الأحد، يونيو 30، 2013

البيان رقم واحد





سألت صاحبى المتحمس للثورة الجديدة،  ترى من سيلقى البيان رقم واحد؟ فأجاب بقوله: لقد ألقى بالفعل يا عزيزي، ألم تسمعه؟! قلت له لا، فالبيانات كثيرة، ومتداخلة، فهل هو البيان الذي ألقاه عمرو موسى، أم الذي ألقاه حمدين، أم أنها الكلمة التى تحدث بها البرادعى؟!

-        لا، إنها كلمة تمرد، التى أعلنت فيها خطتها المستقبلية بعد رحيل الإخوان.
-   ياعزيزي هذا إعلان عما سيتم فعله، وهو بمثابة خارطة طريق لما سيفعلوه في المستقبل! وبدى لى أنه لا يعرف معنى البيان رقم واحد، فتطوعت لأشرح له معناه، فقلت:
 إن البيان رقم واحد لا يكون أبدا قبل قيام الثورة، بل يأتى بعد نجاحها، ومن يخطط لثورة لا يطلع أحدا عليها قبل شهر من قيامها، حتى لا يأخذ الطرف الثاني حذره، فيبطل مخططات الثائرين، وهو الأمر الذي يفعله الإخوان الآن!
قال لي صاحبي: إن هذه الثورة ستعصف بالإخوان جميعا أخ أخ، وأخت أخت، وستذهب بهم إلى زنقة التاريخ، وستعيد الوطن إلى مساره الصحيح!
قلت له: هل تصدق ما تقوله، وتعقله؟! أم أن الحماسة الثورية قد غيبتك عن المشهد وعن الواقع؟! وأخذت نفسا عميقا كي أشرح له ملابسات الأمر، فما يقوله صاحبي لا يعدوا عن كونه تفكير ساذج خلى عن كل أصول العقلانية!

قلت له: إن الملك فاروق قد ألقى بـ 48 ألف إخواني في المعتقلات، بعد أن قتل مرشدهم. وأن عبد الناصر قد فعل فيهم ما لم يفعله فرعون في بنى إسرائيل. والسادات استغلهم أسوأ استغلال! ومبارك لعب بهم كما يلعب الأطفال بالكرة الشراب! فكيف لمظاهرتين أو أكثر أن تعصف بهم أو حتى تحجمهم؟! إن جماعتهم قائمة على فكرة، تحولت إلى عقيدة، انتشرت في كل ربوع مصر، ليس لهم مكان محدد يعرفون به، منهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم القوي ومنهم الضعيف، منهم من جاور أخاه الإخواني، ومنهم من جاور العلماني والليبرالي، ومنهم من هو في مصر، ومنهم من هو خارجها!
قلت له: إن الإخوان ليسوا الحزب الوطنى الضعيف، الذي كانت عدد مقاراته أكبر من عدد أعضائه! وأنه لو حرقت جميع مقراته فسيعيدون بنائها من جديد، فهم قوم متعاونون، متحابون، يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة!
قلت له: إنكم تضيعون أوقاتكم، وأوقات البلد. وتهدرون أموالكم، وأموال الناس، وفوق كل هذا، تسيرون في الطريق الخطأ! وأما عن الطريق الصواب فأشرت له على الصندوق!

السبت، يونيو 29، 2013

آخر يوم!





النهاردة زي ما احنا عارفين هو آخر يوم في حكم مرسى والإخوان، وبكره ان شاء الله ها يجيلنا رئيس جديد، أنا بس حابب أقولكم حاجة بالمناسبة دي: ياريت كلنا نصبر شوية على الرئيس الجديد، ونديله فرصة يومين أو تلاته يفرح بالمنصب، مش عاوزين نقفله بسرعة من الرئاسة، إحنا عندنا وقت - شهر كامل- علشان نشيله فيه، فياريت ما نستعجلش.

والنهاردة آخر يوم لمرسى في القصر وأحب أقوله: إن دخول الحمام مش زي خروجه، ولازم تاخد معاك التلاته مليون إخواني اللي انت عينتهم في القصر، وياريت تعمل تشيك أوت على الساعة 12 الضهر، علشان الرئيس الجديد ها نعمله تشيك إن الساعة اتنين، وما تنساش متعلقاتك الشخصية اللي في الحمام، وإلا هنرميهملك في الزبالة!

أما بالنسبة للإخوان اللي في المحافظات البعيدة والمتطرفة؛ فأنا عارف إنه  من الصعب عليهم وعلينا إنهم يسافروا، كلهم  مرة واحدة، وفـ يوم واحد، للصومال ، فياريت يا جماعة نديهم فرصة، وخصوصا زي ما انتم عارفين إن عندنا أزمة في البنزين والسولار. مش مشكلة لما نستحملهم أسبوع كمان، وأهو كله بثوابه!

وياريت يا جماعة  ننسى كلمة فلول وكلمة ثوار، علشان دا بيقسم البلد، الفلول والثوار إيد واحدة، وكلنا مصريين، واللي مات مات، واللي اتسرق اتسرق، ويا باخت من بات مظلوم!
 وفيه حاجة كمان عاوز أفكركم بيها، قناة مصر25  لازم اسمها يتغير، ونخليه قناة 30 يونية، ومقرات الاخوان نستولى عليها وخصوصا مقر المقطم، إحنا ممكن نأجره بالساعة!

وبالمناسبة دي أحب أقول لخميس: ها توحشنا يا خميس !

22 مليون توقيع







أنا شخصيا مصدق إن حركة تمرد استطاعت في شهر واحد إنها تجمع 22 مليون توقيع، لأني ببساطة مضيت لهم على 16 ورقة لوحدي، ومحتفظ  بثلاثة  فاضيين في البيت! أنا بصراحة مكنتش بحب أكسف حد، إللى كنت بقابله في الشارع- سواء من حملة تمرد أو من حملة تجرد- كنت بامضيله على طول، بس كنت بغير اسمى الأولاني، يعنى لو هما راجعوا الاستمارات ها يلاقوا إن والدي عنده 16 ولد، كلهم مولودين في يوم واحد، وبيحملوا نفس رقم البطاقة!

أنا بحب أشجع اللعبة الحلوة، وياسلام لو كانت فيها فكرة جديدة، وبحب أكتر إن يكون فيه أخد وعطا، يعنى لما يكون فيه حركة زي حركة تمرد، ومايكونش فيه حركة غيرها أزعل قوى، عشان كدة فرحت لما لقيت حركة تجرد، أهو برده الواحد لما يزهق من تمرد يلاقي حد يتابعه!

تمرد حركة شبابية كلها شباب من اللي شاركوا في الثورة، بس كانوا مختفيين عن الأنظار وبيرتبوا للحظة دي من قبل الثورة الأولانية، أما تجرد فهما كمان كانوا مختفيين عن الأنظار في السجون، وبيرتبوا بردة للحظة دي، الاتنين طلعوا في الوقت المناسب، وهو دا سر نجاحهم!

أول امبارح دخلت في خناقة جامدة مع واحد صاحبي واخد موقف من تمرد، كان عاوز يفهمنى إن تمرد بتكدب، وبتبالغ في الأرقام، ومجمعتش غير 170 ألف توقيع بس، لدرجة إنه وراني خبر من بتاع الجرايد الصفرا اللي بيقول ان الهاكرز فتحوا موقع تمرد ولقوا فيه 170 ألف توقيع بس! ساعتها قلت له حرام عليك بطلوا كدب وافترا، وبطلوا تفتشوا في ضماير الناس، هما ناس بيقولوا احنا جمعنا 22 مليون توقيع، صدقوهم وخلاص.. كدا الدنيا تبقى بيس!

السؤال الوحيد اللي أنا معرفتش أرد عليه كان لما قالي: طب لما هما قدروا يجمعوا 22 مليون توقيع، خايفين ليه من الانتخابات البرلمانية؟؟!

الجمعة، يونيو 28، 2013

مرسي يكسب




عام مضى، احتد فيه الصراع، بين مرسى ومعارضيه، ظهرت فيه الأسلحة باختلاف أنواعها، تعالت فيه الأصوات، وملأ الدم الشوارع، وانقسم الناس بين مؤيد، ومعارض،  وأصبح المؤيد أعمى عما ينادي به المعارض، وصار المعارض يستحقر المؤيد، ويخرفنه، وينعته بالغباء، وزاد عليه بالتخلف!  ورد عليه المؤيد يكفره، ويخرجه من الملة، و يبعده عن الدين، واختلط الحابل بالنابل، واشتد الانقسام!

في هذا العام لم تغير المعارضة من استراتجيتها، المبنية على التشويه، والتحقير، والسب، والقذف، والحشد، والاختلاق لمن يختلف معها في الرأي، واستمرت في رفض أي حوار، قبل أن تتحقق لها كل المطالب. وكرست للانقسام، ودعت لإسقاط من فاز بانتخابات حرة نزيهة، فقط بعد شهر من انتخابه، ذلك بأن خرج عضو مجلس الشعب السابق "أبوحامد" ينادي بإسقاط مرسي، وبعودة الجيش للحكم، فلم يصدقه الناس، وانكشف أمر الرجل، ثم اختفى عن الأنظار، حيث صار كارتا محروقا، وتشكلت بعده جبهة سمت نفسها بجبهة الإنقاذ، اختلط فيها الثوري بالمتحفظ ، ثم انضم إليها أقطاب النظام القديم، وتوحدوا ضد الرئيس، وبدأو ينادون بإسقاطه، ونادوا بالتظاهر، فجاءت جميع المظاهرت مخيبة للآمال، بل ولم تكد تمر مظاهرة من دون أعمال عنف، وتخريب، وحرق، ونهب، وسلب، واستاء الناس - مؤيد ومعارض- من جماعات البلاك بلوك المحسوبة على جبهة الإنقاذ، ففكرت الجبهة في شئ جديد، فكان المتمردون، الذين بالغوا في الأرقام! وجربت الجبهة كل شئ إلا الحوار.

في هذا العام لم يستطع مرسي أن يحقق شيئا مما وعد به، فتضاعفت أكوام القمامة حتى ناطحت الجبال، وانعدم الانضباط في الشارع، واحتل الباعة الجائلون أرصفة الطرقات، واغتصب الفلاحون أراضيهم الزراعية فبنوا عليها، وبوروها، وانتشرت عصابات السيارات، والتهريب، وخاف الناس على أنفسهم أشد الخوف، وظهرت أزمات تلتها أزمات، إلا أن الرجل وجماعته ومؤيديه كانوا أكثر ذكاءا وحنكة من المعارضين، فتفرغوا للرد عليهم، وحبسوا أنفسهم لتفنيد الإشاعات، وتمسكنوا، فأظهروا للشعب كذب المعارضة، وبالغوا في القول بالمؤامرة، فتركوا مقراتهم تحرق من دون دفاع، ودفعوا بأعضائهم للمقطم وهم يعلمون بأن الفتنة على أشدها.

ثم في نهاية العام، خرج مرسى ليستعطف الناس تارة، ويرهبهم تارة أخرى، وسط تصفيق من مؤيديه، وخيبة أمل من معارضيه، ومؤشرات تدل على أن مرسي قد انتصر!   

الخميس، يونيو 27، 2013

الربيع العربي في برلين 165



 والتفت فإذا بي أجد سوزانا -المساعدة الأولى للنائب- تقف بالقرب منى، وقد أخذت في توزيع العصائر، والمشروبات على الحضور. سلمت عليها، ثم لم نمكث كثيرا حتى عدنا إلى القاعة، فعاد النواب لمناقشاتهم، وعدت إلى كمبيوتري! 


وامتدت الجلسة لساعة أخرى، خرجنا بعدها إلى النفق الذي يربط مباني البرلمان بعضها ببعض، وفيه توقف اشتيفان مرتان، المرة الأولى كانت أمام ماكينة الصارف الآلى ليحصل على نقود، والثانية أمام دفتر حضور وانصراف النواب كي يوقع فيه.
أخبرنى اشتيفان أنه على جميع النواب التوقيع في هذا الدفتر، ومن يتخلف يخصم من راتبه مائة يوروعن الجلسة الواحدة! ساعتها علمت لماذا ينام النواب في البرلمان!
 وواصلنا السير حتى انتهينا إلى مبنى يعقوب كايزر، فصعدنا درجات السلم حتى الطابق الأول فوق الأرضى، ثم انحرفنا إلى ممر طويل، فعرجنا منه إلى ممر أقصر منه، وأضيق، ثم إلى صالة كبيرة، خرجنا منها إلى ممر كله غرف، ومكاتب، ثم إلى مكتب اشتيفان! يا إلهى كيف لي أن أخرج من هنا وحدي!
ومكتب اشتيفان بسيط رائع، به ثلاث غرف، واحدة بها مكتب لاشيتفان، وأخرى بها مكتبين لسوزانا وهننج الأول، والثالثة لأنجيلا وهننج الثاني. وعلى حوائطه صور للأنشطة، والزيارات، والرحلات، التى قام بها اشتيفان ومساعديه، وعلى الأرفف المعلقة رصت العديد من الملفات والأوراق.
جلست قليلا على مكتب هننج الأول أمام سوزانا، التى لم يعوقها الحمل عن أداء عملها بهمة ونشاط، فكانت تقوم وتقعد، وتدخل وتخرج، وترد على الهاتف، وتجيب على أسئلة اشتيفان، وعلى استفسارات هننج الثاني!
ولم تكن هي وحدها من يعمل بجد ونشاط، فكانت أنجيلا منهمكة في شاشة الكمبيوتر، ودخلت على اشتيفان فإذا به مشغول أيضا.
التفت إلىّ اشتيفان، وسألنى عما إذا كنت جائعا، أم لا؟ فأجبته بنعم، فنادى على هننج الثاني لنذهب سويا إلى مطعم البرلمان!
في المطعم التقيت بأندريه اللبناني، ثم بالسيدة "أولا" مساعدة النائب بورنزن، فذكرتني بموعد حفل الليلة، فأخبرتها بأن لدي موعد آخر في نفس الوقت تقريبا

جعلتموه ديكتاتورا!




كنت قد اخترت لهذه المقالة عنوانا آخر غير هذا العنوان، ولكن بعد تفكير رأيت أنه قد لا يكون هو الأنسب، بل وقد يكون من الخطأ ذكره والإصرار عليه، ورأيت بتعديله من: "المعارضة تصنع الدكتاتور"، إلى "جعلتموه ديكتاتورا".
فللإنصاف، ليست المعارضة (!) وحدها  هي من تصنع الدكتاتور، بل أيضا هناك عوامل كثيرة تصنعه؛ فضعف الشعب، وقلة حيلته، وسلبيته تصنع بلا شك من أي حاكم  دكتاتور. والمؤيدون أيضا يصنعون الدكتاتور بتهليلهم، وكثرة مديحهم، ومبالغتهم في التأييد، سواء أصاب الحاكم أم أخطأ.
أما عن المعارضة التى ابتلانا الله بها، فهي التى ستصنع من مرسي دكتاتورا- وأراها نجحت في هذا الأمر- تلك المعارضة التى بدت معارضتها تافهة، وسطحية، وغير موضوعية، ومنحازة.
تلك المعارضة التى تتصيد الأخطاء، وتتصدر للتوافه، وتتخذ من السباب والشتائم وسيلة لها، لأنها ببساطة لا تملك البديل الحقيقي على أرض الواقع.
 تلك المعارضة التى تسعى بمعارضتها للإسقاط، والإقصاء، حتى تقفز هي على السلطة، فتتآمر مع الفاسدين، وتنبطح للفلول، وتدعو لعودة النظام القديم!
تلك المعارضة التى لم يكد يمر أسبوعا واحدا على تولي مرسى السلطة، حتى بدأت تتربص به، وتفتش عن نواياه، وتفسرها حسب أهوائها!
تلك المعارضة التى  خرجت بعد ضرب غزة تندد بسكوت مرسي، وتتهمه بأنه كان يتاجر بالقضية الفلسطينة، فلما تدخل ووضع حدا للعدوان خرجوا ليهاجموه، ويتهموه بأنه ينشغل بغزة أكثر من مصر!
تلك المعارضة التى نادت بعزل الفاسدين، فلما عزلهم مرسى نددوا بما فعله، واتهموه بالاستحواذ، والدكتاتورية، وأخونة الدولة!
تلك المعارضة التى اختلقت عليه كثيرا من الشائعات، فما لبثت الأيام أن تثبت لنا كذبها، واختلاقها!
تلك المعارضة التى ستجعل منه حتما ديكتاتورا، لن ينظر إليها إذا تكلمت، فقد جربها مرات ومرات. ولن يستمع إليها إذا تحدثت، فقد سئم من حديثها!

تلك المعارضة التى ستعيد علينا المحاكمات العسكرية للمدنيين، بسبب تطاولها على القوات المسلحة، وقائدها الأعلى - مرسي-، الأمر الذي ذكره مرسى بالأمس  في خطابه الطويل، ولم ينتبه إليه الكثيرون، بل وكعادتهم استمسكوا بالهيافات والتفاهات وعادوا لسيرتهم الأولى!

إنكم من ستجعلوه دكتاتورا يتعاطف معه الناس، ويؤيدونه، ويدكترونه (يزيدون من ديكتاتوريته)، وسنعود معكم إلى المربع الصفر، فكلنا في مركب واحد تريدون إغراقه!!!

الأربعاء، يونيو 26، 2013

إلى رئيس شهر يوليو



سيدي الرئيس:  بعد أن تتسلم مقاليد أمور الحكم، في الأول من يوليو القادم، خلفا للرئيس مرسي، الذي سيرحل مساء الثلاثين من شهر يونية الحالي،  أنصحك - ولوجه الله- بما يلى:-
أولا:- لا تصدر أي قرارات.. لأن المعارضة سوف تعارضها من باب معارضة الشئ أولى من السكوت عنه، والمؤيدون سوف يؤيدون من باب تأييد الشئ قبل معارضته!
ثانيا:- لا تتحدث للشعب، لأن باسم يوسف مش ها يسيبك!
ثالثا:- لا تذكر أهلك ولا عشيرتك، ولا تتحدث عن أي أصابع أو أي أيادٍ من دون أن تأتي بالدليل!
رابعا:- لا تصدر أي إعلانات دستورية، ولا قرارات، لأن المحكمة الدستورية سوف تبطلها جميعها!
خامسا:- كل ما مضى من نصائح كان مجرد استهلال فكاهي الغرض منه جذب سيادتك للانشكاح ثم يؤهلك للتركيز فيما سيأتي ذكره!

سيدي الرئيس (بجد):

بلا أدنى شك  فسوف تواجهك أزمات اقتصادية طاحنة، على رأسها أزمة فى السولار، وأزمة في البنزين، وأزمة في الخبز، وأزمة في الضمير ... إلخ.  فما عليك إلا أن توعى الشعب وتدربه على كيفية التعامل مع الأزمات، عليك أن توجه الإعلام بأن يملأ الدنيا توعية، الشعب يحتاج التوعية، علم الشعب ماذا يفعل عندما يقل البنزين، وماذا يفعل عند عدم وجود السولار، قل له بأنه جزء من المشكلة، وأيضا سبب رئيسي في حل المشكلة! ازرع فيه الثقة بأن المشكلة ستحل على وجه السرعة، اسهر معه في مشكلته، وابعث إليه بالمسؤلين، ثم اشرح لهم سبب المشكلة!
سيدي الرئيس: اعتبر بمن سبقك واحترم الدستور، فمن سبقوك جميعهم بما فيهم الرئيس مرسي لم يحترموا الدستور الذي أشرفوا على كتابته! احترم أنت الدستور وأعلم أن عملك أساسه المراقبة، طبق القانون بكل حزم، حاسب المخطئين، واردع المعتدين. اذجر المتطاولين، وقف في وجه مروجي الشائعات، والأفاقين الكاذبين!  

سيدي الرئيس: لا تهتم بالجولات الخارجية، اصلح داخلك أولا، وانزل إلى الناس في السر والعلانية، وكن لهم القدوة، ولا تنه عن أمر وتأتي بمثله!

سيدي الرئيس: مهمتك صعبة، في مدة قصيرة (شهر على الأكثر)، فكن خير سلف لأي خلف!

الثلاثاء، يونيو 25، 2013

أنا حزين!


أنا حزين! بهذه الجملة بدأت كلمتى التى ألقيتها اليوم في جمع من الباحثين المعينين بمجلس الشعب، والمنوط بهم مساعدة النواب من خلال جمع المعلومات، وكتابة وتقديم مشروعات القوانين. قلت لهم أنا حزين لأني دخلت البرلمان الألماني قبل أن أدخل برلمان بلدي!
قلت لهم أيضا بأنني حزين على برلمان بلدي، وبدأت أفصح لهم عن سبب حزني هذا:-
فعندما زرت ألمانيا وجدت البرلمان الألماني عبارة عن معلم سياحي قبل أن يكون معلم سياسي؛ فالملايين يزورون قبته كل عام مجانا، لا فرق بين ألالمان وغيرهم، الجميع لهم الحق في الدخول، وبإمكانهم مشاهدة الجلسات، والاستماع لما يدار فيها، الأمر الذي يكرس لفكرة الشفافية، ويرفعها من مجرد كلمة يتشدق بها الساسة، إلى عمل يفتخر به النواب.
قلت لهم بأن النواب الألمان لهم الحق في دعوة خمسين فردا من دوائرهم الانتخابية لزيارة البرلمان كل عام مجانا، مع الحصول على وجبة في مطعم البرلمان!
قلت لهم بأن البرلمان الألماني يدعو طلاب المدارس لزيارته، ويقوم بتدريبهم على عمل محاكات للجلسات البرلمانية، وكيفية سن القوانين، وكيفية عقد اللجان!
قلت لهم بأن البرلمان الألماني يسمح للراغبين في معرفة الديموقراطية وتعلمها بملازمة أحد النواب لمدة ستة أشهر بأجر!
فأين نحن من البرلمان الألماني؟!
إن برلماننا أقدم من برلمانهم، وديموقراطيتنا أقدم من ديموقراطيتهم! إن أحدنا كان قبل الثورة لا يجرؤ أن يمشى من أمام مجلس الشعب إلا مهرولا، وبعد الثورة لا يستطيع أحدنا أن يمشى من أمامه لأن الشارع لا يزال مغلقا! 
إن هذه القضية ستظل شغلى الشاغل حتى يفتح مجلس الشعب أبوابه لأبناء الشعب، وحتى يعرف الشعب ما يدور داخل مجلس الشعب!


الاثنين، يونيو 24، 2013

الربيع العربي في برلين 164




 ثم دارت الجلسة، ودارت معها النقاشات، ولكن بطريقة أوسع وأعمق، وبشئ من التفصيل، وما لفت انتباهي وأعجبنى في هذا الاجتماع هو أن تحدث عضو من الحزب إلى الحضور عبر الفيديو كونفرانس، ساعتها حمدت الله أن أمد في عمرى كي أعيش هذه اللحظة لأستمتع بما أنتجته البشرية من تكنولوجيا!
ولا أكتم سرا إذ قلت بأنني انشغلت عما دار في الاجتماع من نقاشات، أو إن شئت فقل شغلت نفسى، فلم يكن حديثهم بالممتع، ولم أكن على استعداد للتركيز، أو ربما بهرتنى هذه القاعة وما بها من إمكانيات، فهي قاعة دائرية كبيرة، بها مقاعد رئيسية للنواب ومقاعد خلفية للمساعدين، وبها صالة علوية لوسائل الإعلام المختلفة، وبها إمكانية التحدث عبر الفيديو كونفرانس!
في الثانية عشر ظهرا كان الفاصل الأول (استراحة)، فرحت به كثيرا، فخرجت مسرعا إلى البهو الكبير أستنشق فيه بعضا من الهواء النقي، وشاهدت رامز يجري خلف نائبه، فاستوقفته وسلمت عليه، ثم استدرت فوجدت اشتيفان يناديني!
 قال لى هيا تعالى معي، فهناك حفل صغير، فيه نتناول بعض من المشروبات احتفالا بأعياد ميلادنا، ثم مد يده وأعطاني كأسا من عصير البرتقال، وأخذ يشرب من كأس به خمر.
 سألني اشتيفان عما إذا كنت أجد صعوبة في فهم ما يقال، لاسيما وأن المناقشات تدور حول موضوع متخصص، لاشك في أن مفرداته صعبة. فأجبته بأن الأمور تسير معي على مايرام، وواصلت حديثي معه بقولى: بالطبع لم أستطع فهم كل شئ، إلا أنني درت بخيالي معكم حول الموضوع، ثم سألته سؤالا ألح علي أثناء المناقشات:
إن الأحزاب عندنا في مصر تجتمع في مقراتها لتصنع قراراتها ثم تأخذ ما قررته وتتجه به إلى البرلمان، وقد رأيتكم اليوم قد اجتمعتم هنا في اجتماعين، كلاهما يخص حزب الخضر دون غيره، فلماذا لم تجتمعوا في مقر حزبكم؟  وكان جوابه : " لقد جهز البرلمان لنا ولجميع الأحزاب  كل شئ، ومنحنا حق الاجتماع في قاعاته، ليسهل علينا الاجتماع وليوفر علينا الوقت والمجهود، لاسيما ونحن الآن بجوار مكاتبنا! ولم أجد ما أرد به عليه سوى أن قلت " عظيمة يا ألمانيا"

الأحد، يونيو 23، 2013

احترس... تصريحاتك ترجع إلى الخلف!






ان كنت ناسي أفكرك!

فاكر لما قعدت تقول إن بعد يوم 6/30 مش ها تشوفوا أي إخواني خروف في الشارع! فاكر لما كنت بتقول إن يوم 6/30  هايكون نهاية الإسلاميين مش بس في مصر، لأ، وكمان في تونس وتركيا ( كويس إنك موسعتهاش قوي وقلت في السعودية كمان!)
فاكر لما قلت احنا خلاص جهزنا كل حاجة وجمعنا العدد، وحصرنا عدد الإخوان في القاهرة والجيزة، وها نقبض عليهم واحد واحد، وإن مرسى ها يهرب للسودان، وإن البلتاجي خلاص حجز تذكرته للصومال!
فاكر لما قعدت تهري في نفسك وتحلم ببلد خالي من الإخوان، ومفيهوش إلا حضرتك والمتوافقين مع أفكارك!
أكيد انت فاكر، وأكيد انت عاوز تقول أكتر من كده، وبتحلم بأكتر من كده كمان، بس اللي وقف سيادتك عن الكلام، ومنع عنك الأحلام، وخلاك تتراجع شوية عن تصريحاتك العنترية، وخطبك المأفورة، وبدأت تقول إن يوم 6/30 لن يكون آخر المطاف، وستكون هناك مظاهرات مستمرة، وسنواصل المسيرة، وسنواصل الجهاد، وسنواصل التخبط! إللي خلاك تتراجع عن كلامك دا هو إن الناس نزلت يوم الجمعة اللي فاتت! الناس دي نزلت عشان تقول لسيادتك: إصح ياعم فيه ناس غيرك في البلد! فيه ناس هاتدافع مش بس عن اختيارها، لأ ، ها تدافع كمان عن حقها في العيش في هذا البلد! ولما سيادتك شوفت العدد ( إللى أساسا لا يعبر عن الحقيقة وكان مجرد مسح زور)، اتخضيت في البداية، بس غرورك سرعان ما رجعك، وبدأت تشكك في الأعداد، وبدأت تمنى نفسك بإن العدد اللي هاينزل ها يكون أكبر منه أضعاف مضاعفة، وإن، وإن.. وانت عارف انك بتغالط نفسك وعارف الحقيقة!

أنا عارف إن كلامي بيوجعك، وعارف إنك دلوقتي مقفول منى، ومن كلامي، ومش عاوز كمان تكمل قراءة، بس إنت اللي وصلتنى للدرجة دي، وخليتنى مش متعاطف معاك خالص، ليه؟ ها أقولك ليه:

انت عارف لو انت نازل علشان تنادي بالتطهير، وتنادي باستكمال مطالب الثورة، ونازل ضد الغلاء، وضد الفساد، وضد القرارات العشوائية، والتعينات الخطأ اللى على أساس الثقة لا الكفاءة، كنت ها أكون معاك.
لو انت نازل علشان الأزمات الاقتصادية، وقلة البنزين، وشح السولار كنت ها أكون معاك!
لو انت نازل علشان عودة الأمن، والحد من البطالة، وفتح مصانع جديدة ها أكون معاك!
لو انت نازل علشان تعارض بسلمية ، وتنادي بتصحيح المسار ها أكون معاك!
 إنما انت نازل عشان الإقصاء، علشان تقصي الإخوان والإسلاميين من المشهد، وتستولى إنت على المشهد! عشان عاوز تفرض نفسك بالقوة، وعشان تعمل انقلاب على رئيس منتخب!
انت نازل علشان ترجع لنا العسكر، وترجع لنا الفلول واللي سرقونا ونهبونا!
أسف أنا مش معاك!

السبت، يونيو 22، 2013

يوم عُزِلَ سعد!





شكى نفر من أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب فقـالوا إنًه لا يحسن يصلى. فقال سعد : أمّـا أنا، فإنّي كنت أصلي بهـم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخْرم عنها ، أركــد في الأوليين، وأحذف في الأخرين.  قال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، ثم بعث رجالآ يسألون عنه في مجــالس الكوفـة، فكانوا لا يأتون مجلسآ إلا أثنو عليه خيــرآ، حتى أتوا مسجدآ من مساجدهـم، فسألوا رجلا يقال له "أبو سعدة" .فقال: اللًهم إذا سألتمونا عنه، فإنّه كان لا يعـدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية.  فقال سعـد: اللّهم إن كان كذابآ، فأعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن ( وكان سعد مستجاب الدعوة ببركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم له).
 ومضت السنون وروى أحدهم أنه رأى أبو سعدة يتعرض للإمـاء في السكك والطرقات وهو شيخ  قد بلغ من العمر عتيآ، فقيل له: كيف أنت يا أبو سعدة؟ فقال: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد.

**************

وهكذا تم عزل سعد بأمر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضوخا لرغبة نفر من أهل الكوفة، ونزولا على مطلبهم! ثم عٌيين بعده عمار بن ياسر، فشكى أهل الكوفة عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب، وقالوا في عمار بن ياسرأنه ليس خبيرًا بشئون الولاية، ولا يدري علام استعمله عمر، وطلبوا من عمر بتعيين أبو موسى الأشعري الذي كان آنذاك واليا على البصرة ليصبح واليا على الكوفة أيضا، فنزل عمر بن الخطاب لطلبهم، وعزل عمار بن ياسر درءا للفتنة، وعين بدلا منه أبا موسى الأشعري رضي الله عنهم جميعا!
ولم يمض عام حتى اشتكى أهل الكوفة من أبى موسى الأشعري وطالبوا أمير المؤمين عمر بتغيره فاستجاب لهم وبعث عليهم بالمغيرة بن شعبة! وهكذا ظل أهل الكوفة لا يرضون بحاكم، كلما أتاهم أمير شكوه، وانقلبوا عليه، وغدروا به، وعصوه، وحدث ذلك أيضا في زمن عثمان بن عفان حيث شكى له أهل البصرة أبا موسى الأشعري فعزله عثمان، وعين مكانه عبد الله بن عامر.
 وظل حال أهل الكوفة على هذا المنوال، كلما أتاهم حاكم تمردوا عليه واخترعوا له عيبا، ومن ثم خلعوه، حتى ابتلاهم الله بالحجاج بن يوسف الثقفى، فلما قدم عليهم خطب فيهم قائلا: يا أهل العراق! إني لا أعرف قدر اجتماعكم إلا اجتمعتم، قال رجل: نعم- أصلحك الله- فسكت هنيهة لا يتكلم، فقالوا: ما يمنعه من الكلام إلا العي والحصر، فقام فحدر لثامه، وقال: يا أهل العراق! أنا الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود.

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا  ***  متى أضع العمامة تعرفوني

أما و الله فإني لأحمل الشر بثقله، و أحذوه بنعله، و أجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى. ثم قال: والله يا أهل العراق، إن أمير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين يديه، فعجم عيدانها عوداً عوداً، فوجدني أمرّها عوداً، وأشدها مكساً، فوجهني إليكم، ورماكم بي.
 يا أهل العراق، يا أهل النفاق، والشقاق، ومساوئ الأخلاق، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مناخ الضلال، وسننتم سنن العي، وأيم الله لألحونكم لحو العود، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، إني والله لا أحلق إلا فريت، ولا أعد إلا وفيت، إياي وهذه الزرافات، وقال وما يقول، وكان وما يكون، وما أنتم وذاك؟.
 يا أهل العراق! إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرتم بأنعم الله، فأتاها وعيد القرى من ربها، فاستوسقوا واعتدلوا، ولا تميلوا، واسمعوا وأطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا أنه ليس مني الإكثار والإبذار والأهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، إنما هو انتضاء هذا السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم، وصغركم، ثم إني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من الفجور، ووجدت الفجور في النار، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمير المؤمنين، وقد أمرت لكم بذلك، وأجلتكم ثلاثة أيام، وأعطيت الله عهداً يؤاخذني به، ويستوفيه مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه. ولينهبن ماله. اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام:
فقال القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله، فسكتوا فقال الحجاج من فوق المنبر: "أسكت يا غلام"، فسكت، فقال:" يا أهل الشقاق، ويا أهل النفاق ومساوئ الأخلاق. يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون السلام؟ هذا أدب ابن أبيه؟ والله لئن بقيت لكم لأؤدبنكم أدباً سوى أدب ابن أبيه، ولتستقيمن لي أو لأجعلن لكل امرئ منكم في جسده وفي نفسه شغلاً، اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام"، فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم فلما بلغ إلى موضع السلام صاحوا وعلى أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته، فأنهاه ودخل قصر الإمارة ."

من لم يرض بسعد حاكما ابتلاه الله بالحجاج! وكما قال الشاعر:-

من لم يطق سعداً يسوس بلاده      ساس البلاد مكانه الحجــــاج
نشر الفساد وراح يقتل شعبـه      وتتابعت في ظلمه الأمــــــواج
هو لا يفرق بين قـــوم أيـــدوا     أو عارضوا سعداً...ولا يحتاج
يا من أبيتم حكم سعدٍ فاحذروا      لله بين عبـــادة استــــــــدراج(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأبيات للشاعر : على عبد السميع

الجمعة، يونيو 21، 2013

الربيع العربي في برلين 163




عدت فوجدت أنجيلا تقف أمام باب القاعة تحمل حقيبتى، ففهمت أنهم قد انتهوا من الاجتماع! أردت أن أستنطقها فسألتها: هل انتهى الاجتماع؟ هزت رأسها بما يعنى: نعم! فقلت لها وإلى أين الآن؟ قالت: سأذهب معك حيث ذهب اشتيفان!
نزلنا للطابق الأرضى فأدخلتنى في قاعة كبيرة دائرية وأشارت إلى المكان الذي يجلس فيه اشتيفان ثم قالت: إذهب إليه!
 كان اشتيفان يتحدث مع زميلة له من حزب الخضر، ولم أشأ أن أقطع حديثهما فجلست من خلفه، ثم وقعت عيناي على تلك الفتاة صاحبة العربة التى تضع عليها الأطعمة والمشروبات! ووجدتها فرصة جيدة؛ فلأذهبن إليها ولأشترين منها كوبا من القهوة، وياحبذا لو وجدت معها ساندوتش فول!
وقفت في الطابور خلف ثلاثة من النواب وجاء اشتيفان ليقف خلفي، ثم مال علىّ ليسألنى: رأيتك وقد خرجت مرتين من الاجتماع، فهل في الأمر شئ؟! قلت له لا، كل شئ على ما يرام، فقط ذهبت إلى الحمام!
وافتتحت الجلسة، وسمعت صوت امرأة ترحب بالحضور، ثم قالت: "اليوم هو أول اجتماع بعد الإجازة السنوية، وكما تعلمون فقد كانت في هذا الشهر خمس أعياد للميلاد لخمسة من زملائكم النواب، وعَدّت من بينهم النائب اشتيفان! وصفق الجميع مهنئين!
أعجبتنى كثيرا هذه اللمسة الإنسانية، فما ينبغي أبدا أن يكون العمل مجرد وقت جاف خال من الجوانب الإنسانية والاجتماعية، وما ينبغى أبدا أن يكون وقت العمل عبارة عن أوراق وأقلام، وأوامر ونواهي، وحضور وانصراف، فنحن بشر، وأي عمل نعمله هو من أجل بقائنا ولصالح بشريتنا، وهذا ما يفعله الألمان.. أما  في مصر فنحن لا نهتم اإلا بهذا الأمر!!

الأربعاء، يونيو 19، 2013

الربيع العربي في برلين 162





لم أكن أعرف أن الموضوع كبير بهذا الحجم فقد ظننته اجتماعا والسلام، لم أكن أظن أنه سيحضره نواب آخرون ويتناقشون ويتحاورون، وكان "مطارلايبتسج وما يسببه من إزعاج للمواطنين" هو عنوان المناقشة، وبطل الجلسة التى سيدلى كل نائب فيها بدلوه، ورأيت المساعدة أنجيلا تخرج من حقيبتها ورقة لتقدمها للنائب اشتيفان فأخذها وذكر منها عدة معلومات وبيانات نالت إعجاب الحضور. وراودنى النوم!

لا، لقد أصبح الأمر صعبا و لم يعد محتمل، لا سيما وقد نمت بالأمس وقتا كافيا! إذا لا بد من وجود سر! هل يكمن ذلك السر في ضيق الغرفة وعدم التهوية، أم في الاجتماعات المبكرة! أم في نوع النقاشات! أم في عدم وجود زملائي معي! وخرجت كالعادة فذهبت إلى الحمام!
لم أستغرف من الوقت كثيرا خارج القاعة، فلم يكن خروجي لقضاء الحاجة الملحة بقدر ما كان لاستنشاق هواء جديد وطرد النوم من عيناي.
عدت إلى القاعة فوجدتهم ما زالوا يتحدثون عن مطار لايبتسيج وعن شكاوى المواطنين جراء ما يسببه لهم من إزعاج. كان الحوار يتسم بالروتيني وكان منظما للغاية؛ فالنائب ذو الشعر الطويل الأصفر ذا الدفيرة العريضة هو من يدير الحوار، وهو من يعطى الكلمة لمن يريد التحدث، وهو من يرد ويصد، وراودنى النوم مرة أخرى!
لن أستسلم لك أيها النوم، ولن أعطيك الفرصة كي تتغلب على، ولكن ما باليد حيلة، ووجدت الحيلة.. وكانت حيلتى هذه المرة هي أن أخرجت اللاب توب وحاولت أن أشغل به نفسي، ولكن النوم كان أقوى منى، فأغلقته ثم خرجت من القاعة للمرة الثانية!
اتصلت بصديق لى سيأتى غدا إلى برلين قادما من مدينة فيشته، واتفقنا على أن نلتقي سويا، ثم وقفت في ممر الطابق الثالث أنظر إلى البهو المستطيل في وسط المبنى العملاق، الذي لم يمض على بنائه سوى عشر سنوات. هذا المبنى الرائع الجمال تراه  من الخارج وكأنه بناية واحدة، فإذا كنت بداخله رأيته مكون من أربعة بنايات عن اليمين ومثلهن عن اليسار، ويقطع بينهما صالة مستطيلة، هي التى أنظر إليها الآن، ويربط  المباني الأربعة ذوات الشكل الدائري جسران معلقان.
وبدأت حركة العاملين في ازدياد، ورأيت بعضا من زملائي يسيرون مع نوابهم، فها هو خالد اليمنى يسير مع نائبه، وها هي هبة المصرية تعبر الجسر مع النائبة فرايتاج. وقلت  في نفسي "يابختكم لسه جايين حالا"

عام من الفشل 2





أما أنت أيها المعترض فدعني أقول لك بكل حسرة وألم:-  لقد فشلت!
نعم فشلت في إقناعي بأن معارضتك هدفها هو صالح البلد، وليست من أجل مصلحة شخصية، أو أهواء نفسية، أو حقد قديم، أو غيرة قاتلة، أو كبر ذميم !
نعم فشلت في إقناعي بأنك يمكن أن تكون يوما "البديل"! وفشلت أن تصنع شيئا على أرض الواقع، وفشلت أن يكون حوارك إيجابيا ومحترما، فكم من إشاعات نشرت، وكم من تضليل أذعت، وكم من كذب أشعت!
عزيزي المعترض لتعلم تمام العلم أنني أرى أنه لا ديموقراطية حقيقية من دون معارضة فاعلة؛ فالمعارضة هي رمانة الميزان، وهي الضامن لعدم فساد الحاكم، وهي العين المراقب لكل انحراف، ولكن ما أراك تفعله من اعتراض لمجرد الاعتراض، أو لتظل موجودا على الساحة بعيدا كل البعد عما أبغيه!
أيها المعترض لقد ظللت أراقبك على مدار العام فوجدتك تخرج من فشل لتدخل في آخر، ومن سقوط إلى سقوط أشد منه، وما اكتسبت يوما تعاطفى!
عزيزى المعترض رأيتك وقد عارضت وقت ألا اعتراض، وانتقدت وقت ألا انتقاد، واحتججت وقت ألا احتجاج، وتظاهرت واعتصمت وقت ألا تظاهر ولا اعتصام! فجاء اعتراضك خاليا من أي قيمة ومدعاة للسخرية والنقد!
ناديت لأكثرمن عشرين "مليونية" حتى صرت تبحث لها عن أسماء جديدة فلم تجد، وصارت مليوناتك أضحوكة، أفقدت للمليونات قيمتها ومغزاها!
ذممت في الآخرين الفاشية، واتهمتهم بالدكتاتورية، وجاءت أفعالك أكثر منهم فاشية، وصارت نداءاتك كلها دكتاتورية، فحرضت على العنف، ومارسته، ودافعت عنه!
أيها المعترض... عام من الفشل!

عام من الفشل





أيها المؤيد: حديثي أوجهه إليك وحدك، فأنت شغلك الشاغل وهمك الوحيد -هذه الأيام- هو الدفاع عن الرئيس وحكومته، وأنت وحدك من تبحث عما يشفى غليلك وينصرك على معارضيك، وأنت وحدك من يبتغي أن يرتاح ضميره – الذي لا يهدأ للحظة من التأنيب – بسبب اختيارك، فأنت عزيزى المؤيد بين نارين: نار الاعتراف بالفشل، ونار الدفاع عمن اخترت!
أيها المؤيد: ألم يكن أملك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن تستيقظ في صباح اليوم التالى فتجد الشوارع وقد خلت من أكوام القمامة؟ فهل تم ذلك؟ عام من القمامة!
أيها المؤيد: ألم يكن هدفك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن يمضي الشهر الأول وقد استتب الأمن وتم القضاء على البلطجية وضبط المخالفين والخارجين على القانون؟ فهل تم ذلك؟ عام من الخوف والرعب!
أيها المؤيد: ألم تكن أمنيتك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن تهدأ الأسعار وتستقر ولو لأسبوع؟ فهل تم ذلك؟ عام من الغلاء!
أيها المؤيد: ألم يكن أملك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن يتم القضاء على البطالة أو حتى الحد منها وتقليل أعدادها؟ فهل تم ذلك؟ عام من العاطلين!
أيها المؤيد: ألم يكن أملك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن يعدم مبارك ورجاله ويحاكم الفاسدين المفسدين؟ فهل تم ذلك؟ عام من البراءات!
أيها المؤيد: ألم يكن أملك عند انتخابك للرئيس وجماعته أن تطهر الداخلية وأن يحاكم المتورطين في قتل المتظاهرين؟ فهل تم ذلك؟ عام من النجاسة!
أيها المؤيد:
 كم من قرارات خاطئة دافعت عنها وبررتها، وكم من تخبط في الأداء التمست له العذر وسامحته، وكم من أزمات صمت عنها ولم تحرك ساكنا، وكم خطايا غفرتها، وكم وكم؟
 أيها المؤيد:
قمامة امتلأت بها الشوارع، ورعب امتلأت به النفوس، وغلاء ارتفعت به الأسعار، وعاطلون امتلأت بهم المقاهي، وبراءات حصل عليها المفسدون وأنت ما تزال مؤيدا!
 عفوا: دعنى أقول لك إنه:-
                              عام من الفشل!

الثلاثاء، يونيو 18، 2013

الربيع العربي في برلين 161



الثلاثاء 25 سبتمبر 

الثامنة إلا خمس دقائق! دققت النظر أكثر فأكثر فربما حدث خطأ ما، أو ربما لم تبصر عيناي الموعد صحيحا، ووجدت الموعد كما قرأت:-  7:55 في قاعة 502 في مبنى (باول لوبا).
نهضت من سريري مسرعا فما تبقى من وقت لن يكفى لدخول الحمام وحلق الذقن وتناول كوب الحلبة الذي أحرص على تناوله صباح كل يوم، ولن يكفى بطبيعة الحال لارتداء ملابسي وإيقاظ عبد الرحيم!
الثامنة إلا خمس دقائق! هل يعقل أن يكون هذا موعدا؟ لو كنت في مصر وحكيت لأحدهم عن هذا الموعد لقابلنى  في الحال بقوله " إيه  يا عم هم ها يبيعوا لبن؟!"... لا ياسيدي ها يبيعوا سياسة!
 الثامنة إلا خمس دقائق! كنت وحدي في الغرفة المذكورة حتى مرت الخمس دقائق، وفتح الباب، فدخلت امرأتين، جلست إحداهن بجواري وبصوت ضعيف خفيض قالت: أنا أنجيلا، النائب اشتيفان على وصول!
ابتسمت لها ولم أرد، وتوالى الحضور يدخلون القاعة من إحدى بابيها، ودخلت من الباب الأخر فتاة تجر أمامها عربة وضع عليها زجاجات من العصائر وأنواع مختلفة من الأطعمة السريعة إلى جانب القهوة والشاي!
راودتنى نفسي أن أذهب إلى صاحبة العربة أسألها عما إذا كان الفطور مجاني أم لا؟! إلا أن دخول هننج وجلوسه عن يسارى قد عطلنى عن هذا الأمر، وعلمت الإجابة من دون أن أسأل، فقد رأيتهم يدفعون لها ثمن ما يأخذوه! إنها فكرة جيدة! بل إنها البرجماتية في أبهى صورها: نفعنى وأنفعك، فليس معنى أننا موجودون في البرلمان الألماني فإن لنا حق الحصول على كل شئ مجانا... الأمر رأسمالي يا عزيزي!
ومرت خمس دقائق أخرى ودخل اشتيفان مسرعا، فأفسح له هننج المكان ليجلس بجواري، واكتمل النصاب وافتتحت الجلسة!
 وكان "مطارلايبتسج وما يسببه من إزعاج للمواطنين" هو عنوان المناقشة، وبطل الجلسة التى سيدلى كل نائب فيها بدلوه، ورأيت المساعدة أنجيلا تخرج من حقيبتها ورقة لتقدمها للنائب اشتيفان فأخذها وذكر منها عدة معلومات وبيانات نالت إعجاب الحضور. وراودنى النوم!
لا، لقد أصبح الأمر صعبا و لم يعد محتمل، لا سيما وقد نمت بالأمس وقتا كافيا! إذا لابد وأن يكون في الأمر سر! هل يكمن ذلك السر في ضيق الغرفة أو في عدم التهوية؟ أم ربما في الاجتماعات المبكرة! أم أن له علاقة بنوعية  المنقاشات! أم ربما في عدم وجود زملائي معي! وخرجت كالعادة فذهبت إلى الحمام!


الأحد، يونيو 16، 2013

الربيع العربي في برلين 160




وفي محطة المعرض وصلتني رسالة من "ليلى أرمانيوس" تدعوني فيها على عشاء مصرى صميم سيكون في مساء الغد وسيحضره كلا من رامز وأحمد مسعد، واتصلت بها كي أشكرها وأستعلم أكثرعن تفاصيل العزومة ثم حددنا الموعد.
جاء القطار فركبناه إلى محطة هانوفر الرئيسية، ورأينا ازدحاما كبيرا في المحطة، وتبين لى أن سبب الزحام هو تأخر القطار لعشر دقائق، وهنا تنبأ اشتيفان بأن القطار - ومن دون شك- سيأتى ممتلأ عن آخره، ولن نجد لأنفسنا مكانا نجلس فيه، ونصحنا أن ندخل إلى المطعم مباشرة!
قلت له وأنت؟ فأجاب بأنه سيذهب إلى الدرجة الأولى فهو يحمل معه بطاقة من البرلمان تسمح له بركوب الدرجة الأولى! وأسرعنا الخطى (هننج وأنا) نحو عربات الدرجة الثانية على أمل أن نجد لنا فيها مقعدا خاليا.
 وجاء الأمر كما تنبأ به اشتيفان، ولم نجد أمامنا من خيارسوى أن نذهب إلى عربة المطعم، فجلسنا على أول مقعدين خاليين، وطلب كل واحد منا فنجانا من القهوة!
أخرج هننج مجلة وانكفأ يقرأ فيها، ونظرت حولى فوجدت كل واحد يقرأ في كتابه واضعا سماعة في أذنه، وساد الصمت القطار، وانعدمت الحركة بداخله سوى من مرور إحداهن وهي تحمل في يديها ما طلبه المسافرون!  وأخرجت هاتفي لأجرى عدة اتصالات بالزملاء، فاتصلت أولا بمنى حجازي كي أعرف منها آخر الأخبار وأحدث التطورات، وسألتها هل ذهبت مع الزملاء للقاء السفير المصري أم لا؟! فأخبرتني بأنها لم تكن تعرف الموعد، ولذلك فلم تذهب إلى الحفل!
 لم تعرف، ولم تذهب! كيف هذا، وقد أخبرتهم جميعا بالموعد في حينه؟! وما أن انتهت المكالمة معها حتى اتصل بي رامز يسألني عن رقم تليفون السفير المصري، فقلت له :ليس معي. وتعجبت كثيرا من سؤاله؛ فالساعة الآن الخامسة والربع، ولا يعنى هذا سوى أنهم قد تأخروا عن الموعد، وأنهم لن يستطيعوا الوصول إليه في كل الأحوال.
قال لي رامز إنهم يبحثون عن مكان السفارة منذ ساعة ونصف، وأنهم يتيهون الآن في الأرض، ولا يعرفون كيف يصلون، وأنهم قرروا العودة إلى المنزل!

كان الظلام قد غطى برلين عندما وطأتها قدماي، فقد خرجت منها والظلام يكسوها، وعدت إليها والظلام يغطيها، وخرجت منها والإنهاك قد أعياني، وعدت إليها بإنهاك أكثر منه وأعيى. ومع تثاقل قدماي عند صعودي درجات السلم كانت أمنيتى الوحيدة أن ألقى بنفسى فوق السرير من دون حراك، وعاهدت نفسى أن أفعل ذلك فور عثورى على السرير، إلا أننى ما لبثت أن نكصت بعهدي عندما رأيت أحمد ورامز يجلسان مع عبد الرحيم في الصالة!
 حكي لنا أحمد أنه ذهب اليوم متأخرا ساعة كاملة عن موعده مع النائب! وأن نائبه أعطاه مقالة ليترجمها من الإنجليزية إلى الألمانية. ربما عقابا له على التأخير! أما رامز فلم يفعل شيئا سوى أنه ظل يراقب الموقف. وانضم إلينا عبد الله الأردني وامتد بنا الحديث إلى منتصف الليل!