وحتى لو كان إصرار رامز على عدم حضور الفيلم سببه الجوع
الذي أحل به، فالقائمون على البرنامج لم ينسوا هذا الأمر كذلك، فقدموا لنا بوفيها
مفتوحا رصت عليه كثير من الفاكهة والمشروبات وبعض من المخبوزات الخفيفة، حتى أننا
لم نكتفي بما أكلناه منها، بل بلغ بنا حد السفالة أن نحمل في حقائبنا ما استطعنا
حمله من عصائر وفاكهة. واستطعنا أخيرا
إثناء رامز عن اعتذاره فبقي معنا على غير اختيار.
وقبل أن يبدأ
الفيلم تقابلنا مع السيدة "شينكل برج" فأعطت كل واحد منا المائتي يورو
المتبقية لنا من مصروفات. ثم أطفئت أنوار المسرح إيذانا ببدء عرض الفيلم، والذي كان
عنوانه " حياة الآخرين" وهو فيلم ألماني يعود انتاجه إلى العام 2006،
وقد حصل هذا الفيلم على جائزة الأوسكار بعد انتاجه بعام واحد، كما حصل أيضا على
عدة جوائز ألمانية، وأما عن
أحداثه فتدور في مجملها عن فترة ما قبل سقوط سور برلين، حيث كانت تعيش ألمانيا
الشرقية نظاما اشتراكيا سيئا تحكم الدولة فيه قبضتها على كل شئ، وفي ظل هذه الظروف
بدأ بعض المفكرين الناقدين للاشتراكية بالدفاع عن أفكارهم سرا عن طريق المنشورات
أو المسرحيات المتضمنة للمفاهيم المعادية للاشتراكية بصورة بها كثير من التلميح.
حتى أن بعضهم كان يسافرهاربا إلى ألمانيا الغربية تزمرا من النظام وقسوته. وفي
المقابل كانت حكومة ألمانيا الشرقية تستجوب المفكرين وتخضعهم لعمليات تجسس كاملة.
وكحل وسط اخترنا أن
نجلس في مؤخرة القاعة بالقرب من باب الخروج، حتى إذا ما وجدنا أن الفيلم ممل أمكننا
الانصراف عنه من دون أن يشعر بنا أحد، وصدق المثل القائل "الزن على الودان
أمر من السحر"، فقد عاود رامز محاولاته لنا أن نترك الفيلم لنعود إلى
مساكننا، ولم تقف إغواءاته عندنا، بل تعدتها إلى ليلى أرمانيوس وزميلتها. وكدنا
ننتصر على إغواءاته لولا أن وقعت حقيبتى لتتدحرج منها حبات الفاكهة، لتواصل
تدحرجها حتى اقتربت من شاشة العرض، فأنفجر الجالسون بجوارى ضاحكون، لنخرج مسرعين
من المسرح حتى لا ينتبه إلينا أحد!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق