الجمعة، أكتوبر 06، 2017

بوهند محمد صديق يكتب: ملخص رواية حوبة ورحلة البحث عن المهدي المنتظر للدكتور عز الدين جلاوجي


الدكتور عزالدين جلاوجيكاتب وناقد جزائري له مؤلفات في النقد والمسرح والقصة القصيرة والرواية، ومن مؤلفاته في الرواية:- الفراشات والغيلان (ترجمت روايته الفراشات والغيلان إلى الإسبانية). سرادق الحلم والفجيعة, راس المحنه 1+1=0 .الرماد الذي غسل الماء .حوبه ورحلة البحث عن المهدي المنتظر. العشق المقدنــس .حائط المبكى
وفي رواية حوبة ورحلة البحث عن المهدي المنتظر الروائي عز الدين جلاوجي يلعب دور المؤرخ ً ليسرد الوقائع التاريخية، بحثاً عن عناصر وتفاصيل  في حياة الناس اليومية فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر
تصور لنا الرواية الأحداث التي عاشها عرش (أولاد سيدي بوقبة)، أو أولاد سيدي أحمد كما كانوا يسمون أيضا، قاوموا الاحتلال الفرنسي عام 1833 بمنطقة بجاية بقيادة الشيخ أحمد وتحت زعامة الشيخ الحداد، وبعد استشهاده تولى القيادة ابنه الأكبر (بلقاسم) الذي سار على نهج والده فأعاد بناء الزاوية وجعلها صرحا علميا، ولم يكتف بالزاوية بل أقام قريبا منها (قرابة)، بنى فيها ضريحا لأبيه ليتخذه الجميع مزارا طلبا للخير والبركة، وراحت المخيلة الشعبية تنسج حول هذا الضريح الأساطير..، و خشيت فرنسا أن تتحول الزاوية من جديد إلى بؤرة للثورة فعملت على استمالة الشيخ بلقاسم ليكون عونا لها وسندا تخدر به الناس، وتقودهم للانصياع لها، و لكنه لم يستجب لها، فوجدت ضالتها في أخيه عمار الذي قتل أخاه، واستولى على زمام الزاوية، ثم راح يخدم أهواءه، ومصالح فرنسا، واضعا يده في يد أولاد النش بقيادة القائد عباس الذي كان قد متن علاقته بفرنسا وأخذ يتوسع على حساب العروش المجاورة ..
 يبني عز الدين جلاوجي روايته من خلال تقنية الاسترجاع، استرجاع الزيتوني لأحداث مقتل والده (بلخير ) على يد عرش أولاد النش، الذين وضعوا أيدهم في يد الاحتلال، وأصبحوا أداة في يده للبطش بكل من يجرأ على مناوئة المحتل الفرنسي "وتراءى له أبوه بلخير ممددا كجذع شجرة عملاق، وقد ضرجته الدماء وشكلت حوله بركا صغيرة،ورفع فيه الأب عينين مليئتين بالحسرة الذابحة يوصيه قائلا: "أمك وإخوتك أمانة في عنقك "، وأسلم الروح، لكنه قرأ في عينيه غير ذلك، وأكثر من ذلك، وأعمق من ذلك ، و تستمر الرواية بتصوير الصراع بين أولاد النش، وأولاد سيدي علي، على الرغم من أنهما ينحدران من جد واحد هو (الحسين المكحالجي)، ولكن بعد موته اختلفوا بين الانصياع لفرنسا أو الاستمرار في محاربتها، ومن هنا أصبح الإخوة أعداء، وغدا أولاد النش وزعيمهم عباس أداة مسلطة على رقاب كل من يرفض الخضوع، و تعاظمت سلطته على كل القبائل بدعم من فرنسا وبعض رجال الدين الذين باعوا ضمائرهم للمستعمر، كما هو حال (عمار) شيخ زاوية أولاد سيدي بوقبة، وأصبح عباس لا يتوانى عن أي عمل لإشباع أطماعه، فيقتل الربح زوجة أخيه خليفة، ويطرد زوجة والده المتوفى (سلافة الرومية) من البيت بعد أن اتهمها بالعهر ليحرم ابنها، من الميراث، ثم هو يسعى للزواج من حمامة، التي كانت تحب ابن عمها العربي، وأمام رفض قبيلة أولاد سيدي علي، هذا الزواج، يسعى القايد عباس إلى اختطافها، إلا أنّ العربي يسارع إلى خطبتها ويهربا معا إلى مدينة سطيف، وهناك يلتقي بسي رابح الذي يساعده على الاستقرار في المدينة ثم يأخذه في جولة في المدينة للتعرف عليها، فيمر بباب بسكرة والسوق والمحكمة والسجن وعين الفوارة وقاعة السينما فاريتي، وأثناء التجوال يدرك العربي حالة الناس المزرية في المدينة إبان الاستعمار، ثم يصحب سي رابح العربي الموستاش كما كان يدعوه إلى قهوة العرب، ليتعرف على أصحابه سي الهادي وحمو أمقران، أما لالة تركية زوجة سي رابح فقد أفاضت بكرمها على ضيفتها حمامة الخجولة بكل لطف.
وهكذا انفتحت آفاق كبيرة للعربي وبدأ حياة جديدة في المدينة وتوطدت علاقته بسي رابح وأصحابه الوطنيين الذين كانوا يجتمعون كل يوم لتصفح الجرائد الوطنية مثل: جريدة ذو الفقار لعمر راسم والإقدام للأمير خالد والشهاب لابن باديس والأمة لنجم شمال إفريقيا، وأخذ وعيه يتعمق بواقع وطنه المحتل من قبل الاستدمار الفرنسي الغاشم، وحقده على هذا المحتل الغاشم يزداد من خلال أحاديث سي رابح عن مقاومات الجزائريين كمقاومة الأمير عبد القادر، وأحمد باي، ولالة فاطمة نسومر، وقمع الفرنسيين لهذه المقاومات وارتكابه لأبشع الجرائم لإخماد جذوة الثورة، كل هدا جعل العربي يتذكر أباه وأخاه محمود الشهيد، وما زاده ذلك الحديث إلا عزما على ضرورة إشعال نار ثورة تأكل الأخضر واليابس.
هناك في سطيف تبدأ الحكاية الأساسية في هذه الرواية، وهي حكاية بداية ظهور الحركة الوطنية في هذه المدينة، وانتشار الوعي السياسي والاجتماعي لدى الجزائريين بضرورة التحرر من الهيمنة الاستعمارية، بدءا بتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ثم تأسيس أول فرق الكشافة الإسلامية بقيادة حسان بلخيرد، ثم تشكيل أولى المجموعات السرية التي بدأت تعمل للتحضير للثورة التحريرية، وتنتهي الأحداث بمجازر الثامن ماي 1945 التي انطلقت من سطيف ثم عمت الكثير من مدن الشرق الجزائري، وخاصة مدينتي قالمة وخراطة، وراح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد ... 
وبقدر ما تخطو الرواية بقوة إلى الأمام في زمن الناس، بقدر ما تغوص في الماضي تستنطق تاريخنا الأمازيغي والعربي معلنة أن هذا المستقبل الذي بدأ يتشكل على أعتاب القرن العشرين إن هو إلا نتاج  ذلك الماضي 
ولذلك فإن ما سيحدث في هذه الرواية ما هو إلا استمرار لحركية الشعب الجزائري الذي لم يستسلم أبدا للمحتل، وقدم التضحيات تلو التضحيات منذ دخول المحتل الغاشم هذه الأرض الطاهرة، ولكنه مر بفترات صمت هي أشبه بالصمت الذي يسبق العاصفة بعد أن تكالب عليه العدو وأعوانه من الجزائريين الذين باعوا ضمائرهم للمحتل.
أتمنى أن أكون قد أنصفت الرواية وأن تنال إعجابكم..
         في أمان الله وإلى الملتقى القادم إن شاء الله
                                                                      بوهند محمد صديق

هناك تعليق واحد: