الأحد 16 سبتمبر
فقط خمس ساعات هى كل رصيدي من النوم في ليلتي الماضية،
وقد نمتهم على مرحلتين، المرحلة الأولى كانت ساعتين قبل أن يأتى الضيوف، والمرحلة
الثانية كانت ثلاث ساعات بعد أن سمعنا ما حكاه لنا علاء، ولكنها الساعة البيلوجية
سامحها الله! أو ربما ذلك الضوء القوي الذي تسلل من النافذة الزجاجية فامتلأت به
الغرفة، أو ربما هو العهد الذي قطعته على نفسى يوم مجيئ إلى هنا ألا أترك وقتا يمر
هباءا من دون أن أستفيد منه حتى ولو كان وقت النوم! وسريعا ذهبت إلى الإنترنت
لأقرأ ما وصلنى من رسائل، وكان منها رسالة من الدكتور "محيي بدر" يخبرني
فيها بأنه وصل ألمانيا بسلام، بعد أن اضطره إضراب المضيفون الجويون للبقاء في
القاهرة ليوم إضافي! وتذكرت الإضراب، وما حدث لى فيه، وما حكاه لي رامز، وحمدت
الله أن الأمور تسير حتى الآن على ما يرام.
وكانت الثامنة والنصف حينما اتصلت بي منى حجازي تسألنى عن
خططنا لهذا اليوم، فقلت لها: ليس لدي أي
خطة، ولم نتفق بالأمس على شئ، ثم قلت لها إن فكرة تأجير دراجة هوائية والتجول بها
في شوراع برلين تستهويني كثيرا، فماذا لو ذهبنا سويا لنبحث عمن يؤجر لنا دراجتين؟
وتحمست منى للفكرة مثلى، ثم تواعدنا أن نلتقي في التاسعة.
ذهبنا سويا نبحث عن محل لتأجير الدراجات، فمررنا بحانة صغيرة
مما يباع فيها الخمور، فوجدنا أمامها مجموعة من الدراجات وقد علقت على إحداهن
لافتة مكتوب عليها " للإيجار، والاستعلام بالداخل"، فدخلنا والأعين
ترقبنا من أناس بدى على وجوههم الإرهاق، وعلى أعينهم الزوغان، وتنفسنا روائح البيرة
الممزوجة بالخمور والدخان، مع موسيقى صاخبة حتما سيؤدي كثرة سماعها لتلك الحالة من
التوهان، ووقفنا لثوان أمام البار فأقبلت إلينا سيدة في العقد الرابع بابتسامة
عريضة، فقلنا لها نريد أن نؤجر دراجتين ونود معرفة الأسعار! فقالت مرحبة "
عشرة يوروهات للدراجة الواحدة ليوم كامل يبدأ من التاسعة صباحا وينتهي في الثامنة
مساءا". وتبادلت النظرات مع منى، ثم
عاودت فسألت السيدة عما إذا كان من الممكن أن تؤجر لنا الواحدة بسبعة يوروهات؛
فالساعة الآن قد تجاوزت التاسعة، وغالبا لن نبقى حتى الثامنة! فأبت السيدة، وتعللت
بأن هذه الدراجات ليست ملكا لها، وما هي إلا متبرعة لتأجيرها، ولم نشأ أن نلح
عليها، فانصرفنا!
قلت لمنى إن عشرة يوروهات في اليوم لتأجير دارجة مبلغ
مبالغ فيه، فإنني في مصر يمكننى أن أشترى بعشرة يوروهات أو أقل دراجة
"مستعملة" تكفينى العمر كله،
وتوَّرث لأبنائي وربما لأحفادي، ثم قلت لها إن لدي في القرية دراجة من نهاية
الستينات ولا تزال تعمل! وتحدثنا عن الدراجات كحل سحرى لأزمة المواصلات في القاهرة
وغيرها من المحافظات، وكعلاج فعّال لتلوث البيئة، والحد من أمراض السمنة
والشيخوخة!
ومررنا
من أمام محطة للأتوبيس فقلت لمنى: ماذا لو ركبنا أول أتوبيس يصل المحطة، فنذهب به
إلى نهايته ثم نعود! وتأكدت من أنها أحضرت معها تذكرة المواصلات الشهرية التى
أعطوها إيانا، ولما وافقت على اقتراحي، ركبنا في أول أتوبيس توقف أمامنا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق