الأربعاء، أغسطس 31، 2016

الدكتور حسام بدر يكتب:

ملخص كتاب الثورة الاسلامية في الغرب لمؤلفه ‘"إجناثيو أولاجوى".

  •  ما أشبه اليوم بالبارحة
  • "مأساة سوريا وحضارة المسلمين في إسبانيا"
يعد تحدياُ شائكا أن يقتنع المرء برأي لم يألفه، وخاصة عندما يدور حول معطيات تاريخية رسخت في الأذهان على أنها حقيقة في كل تفاصيلها. وهذا ما فعله الكاتب الإسباني إيجناثيو أولاجوي في مؤلفه "الثورة الإسلامية في الغرب" (ترجمة أ. علي المنوفي، و د. طارق سالم ، وتحرير د. حسام  الدين بدر) - الذي عالج فيه قضية وجود المسلمين وانتشار حضارتهم الرائعة في شبه الجزيرة الإيْبِيرِيّة أو إسبانيا القديمة؛ وقد انطلق الكاتب من وجهة نظر تخالف ذلك التصور الذي ورد في كتب التاريخ سواء العربية أو غير العربية، والذي يشير إلى أن دخول الإسلام إلى إسبانيا كان نتاج عمل عسكري؛ يصف الكاتب ذلك بالهراء ويسمه بـ "الغزو المزعوم"، لأنه من وجهة نظره أنه من غير المعقول أن تحدث هذه المعجزة من خلال جيش من المسلمين ليس فقط قليل العدد بل أيضا العتاد.
يذكر الكاتب أن نزوح العرب المسلمين من الشرق إلى إسبانيا كان في هجرات متعددة، دفعتهم إليها تغير مناخي شديد (التنابض التناوبي المناخي)، تسبَّبَ في حدوث مجاعات، وأدى إلى هجرات واسعة نحو الغرب وحركات ديموغرافية كبيرة. ويؤكد الكاتب على أن الأمر لم يكن بعد ذلك إلا فتحاً سلمياً حضاريا، كان سببا في انتشار الإسلام ولغته العربية في تلك المنطقة، من خلال ما أطلق عليه "قوة الأفكار" ودينامكيتها واستيعاب الإسلام حضارة وثقافة الآخر، التي قدمت الطاقة الضرورية لهذا الانتشار وتطوره وقبول الآخر الدخول إلى الدين الإسلامي وتعلمه لغته في أفواج وبصورة كبيرة.
إن المسألة التي تناولها الكتاب تعكس لنا حوار الإسلام الحضاري الخلاق ، الذي جذب الشعب الإسباني إلى الدخول فيه، فتمازج هذا الشعب بحضارته وبثقافاته المختلفة مع الإسلام، ليتمخض من ذلك حضارة شهد لها التاريخ؛ إنه مخاض مصدره الإسلام الاستيعابي الذي لا يعرف ولا يعترف بالحواجز الجغرافية أو الموانع النفسية أو الفكرية، وينأى بنفسه عن الصراعات الدموية، فهو دين لا ينتشر بحد السيف، بل بالحوار وقوة الأفكار المنبعثة من هذا الدين، وما يمنحه للبشرية؛ وقد ربط " إيجناثيو أولاجوي " في كتابه هذا التاريخ بعلم الآثار والاجتماع والجغرافيا والدين والفن ، بل وفي بعض الأحيان (وإن كان نادراً) باللغة، وقام بتوظيف ذلك بصورة جيدة.
عندما قرأت الكتاب قارنت بين الأندلس وما حدث ويحدث في عالمنا المعاصر لأهلينا في سوريا، وسألت نفسي أيكون ما حدث خيرا إذا ما نظر إليه من زاوية التحولات التاريخية؟ أيكون خروج أهل سوريا إلى الغرب - رغما وقسرا بسبب الحرب - يقابل التنابضات المناخية التي أرغمت المسلمين والعرب ذات يوم إلى شد الرحال نحو إسبانيا؟ فقط يحتاج المسلمون في الغرب المعاصر فكرا إسلاميا بثوب جديد، أي تطويره طبقا للمستجدات الزمانية والمكانية، وذلك في أبنية الإسلام الثلاثة (البناء التشريعي والعقدي والأخلاقي)، دون أن يُمس معلوما من الدين بالضرورة، أي إسلام دون هدم معالمه، بمعنى آخر عدم صياغة إسلام أوروبي يكون أشبه بعجل "سيرابيس" الذي اختلقه الإغريق لتوحيد سكان مصر من الإغريق والمصريين.

إن مأساتكم يأهل سوريا ظاهري، وشر من قَتَل بعضكم موت خفي باطني، شر ضئيل ضعيف جزئي، منه يولد خير أكبر قوي، شر الجبابرة سقوط الكبر والكبرياء، توحش وسفك الدماء، ولا يدرون أنهم بجرمهم يحققون ناموس الوجود، يدفعون بكم إلى عالم الخلود، ومن أصلابكم سيكون التطهير، ومن التدمير سيكون التعمير، ومن هدم الطغاة سيكون البناء، إنه ناموس الحياة.، هناك من وراء البحر الأرض ستحكمون، من بلاد القوط والجرمان والرومان العالم ستقودون، فقد وعَدَ من ملكوته في السماوات " لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" بإبمانكم وعقول تعمل الصَّالِحَاتِ. سئل رسول الله (ص) أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية، فقال (ص) الأولى. والأمر لن يكون ببأس شديد أو سلاح، بل بعقل يهب البشرية الفلاح "وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا" وصلاح..... إنا نجهل وهم يجهلون، ألم يقل "إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" سافكو الدم قد منحوا الحياة وهم لا يدرون! ــ بأيديكم يأهل سوريا ستتحطم أسطورة "بلاط الشهداء"، فـ "شارل مارتل" صناعة الأغبياء، دعوا بارودهم يسكرهم، فاليوم خمر وغدا أمر، وما أشبه اليوم بالبارحة.

الثلاثاء، أغسطس 30، 2016

اسماعيل محمد يكتب: مخلص كتاب "نحو منهج لتفسير القرآن" لمؤلفة الدكتورمحمد الصادق عرجون


محمد الصادق إبراهيم عرجون من مواليد مدينة إدفو سنة (1321ه ‏1903‏م)، تخرج من الأزهر الشريف عام ‏1929‏م، وتدرج في سلكة الأكاديمي حتى وصل إلى عمادة كلية أصول الدين سنة ‏1964‏م‏، كما عمل أستاذا في كل من: الكويت والسودان والجماهيرية الليبية والمدينة المنورة وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
ويتميز عرجون بكتاباته القوية والتي يصفها محمد رجب البيومي "بالأسلوب الرجل‏، ففي أسلوبه ما في شخصيته من فحولة وشجاعة وقوة‏،‏ فلقد كان الأستاذ ذا حمية مخلصة وغيرة ملتهبة تلمسها في حديثه كما تراها في بريق عينيه وتوهج ملامحه‏".
توفي عرجون سنة ‏1981‏م وهو صاحب كتاب (محمد رسول الله تحقيق ورسالة) الذي أعادت نشره مجلة الأزهر، عدد شهر رمضان لعام 2016م.
كتاب "نحو منهج لتفسير القرآن" صغير الحجم نسبيا ولكنه عظيم الفائدة؛ فالكتاب يقع في حوالي مائة صفحة  من القطع المتوسط، ومن عنوانه يستطيع المرء بسهولة الوصول إلى محتواه، إذ إنه يعتني في المقام الأول بتفسير القرآن الكريم وفي ذلك يقول مؤلفه: "إذا فماذا يعني عنوان هذا الكتاب [...] إنه يعني عما ينبغي أنه تكون عليه الدراسة القرانية في مناهج دراستنا الإسلامية التي يجب أن نوجه_ وكدت أقول_ أن نحول إليها واقعنا الدراسي في تفسير القران". (ص: 8)
في الفصل الأول بدأ الكاتب بوصف حال التفسير منذ بدايته وحتى وقتنا الحاضر بشئ من إيجاز، أوضح أن الاهتمام بجوانب القرآن في التفسير كان متنوعا وفي ذلك يقول: "فنحن نجد أن البحث في جانب العبادات من تفاسير القرآن قد اتسع مجاله ونالت فيه مسائل الفروع الفقهية عناية تجاوزت واقع الناس إلى الفروض والتخمينات. وفي جانب الفروع اللغوية  [...]  نجد فيضا من البحث في قواعد اللغة. وفي العقيدة [...] اتخذ جمهور المفسرين الذين لهم عناية بهذا الجانب [...]  حصائد الفكر البشري قديما وحديثا في أعصرهم ميدانا لبحوثهم وألقوا بها في خضم الدراسة القرانية." (ص: 14)
وفي الفصل الثاني والذي اختار له عنوان " الفلسفة الإسلامية" أرجع عرجون أسباب تأخر التفسير إلى "إغراق الهداية القرآنية في خضم الحصائل الفكرية" ومنها الفلسفة الأجنبية عن الإسلام كفلسفة أرسطو.
ثم اخذ في غير موضع يناقش موضوع التفسير العلمي للقرآن، منتقدا هذا النوع من التفسير رافضا للتعسف وحشر العلوم والنظريات حشرا وتحميل النصوص ما لا تحتمل ابتغاء القول بذكرها مسبقا في القرآن لآن النظريات متغيرة والقرآن أبدي، حتى إن بعض الحقائق المسلم بها قد يأتي ما يعصف بها فلنحذر.
هذا وقد انتقد الشيخ عرجون الشيخ محمد عبده أحد رواد المدرسة الحديثة للتفسير في تفسيره لسورة الفيل بأن المقصود بالحجارة في قوله تعالى: "ترميهم بحجارة من سجيل" بأنها مرض الجدري، على أنه حفظ للشيخ محمد عبده مكانته وتأدب معه قائلا:" ولقد كان الشيخ الامام محمد عبده وهو الشعلة المضيئة في انارة الطريق لتجديد تفسير القران والعودة به الى بيان الهداية القرانية حذرا في لباقة عندما عرض لمثل هذا التأويل العلمي  [...]  في تفسير سورة الفيل" الخ. (ص: 20)
هذا وقد وضع الشيخ فصلا كاملا أسماه"ضرورة غربلة كتب التفسير" وذكر السبب في ذلك، إذ إنها تحتوي على  الكثير من المغالطات والتناقضات بله الموضوعات. كما أقر بأن الأمر ليس هينا على أنه من الأهمية بمكان؛ فهذا القران الدستور الأول وعليه محور الهداية بل هو الهداية ذاتها فلنوليه اهتماما ننل به الهدى والله نسال السداد والسلام.


الأحد، أغسطس 28، 2016

علي شاهين يكتب: ملخص كتاب الإسلام بين الشرق والغرب لمؤلفه علي عزت بيجوفتش


 ولد على عزت بيجوفتش فى البوسنة والهرسك عام 1928 وتوفي عام 2003، وكان أول رئيس للبوسنة والهرسك في الفترة من 1990 وحتى 1996 بعدها اعتزل العمل السياسي بسبب تدهور حالته الصحية وخاصة النوبات القلبية التى تفاقمت فى أواخر أيامه وألحقته بالسابقين في عام 2003.
يُمكن أن نعتبر هذا الكتاب  ـ دون أن نكون قد وقعنا فى دائرة المبالغة والتهويل المُفرط ــ رحلة فكرية تبلورت تعاريجها ومنحنيتها وأضوائها المنعكسة فى الأراء التى نظّم لها بيجوفتش فى كتابه السابح فى أيات الجمال والحكمة؛ فالرجل فى كتابه قد تجاوز الأسم المطبوع على غلافه ولم يتحدث عن الإسلام وتعاليمه إلا فى أخر ثمانين صفحة فى الكتاب البالغ عدد صفحاته أربعمائة صفحة من القطع المتوسط، وما قبل الصفحات الثمانين قسّم علي عزت بيجوفتش كتابه إلى شقين، الأول أسماه ( نظرات حول الدين)  وهو ينقسم إلى ستة فصول تناول فيهم طبيعة الدين بشكل عام، وجوهره، والأساطير الدينية المختلفة التى تناولت مجيئ الإنسان، ثم ـ وبشكل أكثر من رائع بل وحقيقي مُثير للأعجاب ـ استطاع أن ينظر لنظرية داروين فى سياقها الخاص بها وتقاطعها مع فكرة الخلق فى الأديان الإبراهيمية حيث تناولها بشكل حياديي فلم يلفظها ولم ينكرها  بل استطاع أن يوفّق بين مفهوم الخلق من حيث هو (نفثة) إلاهية وروح من الله سماوية أودعها الله فى جسد الإنسان وهى في نظره التجسيد الحقيقي للخلق حيث ارتفع الإنسان من رتبة حيوان تم تطويره وشحذه بملكات من قبل الطبيعة إلى شئ مختلف راقي عن جميع الموجودات الحية بفضل الإسباغ الإلهي عليه عن طريق (الروح) ومن هنا يمكن تفهم العنصر المميز للإنسان عن غيره ممن يمشي أو يطير على الأرض.
كذلك تناول الكاتب الفن بكل أنواعه ( مسرح، رواية، موسيقى، نحت، فن تشكيلي، شِعر وغيرها من الفنون) وعلاقة ذلك بالدين وربطها بالنفثة الإلهية التي تحث الإنسان للتشوق إلى الكمال وتجاوز غرائزه البيولوجية التي تطورت وفق الرؤية الداروينيه داعما كلامه بالأمثلة والشواهد من مختلف الحضارات على غريزة السعي للكمال والإيمان بالقيم والمُثل والفنون والتي تبدو غير منطقية لو نظرنا إليها بالمنظار الدارويني والبقاء للأصلح والأكثر تكيفاَ، ثم تناول بعد ذلك الأخلاق وطرح سؤالا حول إمكانية وجود إلحاد أخلاقي؟ بعد ذلك تحدث بإسهاب ــ لا تفوح منه أى رائحة حشو أو فيضان الإطناب ــ حول إشكالية أسبقية الأخلاق على الدين، قائلا بأسلوب ذكي وسلس رغم إيجازه:  
" لايوجد إلحاد أخلاقي ولكن يوجد ملحدين على أخلاق فحتى أخلاق الملحد نفسها تعود فى جذورها للدين، دين مضي قديماً واختفى لكن ظهرت بقاياه فى الطُرز المعمارية والسلوك والفنون، كما الفحم هو حصاد قرون سابقة، وكما الشمس التى تغرب ولكنها تترك أثار الدفء والحرارة على الأماكن التى أفترشتها بالضوء".
تناول علي عزت بيجوفتش كذلك قضية الأخلاق والسياسة ولأيهم يتشيع الفرد؟ هل يتشيع للمصلحة أم  يتشيع للأخلاق؟ ولعلي بيجوفتش عبارة رائعة تقول: "يحتاج الفرد إلي دين هو فى الوقت نفسه سياسة، وسياسة هي فى الوقت نفسه أخلاق"، حيث يرفض الكاتب فكرة فصل السياسة عن الأخلاق وأن الغاية تُبرر الوسيلة ويتناول مفهوم الإلحاد وعلاقته بصياغة سياسة الدول التي ترفض أى مساس للأخلاق بالسياسة.
فى أخر فصلين من الجزء الأول من الكتاب يتناول الكاتب مبحث النشأة الأولى للجامعة البشرية وعلاقة ذلك بالطوبيا وتأثر الأخيرة بالدين حيث المجتمع المثالي الخالي من الألم والصراع والجميع يعيش فيه سعداء وإنعكاس الدين بما يحمله من فكرة الجنة حيث الجميع سعداء والأمور بسيطة والمجتمع خالي من الشحناء والتباغض ليخلُص بعد ذلك لإستحالة فصل الفن والأخلاق والقيم عن الدين، حيث أن جميعهم قد خرجوا من مشكاة واحدة، وعقم محاولة فصل الإيمان والأخلاق عن الدين لوصلها بالإلحاد حيث لا مرجعية ولا يمكن فهم التضحية والقيم بطريقة منطقية فى منهج إلحادى يرفع شعار (اغتنم اليوم) إن جاز لنا إستعارة هذه المقوله من الشاعر الروماني هوراس.
فى القسم الأخير من الكتاب يُظهر الكاتب الإسلام على أنه توليفة فريدة من نوعه تجمع بين القيم والمُثل الروحية وسعي الإنسان لبلوغ الكمال وكيف أعطى الإسلام الضوء الأخضر لإشباع رغبة الإسان الروحية من عبادة وحب وفن وصيام ومحرمات وفى نفس الوقت وضع له شريعة عملية واقعية، أو كما يقول بيجوفتش: "الإسلام دين فريد من نوعه فهو يجمع بين مادية وصرامة العهد القديم ومثالية العهد الجديد" هذا الأمتزاج و"وحدة الأضداد" ـ إن جاز استخدام تعبير الطاوـ وهذا التلاحم الذى تبدو على سيمائه التنافر هو ما يُكثف عليه علي عزت بيجوفتش التركيز والتحليل وإظهار بِنيته العميقة، مانحا أركان الإسلام الخمسة رؤية لايسعك إلا التفكير طويلا كيف لم يخطر على بالك فى يوم ما أن تلك الأركان عميقة بهذا الشكل وبتلك الروعة التى تظهر فى تأويل استثنائي دون تكلف وليّ عُنق الوصف.
 ويُنهي المُناضل البوسني كتابه بالإسلام كبديل لاشتراكية الأتحاد السوفيتى (المعسكر الشرقي) وحل واقعي بدلا من الرأسمالية ( المعسكر الغربي و الأمريكي)؛ فالإسلام وسط بين هؤلاء بكل ماتشمل عليه كلمة وسطية من فضيلة وحل وأسلوب.
وفى النهاية، فالكتاب مكتوب بحبر البلاغة على ورق من الوضوح وبأسطر من المنطقية بهوامش من الإبداع ومتون من التأمل وحواشي تبلغ من الصدق ما يدفع القارئ لتحية (محمد يوسف عدس) ليس فقط للترجمة  ووضوح حاشيته بل لإصراره على الترجمة والنشر رغم الصِعاب التى وجدها آنذاك، ولهذا فلا عجب أن نجد قامة كبيرة مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري يُقدم الكتاب بتصدير يعكس عمق العاطفة التى هزت كيانه حين انتهى من آخر ورقة فى الكتاب.
 بيجوفتش يا سادة فيلسوف على قدر كبير من الحكمة وشخص قلما تجد مثيل له فى نزعته الموسوعية ورجل عظيم جمع بين علوم ومعارف المكتبة فلم ينسى الشارع السياسي، وأنخرط فى الحروب والسياسة دون أن تحرمه معركة الرصاص من معركة الفكرة ونقيضها ـ فمزج بين صرامة التفكير العلمي وبين ليونة السياسة، ولم تعزله مائدة الكتب عن طاولة المُفاوضات، إنه شئ نادر أن نرى فى زماننا المعاصر رجل كهذا فى عصر من مبادئ سوأته الإنعزال فى (كهف التخصص) ورفض النزعة الموسوعية والإحاطة والدراية بجميع العلوم ومزج الفكر بالعمل والعقل بالعضلات.
الكتاب انتصار وكأى انتصار الحفل والاحتفاء به ينتظر قارئه.

الجمعة، أغسطس 26، 2016

مريم عصام تكتب:

 ملخص رواية "الرجل ذو اللحيه السوداء" للكاتبة/ سامية أحمد
ساميه أحمد كاتبة مصرية تبحث عن الإنسانية، تبلغ من العمر 40 سنة، أستاذة جامعية مهتمة بمجالات ذوي الاحتياجات الخاصة وبكتابه الروايات ولها مؤلفات عدة منها: (عودة الذئب، من أجل سلمى، قلب اللهب، الابتسامة الشجاعة، فاطمة، سماء بلا قضبان)
هدف رواية "الرجل ذو اللحيه السوداء" يمكن أن يتلخص في عدم الانخداع بالمظهر دون الرجوع إلى الجوهر؛ فالرواية ليست فقط للتسلية، بل بها كم كبير من الرسائل ذات المغزى.
ملخص الرواية :
تحكى الرواية قصة فتاة متحررة تربت في أمريكا، وتنظر إلى الملتزميين على أنهم غير مثقفيين ينظرون إلى النساء نظره استحقار. ذات يوم قابلت "سارة" شاب يدعى "علي"، وهو شاب ملتزم وسوف يغير فكرتها عن الملتزميين تماما. يعمل "علي" مهندس ديكور في بيت سارة، وكان والد ساره يعرف والده، أما سارة فكانت تعمل في المركز المصري الأمريكى للدراسات النفسية والاجتماعية والعلوم الإنسانية، وكانت تقوم بعمل أبحاث عن الملتزميين، وعندما رأت أن علي يتجاهلها ويغض بصره عندما يراها ظنت أنه شخص معقد وسيكوباتي متوحش. ومن هنا بدأت في جمع معلومات عنه رغبة في أن تكمل بحثها، إلا إنها فشلت في كل محاولات التقرب إليه. كانت تريد جمع  معلومات منه عن الملتزميين من أصدقاءة، وكانت تريد أن تعرف من هو قائده.
عندما فشلت سارة في مهمتها قررت أن تطلب منه أن يتزوجها، فقابل طلبها بادئ الأمر بالرفض متعللا باختلاف تفكيرهما. وتحت إلحاح شديد منها وافق على أن يتزوجها، ثم صار يعاملها بكل حب ورحمة ومودة، حتى أنها استغربت الأمر، لاسيما وأنها كانت تشعر بالخوف من تجربة الزواج من رجل متزمت، في حين أن هدفها الأساسي  كان إكمال بحثها. وقد كان من ضمن شروط الزواج أن ترتدي سارة الحجاب. وعندما بدأت بارتداءه شعرت بصداع دائم أخذت لأجله بعض الأدوية، الأمر الذي زاد من إرهاقها مما جعل على يسرع بحملها إلى الطبيب الذي فاجأهم بأن بالدواء مخدر وأن سارة أضحت به مدمنة، وهنا وقف على بجانبها وقفة زوج مخلص حتى استعافت.
معاملة على الحسنة لزوجته جعلتها دائما تسأله عن قائده الذي يرشده إلى هذه الأخلاق، فما كان منه إلا أن فاجأها بأن قائده هو محمد صل الله عليه وسلم.
كان على لا يزال يشك في عمل زوجته، وصار يتعقبها حتى اكتشف أنها تعمل مع الموساد من دون علمها، وهنا تتطور الأحداث ويتم خطفها ويجبر على على أن يطلقها، وتتوالي الأحداث المثيرة إلى أن يلتقوا مرة أخرى لتصل القصة إلى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ربط الروايه بالواقع الذى نعيش فيه :
لقد بات المجتمع ينظر إلى الشباب الملتزم نظره استحقار، يراه متخلفا ورجعيا خاليا من أي ثقافة منتقصا من حقوق المرأة محتقرا لها، كما أن معظم الناس  بات يأخذ بالمظهر وبالشكل الخارجي ولاينظر إلى الجوهر.

الأربعاء، أغسطس 24، 2016

على شاهين يكتب:


ملخص كتاب ليتزو المنسوب للحكيم الصيني (ليتزو)

يُعتبر كتاب ليتزو، وهو كتاب مترجم عن النص الصينى وصادر عن المركز القومي للترجمة، أحد أهم المؤلفات الكبرى فى الفلسفة الطاوية، وهو منسوب إلى الحكيم الصيني ( ليتزو) الذي يُرجح أنه قد ولد عام 350 ق.م، وكانت أقدم نسخة محققة من الكتاب قد وضعت عام 77 ق.م، إلا أنها فُقدت تماما ولم يتبقى منها سوى الأبواب الثمانية التى قام بترجمتها الأستاذ المختص باللغة الصينية محسن فرجاني، ورغم الأقاويل الكثيرة التى شككت فى صحة انتساب النص إلى (ليتزو) بل وشككت فى وجود شخصية (ليتزو) من الأساس، إلا أن الكتاب يُعتبر أحد أهم الكتب التى تناولت التصور الطاوي للوجود وتناولت العوالم الغيبية متجاوزة أخلاق وسلوك كونفوشيوس. وقد بذل الأستاذ محسن فرجاني مجهودا واضحا جدا فى النُبذة الموجودة فى صدر الكتاب، والأمانة فى الترجمة الواضحة فى الحواشي.
مُلخص الكتاب:
والكتاب مُقسم إلى ثمانية أبواب، يُمكن أن نقول أن الفلك الذى تدور حوله القصص والأساطير والمواعظ المبثوثة فى ورق الكتاب مبدأ (اللاعمل) أو كما يقول المترجم (مبدأ الإنخزال)، ولا نعنى بتلك الكلمة أن الفلسفة الطاوية تدعو إلى البطالة أو إلى الكسل بل هى أقرب إلى مبدأ اكتشاف قوانين الطبيعة، واكتشاف قوانينك الخاصة، وهي لا تحاول معارضة قوانينهم فلا داعي للتذمر بشأن البراكين او السيول أو الأمراض والنواصب والأحداث التى تُصيب الإنسان لأنها جزء من الطبيعة والقدر وحين تعلم أسرار الطبيعة يمكنك أن تتوحد بها فلا النار مؤذية ولا النوائب مُهلكة ولا النيران مُحرقة ولا الأمراض ستفتك بك.
والمعرفة لا يقصد بها الطاويين المعرفة بالمعنى الأبستمولوجي أى معرفة المنهج التجريبي والاستقراء لوضع قوانين المادة والطفو والحرارة، بل معرفية وضعك الحقيقي وأدق أسرار الطبيعة لتكتشف قدرك فلا يُصيبك هم وحزن أو غم. ويُمكن تلخيص الثمانية أبواب نظرا لتشابه الكثير من الأبواب فى الأفكار والسياق العام دون اختلاف يُذكر على النحو التالى :
·      الفصل الأول والخامس: يتناولان كيف بدأ الوجود؟ فيقول (ليتزو) أن التصالح حين تم بين السماء والأرض أفاضت الأولى على الثانية وظهرت الطبيعة ويظهر التجريد بشكل قوي فى الفصل الأول عنه فى الفصل الخامس فى وصف البدايات ليؤكد (ليتزو) بعبارة تُلخص كل شئ (لا حياة لمن أدركته الحياة ولا ممات لمن أدركه الموت) أى لاشئ ثابت وإنما هى صيرورة كصيرورة هيراقليطس وكذلك فى الفصل الخامس يسأل الحاكم وزيره عن الخلق وكيف جاء البشر فيخبره بنظرية هى أقرب للتطور الدارويني منها إلى الأساطير العامة للمثيولوجيات من حيث تطور الحياة من أبسط مظاهراها إلى شكلها المعقد، ويعج الفصلان بالقصص التاريخية الحقيقة والأسطورية التى تُثبت أنه لا شئ دائم ولا شئ يبقى على حاله بما فى ذلك العادات والتقاليد والقوانين.

·      الفصل الثاني والسادس يناقشان أهمية وضرورة الخضوع لقوانين الطبيعة ومبدأ التحول، أما ذاتك فالبهدوء والتأمل والسكينة والإيمان بالقدر تستطيع أن تستكشفها بسهولة ومن ثم تكتسب حكمة عالية لأن هناك الكثير من الأشياء المجهولة والغير قادرة على كشف ألغازها فأنعم بحياتك وأرضي بمصيرك ولا تلقي بالا لأقوال الحكماء لأنه لاشئ ثابت بما في ذلك حكمتهم التى تتلائم مع وقت معين ، ويورد الفصل الكثير من الأمثلة والقصص ذات المغزى العميق للأشخاص الذين يمشون على الماء ويدخلون النار خارجين منها بسلام والكثير من قصص الخوارق التى تكشف عن أن اصحابها فهموا دورهم فى الطبيعة ومن ثم لم تُصيبهم الأخيرة بسوء.
·      الفصل الثالث والرابع : يكشف عن طريق القصص والأمثلة عقم السعي لكى تحوز جميع الفضائل والمعارف فهي لن تصلك إلى علم ذو قيمة كما أشار الفصل إلى أن من عرف الطاو (وهو تصالح الين واليانج أى تصالح السماء مع الأرض ويمكن تفسيره على أنه تصالح او وحدة التناقضات المتمثلة فى الرسمة الشهيرة للنقطة البيضاء فى الخانة السوداء والنقطة السوداء فى الخانة البيضاء) لن يهتم كثيرا باظهار خوارقة ومعجزاته أمام الناس ومن رغب فى تعلم الطاو لأجل هذا فلن يمكنه فعل الخوارق، ويُركز كذلك على فكرة الحلم فى أشارة الى تميع الحدود بين الواقع والخيال ويجد القارئ لكتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد الكثير من تشابه رؤية فرويد ورؤية الطاوين من حيث الخط الواهن الذي يفصل بين الواقع والحلم وأن الأخير ماهو إلا تحقيق رغبة يتم كبتها بعنف طوال النهار ويُفصّل الفصل الثالث بالأخص لنوعية الأحلام وصعوبة التفرقة وضرورة النظر إليها كأمتداد للواقع وليس غيبوبة لعوالم ميتافزيقية وكالعادة الفصل ملئ بالأمثلة ذات الدلالة العميقة والتكثيف المُبهر.
·      الفصل السابع والثامن: فى الفصل السابع يذكر الكتاب الكثير من الأمثلة التى تُدحض المذهب الكنفوشي بكثير من التهكم والسخرية وقليل من الموضوعية فيأتي بأمثلة واقعية لأشخاص التزموا بالسلوك الكونفوشي فعاشوا شظف العيش فقراء، ليس لهم صيت وحرموا أنفسهم من متع الحياة و زهدوا عن حياة اللذة واللهو فما أغنى عنهم كونفوشيوس ولا نفعتهم المبادئ والقيم العُليا. وفى الفصل الأخير من الكتاب يأتي الكاتب بالكثير من البراهين والقصص كبرهان ( والفصل الثامن يُسمى بالبرهان) وأنه من الأفضل للإنسان أن يعرف دوره الذى رسمه للقدر، فإن ظلمك الحاكم فلا تثور فدورة الطبيعة كما رزقتك بحاكم فاسد سترزقك بحاكم صالح لأن دوام الحال من المحال فأهتم بنفسك وأعكف على الأستمتاع بلذائذ العيش فالراحة النفسية والأيمان بالمصير أهم من البحث عن الحقيقة او المعرفة او الحق إلخ.


ملاحظة أخيرة : القصص والأساطير الواردة فى الكتاب غاية فى الجمال والتدبر، ومن الصعب تعريف الطاو بشكل ويكيبيدي وإنما القارئ سيتفهم الطاو من خلال السياق العام للأمثلة ولهذا أحجمت عن تعريفه فى بداية المقال وبالمناسبة هو ما أدركه المُترجم مُحسن حين وضع أكثر من تعريف للطاو فى تصديره للكتاب، الكتاب أذهلنى من اللغة التجريدية فى وصف الطاو من قِبل الحكماء، رغم أن اللغة الصينية القديمة كانت تتكون عن عبارات وليست جُمل مُرتبطة ببعضها بشكل ما من أشكال الربط وهو مايجعل وصف ليتزو فى الوصف لكيفية مجيئ الدنيا أمر مذهل فأنت تقرأ نصوص للحلاج أو ابن عربي أو ابن عطاء الله السكندري وليس شخص بعيد عن مراكز الثقافة العالمية صاحب لغة متواضعة وهو ما يُحيل القارئ لأستعادة الشغف بلفلسفة اللغة وماهية العقل البشري، وأخيرا الكتاب يستحق بكل علامات التأكيد القراءة!

الثلاثاء، أغسطس 23، 2016

كرم سامي يكتب:


ملخص كتاب شمس العرب تسطع على الغرب للمستشرقة الألمانية زيجريد هونكة

بينما أتصفح الإنترنت باحثا عن كتاب باللغة الألمانية ظهر لي هذا الكتاب: Allahs Sonne über dem Abendland بالعربية: "شمس الله تسطع على الغرب". أثار العنوان فضولي، خاصة بعدما تعرفت على مؤلفة الكتاب؛ وهي المستشرقة الألمانية ذائعة الصيت Sigrid Hunke زيجريد هونكه.  
 تسائلت كثيرًا عن السبب وراء تسمية الكتاب بـ "شمس الله تسطع على الغرب"؟ و أي محتوى وأي  موضوع سيناقشه هذا الكتاب؟ و لمَ استخدمت الكاتبة كلمة Allah ولم تستخدم كلمة  Gott؟ حيث أن كلمة الله تُستخدم غالبًا من قِبَل المسلمين و في سياق إسلامي، بينما تُستخدم في الغرب كلمة "Gott: إله"، ما الذي حملها على ذلك؟؟ كل هذه الأسئلة جعلتني أتشوق للتطلع على هذا الكتاب القيم.
 وُلدت زيجريد هونكه في مدينة Kiel عام 1913 وتوفت عام1999  في مدينة هامبورج الألمانيتين. درست علم أصول الأديان و مقارنة الأديان و الفلسفة و علم النفس و الصحافة. قضت عامين في مراكش وقامت بالعديد من الزيارات إلى بعض البلدان العربية دارسة باحثة. سخَّرت هونكه حياتها العلمية والثقافية فى البحث و التنقيب حول الحضارة العربية و تاريخها. و قد خلَّفت العديد من المؤلفات القيمة، منها هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
صدر هذا الكتاب عام 1960 في مدينة شتوتجارت الألمانية و أحدث ضجة كبيرة، قام البعض بنقد الكاتبة متّهمًا إياها بالتحيز و التعصب للعرب، و قام البعض الآخر بالدفاع عنها، مما أدى إلى انتشار واسع للكتاب وتم ترجمته إلى العديد من اللغات، منها العربية، تحت عناوين مختلفة " شمس العرب تسطع على الغرب" و "شمس الإسلام تسطع على الغرب" و "شمس الله تشرق على الغرب".
 تتناول الكاتبة في مؤلفها تاريخ العرب و تأثيرهم على المستوى الحضاري و العلمي على الحضارة الغربية فى مجالات مختلفة كالطب و الفن و العمارة و الصيدلة و الزراعة و الأرقام و الحساب و التكنولوجيا و فى علوم الفلك و الكمياء و الفلسفة و الرياضيات. كما ناقشت تأثر اللغات الأوروبية باللغة العربية، و حضارة الأندلس.
ما يميز هذا الكتاب في رأيي ويجعله مرجعًا ثمينًا هو أسلوب الكاتبة المعتدل. حيث تتحدث بحيادية شديدة وإنصاف بالغ دون تجنٍّ أو انتقاص من قدر أحد، على العكس من بعض الكتابات الاستشراقية غير الموضوعية. جعلت هونكه هدف الكتاب هو تقديم بعض دلالات عبقرية العديد من العلماء العرب الذين جهلنا سيرهم وأعمالهم، وأرادت تكريم العرب قائلة: "صمّمت على كتابة هذا المؤلَّف، وأردت أن أكرم العبقرية العربية، وأن أتيح لمواطنىّ فرصة العودة إلى تكريمها، كما أردت أن أقدم للعرب الشكر على فضلهم، الذى حرمهم من سماعه طويلًا تعصب دينى أعمى أو جهل أحمق."
قامت المؤلفة بتقسيم الكتاب إلى سبعة أبواب؛ تحدثت فيها عن ما يلي:
 جاء الباب الأول تحت عنوان "رفاهية حياتنا اليومية" و فيه تحدثت عن أسماء عربية لحاجات عربية، أوروبا الجائعة في ظل التجارة العالمية، البندقية محطة الحصار، في مدرسة العرب. الباب الثاني "العالم والأرقام" تناولت فيه ما ورثه الألمان عن الهند و فضل الخوارزمي في مجال الرياضيات، البابا يحسب بالعربية، تاجر يعلم الغرب. الصراع المرير، حيث احتلت الأرقام العربية بلاد الغرب وقامت بدورها في العلوم و الرياضة والإقتصاد. أما الباب الثالث و الذي حمل عنوان "السماء التي تظلّنا" فدار الحديث فيه عن عالم الفلك العربي موسى بن شاكر و أولاده الثلاثة (محمد، أحمد، الحسن) علم الفلك، علم الرياضيات، علم الميكانيكا. كان موسى صديقًا حميمًا للخليفة المأمون و عندما توفّي اعتنى الخليفة بأطفاله الثلاثة حتى كبروا و علا شأنهم، و أنشأ لهم دارًا في بغداد؛ حيث قاموا برصد النجوم رصدًا علميًّا و عمل قياسات للنّجوم فاقت ما قام به بطليموس دقّةً.

 خصصت هونكه الباب الرابع للحديث عن الطب، حيث ذكرت سيرة الرازي و نبوغه في هذا المجال، في الوقت الذي اعتقد الفرنجة فيه أن الآلام لعنة من السماء أو شيطان دخل النفس و يجب طرده بالقوة. أما الباب الخامس فأفردته لموضوع "سلاح المعرفة" وفيه: المعجزة التي حققها العرب، الغرب يسير في طريق مظلم، منهج المنتصرين، طلب العلم عبادة، الشغف بالكتب، شعب يذهب إلى المدرسة، هدايا العرب للغرب. وفي الباب السادس و الذي جاء بعنوان "موحد الشرق والغرب" تناولت تاريخ دولة النورمان باعتبارها حلقة الوصل بين العالمين الشرقي والغربي، توحيد الشعوب المتنازعة، "سلطان" لوسيرا، أحاديث عبر الحدود، نظرة جديدة إلى العالم. أما الباب السابع والأخير فخصصته للحديث عن عرب الأندلس. كما قامت بإلحاق أربعة ملاحق عامة، خصصت الأول منها لمقارنة تاريخية بين العالم العربي و العالم الغربي، أما الثاني فجمعت فيه كمًّا من الكلمات الألمانية المأخوذة عن العربية والفارسية. وفي الملحق الثالث أوردت جدولاً بأسماء عربية الأصل لبعض الكواكب. أما الملحق الرابع و الأخير فأفردته بجمع بعض الصور الفوتوغرافية (كالحمامات العربية، النقود القديمة، السنن العربية، ابن رشد في لوحات الفنانين). لعل هذا الكتاب يكون حافزاً لنا على مواصلة ما بدأه الأجداد. رحم الله الكاتبة و جزاها خيرًا عن كتابها البالغ القيمة. فكم نحتاج اليوم إلى مثلها كي يذكرنا بالتاريخ العظيم و المجد الذي أحدثه العرب الأوائل!

السبت، أغسطس 20، 2016

عاطف مظهر يكتب:


ملخص كتاب فلسفة التاريخ الإسلامي، من الخلافة إلى النظام العالمي لمؤلفة عماد بكر
أولا: بيانات الكتاب
الكتاب: "فلسفة التاريخ الإسلامي.. من الخلافة إلى النظام العالمي"
المؤلف: عماد بكر، باحث في العلوم الإسلامية
الناشر: بورصة الكتاب (www.book-bourse.com)
تاريخ النشر: 2016 "الطبعة الثانية"
مكان النشر: القاهرة
الصفحات: 128 صفحة (قطع متوسط)

ثانيا: عرض الكتاب
في كتابه "فلسفة التاريخ الإسلامي.. من الخلافة إلى النظام العالمي"، يكشف الباحث عماد بكر عن "العقدة التاريخية" للمسلمين، أو ما يسميه عقدة "الجزر المنعزلة" التي أوقفت نمو وتقدم العالم الإسلامي وجعلت منه، حسب تعبير المؤلف، "جثة هامدة" ليس لها فعل في التاريخ، بل مجرد موضوع للفعل التاريخي، بعد أن تحولت العقيدة إلى "علم كلام"، وأصبح "علم الفعل" في يد السياسة وحدها، ومن ثم جرى فقدان الشرعية السياسية تماما، وسادت فكرة "السلطان المتغلب" الذي يستطيع باستخدام قوة السلاح إخماد أي معارضة له، ثم جرى تصدير هذا الفكر للمجتمع على شكل عنف واستبعاد للآخر وتكفير له على مدى قرون من الزمان استمرت حتى عصرنا الراهن.
وفلسفة التاريخ، بالمعنى العام، من حيث هي نظرة شمولية إلى التاريخ في حاضره وماضيه ومستقبله، تحتاج إلى إعطاء معنى للتأريخ والنظر إليه نظرة كلية نسبياً. ولا جدال أن الوعي بالتاريخ من أبواب صناعة التاريخ، الذي اختلط أحيانا بالإضافات والأساطير والتحريف، وقلّ استخراج العبر منه ومن القوانين التي تحكمه، مما أدى إلى تكرار نفس الأخطاء والممارسات، وغلب على صناعته الأشخاص من أولي العزم الشديد الذين اهتموا بحشد عواطف الجماهير دون الاهتمام بالجانب الأخلاقي والإنساني في بناء وعي العامة.
بهذا المعنى الشمولي، يناقش هذا الكتاب، صغير الحجم كبير القيمة، حالة الفكر الإسلامي وتطوره منذ نشأة الإسلام حتى يومنا هذا، ويقدم طرحا جديدا أساسه أن العالم الإسلامي مازال يعيش ويتخبط في "عصور الظلام"، وأنه - وفق المؤلف- بحاجة ملحة للانتقال إلى العصر الحديث، من خلال خطاب ديني جديد تماما يرجع إلى الأصول ويتجنب الأخطاء التاريخية.
ويتضمن "الخطاب الديني الجديد" الذي يدعو إليه المؤلف، ربط الدين بالسلوك، وتوحيد الشريعة والقانون في سياق دستور وقانون ملزم لجميع المواطنين، وتوحيد الزكاة والضريبة في إطار دولة تحترم المواطنة ولا تحاسب المواطنين على الكفر ولا تكافئهم على الإيمان، ثم ربط الدين بالدولة في نسق متكامل يحل إشكالية التناقض بين الدين والسياسية.
بدأت بذور "العقدة التاريخية"، حسب الكاتب، في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، وأطلق المؤرخون عليها اسم "الفتنة"، وكانت هذه الفتنة في الأساس هي صراع على السلطة، وانقسم الناس فيها إلى ثلاث مجموعات: مجموعة اعتزلت كل الصراعات، أي بقيت على الحياد، أما المجموعتان الباقيتان فكانت واحدة منهما نصيرا لأحد طرفي الفتنة "علي" و"معاوية".
ويضيف الكاتب إلى ذلك فتنة "خلق القرآن" التي بدأها الخليفة العباسي "المأمون" عام 212 هـ، وكانت برأيه الحدث الأكبر أثرا في التاريخ الإسلامي، معتبرا أن الناتج السياسي من هذه الفتنة كان "تكريس الديكتاتورية" وسيادة الرأي الواحد وعدم قبول الآخر، بل إنه يمكن افتراض وجود تصور سياسي عند العباسيين بتصفية المجتمع المدني، بالتعبير المستحدث، في ذلك العصر، الذي كان الخليفة يراه - أي ذلك المجتمع المدني - تقويضا لسلطانه المطلق.
 وبخلاف الرأي السائد أن فتنة خلق القرآن كانت من أخطاء المعتزلة، وأنهم دفعوا ثمن هذا الخطأ (...) يرى الباحث أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، فبحساب النتيجة السياسية لهذه الفتنة التي استغرقت قرابة نصف قرن، نرى أن التأثير السلبي لها لم يشمل المعتزلة فقط، بل تعداهم وطال أهل الحديث بالقدر نفسه، فلم نرى أو نسمع شيئا عن نقد المتن عندهم" بعد هذه الفتنة.
وعلى الرغم من القيود الشديدة على الحرية وعلى الفكر في عهد الخلفاء العباسيين، وتحول العقيدة إلى "مجرد كلام" لا يتبعه أي تطبيق عملي، ورغم توقف السنة النبوية عند حدود الرواية فحسب، وخضوع الفقهاء لسياسة "الترغيب والترهيب" من قبل السلطة الحاكمة، فإن هذه المرحلة تعد - في رأي الكاتب- هي الأفضل في التاريخ الإسلامي منذ ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا، حيث ما زلنا نطلق عليها مسمى "العهد الذهبي"، فالأسوأ سيبدأ عند رأس السنة المائة الثالثة الهجرية، حين افتتح "المأمون" فتنة خلق القرآن التي تعد الفتنة الأكثر تأثيرا بعد فتنة الحروب الأهلية بين "علي ومعاوية"، سالفة الذكر.

ويعتبر المؤلف أن "عقدتنا التاريخية" هذه قد تبلورت خلال مدة زمنية تصل إلى نصف قرن من الزمان، ويفترض أن المحرك الأول لها كان سياسيا من أعلى قمة الهرم، لكن التنفيذ تم على يد المجتمع المدني بطرفيه في ذلك الوقت، وهما المعتزلة وأهل الحديث، وترتبت على ذلك تأثيرات سلبية تكونت داخل الأفراد ومازالت تعمل بكامل طاقتها حتى يومنا هذا.

الأحد، أغسطس 14، 2016

الدكتور أحمد عبد السلام يكتب:


ملخص كتاب "المؤسسة العدلية عند البدو" لمؤلفة الدكتور أحمد عبد السلام[1]



تتعدد روافد الثقافة العربية وتتسع باتساع الوطن العربي على مر القرون لأجناس وثقافات وحضارات وأديان مختلفة شملتهم واشتملوها واحتكت بهم واحتكوا بها وتأثروا بها وأثرت فيهم. ومن بين هذه الراوفد تشكلت الثقافة البدوية بقبليتها وعشائرياتها ومفاهيمها المتوارثة عبر الأجيال لمعان إنسانية مطلقة كالحرية والاستقلال والتكافل والعدل مكونا هاما من مكونات الثقافة العربية وتراثها.
والثقافة البدوية عزيزة عند أبنائها عربا وعربانا يعملون بأعرافها ويحتكمون إلى قوانينها فهي مبدأهم ومرجعهم وأساس هويتهم.
وقد حاول الكتاب التعرف على المؤسسة العدلية عند البدو وآلياتها من منظور تاريخي يتعرض أولا لمفهوم البداوة في إطار التعددية القانونية، وثانيا لمفهوم العدالة عند البدو، وثالثا للنزاعات عند البدو من الخلاف إلى التقاضي، ورابعا لمؤسسات العدالة من فض النزاع والتقاضي، وخامسا لآليات التقاضي، وسادسا للتغيرات البنيوية والوظيفية إثر التحولات الإجتماعية في تاريخهم، وسابعا لديناميكية تمددهم  وانحسارهم.
هذا ويخلص الكتاب إلى أن تعددية التخصصات عند البدو باتت أمور مشهورة منذ عشرينيات القرن الماضي إلا أن دلالاتها وارتباطها بظروف وتحولات اجتماعية ما كان ليتضح دون الدراسات المقارنة للمؤسسات القضائية عند البدو؛ فتعدد التخصصات مرتبط دون شك بالنشاط الاقتصادي للقبائل والتنازع على الموارد في مساحات تضيق لزحف العمران عليها واشتداد سطوة الدولة وإداراتها دفع القبائل إلى التوافق على أليات لفض النزاع وفق مفاهيم البدو للعدالة بعيدا عن الدولة ومحاكمها الشرعية ما استطاعوا.
كما إن التحولات الاجتماعية التي مرت بها القبائل العربية منذ بدايات الحكم العثماني نتيجة لتغيرات اقتصادية وديموغرافية مرتبطة بمسارات الرعى واستعانة العثمانيين ببعض القبائل ضد بعض وتذبذب في سيرة الدولة المركزية على الأطراف والبوادي مما سمح بممارسة دروب من الحكم الذاتي في بعض الجهات كان له دوره في تطور القضاء كمؤسسة في المجتمعات البدوية تتمدد وتنحسر وفق حاجة الجماعة البدوية وفي ظل الامكانات المتاحة من إدارة ذاتية وقوة وضعف سلطان التعددية القانونية للشرع ومؤسسات الدولة القضائية.
كتاب "المؤسسة العدلية عن البدو" صدر باللغة الألمانية تحت عنوان: “Das Beduinische Rechtessystem” وفي طريقه إلى ترجمة عربية بحول الله وقوته، وفيما يلى صفحة الكتاب على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/triballaw2015/?ref=aymt_homepage_panel&__mref=message_bubble

[1] الدكتور أحمد عبد السلام من مواليد سنة 1969 بمدينة دمنهور في دلتا مصر، يعمل باحثا في مركز دراسات العقيدة والتربية الإسلامية بجامعة مونستر بألمانيا، درس الأدب الألماني بجامعة عين شمس بالقاهرة، والدراسات الإسلامية والعربية بجامعة هاله – فيتمبيرج بألمانيا حيث حصل منها على درجة الدكتوراة.

الجمعة، أغسطس 12، 2016

على هامش "لخص كتاب" الموسم الثاني


الدكتور حسام الدين بدر يكتب: السراب لا يروي ظمئا      

يقول الخالق تصويرا لحال المنافقين "يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". (البقرة: 20).
_______
في هذه الآية رسمٌ لملامح المنافقين يتجلى في مشهد يجسد حالة من أمل مفقود ورجاء يودي إلى طريق مسدود. لقد دار في ذهني وأنا اقرأ هذه الآية تلون بعض علماء الدين وتلونهم ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون" (الأنعام: 110)، وهي فئة تتحرق شوقا إلى متاع قليل تافه حقير، فتعرض من أجل هذا بضاعتها من التدليس والتحريف واللبس والتلبيس، ومن خلال حصاد ألسنتها وليّها تتخبط الأذهان، ولا يدرك المتلقي للكلام الحدود بين الغي والحق، فالقائل مفتون والسامع مغبون.
 إن آفة علماء الدين حين نفاقهم تأويل مالا يؤول، فيُعتسف التفسير، ويُزعم من خلال ذلك أن لرأيهم امتداد من نصوص في التراث، وهناك بالطبع سامع، لجهله لا يفرق بين النص والمدلول ، فيحدث الشك والتخبط، ويقع النزاع والخصام بين فئات المجتمع،  فالرب أصبح ربين والقران قرآنين، ولتتحول القبلة إلى قبلتين .
فعل ذلك ذي قبل الذين هادوا "يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه " (النساء: 46) و "من بعد مواضعه " (المائدة: 41)، ويلبسون الحق بالباطل،  وليّ اللسان ابتغاء مال أو رضى سلطان. وحدث ذلك أيضا ذات مرة بين أروقة الكنيسة في العصور الوسطى، رغم ما ذكر في الكتاب المقدس أن "المنافق يثير الخصومات"!  وما أشبه اليوم بالبارحة ، والفارق اختلاف الأديان.  
سألت نفسي: لماذا يستبدل مثل هؤلاء ــ رغم علمهم الديني ــ الشقاء بالنقاء؛ وهو شقاءٌ بمثابة التردي من الشموخ والعلياء إلى هوة المذلة والازدراء؟ إنها أهوائهم التي تأرجحهم بغية  الوصول إلى  مقاصدهم، بل نراهم يتبجحون ويبررون مسلكهم "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " (البقرة:11) ، إنه عجز عن مشاهدة النور بعدما نسوا حظاً مما ذكروا به، وأضلهم مسعاهم عن إدراك الحق والحقيقة "وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " (الكهف: 104).
 جال في خاطري أن البرق ما هو إلا انعكاس لصور الآمال المتوهمة لدى المنافقين ظالمي أنفسهم، ملهاة رغبة في مال مما يميلون إليه من عرض الدنيا، فـ" ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" (الحجر:3)، يتوهمون أنه سينقذهم من ورطات غبائهم وغيهم في طلب الدنيا، وما البرق إلا سراب ينتهي إلى عذاب، فإن تخيلوا أنهم بذلك ماكرون ، فما أكثر ما تكررت "وما الله بغافل عما يعملون"،  ينبهرون بهذه الآمال يسيرون فيها ، وإذا تبددت قاموا بالبحث عن أوهام (أمال) أخرى إليها يرحلون. إن الحكمة الإلهية في ذلك ما هي إلا استدراج لذليل و"سنستدرجهم من حيث لا يعلمون" (الأعراف: 182)، وتسيير الى محنة لا خروج عنها من سبيل"فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ "(المؤمنون:54)،   والقادر قادر على منعهم حتى بريق البرق المخادع بسلب سمعهم وأبصارهم. يسألني سائل ما ذنب من يفتتن بمثل هؤلاء؟ له حكمته في هذا، اخالها اختبار، لمن رأى ظلم المنافق ولم يُثار، وكان لذلك غير مبال ، أو سكت خِشية على دنيا زوال، أو خيفة من سوء حال.
 بعدما أنفق عالم الدين ما أنفق من نفاقه وبذل من ماء الوجه وإهدار الكرامة، أصبح "يقلب كفيه على ما أنفق" (الكهف: 42)  حينئذ ما لاح إذ لاح إلا سوء المصير، فالخسران يؤكده فرق بين سمع يسمع وسمع يعي، الذين هم عنه "لمعزولون" (الشعراء: 212)،  وبصر يرى وينظر وبصر يدرك  "وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" (الأعراف: 198). هنا تأتي النهاية ويُسدل الستار، مشهد رحيل العالم المنافق ونفوقه ، فليس ثمة بارقة أمل تلوح أمام أعينه، في إنقاذ متوهم يثبّت أرضا مزلزلة تحت أرجله.

ما أشبه نفاق عالم الدين بالإشراك، فالهدف ارضاء واسترضاء من يهبه العطايا من مال أو جاه، وكلاهما (المشرك وعالم الدين المنافق)" كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ" (الرعد: 14)، إن صورة طلب الماء من بُعد يعكس صورة العيش في خدعة كبريق البرق المخادع، يتعلق به العالم المنافق ، وهو تعلق لا يريد أن ينفك عنه "كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ"، "كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء" (النور: 39)، والسراب لا يروي ظمئا.