الجمعة، أغسطس 31، 2012

مرسي قلب الأسد


كنت قد عاهدت نفسي أنه بمجرد فوز مرسي بالرئاسة أن أمتنع عن دعمي له ،وأن أنتظر وأتريث لأرى ماذا هو فاعل ، فإن أخطأ فسأنتقده ، وإن أصاب فسألتزم الصمت حتى يؤكد مرة أخرى على الصواب الأول بصواب جديد. وهأنذا أعترف بأنني لم أستطع أن أوفي بتعهدي هذا والسبب الكامن وراء ذلك هو مفاجآت مرسي ...

إصرار مرسي على قسم اليمين  في ميدان التحرير وسط أكثر من مليون شخص بعد أن ألقى خطبة ثورية ألهبت مشاعر المتجمهرين جعلني لا أستطيع الوفاء بتعهداتي...

سفر مرسي إلى أديس أبابا وإصراره على ألا يعود إلى أرض الوطن من دون الصحفية المصرية شيماء عادل جعلني لا أستطيع الوفاء بتعهداتي...

قيادته للقوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب في سيناء وزياراته المتكررة إليها والعمل على إعمارها جعلوني لا أستطيع الوفاء بتعهداتي..

القرار التاريخي الثوري بتطيهر القوات المسلحة من رؤوس الفلول " طنطاوي وعنان وبعض من لواءات المجلس العسكري" جعلني لا أستطيع أن أوفي بتعهداتي..

زيارته الأخيرة للصين، وخطابه التاريخي في إيران أعطوني الفرصة والرخصة كي لا أوفي بتعهداتي فمرسي هو قلب الأسد...

والله المستعان
محمد شحاتة


 

الأحد، أغسطس 26، 2012

شهر أغسطس!


هو شهر ولدت فيه - وهذا يكفي- ..... طبعا بهزر فأنا نكره  وأحاول أن أظل كذلك فلا يعنيني ولا يشغلني مطلقا أن أترك التنكير وأرتمي في أحضان التعريف ... ولنتكلم عن شهر أغسطس.

شهر أغسطس كما تعرفه لنا موسوعة ويكيبيديا الحرة هو الشهر الثامن حسب التقويم الغريغوري، ويحتوي هذا الشهر على 31 يوما. ويسمى هذا الشهر آب في بلاد الشام والعراق، وأوت في تونس والجزائر، وغشت في المغرب، وأغشت في موريتانيا. ويشتق اسم هذا الشهر من اسم الإمبراطور الروماني أغسطس. وهو يوافق برج الأسد، الذي يمثل القوة والنار، في ترتيب الأبراج.

وفي هذا العام حق لي أن أسميه بـ " أغسطس القاهر" ففيه تمت إقالة اللواء موافي رئيس المخابرات العامة والذي كان تلميذا نجيبا لسلفه اللواء عمر سليمان بعد أحداث رفح المؤلمة والتى راح ضحيتها أكثر من ستة عشر جندي من خير جنود الأرض...

ثم بعدها بأيام قليلة وبضربة قاهرة قاصمة ، قام الرئيس مرسي بنسف أسطورة المجلس العسكري، والذي راهن عليه كثير من الفلول بعد أن بدت البغضاء من أفواههم وهموا بأن يحرجوا الرئيس تمهيدا للانقلاب عليه...
 وفي نفس الشهر وفي جمعة " مئوية أبو حامد" أو ما عرف باسم " ثورة 24 أغسطس" سقط أبوحامد من على العرش الفلولي وكسرت له الأضلع الأربعة والعشرون ، واختفي عكاشة في زرايب البط واختبئ الآخرون في مستنقعات لا يعرف لها مكان.

وفي نفس ذات الشهر سيسافر الرئيس مرسي إلى طهران كاسرا حائط القطيعة الذي بناه النظام السابق وحافظ على بنائة لمدة زادت على الثلاثين عاما...
إنه حقا شهر أغسطس القاهر...

والله المستعان
محمد شحاتة  

السبت، أغسطس 25، 2012

في القرض الربوي


 
الدارس للفقة الإسلامي المتعمق فيه يعلم حق العلم بأن هناك فقها للواقع، وفقها للأولويات وفقها للأقليات، وفقها للعامة وفقها للخاصة، وهناك أنواع أخرى من الفقة تختلف باختلافات المكان والزمان والمناخ والأشخاص والأمزجة. يعني إيه؟

سأعطي أمثلة :

مثال على فقة الأولويات

الجميع يعلم أن صلاة الجمعة فرض وأنه على المسلم أن يؤديها في جماعة، فهب مثلا أن مسلما أخذ سيارته وذهب ليصلي الجمعة في المسجد وهو في طريقه وجد إنسانا غارقا في دمة وملقى على الأرض فما الحكم؟ هل يواصل سيره للمسجد ويترك الرجل يموت، أم عليه إنقاذ النفس وتأجيل الفريضة؟ الجواب لك..

مثال على فقة الواقع

الجميع يعلم أن المسلمين كانوا مضطهدون في صدر الإسلام في مكة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر فيقول لهم صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ... ولما هاجر المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه إلى المدينة واستتب له الحكم فيها وسمع بأن امرأة مسلمة قد كٌشفت عورتها من يهودي من بني قريظة ماذا فعل؟! هل قال صبرا أيتها المرأة فإن موعدكي الجنة ،أم أنه جيش الجيوش وحاصرالقرية حتى انتصر لها؟.... إنه فقه الواقع

مثال على فقة المكان

صوم رمضان في المناطق التى تطول فيها ساعات النهار وإباحة الإفطار قبل غروب الشمس ( مثال واضح أليس كذلك)

أما بخصوص مسألة الربا فيكفي أن تعلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع ربا العباس في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة أي بعد أن اكتمل الدين وتهيأت أركان الدولة لاستقبال الإقتصاد الإسلامي وانظر ماذا قال عليه الصلاة والسلام مخاطبا الناس في حجة الوداع:

 (أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد- فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.
وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقضى الله أنه لا ربا. وإن أول ربا أبدأ به عمي العباس بن عبد المطلب.  وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية – ألا هل بلغت اللهم فاشهد...)

الشاهد في الأمر أن الأمور الإقتصادية المتداخلة بين الناس مسلمها ومسيحها، وبين الدول شرقها وغربها رأسمالها واشتراكها أمور معقدة تعقيد شبك الصيادين و ملفوفة لف الكرنب لا يمكن حلها بين يوم وليلة، لذا علينا أن نصبر قليلا حتى تستتب الأمور...

والله أعلم

محمد شحاتة

الجمعة، أغسطس 24، 2012

مرسي و الحق فى التعبير بين الإباحة والتجريم

 
الأصل أن تؤدى الصحافة رسالتها بحرية واستقلال ، وان تستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه وأن توجه النقد البناء لحماية المجتمع من الأخطار والأنهيار والصحفي فى ذلك مستقل لا سلطان عليه فى أداء عمله غير القانون .
وقد فاجأنا رئيس الجمهورية بما له من سلطة فى اصدار قرارات لها قوة القانون قرر أن يلغى الحبس الاحتياطى على ذمة التحقيق فى جرائم النشر ليبعث رسالة إلى كل أصحاب الرآى بأنه لا مصادرة للحق فى التعبير والحق فى النقد وأن المستقبل للتوسع فى مضمون الحق فى النقد كأحد أهم أسباب الاباحة وأن الثورة أثمرت وغيرت وأفرجت عن كل الألسن المحبوسة وأنه لا مساس بالحق فى التعبير بعد الثورة
فإذا كان الحق في النقد سبب من أسباب الإباحة في جرائم النشر وأهمها القذف والسب، وهى إسناد واقعة تستوجب عقاب المسند إليه إذا كانت صحيحة أو تؤدى الى احتقاره وإذاء سمعته بين الناس ، لذلك فإن أحكاما للقضاء ترفض الاعتداد موجب الحق في النقد تأسيسا على أنه لا يخول الناقد الحق في إسناد عبارات شائنة ومن شأنها لو صحت لاستوجبت عقاب المسند إليه أو احتقاره لدى أهله ، وتقتصر هذه الأحكام في النقد على إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل فالحق في النقد له حدوده التي يتعين على الكاتب أن يلتزم بها فلا يخرج عنها. فإن فعل غير ذلك خرج فعله عن دائرة الإباحة ليسقط في مجال التجريم المعاقب عليه.
ولا يمكن القول أن أحكام القضاء تنفصل عن الجو السياسي العام الذي قد يتوسع في مفهومه لحرية الرأي فى حالات الثبات والاستقرار فى الاوضاع السياسية عندئذ نجد أحكاما للقضاء توسع من مجال الحق في النقد في فترات من حياة الأمة، وقد تضيق من هذا المفهوم فتصدر أحكام تضيق مجال هذا الحق في فترات أخرى فى حالات الضرورة والأزمات وانتشار الفتن والمخاوف من انتشار الفوضى والفساد .
الأساس القانوني
1 ـ يتضمن الدستور عادة الحق في حرية الرأي. ويمكن توسيع مجال هذه الحرية ليشمل الحق في نقد الشخصيات العامة.
٢- المصلحة العامة تقتضي كشف حقيقة الشخصيات العامة غير المؤهلة للقيام بالعمل العام أو تمثيل الجمهور. وممارسة الحق في نقد القائمين على العمل العام من هذه الشخصيات هو نوع من الرقابة الشعبية لذا، فقد قضى بأنه «من الخطأ افتراض سوء القصد بمجرد القذف ولمحكمة النقض أن تبحث جميع ظروف الدعوى لتتبين إذا كان ناشر المقال المشتمل على الطعن قد أراد منفعة البلاد أو أنه لم يرد إلا الإضرار بالأشخاص الذين طعن عليهم» بمعنى أنه هل كان الغرض من النقد المصلحة العامة أم مجرد وسيلة لتوجيه أهانات شخصية أو توجيه تهم خطيرة لا سند لها مثل العمالة والخيانة والحديث عن فساد مالى وإدارى يشكل جرائم معاقب عليها بنصوص قانون العقوبات وإلا تحول النقد الى جريمة معاقب عليها وان الحبس فيها اقل ما يمكن ان يعاقب به هذا القاذف والذى تعدى على غيره وخالف القانون .
وقضى ببراءة صحافي، استنادا إلى الحق في نقد الشخصيات العامة، وصف رئيس الوزراء بالجهل وقصر النظر والبعد عن الفطنة ونسب إلى أعضاء مجلس النواب الانحطاط والدناءة.وقالت المحكمة في حكمها «إن المتهم وإن يكن قد استعمل في النقد شيئا كثيرا من الشدة ومن قوارص الكلام، إلا أنها جاءت من باب المبالغة والرغبة في التشهير بالفعل في ذاته كما هي خطة المتهم في كتابته»
طالما أن النقد رغم التوسع فيه وفى محتواه وعباراته لم يشتمل على توجيه التهم الكبرى التى لو صحت لأستوجبت عقاب الموظف العام مثل جرائم الخيانة العظمى والتخابر مع دول أجنبية بيع قناة السويس وغيره من الجرائم التى توجب مسائلة الصحفى وخروجها عن النقد المباح
وشرط التمتع بالإباحة اقتصار النقد على أعمال الإدارة وأن يتوخى الناقد صحة الوقائع التي ينالها بالتعليق والنقد
لذلك فإن للمحكمة تأويل عبارات المقال موضوع الاتهام وتحري حقيقة مقاصده والباعث على نشره ترى أن مقصد المتهم الأول والباعث على كتابة هذا المقال ونشره بموافقة المتهم الثاني هو المصلحة العامة ومنفعة البلاد ذودا عن المال العام من أطماع الطامعين أو ضربا على أيدي العابثين به لا مجرد الإضرار بالأشخاص المنعي على تصرفاتهم إذ من المتفق عليه في جميع البلاد الدستورية أن من يتعرض للعمل العام والنيابة عن الأمة يكون عمله هدفا للطعن والانتقاد حتى ولو استخدم الناقد شيئا كثيرا من الشدة ومن قوارص الكلم للتشهير بفعل ما من باب المبالغة لا بشخص ما، كما أن سوء القصد لا يفترض لمجرد نشر العبارات بل يجب معرفة ما إذا كان الناشر أراد منفعة البلاد أو أراد الإضرار بالأشخاص الذين طعن على تصرفاتهم.فإذا كان مبتغاه هو خدمة المصلحة العامة اعتبر المتهم غير متجاوز لدائرة العبارات الشديدة والتعليق العنيف التي لا تخرجه عن دائرة حق النقد طالما أن نية الناشر لم تنصرف إلى الأضرار المتعمد بشخص المنتقد وسمعته واتهامه بتهم وجرائم توجب مساءلته قانونيا إذا صحت وثبتت عليه».
شروط الحق في الإباحة :
أولا: صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها، ثانيا: أن يستهدف المقال تحقيق المصلحة العامة، ثالثا: موضوعية العرض واستعمال العبارات الملائمة والابتعاد عن التشهير والتجريح بهدف الانتقام.
الخروج عن مقتضيات المصلحة العامة خروج عن حدود النقد
يلزم أن يتقيد الصحافي (أو غيره من الناقدين) بالحدود القانونية للحق في النقد وهى توخي المصلحة العامة (حسن النية) بأن يعتقد صحة الوقائع (إن لم تكن صحيحة بالفعل) بعد التثبت والتحري وعدم الخروج عن الموضوعية. ويعتبر خروجا عن الموضوعية التجريح الشخصي الذي لم يكن ضروريا لنقد سياسة الشخصية العامة. تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن نشر صورة تمثل وجه رئيس الوزراء على جسم امرأة عارية إلا من غلاله شفافة في وضع شائن في الصفحة الأولى من جريدة...، والصورة تبرز دولته في صورة عارية وتبرز أعضاء جسمها وهى تتمايل رقصا، مثل هذه الصورة كان الباعث عليها انتقاد سياسة معينة وهى التردد، حيث كتب أسفلها «الرقص على السلالم»، يعد سبا لدولته لإبرازه في هذه الصورة المخجلة المزرية.
فإذا كان مجال نقد الشخصيات العامة يتسع عما هو مقرر بالنسبة لنقد الأشخاص العاديين، فإن ذلك يجرى في حدود الغاية وهى تحقيق المصلحة العامة وفي حدود الوسيلة وهى اختيار العبارات التي تتناسب مع تطبيق الغاية المنشودة.
وإذا خرج الناشر عن حدود الإباحة التي يجيزها الحق في النقد، فإنه «لا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهينة التي استعملها المتهم هي ما جرى العرف على المساجلة بها».كما قضى بأن «الهتاف علنا بمثل عبارة (لتسقط الوزارة الخائنة) هو إهانة لهيئة نظامية يحمل في ذاته سوء النية ويستوجب العقاب بمقتضى المادة160 عقوبات مصري. ولا محل للقول بأن مثل هذه الألفاظ أصبحت بعد التطور السياسي مألوفة يجرى بها اللسان بدون قصد الإهانة، وأنها بذلك لا تكون محلا للعقاب فان العرف لم يمح مدلول السقوط ولا مدلول الخيانة، بل لازال اللفظان على معناهما الوصفي يخدشان الإحساس وشعور الكرامة». فقد أكدت المحكمة في هذا الحكم على أنه «لا يعد الهتاف علنا ضد الوزارة من قبيل الإعراب عن الرأي. ولا يعد كذلك من قبيل النقد المباح الذي يجوز توجيهه إلى الذين يتصدون للخدمة العامة، وإنما هو سب مجرد واجب العقاب عليه».
فإذا تجاوز الصحفى حدود الإباحة في النقد إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون ولا يبرر عمله أن يكون خصومه قد سبقوه في صحفهم إلى استباحة حرمات القانون .
د/ أحمد مهران
دكتور القانون العام
مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية


مؤسسة القاهرة للأبحاث و التنمية
Cairo Association for Research and Development

الخميس، أغسطس 23، 2012

ضد عفو الرئيس !!



أنا مع حبس الصحافيين في جرائم النشر التى بها سب وقذف للرئيس، وأتسأل: أليس الرئيس إنسان ومواطن له كافة الحقوق وعليه كافة الواجبات مثل أي مواطن عادي يحق له أن يرفع قضية على من يسبه أو يقذفه..
وبما أني قد درست في الأزهر الشريف الذي تعتمد مناهجه على الوسطية واحترام الإنسان والعقائد أنقل إليكم  من مناهجه ما ذٌكر عن حرمة القذف والسب:-

مسألة: يحرم القذف، وفيه الحد، وتفصيل الكلام في الفقه.

والقذف هنا: يعم السب والفحش واللعن وما أشبه ذلك.

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): (واعلموا أن القذف والغيبة يهدمان عمل ألف سنة).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (القذف من الكفر والكفر في النار).

وقال (عليه السلام): (إن الكبائر أحد عشر.. الشرك بالله عزوجل وقذف المحصنة..).

وهل يراد بالقذف ما ارتبط بالعرض أو مطلقاً؟ فإن أصل القذف الرمي، ثم استعمـل فيمـا يرتبـط بالعـرض، لكـن هل غلب على ما يرتبط بالعرض بالمعنى الأخص بحيث أصبح حقيقة تعينية فيه أم لا؟.

احتمالان، وإن كان المنصرف الأول والإطلاق يقتضي الثاني، قال الشاعر:

(ولست بقائل قذفاً ولكن لأمر ما تعبدك العبيد)

وفي بعض النسخ (قذعاً) مكان (قذفاً)، والقذع هو القذف والرمي بالفحش وسوء القول، فإن الخليفة كان يجمع من الغلمان الخناثى ثم يبيت معهم من أول الليل إلى الصباح يتعاطون الفاحشة، وإلى ذلك أشار الشاعر في هذا البيت.

وقال شاعر آخر:

(ولا يبيت لهم خنثى تنادمهم ولا يرى لهم قرد له حشم)

وذكرنا بعض التفصيل في كتاب (ممارسة التغيير).

ثم إن هناك آثاراً وضعية للقذف خصوصاً الرمي بالفاحشة، وذلك لأن من قذف قذف، فترجع اللعنة اليه كأثر وضعي تكويني لذلك، فمن الحكمة في فرض اجتناب القذف هي الحيلولة عن رجوع ضرره ولعنه إلى نفس القاذف، قال سبحانه: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر واكل لحمه من معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه).

وقال علي (رضي الله عنه): (اني أكره لكم أن تكونوا سبابين).

وبعد أن أوردت ما سبق من أقوال وأحكام فأود أيضا أن أعلن أني ضد قرار الرئيس اليوم بإلغاء قانون الحبس الاحتياطي على الصحافيين المتهمين في قضايا نشر وأقول للرئيس: هل تظن أنك مخلد في الرئاسة حتى تعفو عمن يسب الرئيس؟ ماذا لو جاء بعدك رئيس ويريد أن يحبس من يسبه، هل يجب عليه إصدار قانون آخر يلغي هذا القانون!! عفوا سيدي الرئيس ليس من حقك العفو في هذا الأمر!


والله المستعان
محمد شحاتة


 

الأحد، أغسطس 12، 2012

مستحيل!!!


ذهبت الليلة لأصلى التراويح وذهني مشغول ومثقول بالقرارات الثورية التي أقرها الرئيس مرسي " عزل المشير وعنان"، وأخذ الإمام في تلاوته ،وأخذ ذهني يشرد ويفكر هل حقا هذه القرارات جاءت بالتشاور مع المشير ورئيس الأركان، أم أنها جاءت فردية من الرئيس ؟!!

بالطبع أقول: إنه من المستحيل أن تكون هذه القرارات جاءت بالتشاور مع المشير وعنان، وبالقطع هذه القرارات جاءت فردية ثورية، فهل يعقل أن يستشار المشير في إقالته؟ ولو كان استشاره لكان من الأولى أن تكون استقالة وليست إقالة.

التشكيل الوزاري لم يمر عليه سوى أسبوع واحد، وعٌيِّن المشير فيه وزيرا للد فاع، فلو أراد المشير أن يختفي من المشهد لكان من الأولى والأشرف والأفضل له أن يعتزل قبل أن يٌعزل...

ولماذا لم يعين عنان  وزيرا للدفاع - وهذا هو الطبيعي في مثل أي ظروف - بدلا من إقالته..

ياجماعة مستحيل مستحيل أن يكون المشير وعنان قد وافق على الإقالة.....


صحيح صلاة التراويح خلصت، والخشوع راح ، بس حبيت أقول لكم إنه مستحيل يكون الأمر بالتشاور.. القرار ثوري ،فردي، مرسي..

والله المستعان

محمد شحاتة

السبت، أغسطس 11، 2012

تناقضات

في أقل من سنتين شوفت تناقضات رهيبه ، وعلى رأي عادل إمام في مسرحية "شاهد ماشفش حاجة"  خلف خلاف، كل حاجة أصبحت خلف خلاق وعكس عكاس وواحد في شبرا والتاني في مدينة نصر.....
                                                                                          انتظروني

الخميس، أغسطس 09، 2012

من يومياتي في ألمانيا (برلين الأخيرة)





خرجنا من المسجد - حسان وماجد وأنا- متجهين نحو مطعم مصري لنأكل عشوة مصرية، هكذا أخبرني ماجد. عرفت بعد ذلك أن حسان من لبنان جاء مع والديه اللذان يعملان في برلين وأن ماجد سوري و يدرس في جامعة برلين. دخلنا المطعم المصري وطلب ماجد نصف فرخة لكل واحد منا، وما أن شممت رائحة الشواء حتى أخذني الحنين... وحشتيني يا مصر.

تحدثنا كثيرا في مواضيع شتى عن مصر تارة، وعن جامعة الأزهر تارة أخرى، ثم عن لبنان وعن سوريا. أخبرني ماجد ونحن نصحبه إلى محطة القطار لنودعه، أنه سيعود إلى سوريا في العام المقبل؛ لأنه قد خطب فتاة سورية وسيدخل بها، وسألني هل سأحضر الزفاف إذا ما أرسل لي دعوة فقلت له طبعا؛ فهذا شرف لي...

ودعنا ماجد، وواصلنا السير حتى وصلنا مسجد دار الحكمة، وهناك قلت لحسان : هل تقرأ معي سورة الكهف؛ فاليوم يوم الجمعة وأنا معتاد على قراءتها ولا أريد أن أنام من دون أن أقرأها. وافقني حسان فقلت له إن عدد آيات هذه السورة مائة وعشر آيات فليقرأ كل واحد منا عشر آيات خلف الآخر حتى ننتهي.
ولما انتهينا قام حسان وأحضر مرتبتين وبطانيتين، أعطاني مرتبة وبطانية وأخذ مثلهما ثم ارتمينا عليهما لننام.

سألني حسان لماذا أنت مواظب على قراءة سورة الكهف كل يوم؟ قلت له لا ليس كل يوم؛ بل كل أسبوع وبالتحديد يوم الجمعة ثم قلت له  لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :-  
 " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين الجمعتين"

ثم وجدتها فرصة للدردشة فقلت له هل تعلم سبب نزول هذه السورة؟ فقال وهو يتثائب: لا، فقلت له سأحكي لك:-
" إن قريشا قد بعثت برجلين أحدهما يدعى النضر بن الحارث والآخر هو عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، كي يستخبرا منهم عما إذا كان محمد صادق في دعوته أم لا  فلما ذهبو إلى اليهود قالوا لهم: سلوه عن ثلاثة أشياء، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل يكذب وعليكم أن تفعلوا ما تروه:  سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هي؟ فإن أخبركم بذلك، فهو نبي فاتبعوه، وإلا فهو كاذب، فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن كذا وكذا، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه عما أمروهم به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يقل إن شاء الله ، فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل عليه الصلاة والسلام، حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة، وقد أصبحنا فيها ولا يخبرنا بشيء عما سألناه، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم غياب الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف أي ذو القرنين."

التفتُ إلى حسان فوجدته قد ذهب في نوم عميق، فدفست وجهي تحت غطائي ثم استسلمت للنوم.

السبت 6 سبتمبر 2003

صوت لموسيقى هادئة مصحوب بصوت صاحبي حسان ينبهاني للاستيقاظ لصلاة الفجر، انتبهت، فاعتدلت ثم نهضت، ثم ذهبت للوضوء وأنا مثقل تعبان لا أستطيع تحريك قدمي ولا رفع يدي، وكنت أشبه ما يكون بالرجل الآلى الذى أوشكت بطاريته على النفاذ...صلينا الفجر سويا ولا أدري ماذا قلت لحسان أو ماذا قال حسان لي ، كل ما أتذكره أني شاهدته يمسك بمصحف ويقرأ منه ثم طلبت منه أن يوقظني في السابعة والنصف.

وضعت رأسي على الوسادة ثم فوجئت بحسان يوقظني قائلا: هيا استيقظ فالساعة أصبحت السابعة والنصف! لم أصدقه و نظرت في ساعتي فوجدتها فعلا أصحبت السابعة والنصف ...يااااه بهذه السرعة ، أريد أن أنااااااااااااام

قمت فغسلت وجهي ووجدته قد أعد لنا طعام الإفطار وفوجئت بطبق الفول يزين المائدة، فقلت له مستفهما:- فوووول؟ لم أكن أتخيل أبدا أن أحدا يأكل الفول سوى المصريين، فلقد مكثت أكثر من شهر في جوتنجن ولم أشتم رائحة الفول ولم أعثر عليه لا في مطعم ولا في متجر. أجابني حسان: نعم فول، ولكنه فول معبأ. وتلك الكلمة كانت مفاجأة أخرى لي. فول ومعبأ... طب وفين القدرة؟! وازاي؟! و و و!؟ أسئلة كثيرة راودتني وما أنهى مراودتها سوى إحضاره للعلبة التى كان بداخلها الفول، وياليته ما أحضرها!! رأيت مكتوب عليها صنع في فلسطين!!!

تناولنا الإفطار ثم أحضر لي عصير برتقال كان لذيذا ثم قال لي تعالى لأريك المركز الإسلامي قلت له: هل هذا مركز إسلامي أم أنه مجرد مسجد؟! دخلنا غرفة بها عده مقاعد خشبية قال لي إنها غرفة تحفيظ القرآن للأطفال ثم غرفة أخرى للدروس الإسلامية للكبار، ورأيت إعلانا بأن الأستاذ عمرو خالد والدكتور عمر عبد الكافي سيحلان ضيفيين على هذا المزكز بعد يومين!!

سألت حسان عن موعد تحرك القطار المتجه إلى هامبورج، فأخبرني أن هناك قطارا يتحرك في الساعة التاسعة والنصف فقلت له: جميل يمكننا أن تجول قليلا في المنطقة المجاورة ثم نركب المترو ونذهب إلى المحطة الرئيسية.
خرجنا سويا ولم يكن هناك من المارة ما يخبر بوجود بشر، فقد كنا نحن فقط من يسير، كان الجو ندى والنسيم أكثر من رائع، بدد معه رغبتي في النوم وأنعشني.

مررنا بمكتب للبريد فقلت لحسان إنني قد وعدت زميلتي أوولا من بولندا أن أرسل إليها ببطاقة بريدية من برلين، فدخلنا واشتريت البطاقة وعليها طابع البريد ثم أرسلتها إليها تحقيقا لوعد قد قطعته على نفسي..

ويبدوا أن الله أراد أن يكافئني لهذا الصنيع فبمجرد أن خرجنا من مكتب البريد إذا بي ألمح لافتة كبيرة من الورق المقوى مكتوب عليها "أوكازيون لمدة يوم واحد فقط، ثمن  القطعة بـ 2 يورو". قلت لحسان قطعة ماذا؟ قال تعالى لنرى! دخلنا محلا كبيرا به ملابس بأنواع شتى – قمصان، بناطيل، جواكت، ومعاطف- سألنا البائعة هل السعرالموجود على لوحة الإعلان بالخارج صحيح؟ فأجابت بنعم. ولم أصدق نفسى!! اشتريت جاكت ومعطفان وبنطلونين وذهبت لأدفع الحساب فأصر حسان على أن يدفع لي!!!

خجلت كثيرا من فعلته هذه ، ورجوته كثيرا أن يأخذ مني ثمن ما اشتريت؛ إلا أنه رفض رفضا قاطعا، وأصر أن يوصلني إلى محطة المترو، وفيها أصر على أن يدفع ثمن التذكرة إلى المحطة الرئيسية التى سأستقل منها قطار هامبورج.

كثير ما فعله معى حسان، ومن قبله ماجد، ومن قبلهما فريدريش، وقليل ما فعلته من شكر لهم...

.......... هامبورج  

محمد شحاتة


من يومياتي في ألمانيا ( برلين 11)


أشارت لي امرأة عجوز أن أقترب منها، ثم قالت لي: أنت تريد أن تذهب إلى تورمشتراسة أليس كذلك ؟ قلت لها أجل، فقالت: لا تقلق تعالى واركب معي القطار فأنا ذاهبة في نفس الطريق. شكرتها كثيرا ثم بدأت أسألها هل حقا هذا الشارع يقع في منطقة بها جالية عربية؟ فأجابتني بأن هذه المنطقة كلها عرب، فاستبشرت خيرا واطمأننت، ولما اقتربت محطتي، قالت لي السيدة العجوز: عليك أن تنزل هنا ثم تخرج من الباب الأيمن وتسأل عن الشارع فستجد حتما من يدلك. فعلت ما أشارت به على، ووجدتني أسير في شارع ملئ بمحلات الفاكهة، والمطاعم، والكافيهات معظم لافتاتها مكتوبة بحروف عربية، أحسست أني قد عدت إلى القاهرة وأنني أسير في أحد شوارع المهندسين أو الدقي. أحسست بدفئ رهيب. توقفت أمام محل لبيع الفاكهة، وسألت أحد العاملين فيه عن مسجد قريب من هنا؟ فأجابني بلهجة شامية " لبنانية أو سورية" قائلا: مسجد بيت الحكمة لا يبعد كثيرا عن هنا، فقط ادخل يمينا ثم يسارا فستجده أمامك.
دب النشاط في جسدي وأحسست بلوغ هدفي، فأسرعت خطواتي؛ حتى وجدت لافتة تعلو باب صغيرمفتوحة إحدى ضلفه، ومكتوب عليها بالألمانية " Haus der Weisheit "   بالعربية "بيت الحكمة".

 يامسهل، هكذا قلت في نفسي بعد أن أخذت نفسا عميقا ودخلت من الباب. أول ما شاهدت كان رجلان يجلسان علي منضدة في نهاية ممر صغير ألقيت عليهم بالتحية ثم سألتهم هل هذا مسجد؟ وما كادوا يردون على حتى صدح صوت المؤذن بأذان العشاء. سألني أحدهما من أين أنت؟ فأجبته من مصر فنظر لي الآخر بنظرة لم أفهم معناها؛ ولكنها أقلقتني، فقلت لهما: جئت هنا فقط لأصلي، ثم دخلت، فتوضأت، ووقفت خلف الإمام.
 قرأ الإمام الفاتحة، ثم بدأ في تلاوة سورة الإسراء، ولم يكد يقرأ في الآية الرابعة حتى تلعثم فرددته، ثم واصل قرائته فأخطأ في التلاوة للمرة الثانية فرددته، وتكرر الخطاء في الركعة الثانية، وكان دائما الرد من نصيبي. انتهت الصلاة فاستدار الرجل بوجه نحونا وبدأ يعتذر من تكرار الخطاء معللا بأن القرءان يتفلت منه، وأنه ينبغي عليه مدارسته ثم سأل من الذي ردني؟ فأشاروا إلى فقلت له أنا. فقال الرجل: بارك الله فيك هل تحفظ القرآن فقلت له: أجل، فبفضل الله أحفظة كاملا، ثم وجدتها فرصة، فواصلت الحديث قائلا: كما أنني أحفظة بالقراءات السبع، فأنا أدرس في معهد للقراءات بجانب دراستي الجامعية، فسألني في أي جامعة تدرس؟ فقلت له في جامعة الأزهر الشريف.
التفت الجميع نحوي، وتغيرت نظرات الرجلين اللذين قابلتهما عند الممر، وتبادلنا أطراف الحديث الذي كان في مجمله يدور حول الأزهر وحول القرآن. قلت لهم موجها كلامي للإمام الذي ينادونه بـ " أبو أسام " أو بـ أبوأسامة" هل تعلم يا شيخنا أن سورة الإسراء لها اسم آخر هو " بني اسرائيل" وأن هذه السورة هي أكثر السور حديثا عن القرآن ذاته وهي الأكثر شرحا لكيفية التعامل معه، ثم أوردت له الأيات التي تددل على صدق ما أقول مثل:-
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) ، (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ
قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )

سألني الشيخ في أي الأماكن أعيش في برلين؟ فقلت له إنني أسكن في مدينة  جوتنجن وليس لي مكان هنا أسكن فيه، وأخبرته أنني جئت هنا اليوم لزيارة برلين وفي الغد سأسافر إلى هامبورج، وهنا تدخل أحد الرجلين قائلا:- وأين ستبيت هذه الليلة؟! قلت له: لا أعلم !  فقال موجها كلامه للشيخ: اسمح له أن يبيت ليلته هذه هنا! فقال الشيخ موجها كلامه لي: ولكن سامحني فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبح هناك تشديدا كبيراعلى المساجد لذا.. ومن دون أن يكمل فهمت من لذا هذه أشياءا كثيره لم أرد أن أسمعها إلا أنني فوجئت بقول الرجل يكمل:  لذا اسمح لي أن أرى جواز سفرك فقلت له على الفور: حاضر، وأعطيته الجواز، فنظر فيه ثم نادى: " ياشباب مين ممكن يعتكف مع محمد للصبح". فأجاب أحدهم وكان شابا وسيما " أنا ". قال له أبو أسام بارك الله فيك يا حسان ثم أقترب منه وسمعته يقول له: أكرم محمد واصنع له في الغد فطورا ثم أيده على حسابي. شكرت الرجل كثيرا ثم استأذنت من حسان كي أصلي الصلوات التي فاتتني.
انتهيت من صلاتي الظهر والعصر ثم هممت لأصلي المغرب فجائني حسان وقال لي: هذا صديقي ماجد من سوريا يريد أن يعزمنا على العشاء فهل توافق؟ قلت له طبعا موافق ولكن انتظرني أصلي المغرب وسآتي معكما...
خرجنا من المسجد - حسان وماجد وأنا- متجهين نحو مطعم مصري لنأكل عشوة مصرية، هكذا أخبرني ماجد. عرفت بعد ذلك أن حسان من لبنان جاء مع والديه اللذان يعملان في برلين وأن ماجد سوري و يدرس في جامعة برلين. دخلنا المطعم المصري وطلب ماجد نصف فرخة لكل واحد منا، وما أن شممت رائحة الشواء حتى أخذني الحنين... وحشتيني يا مصر.

ونلتقي غدا
محمد شحاتة

الأربعاء، أغسطس 08، 2012

وتبقي واحدة..


رائعة هي الإقالات والتعينات التى أقرها الرئيس مرسي هذا المساء وإن كنت أطمح وأطمع في المزيد ، فإقالة رئيس المخابرات كان لابد وأن يصحبها إقالة المشير ورئيس أركانه. ولكن إن كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله، وأنا مش ها الحسك كلك ياريس.

يقول المثل العربي " رب ضارة نافعة" صحيح استشهد اكثر من 15 جندي من خير أجناد الأرض، إلا أن هذا الحدث الجلل ربما -بل هو بالتأكيد- نافع، وذلك فقط في حالة ما إن تم استغلالة بطريقة سليمة وكاملة كيف ؟ اصبر علىًّ فيما يلي:-
  • فورا تشكل مجموعة دبلوماسية تتوجه إلى واشنطن طالبة منها ومن الجانب الإسرائيلي تعديل فوري ومنصف لاتفاقية كامب ديفيد. فبدون تعديل لهذه الإتفاقية وإرسال قوات كافية مدعومة بأسلحة متطورة فلن يكون هناك بسط كامل على الحدود الشرقية ومن ثم شبة الجزيرة السينائية.
  • نزع جميع الأسلحة البيضاء والصفراء والحمراء من جميع أهالي سيناء مع تشديد التواجد للأمن الداخلي في جميع ربوع سيناء.
  • البدء الفوري في إنشاء المصانع وتصليح الأراضي ،وحث الناس بل وتشجيعهم على الهجرة إليها.
  • غلق تام وبإحكام للأنفاق الموصلة إلى غزة مع فتح دائم لمعبر رفح.
وأخيرا أتوجه بالشكر للرئيس مرسي على جرئتة في اتخاذ هذه القرارات، التى بلا دون أدني شك ستكون لها عواقب وخيمة. أرجو من الله ألا يكتب لها النجاح وأن يجعل في تدابيرهم ومكرهم، تدميرهم وهزيمتهم.

 والله المستعان
محمد شحاتة

الثلاثاء، أغسطس 07، 2012

تخاريف صائم


إمبارح سمعت بالصدفة الأستاذ الدكتور المبجل، اللي مجنن مصر كلها، الدكتور توفيق عكاشة بيهدد سيادة الدكتور مرسي وبيقوله: "إياك أشوفك عند المنصة بكرة ، إبقى أنزل كدا وشوف إيه إللي ها يجرالك"
 انا بصراحة لما سمعته بيقول كدا قلت: إيه الهرتله والألش إللي الراجل دا عمال يقوله، وعمر ما جه في دماغي إطلاقا مطلقا ولو لفمتوا ثانية، إن مرسي ممكن يخاف من تهديدات عكشة، وما يروحش الجنازة بتاعة شهداء مصر، وقلت لنفسي طب إزاي مرسي يروح العريش ويروح رفح ويدخل في وسط المعمعه ويجي ما يروحش جنازة شهداء مصر إللي ها تكون على بعد واحد كيلوا متر من القصر الجمهوري!!! بصراحة مستحيل كنت أصدق قبل النهاردة إن رئيس الجمهورية يخاف ينزل جنازة لأن توفيق عكاشة بيهدده ... طب أنا عاوز أعرف لما يجي لنا تهديد من إسرائيل ولا من أي  مكان سيادة الرئيس مرسي ها يعمل إيه؟!!!

صحيح أنا صايم والجو النهارده حرارته لا تطاق، وحاسس إني بدأت أخرف، بس الموضوع ده مخليني أخرف، وأخرف، وأخرف، وبدأت أفكر أنا إيه اللي خلاني أنتخب مرسي لما فيه عكاشة، إللي بيهدد وبيعدد وقلبة جامد!!!

حد يفسرلي يا جماعة لأن بصراحة الوضع زاد عن حده!

والله المستعان
محمد شحاتة

الاثنين، أغسطس 06، 2012

لا عذر لكم أيها الفلول


عجبا لكم أيها الفلول الشفيقيون. حقا فلتكشفوا عن وجوهكم القبيحة ونواياكم الخبيثة... فما أن حدث وجائكم خبر استشهاد جنودنا على الحدود ؛ حتي سننتم سكاكينكم التلمة، وأخرجتم خناجركم الصدأة ،وبدأتم في غز ونغز الرئيس... " هو من فتح الحدود لحماس، وهو من أخرج الإرهابيين من السجون" تلومون الشهم العفيف وتتركون المقصر المدان.. مابالكم وما وجهتم مجرد عتاب للبيادات التي تركت مهامها وواجباتها، واكتفت بالتنديد على صفحتها على الفيس بوك... تلك إذا قسمة ضيزى

إن ما يحزنني ويؤسفني ويدعوني لاحتقاركم هو أنكم دوما ما تصطادون في الماء العكر، تاركين خلفكم وطنا جريحا يحتاج من الجميع التكاتف لتضميد جراحه وتطبيبه.. لا عذر لكم.

لا عذر لكم ما دمتم تفضلون لعب دور الشامتين المُحبِّطين المثبطين..

والله المستعان
محمد شحاتة

 

لن نتـ هــــاون


الرئيس مرسي طبعا لازم يخرج علينا بعد أي حادث " دهشور، نايل ستي، الحدود، ويا عالم إيه تاني" و يهدد ويعدد ويندد لن نتهاون. ياترى سيادتك لن تتهاون في إيه ولا إيه؟ وياترى هل لديك الصلاحيات كي تتحدث عن هذا الأمر؟؟ سيادتك أبقيت على المشير وزيرا للدفاع في حين إن سيادتك قلت برده لن نتهاون في حق الشهداء والمصابين .. ألم يكن المشير مسئولا إن لم يكن ضالعا ومتورطا في دماء الشهداء" ماسبيروا، محمد محمود، الوزراء، العباسية" ولا حضور سيادتك مراسم تخرج الدفعات أنساك " لن نتهاون دي"..!
سيادتك عينت وزير داخلية جديد مشتبه في تورطه " ولو بنسبة واحد في المائة" في أحداث قمع للمتظاهرين في الصعيد مع إن سيادتك قلت لن نتهاون في تقديم المتورطين وتقديم أدله جديده .. هل هذا الرجل الذي كان شاهد نفي في قضية قتل المتظاهرين هو الذي سيقدم الأدله ؟؟؟!! فعلا لن نتهاون.
سيادتك " ولك مطلق الحرية في اختيار من تريد مستشارا لك" اخترت الجنزوري المسئول عن أحداث بورسعيد ليكون مستشارا لك ومنحته وساما .. فعلا لن نتهاون...

دكتور مرسي: إن لم تقيل المشير طنطاوي وتعين بدلا منه رجلا قادرا على حمل الهاوون لحماية الحدود من عبث العابثين " بدلا من استخدام النت للوعيد والتهديد" فلن "نتـ هاون" .

والله المستعان
محمد شحاتة

الأحد، أغسطس 05، 2012

من يومياتي في ألمانيا ( برلين 10)



أخذت أتجول في المتحف المكون من طابقين مملوئين بالتماثيل المصرية ، أشهرها على الإطلاق هو التمثال النصفي للملكة نفرتيتي، ثم تمثال نصفي آخر للملكة حتشبسوت يبلغ ارتفاعة 16 سنتيمتر فقط. علمت بعد ذلك أنه ربما يكون هذا التمثال مقلدا وأنه لو صح هذا الخبر فسيكون هذا التمثال هو  أحد أغلى المقتنيات المقلدة التي اشتراها المتحف على الإطلاق ، حيث إن المتحف دفع في هذا التمثال مليون مارك (510 آلاف يورو أو نحو 715 ألف دولار)  وكان ذلك في عام 1986 للبريطاني روبين سيمس... "أحسن"

بدأ موظفوا المتحف ينادون على الزائرين بأن يتفضلوا بالخروج من المتحف؛ نظرا لانتهاء الوقت المخصص للزيارة. واستجبت للنداء مضطرا، ولم يكن لي أن أعطي ظهري للتماثيل المصرية وأنا خارج من المتحف، لذا فقد خرجت بظهري مودعا منحوتات أجدادي....

خرجت من المتحف بشعور المنتصر المظفر، بعد أن تحققت أمنيتي بزيارة ستة متاحف في يوم واحد .. يا له من إعجاز... قابلتني نسمة هواء باردة جعلتي أبسط ذراعي لها مستسلما في محاولة للطيران، إلا أن جسدي لم يهيئ لذلك بعد، صحيح أنني لم أتناول أي طعام منذ الصباح  الباكر ولكن نشوة الإنتصار جعلت الغدد الجلوكوزية تفرز إفرازاتها الفيتامينية وتمدني بالطاقة... " أي كلام في أي كلام ربما من جراء حالة الهستريا التي أصابتني"

ألقيت بجسدي على أول مقعد وجدته في طريقي، ثم أخذت أتأمل في المارة تاركا لعيني النظر في من جاء ومن راح من دون أن أدرك أي شئ، أو أن أتذكر تلك الوجوة تمر، كان الغرض فقط هو الراحة والاسترخاء. مر من أمامي أتوبيسا شاهدت من نافذته رجلا يرتدي جلبابا أبيضا وعلى رأسة طاقية بيضاء وبجوارة سيدة ترتدي حجابا لست متذكرا لونه، وقد أجلست طفلها على قدميها. انتبهت فورا وتذكرت أن اليوم هو الجمعة وأنني لم أصلي صلاة الجمعة بعد... ياربي... ثم تذكرت أني مسافر وأنه لا جمعة لمسافر فهدأت ثم بدأت أفكر ماذا سأفعل...

بدأت أرتب من أولوياتي فقلت لنفسي :- أنا في احتياج لتناول طعام الغداء، ثم في احتياج لمسجد كي أصلي فيه الظهر والعصر، وبعد ذلك أحتاج إلى مكان  كي أبيت فيه هذه الليلة....

نهضت من جلستي، وبدأت في البحث عن مكان أشتري منه ما يسد رمقي ويذهب جوعتي.. ويبدو أن الجوع يأتي عند ذكر الطعام، فقد أحسست بنوبة جوع لم أشعر بها من قبل، وأخذت مصاريني تأكل في معدتي وهبت العصافير تطير في بطني وأخذت أهرول.... دخلت متجرا كبيرا اسمه بُلُس " بالألمانية PLUS" اشتريت منه خبز وجبن وعصائر وتفاحتين وأصبعين من الموز ثم خرجت أبحث عن مكان أجلس فيه لآكل. تجولت كثيرا أو قليلا لا أدري، كل ما أتذكره أنني بمجرد رؤيتي لشاطئ قناة صغيرة ذهبت من فوري صوب حافته، وجلست... أخرجت من حقيبتي الجبن والخبز ثم صنعت منهما سندوتشا بدأت في اتهامه على الفور، وبينما أنا منهمك في التهام سندوتشي إذا بمركب سياحي صغير يمر من أمامي وقد بدأ الراكبون يلوحون بأيديهم تجاهي فرفعت يدي وبها السندوتش كي أرد لهم التحية ثم نهضت صائحا" اتفضلوا"....

أنهيت طعامي ثم هممت أبحث عن مسجد لأصلي فرائضا قد فاتتني، وأشكر الله على نعم قد أغرقتني وبدأت أنتقي من أسأل من المارة ومن أظن أنه ربما يعلم شئيا عن المساجد.. دلني أحدهم عن مسجد قريب فذهبت إليه فوجدته مغلق ولما قرأت اللافتة الموجودة على بابه علمت أنه مسجد للأتراك.. لا لا، لا أريد أن أصلي في مسجد تركي فتجربتي مع المساجد التركية تجربة لا أحب تكرارها فصلاتهم ربما تختلف عن صلواتنا أو هي كذلك وتذكرت أنني ذهبت ذات مرة لصلاة الجمعة في مسجد تركي فلم أستوعب ما فعلوه فقد صعد الخطيب المنبر مرتين تحدث في الأولي بالتركية ثم نزل وصلي ثم صعد وتحدث بعد ذلك بالعربية ثم نزل وصلينا جماعة ... ولم أفهم شيئا... ثم إنني لما صليت العشاء  بجاري التركي في جوتنجن لم تعجبه صلاتي وفضل أن يصلي هو بمفرده...أبحث عن مسجد للمصريين فهل سأجد؟؟ وهل من حقي أن أشترط، أو أن أنتقي ؟!!

تركت لقدماي العنان كي تنطلق، فلربما تقوداني لهدفي أو تتعثرا في مرادي، وبينما كنت في طريقي فإذا بقطرات المطر تتنزل على رأسي، فاختبأت منها تحت بلكونة بارزة لإحدى البنايات حتى تنتهي، ولما انتهت بدأت أشعر بالبرد، فأسرعت الخطى لعلي أقضي على هذا الشعور. وبدأ الظلام يحل رويدا رويدا وأضيئت مصابيح الشوارع، وبدأت أفكر... ترى لو لم أعثر على مسجد لأصلي فيه فأين سأنام؟!.. كان لدي أمل كبير أن أصلي في أحد المساجد ثم أنزوي في زاويته وأنام للصباح الباكر، ثم أرحل إلى هامبورج، هكذا كنت أفكر. ولكن بدأ الأمل يتلاشي شيئا فشيئا لا سيما بعد أن حل الظلام.. قلت لنفسي يبدو أن الشارع سيكون سريري وأن هذه السماء الدامعة ستكون غطائي... وواصلت السير حزينا...

توقفت أمام سيدة تجلس على مقعد لمحطة الأتوبيس فسألتها هل تعرف أي مسجد في المنطقة؟ فلما رفعت رأسها وجدت الدمع يفيض من عينيها، ومن دون أن أشعر أخرجت لها منديلا ثم أعطيته إياها فلما أخذته مني ضحكت، وضحكت معها ثم انصرفت من دون أن أسأل.. تساءلت في نفسي ترى ما الذي يبكي هذه السيدة؟ فردت علي نفسي قائلة: وما شأنك أنت؟ دعك في حالك فإن حالك يبكي،،، ثم تذكرت قول الله تعالي " كلا إن معي ربي سيهدين"

قمت بترديد الآية الكريمة عدة مرات وكلما أعدت تلاوتها ازددت تحفيزا ويقينا بأن الله لن يتركني، ثم تذكرت قول الشاعر:-

ضاقت ولما استحكمت حلقاتها       فرجت وكنت أظنها لا تفرج

يارب يا مفرج الكروب فرج ما أنا فيه ...  وفي وسط الإضاءة الخافتة التي كنت أسير فيها، وبالقرب من محطة للمترو، رأيت رجلا أسودا يسير في الجانب الأخر من الطريق فعبرت الطريق إليه، ثم سألته بالألمانية هل تعرف مسجدا قريبا من هنا؟ رد الرجل على بالانجليزية ما معناه: أنه لا يستطيع التحدث بالألمانية، فأعدت عليه السؤال مرة أخرى بالإنجليزية، فرد علي بالعربية، فعرفت أنه عربي.... سررت كثيرا...عرف من لهجتي أنني مصري، وعرفت منه أنه سعودي .. قال لي إنه يعرف مسجدا للعرب يبعد خمس محطات عن هذا المكان، ويوجد في حي اسمه تيرجارتن " بالألمانية Tiergarten" في شارع " Tirmstrasse" وأخبرني بأنه على أن أستقل المترو فورا كي أصل إليه سريعا، وأنه لم يعد أمامي سوى نصف الساعة على صلاة العشاء وبعدها سيغلق المسجد. شكرت الرجل كثيرا وصعدت درجات المحطة العالية، وبدأت أسأل الناس عن أي الجهات التي أركب منها القطار المتجه نحو تيرمشتراسه.. قال لي من سألته: لا يوجد شئ اسمه تيرمشتراسه. قلت لهم إنه في منطقة  تيرجارتن!! ولما أخرجت لهم الورقة التي دونت عليها العنوان قال لي أحدهم: لا إنه ليس تيرمشتراسه انه تورمشتراسة .. ياسلااااااااااااااام
ونلتقي غدا
محمد شحاتة

الخميس، أغسطس 02، 2012

من يومياتي في ألمانيا ( برلين 9 )



تركت هذه القاعة، ثم دخلت قاعة أخرى بجوارها، وما أن دبت قدماي بداخلها حتى وجدت شئيا عجيبا مدهشا، يا الله ما هذا؟ إنه شارع الموكب، حملوه أيضا من العراق... يا للجمال، والدقة ،والإبداع! وهنا لم أعد أحتمل، فأخرجت كاميرتي ثم التقطت لها صورة من دون مراعاة للوعد الذي أخذته على نفسي، وما هي إلا ثوان معدودات حتى جاءتني السيدة مرة أخرى، ومن دون أن تنطق بكلمة من التى تقال كثيرا في هذا المناسبات عندنا  في مصر من قبيل" أنا مش حذرتك أنا مش قلتلك انت ما بتفهمش انت .."  قلت لها أنا آسف جدا فأصدقائي في مصر لن يصدقوا أنني زرت هذا المتحف إلا بعد أن يروا صورا له. قالت لي: ياسيدي هذه تعليمات، وعليك أن تتبعها، لأن هذا الفلاش يضر بهذه اللوحات وبهذه الآثار. لم أشأ أن أطيل معها الحوار، فقد وجدت في عينيها جدية قد تؤدي إلى اتخاذ إجراءات ربما لا تعجبني، لذا آثرت السلامة والسكوت.



تركتني ثم تركتها وتركت المكان، ثم ذهبت إلى قاعة أخرى مهمة إن لم تكن هي الأهم على الإطلاق وفقد سمي هذا المتحف باسمها، إنها قاعة مذبح برجامون. ومذبح برجامون هذا من العصر الإغريقي عثر عليه في تركيا ويزيد عمره على 2000 سنة، وهو تذكار كبير يتكون من آلاف القطع المرصوصة إلى جانب بعضها البعض. ويعتبر هذا المذبح المعلم الأكبر والأكثر اجتذاباً للزوار في "جزيرة المتاحف". جزيرة المتاحف تأثرني... ترى لو قامت حكومنا بعمل مثل هذه المتاحف في  جزيرة  من الجزر الكثيرة التي يزخر بها نيلنا ألم تكن أفضل؟!! نحن لم نعدم الجزر ولم نعدم الأثار ولكننا عدمنا الإرادة وعدمنا الجمال...

غادرت هذا المتحف مضطرا فالوقت يمضي سريعا وما زال أمامي متحفين لم أزرهما بعد، والساعة قاربت على الثانية ظهرا والمتاحف تغلق أبوابها في الرابعة. وبسرعة البرق دخلت إلى"المتحف الوطني القديم" وهو أشبه ما يكون بالمعبد، وهو بحق يزخر بالعديد من الرسومات الشهيرة على المستوى العالمي لفنانين من أمثال الرومانسي المعروف "كاسبار دافيد فريدريش." خلي بالك من فريدريش دا ورانا ورانا".

خرجت من هذا المتحف مجهدا متعبا، وفي حاجة ماسة إلى الراحة ولو لبضع دقائق ألتقط فيها أنفاسي، فمازالت معدتي خاوية على عروشها، فلم أتناول سوى القهوة والتفاحة... ولكنها القشعريرة التي ما زالت تدب في جسدي ياعزيزي. و قد زاد من إجهادي ومن تعبي ذلك المنظر الخلاب الذي يخطف الأبصار ويذهب بالعقول، إنها "حديقة المتعة" بالألمانية "لوست جارتن" التي تمثل واحة صغيرة خضراء تنتشر فيها النوافير ومقاعد الجلوس، كما يغطي أرضها عشب ناعم يدعوك للجلوس والاستمتاع بالأجواء الجميلة في أحضان الطبيعة،، وأنا عاشق بطبعي للطبيعة، لذا تركت المقاعد وألقيت بجسدي على العشب الأخضر الناعم ثم رحت في سكرة عميقة. وما أحلاها!

 تذكرت فريدريش، وتذكرت معه الحشيش، ثم سخرت من نفسي عندما وقفت تحت لوحة ماكدونالدز، و احتقرت نفسي وأنا أركب القطار بتذكرة منتهية الصلاحية، وتأملت قليلا في قبة البرلمان الزجاجية ، ترى لماذا كان التصميم بالزجاج؟ربما أرادوها شفافة مثل ديمقراطيتهم أو هكذا أرادوا أن تكون ديمقراطيتهم.... وتأسفت على فراقك يا فريدريش.

نظرت في الساعة فإذا بها قد تخطت الثالثة ببضع دقائق، فقمت من فوري أسأل عن مكان المتحف المصري الذي به نفرتيتي، فهو الوحيد الذي تبقى من دون زيارة، وهو الأهم بالنسبة لي على الإطلاق. وكانت المفاجأه فالمتحف ليس موجودا بالقرب من جزيرة المتاحف!! عرفت بعد ذلك أنه يبتعد عن المكان الذي أقف فيه بحوالي ثلث الساعة بالأتوبيس. يا للهول!! ماذا أصنع؟ وهل لو ركبت الأتوبيس سألحق المتحف قبل إغلاقه؟ كم أنا غبي وكسول!! انطلقت بسرعة الريح نحو محطة الأتوبيس، ولما وصلت إليها سألت الناس عن أي الأتوبيسات أركب؟ فدلني أحدهم على رقمه، وما أن التفت خلفي حتى وجدته قد وصل المحطة! أههه أنا لم أشتري التذكرة بعد، ماذا أفعل؟؟ لو ذهبت لأشتريها من الماكينة سأتأخر، وسيغادرالأتوبيس المحطة وسأضطر للانتظار!! وهنا جائني إبليس للمرة الثانية يراودني عن التذكرة ... كلا لن أركب من دون تذكرة هكذا كان جوابي لإبليس على وسوسته إياي ثم  رميته باللعنات، وجريت نحو ماكينة التذاكر، وقذفت فيها بالاثنين يورو ونصف، ثم ضغطت على زر المكان فنزلت لي التذكرة  ووجدت الأتوبيس يتهيأ للإنطلاق فصرخت بأعلى صوتي انتطر اننتطر!! وانتظرني السائق على غير العادة، وانتصرت على الشيطان.



 نزلت من الأتوبيس وما هي إلا بضعة أمتار حتى شاهدت لوحة قد رسمت فيها صورة المكلة المصرية نفرتيتي ومكتوب أسفلها "المتحف المصري" وقد رسم سهما يشير نحو الإتجاه داخل شارع جانبي. دخلت الشارع وعلى بعد حوالي عشرين مترا وجدت مبني متوسط الحجم، يتكون من طابقين، وقد كتب عليه لافته تقول "المتحف المصري مرحبا بالزائرين". أعطيت التذكرة للموظفة، فأخبرتني بأن موعد إغلاق المتحف بعد نصف ساعة فقط ، قلت لها وعلامات الأسى تكسو وجهي : أعلم ذلك ولكنه الحنين يا سيدتي.



 على بعد خطوات قليلة أبعدتني عن تلك الموظفة وجدتني وقد هبطت درجات ثلاث ثم انحرفت إلى اليمين قليلا لأرى ملكة مصر وقد وقف أمامها جمع من الناس فتحت أفواههم واشرأبت أعناقهم في زهول متأملين تمثالا نصفيا مفقودة إحدى عينية. إنه تمثال الملكة نفرتيتي " جميلة الجميلات".



 ووقفت أنا أيضا.. ولم يكن وقوفي تأملا في التمثال بقدر ما كان تأملا في أولئل البشر المبهورين بحضارتنا فهل نقدر ذلك ؟؟ وسألت نفيسي هل يعلم الناس في مصر أن تمثال نفرتيتي هو أحد أشهر الأعمال الأثرية المصرية القديمة، وأنه تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري عمره أكثر من 3300 عام، نحته النحات المصري تحتمس عام 1345 ق.م تقريبًا، وأن الملكة نفرتيتي هي زوجة  الفرعون المصري إخناتون؟  لقد جعل هذا التمثال من نفرتيتي أحد أشهر نساء العالم القديم، وجعل منها رمزا من رموز الجمال الأنثوىّ البسيط.



عرفت بعد ذلك أن هذا التمثال النصفي للملكة نفرتيتي قد عثر عليه فريق تنقيب ألماني عن الآثار بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة  في محافظة المنيا بمصر عام 1912. وقد وضع التمثال في عدة مواقع في ألمانيا منذ عثر عليه، بما في ذلك منجم ملح في ميركس- كيسلنباخ، ومتحف داهليم في برلين الغربية، وأخيرا في هذا المتحف في شارلوتنبورغ في برلين.

وهنا أخذ ينتابني شعوران غريبان أحدهما ممزوج بالحزن و المرارة و الألم لعدم وجود هذه الآثار التاريخية النادرة في وطنها الأصلي مصر، والآخر ممزوج بالبهجة و الفرح و السرور بأن هذه الآثار موجودة سالمة معززه مكرمة في هذا المتحف، كي تتطلع عليها وتشاهدها  شعوب العالم الوافدة إلى برلين .

ولقد تغلب شعور البهجة والفرح والسرورعلى الشعور الآخر وذلك عندما رأيت الذهول والإعجاب وقد ارتسم على وجوه الزائرين، وأصابتني حالة من الفخر والافتخار بكوني مصري، وتذكرت ذلك الموقف المشابه لهذا الأمر من شعور بالفخر بمصريتي، عندما دعتني جارتي الصينية في جوتنجن كي أذهب معها إلى الكنيسة  لنقرأونتعرف على الإنجيل. وذهبت معها، ولما دخلنا الكنيسة وكانت أرثوذوكسية، وجدت مجموعة من الرجال والنساء زاد عددهم عن العشرة وقد جلس منهم ثلاثة في زاوية القاعة وفي يد كل منهم آلة موسيقية وأخذوا يعزفون وأخذ الباقون يتناوبون القراءة من العهد القديم ، ثم جاء دوري في القراءة وقرأت صفحة كاملة عددت فيها كلمة "مصر" خمسة عشر مرة !! ياله من أمر يدعو للفخر .. أحسست ساعتها بأنني مميز، وأن بلدي مقدس، وأنني ينبغي أن أحافظ على قدسيته. فخور دوما بمصرتي....



ونلتقي غدا
محمد شحاتة