقدية على مسار الأدب وارتقائه أو الفن عموماً.
33 - كتب ماركس ( في شبابه على الأرجح) : ((نظراً لأن أصل الإنسان هو الإنسان ذاته)) كيف يتسنَّى لهذه العبارة المثالية أن تتوافق مع نظرياته المادية؟ الإجابة هي أن ماركس غير مُتَّسق مع نفسه، أو أن ماركس(الناضج) استخف بماركس الشاب وتخلّى عنه.


الفصل الخامس : الشيوعية والنازية؛ بعض الحقائق التى لاينبغي نسيانها :
أبرز ما جاء فيه :
1 - (لينين أكثر حياة من كل الأحياء) أو ( لينين أكثر إنسانية من كل البشر) يُمكن قراءة هذه الشعارات أو شعارات مشابهة في شتى أنحاء الاتحاد السوفيتي. ولاحقاً، يتغيّر الاسم إلى ستالين ثم خروتشوف ثم بريغنيف.
2 - تقول القاعدة : لأن تترك مائة مذنب بلا عقاب خير من معاقبة برئ واحد. ولكن لينين تبنى قاعدة مضادة : لايهم إطلاقاً أن تعاقب على الجريمة بقسوة زائدة، ولكن يجب ألا تترك جريمة واحدة بلا عقاب)
3 - واجهت أوروبا عام 1939م أصعب مُعضلة في تاريخها: أن تختار بين (شر فيه أمل) ((ستالين)) و شر لا أمل فيه (( النازية)). هكذا كان يبدو الأمر، ولكن على المستوى النظري فقط. فكلاهما كان شراً، وكلاهما كان ميؤساً منه.
4 - فيما يتعلق بحظر الكتب، ليست المشكلة الأكبر هي وجود قائمة بالكتب المحظورة، فالأسوأ من ذلك عندما لاتوجد مثل هذه القائمة، ومن ثم تُصبح جميع الكُتب، عدا تلك التى تُجاز رسمياً، أمَّا أنَّها مشبوهة أو محظورة، أي إنه توجد قائمة بالكتب المسموح بها بدلاً من أن توجد قائمة بالكتب المحظورة. إنها النزعة التدميرية في أقصى صورها التى مارسها الشيوعيون الصينيون فى الفترة ما بين 1966 و 1976.
5 - في معسكرات الاعتقال السوفيتية، كثيراً ما قام الناس بإلحاق الأذى بأنفسهم عمداً لكي ينالوا، ولو بشكل مؤقت، حق الدخول إلى المُستشفى، وبهذا يهربون من ظروف العمل التى لاتُطاق داخل المعسكر. ولكن بمجرد تكرار هذه الحالات بشكل كبير، اكتشفت السلطات مايحدث ولم تقبل إلا الإصابات المؤكدة. أما الحالات الأخرى كلها فكانت توصف باعتبارها ((إصابة مُتعمَّدة للنفس)) وبهذا اُعتبر اصحابها مُخربين وعوقبوا بعشر سنوات إضافية.
6 - تظل النازية والستالينية، بسبب معسكرات الاعتقال والأهوال الرهيبة، إدانة خطيرة موجهة ضد الحضارة الغربية. ومهما يكُن ما نُفكر فيه، إلا أن هذه الأساليب الرهيبة وهؤلاء الذين طبَّقوها. كل هذا كان أحد الاحتمالات الكامنة في هذه الحضارة. وهو الاحتمال الذي تحقق للأسف.
7 - يوجد الآن في إحدى أقدم كنائس مدينة ليننغراد (متحف الإلحاد).
8 - قال عالم البيولوجي السوفيتي تروفيم ليسينكو ذات مرة : نحن لانُنجب بشراً في الاتحاد السوفيتي، نحن نُنتج كائنات حية ثم نحولهم إلى طُهاة وأطباء وعمال صيانة ومهندسين إلخ إلخ. صدق أو لاتصدق، كان لسينكو فخوراً وهو يقول هذا الكلام.
9 - الاشتراكية تفاؤل بالإكراه.
10 - ماذا نقول عن دولة تنتهي الخلافات العلمية فيها بالنفي؟
11 - أعلن ماو تسي تونج صراحة أن الإرهاب هو قانون النظام الشيوعي، وأن الثورة الثقافية بحاجة إلى أن تتكرر كل عشرين عاماً لكى تحول دون شيخوخة المجتمع وإصابته بالشلل !
12 - وضع الشيوعيون مبدأ (التبرير الثورى) ((الانتهازية)) في مواجهة حكم القانون والشرعية، وهو المبدأ الذي تحولَّ إلى مُبرر للفوضى اللانهائية والاستبداد، لأن ماهو مُبَرَّر ثورياً في مرحلة ما يكون مُفََّبولاً لدى الزعماء الموجودين فى السُلطة. وكما هو معروف، فعند نقطة بعينها يكونوا قد انتهوا إلى أنه من المُبرر تدمير القضاء المُستقل وتدبير مُحاكمات هزلية وفرض رقابة على النُخب والثقافة واحتلال الشعوب واجبار الملايين على النزوح الجماعي.
13 - عندما عُرض فيلم ((توبة)) المناهض للشيوعية للمخرج (تنغيز أبولادزه) في جورجيا، أُجرى استطلاع رأي وكانت النتيجة أن الجمهور أشاد بالفيلم كثيراً وأثنى عليه. ومع ذلك كانت هناك استثناءات. فمن كان هؤلاء؟ يُجيب (أبولادزه) عن هذا السؤال فى إحدى حواراته متسائلاً : كان هناك 27 بالظبط من المُعترضين، وأغلبهم رجال قانون وقُضاة، وأعمارهم مابين الستين والسبعين عاماً. ألم يكن هؤلاء هم الذين يُرهبون الناس ويُعذبونهم، وهم الذين يكشفهم فيلمى؟)
14 - كانت طباعة واستيراد الكتاب المقدس محظورة في الاتحاد السوفيتي حتى عام 1988 م. ففي هذا العام، ولأول مرة، وبمناسبة مرور ألف عام على دخول المسيحية إلى روسيا، سُمح باستيراد 150.000 نسخة من الكتاب المُقدس مُهداة من جمعيات الكتاب المقدس الاسكندنافية. وحتى ذلك الحين كان الكتاب المقدس يُعَامل كأي سلعة محظورة، وكان يُعاقب على طباعته كأي جريمة تهريب أخرى، أي بمصادرة المضبوطات وغرامة قد تصل إلى السجن.
الفصل السادس : أفكار حول الإسلام : ملاحظات تاريخية وغيرها.
أبرز ما جاء فيه :
1- لقد بقينا حتى الآن نتحدث عن الخسائر والهزائم التى ألحَقَها بنا الآخرون. وحان الوقت لأن نبدأ الحديث عن الخسائر والهزائم التى ألحقناها نحن بأنفسنا، وستكون هذه بداية رُشْدنا.
2 - (العلم) و (الفقه) ، مفهومان متعارضان ولكنها متكاملان، وقد عُرفا منذ البدايات الأولى باعتبارهما وستيلتين لمعرفة الإسلام. أحدهما نوع من المعرفة المكتسبة المكتملة، والآخر عملية إبداعية مفتوحة. الأول هو العامل الموضوعي فى عملية المعرفة، والثاني هو العامل الذاتي.
3 - الخرافة تسير يداً بيد مع التخلّي عن الالتزام الأخلاقي؛ ذلك لأن الخرافة سخرية من العقل سرعان ما تتحول إلى سخرية من الأخلاق.
4 - فيما يتعلَّق بصحة الحديث، فليس السند هو مايُعوَّل عليه، بل الانسجام الكامل للحديث مع روح القرآن. على سبيل المثال، فإن الأحاديث التى توصى بالانسحاب من العالم ليست جديرة بالثقة، بغض النظر عن كونها وردت في أي كتاب من كتب الحديث. وفي مثل هذه الحالة لايجب إنكار الحديث من ناحية مصدره وسنده، ولكن ينبغي النظر إليه فى ضوء تفسير معتبر للقرآن، الذي هو المرجع الأوحد والأسمى.
5 - القرآن والإسلام أجلُّ من أن يُتركا للشيوخ فقط.
6 - تبدو عظمة الإسلام وسموهُّ على نحو لافت فى نقطة فى غاية الأهمية وهى تصوره عن الله. هذا التصور يُشبه السماء : بسيطة، إلا أنها فى الوقت ذاته عظيمة وهي مَعيّن لاينضب. في كل الأديان الكُبرى الأخرى كان هناك بعض الالتباس والاضطراب حول هذا الموضوع الأساسي.
7 - ليس هدفنا الإنسان المثالي، ولا حتى المجتمع المثالي. كُلّ ما نُريده هو أُناس أسوياء ومجتمع سوي.
8 - علينا ألا ننسى أن رسول الله محمد (ص) قد حارب المشركين، ولكنه تفاوض معهم أيضاً.
9 - لايوجد أدب متفائل جيد. وقد قيل : يعيش الأدب على الشر الموجود فى العالم.
10 - كان الهدف هو إيجاد مجتمع يجمع بين الانضباط الأخلاقي والحرية السياسية. هذه مُهمة صعبة ، ولكنها ممكنة، وأؤمن بأنها فكرة إسلامية فى الأصل.
11 - عندما أتأمَّل في الإسلام من بعض الجوانب، فلابدَّ أن أعترف بأن هناك شيئاً ما بدائياً وفطرياً فيه. ما أعنيه هو قُربُه والتصاقه بعناصر الحياة والواقع، ونفوره فى الوقت ذاته المن التكلُّف والافتعال والترف. إن الإسلام قريب من بعض حقائق الحياة لاتى لاتُعجب الشعراء المرضى أو الرومانتيكيين المضطربين، ولكنها تأسر قلوب وأرواح هؤلاء الذين : يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله.
12- بما أن فن النحت كان منبوذاً (أو حتى مُحرماً) في دائرة الثقافة الإسلامية، فيُمكننا أن نتصور أن طاقة الفن التشكيلي فى تلك الدائرة وُجَّهتْ نحو فن العمارة. ألا يُعدّ البناء فى النهاية، نوعاً من فن النحت؟
13 - جميع الثقافات المعروفة على مَرَّ التاريخ هى ثقافات أمم بعينها، أي ثقافات قومية : صينية ، يونانية ، رومانية ، هندية ، إلخ إلخ. ولكن هناك استثناءان ؛ الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية، اللتان تقومان على دينين عظيمين : الإسلام والمسيحية.
14 - أحياناً يبدو لي الإسلام، في مجموعه، وكأنَّه دعوة للإنسان أن يتمسك بفطرته، فلا يحاول أن يكون ملاكاً لأنه لايستطيع أن يكون كذلك، ولاينحط إلى مستوى الحيوان، لأنَّه يجب ألا يكون كذلك.

رسائل من ابنائي :
يحتوى هذا الفصل على بعض المقاطع من الرسائل التى كان يُرسلها ابناء بيجوفتش إلى أبيهم. ولِعلمْ المؤلف أن هذه الرسائل خصوصية بعض الشئ ، وقد لاتُفيد من يقرأها سواء من ناحية التأريخ أو من ناحية رصيدها الفكرى والثقافى ، أقتصر على عرض (بعض) الرسائل. وهي ـ بشكل عام ـ  سرد لتفاصيل الحياة اليومية العادية. تلك التى نُسميها روتين ومهامنا اليومية، والتى ربما تبعث على الملل عند سردها بالنسبة لنا، لكنها عَنتْ الكثير لمن حُرم من دفء العائلة، وحرية التصرف فى يومه.الرسالة من تلك (الرسائل) ، هى إظهار إلى أي مدى يُمكن لأبناء المسجون إرغام أنف الحياة وتجميدها بالحبر على الورق لتسريبها من تحت أبواب السجن ليشعر المُرسل إليه أنه حُر تماماً وأنه يجلس فى اريكتة مُحاطاً بعائلته. يسرد ابناء وبنات بيجوفتش (بكر وسبينا وليلى) حياتهم اليومية. ومن أنجب ومن سافر ومن أصابته وعكة ومن ومن إلخ إلخ. استوقفتني تلك الرسالة :
سابينا، 6 / 2 / 1984 
لا أُطيق الانتظار حتى انتهاء دورة الألعاب الأولمبية لكي يُسمح لنا بزيارتك. إنه شعور غريب لأننا نعوَّل كثيراً على هذه الزيارات، كما لو أن معجزة ستحدث فتجلس معنا في السيارة وتعود معنا إلى البيت. لذلك يكون الأمر صعباً للغاية حين نجلس في السيارة وحدنا ونتركك وراء تلك البوابات الضخمة. لايُمكنني الاعتياد على هذا، لن أقبله ولن أتفهمه أبداً. إن الأمر لايتعلق فقط وحصراً بالقلب، لأن عقلي أيضاً يرفضه. كل خلية منى تتمرد، وفي كل مرة استيقظ وأدرك هذا الأمر مرة أخرى لاأستطيع أن أصدق أنه يحدث، ولو كنتُ أملك قوة كافية لدمَّرت هذا العالم الذي نعيش فيه وإلا عدت إلى أحلامي حتى أنسى الواقع. غير أنّي لا أستطيع أن أقوم بهذا و لا ذاك، ومن ثم يتحتم عليّ أن أستيقظ وأعمل وأتناول الطعام وأتعايش مع العالم. إنني أبذل كل ما أملك من قوة لأتعايش مع العالم، ولكن مازلتُ أشعر أحياناً أن ما أملكه من قوة غير كافٍ. ولكن هناك أُناس وأحداث تلامني أحياناً بالأمل، وهكذا أقضى أيامي يوماً بعد آخر. كذلك أكون في غاية السعادة عندما يسألني أحدهم : هل تربطكِ صلة قرابة مع علي عزت بيجوفتش؟ فأقول : أنه أبي. هذا يجعلني فى غاية السعادة.  (انتهى التلخيص)