وفجأة سمعنا صراخا وأصواتا عالية، ثم خرجت زوجتي تخبرنا بأنها رأت فأرا.... وقع ذكر اسم الفأر من أذني موقع القنبلة مما تسقط عليه. فاعتدلت من جلستي وفي حركه لا إراديه رفعت قدمي من علي الأرض وقلت مستفهما رافضا أي إجابة لتأكيد الخبر ، بل ومرحبا بأي إجابة لنفيه. وأكدت زوجتي الخبر بل وتطوعت دون طلب، فأقسمت !!! وصرخت بصوت حزين مرتفع :- ماذا علي أن أفعل لهذه الفئران؟ فقد تركت لهم بيت العائلة القديم يمرحون فيه ويلعبون دون قيد أو شرط وارتضيت أن أسكن هنا في الطابق الخامس وفي شقة يفترض أنها للبشر فقط!!! ونظرت إلى الدكتورة فيرا فوجدتها لم تتأثر!! فقلت: علها لم تفهم ماذا يجري. فأخبرتها بما جري فلم تتأثر، فسألتها ألا تخافين؟! فأجابت بلا. فبعثت إجابتها بشئ من الطمأنينة إلى قلبي... ثم قام أبي بهدوء وذهب إلى المطبخ وتبعته أمي.. وخرج النسوة من المطبخ وتجمعنا جميعا في الصالة نستمع إلى أصوات ضربات بالعصي تارة وخبطات في الحلل والأطباق تارة أخرى.. ثم شاهدنا خروج الفأر سريعا من المطبخ قادما إلينا في الصالة.. وكان على ما يبدوا أنه يريد أن يخرج من حيث دخل.. فلما وجد أن الباب مغلقا دخل تحت كنبة بجوار الباب. فتبعه والدي فهرب الفأر ودخل خلف النيش وخلفه والدي يضرب بعصاه من جانب النيش الأيمن ثم ذهبت والدتي الي الجانب الأيسر للنيش وقاما بتطويقه وانهالا عليه ضربا إلا أنه لم يمت فقد كان ماكرا يقف في مكان لا تصل إليه الضربات ..ونهضت من مكاني ذاهبا الي غرفة النوم؛ أبحث عن عصا أطول فلم أجد سوى حماله الستائر فأنزلتها. ولما ذهبت اليهم وفي وقت تغير العصي فر الفأر متجها إلى المطبخ. إلا أنه لما رأى باب غرفة النوم مفتوحا دخلها مسرعا وكان هذا هو الخطأ الثالث الذي وقعت فيه !!! كان خطأي الأول هو عدم إحكام غلق باب الشقة عند خروجنا منها للتجول في القرية. وخطأي الثاني عندما أغلقت باب الشقة بإحكام عند سماعي نبأ وجود هذا الضيف الثقيل!!
دخل الفأر غرفة النوم وهنا أستشعرت حجم المأساة فكيف لنا أن نخرجة منها والغرفه مليئة بالأماكن التي يصعب علينا الوصول اليها ويسهل عليه الإختباء فيها؟ وبالفعل بحثنا عنه في كل مكان في الغرفة وانضم إلينا الجالسون في الصالة وامتلأت الغرفة بكل الحضور.. واختفي الفأر؛ حتي أنني صعدت أعلى الدولاب كي أنظر خلفه فلم أجد شئيا. وقمنا جميعا بكتم أنفاسنا بضعة دقائق حتي لا يصدر منا صوتا .. ولكن لا حراك ولا صوت... وهنا أردت أن أطمئن نفسي وزوجتي فقلت لها أعتقد أنه خرج ... هيا بنا نتناول العشاء....
كنت علي يقين أنه لم يخرج وأن الليلة ستكون ليلة ليلاء... وانصرف الحضور وذهبت فيرا لتنام في غرفتها... وذهبنا ننام في غرفتنا التي أصبحت أيضا غرفة الضيف الملعون... غلبنا النعاس، فنمنا. ولما انتصف الليل أيقظتني زوجتي منبهة إياي بأنها سمعت صوتا!! انعدلت من نومتي فزعا وأوقدت الأنوار فانتبه الفأر وكان واقفا علي التسريحه فنظرت إليه فوجدته ليس واحدا بل اثنين ولما دققت النظر علمت أن الفأر الثاني ما هو الا صورته التي في المرآة.. وهنا دون أن أدري خرج مني صوت مرتفع بدد سكون الليل فقفز الفأر من فوق التسريحة واختفي!!! لما تأكدنا من وجوده في الغرفة فتحت له الباب عله يخرج... ثم نمنا... لم يمض وقتا طويلا حتي استيقظنا مرة أخري ولكن هذه المرة علي صوت في الصالة... ذهبت الي الصالة فوجدت فيرا نائمة علي الكنبة التي بجوار الباب.. قلت لها لماذا تنامين هنا يا دكتورة؟ قالت بأنها سمعت أصواتا في غرفتها فانسلت وخرجت، ثم أحكمت إغلاق الباب بوضع سجادة الصلاة أسفل منه حتي لا يخرج!! كان تصرف فيرا ينم عن ذكاء وخبرة، عكس كل تصرفاتي!!! انتظرنا حتي أذن للفجر فصليناه ثم شمرت عن ساعدي وقلت من سيدخل معي لحسم المعركة؟ قالت زوجتي لن أدخل؛ بل سأقف في الخارج أحرس المكان حتي لا يخرج... ودخلت معي فيرا ووقفنا نستمع علنا نعرف مكانه.. فسمعت صوتا من تحت السرير فضربت بعصاتي، فلم يتحرك. نزعت المرتبة وملل السرير وكانت هناك بعض من الكراتين فلمحت زيله في وسطها... وبدون أن أدري أطلقت ليدي العنان فقامت بضربات متلاحقه ولكنه قفز واختفي!! قمت بتحريك السرير فلمحته وكان يقف بمكر في مكان يصعب علي رويته منه!! قلت له تعالى ياماكر... فسمعت ضحكة عالية وكانت هي فيرا لما رأتني منهمكا غارقا في عرقي!!! فلم أعر الضحكة انتباها وواصلت مقاومتي!! إنها بالنسبه لي حياة أو موت.. خرج الفأر من تحت السرير متجها خلف الشوفونيره فقمت بتحريكها فوقعت علي ذيله فصرخ صرخه عاليه ثم سكت..... قلت إنه قد مات حتما. ولكني لست متأكدا!! ماذا أفعل؟ ماذا أصنع؟ فجائني فكرة رفع الشوفونيره فرفعتها فكانت المفاجأه لم يمت بل قفز مسرعا نحو السرير واعتلي الكراتين فاتجهت نحوه وضربته بكل قوتي حتي ارديته صريعا وهنا ابتسمت!!
بقي أن أذكر أن الفأر كان يحاول الهرب من هذه الغرفة ولما لم يستطع قام بقرض سجادة الصلاة. فلما انتهت المعركة اكتشفنا حجم التمزيق!!!
انتهت
والله المستعان
محمد شحاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق