الربيع العربي في برلين 100

وانتبهت على هرج ومرج، فالجميع قد اتجهو نحو الأرفف التى وضعت عليها مجموعات من الكتب والسي ديهات وأخذ كل واحد يضع في حقيبته ما طالته يداه، وما أعجبه عنوانه أو جذبه شكله، أو لمجرد أن رأى زميله يفعل ذلك، حتى خوت المكتبة على عروشها، ونفذت الكتب عن آخرها! ترى أحقا سنقرأ ما أخذناه؟!

خرجنا من المبنى حاملين أسفارا كثيرة، وضعناها في الأتوبيس الذي تحرك بنا إلى شارع تاريخي مشهور في الناحية التى كانت تسمى ببرلين الشرقية، وهذا الشارع الذي يدعى " بيرناور شتراسه"، هو بمثابة شاهد أساسي على انقسام ألمانيا إلى دولتين (شرقية وغربية). ففيه يمكنك رؤية بقايا جدار برلين الشهير الذي تحول إلى آثار تاريخية تشهد على تقسيم برلين و تؤرخ للحرب الباردة. ومن نوافذ البيوت المتراصة على جانبية كانت محاولات الهروب التى أبرزتها الصحف العالمية والتى نجحت أحيانا وفشلت أحيانا أخرى في كسب تعاطف الناس ومساعدتهم، وقد ألف الكتاب عن هذا الشارع كتبا كثيرة، وتناولت أقلام الباحثين أحداثه بالانصاف تارة وبالإجحاف تارة أخرى.

ووقفنا نلتقط الصور لبعضنا البعض حول مجسم حديدي كبير وضع على الأرض ليشرح كيف كانت برلين وقت التقسيم. في هذه الأثناء رأيت ذلك الرجل الذي يحمل الكاميرا ومعه مساعده والصحفية التى أجريتُ معها حوارا عند القبة الزجاجية للبرلمان، رأيتهم وقد وقفوا مع هبه العقاد وقد بدأت الصحافية توجهها لما ينبغي عليها فعله حتى يبدو تلقائيا وغير متكلفا، وهنا أحسست بأن شيئا ما يدبر، وأن أمرا ما يحاك، وتأكدت لدي شكوكي بأن فيلما يتم إعداده عن المجموعة، ستكون بطلته بلا أدنى شك هي "هبه العقاد"، وناديت على رامز وأحمد فبوحت لهما  بما ينتابي من ظنون لأجد منهما عدم التصديق، وليسمعا منى التحدي الذي استعرته من بيت شعر قاله طرفة بن العبد منذ مئات السنين:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا         ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ولما سمعا منى ذلك التأكيد أحسا بأن الأمر ربما يكون صحيحا، فقالا لي: وما العمل إذن؟ فقلت لهما إن علينا أن نضع خطة لما يمكن أن نفعله كي نستفيد نحن أيضا مما يحدث، وبدأنا نفكر....