الثلاثاء، يناير 29، 2013

الربيع العربي في برلين 104


وانشغلت عن السيد "يان" وعن حديثه عندما اقترب منى ذلك الرجل الطويل الذي يحمل في إحدى يديه ميكروفونا مكتوب عليه "راديو ألمانيا" ويحمل في يده الأخرى مسجلا صغيرا، ثم مال على ليقول: هل تسمح لي أن أجرى معك تسجيلا؟ ومن دون أن أتردد رحبت بالحديث معه، ثم طلبت منه أن ينتظرني للحظات، وذهبت لأحمد مسعد فرجوته أن يأتى ليسجل لي هذا الحوار بكاميرته، ثم تنحينا جانبا فابتعدنا قليلا عن المجموعة، ووقفت أمام الميكروفون لأستقبل من الرجل أسئلته.

في البداية سألنى أن أُعرف نفسى، ثم سألنى بعد ذلك سؤالا توقعته: هل تظن أن الحكومة المصرية سوف تقوم بتحويل مبنى أمن الدولة إلى متحف مثلما فعلت ألمانيا؟

-        لا أظن!

-        ولماذا؟

-        صحيح أن جهاز أمن الدولة عندنا قد تم حله بعد الثورة، وصحيح كذلك أن رئيس هذا الجهاز وكبار مسئوليه مسجونون حاليا، إلا أن الضباط الذين عملوا فيه في السابق هم أنفسهم الذين يديرونه الآن، وأن ما تغير فيه لا يتعدى تغيير في الإسم، من كونه أمن الدولة سابقا، إلى الأمن الوطنى حاليا.

-        هل ترى أن ما فعلته ألمانيا من تحويل هذا المبنى إلى متحف شيء جيد؟

-        إنه ليس شيئا جيدا فحسب؛ بل هو شئ رائع، وكم أتمنى لو نستطيع أن نفعل مثل هذا الأمر في مصر، على الأقل حتى أتمكن من رؤية ملفي، وما قد كتبوه عنى!
وضحك الرجل، ثم استأذن ليتحدث مع أحمد، وسمعت السيد "يان" ينادي كي ننزل معه إلى الأرشيف. ونزلنا عدة طوابق حتى وصلنا فيما يبدو إلى طابق تحت الأرض، ولما فتح الباب وقعت أعيننا على آلاف من الملفات التى لا حصر لها، والتى قد رصت في إحكام شديد داخل دواليب حديدية مرقمة بأرقام تسلسلية، وحذرنا العاملون في الأرشيف من أن نلتقط صورا لهذه الملفات، فبها من الأسرار ما لا ينبغي أن يطلع عليها أحد، ولكن كيف لنا ذلك، ونحن العرب يقتلنا الفضول، ويمزقنا حب الاستطلاع، ولا نستجيب بسهولة لأية تحذيرات، فامتدت أيادي البعض لتفتح الملفات ولتلتقط لها صورا، وسمعت صوتا اهتزت له أرجاء المكان ليندد ويهدد: ممنوع التصوير!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق