وبعيد الموعد المحدد انطلقنا
وما أن وصلنا إلى محطة قطار أوستبانهوف حتى اختلفنا فمنا من رأى أن نذهب أولا إلى
حديقة الحيوان ومنا من رأى أن حديقة الحيوان ليست بالمكان المناسب، واقترح البعض
أن نذهب إلى برج التلفزيون أولا، بينما رفض البعض هذا الاقتراح حتى اضطررنا أن
نقوم بالتصويت طبقا لما تعلمناه من الديمقراطية ، وهنا صوتت الأغلبية على أن نتجه
أولا إلى حديقة الحيوان ثم ننظر إن كنا ندخلها أم لا ! ولما وصلنا إليها عدنا فاختلفنا،
ففريق قال ندخل وفريق قال لا وكنت مع من قال لا، وتركنا أحمد وأريج وعبد الله
ليدخلوها!
وانشق عنا كذلك الأخوة
التونسيين فلم ندرى إلى أين ذهبوا، وبقينا سبعة: أربعة مصريون " منة ولمياء
ورامز وأنا" واليمنيان "خالد ومشتاق" ثم الأردنية مها. وعدنا لنركب
القطار حيث نزلنا في المحطة الرئيسية ومنها إلى الساحة الخضراء التى تقع أمام
البوندستاج ثم مرورا بالشحاذين المبدعيين الذين امتلأت بهم الطرقات لا سيما وأن
الجو المشمس شجع الكثيرون للاستمتاع بأول أيام نهاية الأسبوع. ولم يكن هناك شئ يدعونا للعجلة لذا تركنا
الأمور تسير كما يحلو لها، فهنا نلتقط صورة، وهناك نشاهد حدثا، ثم نقف لنقرأ لافته،
حتى مررنا برجل طويل الشعر، كثيف الشارب واللحية، وقد وضع أمامه مائدة صغيرة، التف
حولها كثير من الناس وسمعته ينادي: "
أين المائة يورو، من يستطيع أن يخبرني بمكانها؟!" ومدت فتاه يدها وهي تقول: هنا تحت هذا الطبق.
فرد عليها الرجل: هل أنت متأكدة؟! فقالت الفتاة نعم. ورفع الرجل الطبق فلم يكن
شيئا، وهنا صرخت الفتاه مندهشة وأخذت تبكي، نقودي أين نقودي، سأتصل بالبوليس!
واختفى الرجل!
ماهذا عمليات نصب كذلك في
ألمانيا؟ يا إلهى لقد ظننت أن الناس هنا لا يسرقون ولا ينصبون! بالتأكيد لن يكون
هذا الرجل من أصل ألماني؟! ثم عدت وقلت ولما لا، أليسو بشر؟ فلا يوجد مجتمع كامل،
وبرلين ليست بالمدينة الفاضلة! ولكن لماذا يحدث ذلك؟
ووصلنا سيرنا حتى وجدنا
أنفسنا خلف بوابة برلين، لنلتقي بالرجل اللبناني صاحب الدراجة السباعية فسألناه أن
يأخذنا في جولة بهذه الدراجة العجيبة، وسألناه كذلك عما إذا كان يتذكرنا؛ فأجاب
بنعم، فانتهزناها فرصة وطلبنا منه سعرا مناسبا فوافق على أن يدفع كل واحد منا
ثلاثة يوروهات نظير جولة تستغرف نصف ساعة.
حكى لنا الرجل اللبناني الذي
اصطحب طفله الصغير "على" ذو السبع سنوات معنا، أن أول من اخترع هذه
الدراجة ذات السبع مقاعد كان رجلا أمريكيا، يبدو أنه قد واجه الكثير من
المشكلات في جعلها تتحرك بطريقة انسيابية وسهلة، لذا قام رجل ألماني بتطويرها حتى
صارت بهذا الشكل العجيب. سبع مقاعد بسبع بدالات على أن تكون عجلة القيادة في يد
قائد واحد! وقد صنع منها أشكالا عدة، أغربها تلك التى على شكل مقهى صغير متحرك
يستمتع فيه الزائرون بشرب القهوة وهم تيجولون في شوارع برلين!
وأضاف
لنا الجو الرائع والشمس المشرقة في السماء الصافية مزيدا من المتعة، فاستمتعنا
برؤية قصر الرئيس الألماني وعمود النصر ثم دخلنا من حديقة التير جارتن المليئة
بالأشجار الوارفة والخضرة الساحرة والتماثيل الرائعة، فمضى الوقت سريعا لنتجاوز
المدة التى حددها لنا الرجل ولكنه أبى أن يأخذ غير الأجر الذي اتفقنا عليه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق