الأحد، يناير 20، 2013

الربيع العربي في برلين 101



وناديت على رامز وأحمد فبوحت لهما  بشكوكي لأجد منهما عدم التصديق، وليسمعا منى التحدي الذي استعرته من بيت شعر قاله طرفة بن العبد منذ مئات السنين:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا         ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ولما سمعا منى ذلك البيت أحسا بأن الأمر ربما يكون صحيحا، فقالا لي: وما العمل إذن؟ فقلت لهما: إن علينا أن نضع خطة لما يمكن أن نفعله فيما تبقى من أيام كي نستفيد كذلك مما يحدث، وبدأنا نفكر....
اقترحت عليهما اقتراحا مفاده أن علينا التواجد أمام الكاميرا حيثما ذهبت، وأينما تواجدت، ولا ندع الفرصة لها كي تختلى بهبة، واتفقنا على ذلك، ثم ذهبنا نبحث عن مكان نتناول فيه غدائنا، وما أنا وصلنا إلى أحد المطاعم المجاورة لشارع بيرناور شتراسه حتى ناداني السيد يورجن بيترز -أحد مشرفي البرنامج- بأن الكاميرا تقف بجوار بقايا من سور برلين وتود لو ذهبنا إليها لتلتقط لنا صورا، وناديت على أحمد ورامز فجاء معى رامز وظل أحمد ليأكل.
وليس بعيدا من هذا الشارع وبقايا سور برلين دخلنا في قاعة ليس بها أي ديكورات ولا أي تجهيزات وجلس أمامنا أحد الصحفيين والكتاب الذين عاصروا تلك الحقبة المأساوية على حد تعبيره، وأخذ يروي القصة من بدايتها فقال:-
"بعد سقوط ألمانيا النازية عام 1945 قسمت برلين إلى أربعة اقسام:-  القسم الانجليزي، والقسم الامريكي، والقسم الفرنسي، والقسم السوفيتي. وظهرت عام 1949 على الخارطة السياسية دولتان جديدتان: هما جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، وأعلنت برلين الشرقية عاصمة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية. فوجه الاتحاد السوفيتي إلى الدول الغربية تحذيرا أخيرا طالبها بمغادرة برلين الغربية وتحويلها إلى مدينة خالية من السلاح. لكن الدول الغربية رفضت قبول التحذير، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تجاور النظامين السياسيين الاشتراكي والرأسمالي في مدينة واحدة. وبدأ آلاف الناس يغادرون جمهورية ألمانيا الديموقراطية مما جعلها مهدده بقلة الأيدي العاملة. ومن أجل الحيلولة دون هجرة القوى العاملة بدأت القيادة الألمانية الشرقية في إعداد خطة من شأنها أن تفصل برلين الغربية عن أراضي جمهورية ألمانيا الديمقراطية المحيطة بها. واتخذ برلمان جمهورية ألمانيا الديمقراطية قرارا بأن تغلق الحدود التي تفصل القسم السوفيتي عن أقسام الاحتلال الغربية، وفي ليلة الثالث عشر من  أغسطس عام 1961 وفي حوالي الساعة الواحدة صباحا، أطفئت أضواء بوابة براندنبورغ، ثم أعلن راديو ألمانيا الشرقية تشديد المراقبة عند نقاط الحدود في اتجاه غرب برلين. وساعات بعدها وضعت قيادة ألمانيا الشرقية الأسلاك الشائكة بين شرق برلين وغربها. وقام الجنود بقطع الطرقات وسكك الحديد المحيطة ببرلين الغربية وتلقت القطارات فجأة الأمر بالتوقف عن العمل واستيقظ أهالي برلين ليجدوا أسلاكا شائكة وسياجا وجدارا إسمنتيا في شوارعهم. واستطاع في ذلك اليوم أكثر من 2.5 مليون شخص مغادرة ألمانيا الشرقية  التي كان يبلغ عدد سكانها حينئذ 19 مليون نسمة.
وعلى الرغم من أن القصة مشوقة وبها معلومات جديدة؛ إلا أنني شاهدت بعضا من الزملاء منهم الفلسطيني كمال مكركر والمصري أحمد مسعد وقد بدأ النوم يراودهما، في حين واصل الرجل سردة قائلا:-  "وأثار بناء الجدار الخرساني احتجاجا شديدا لدى الدول الغربية ،وامتعاضا كبيرا من الألمان في كل من ألالمانيتين الشرقية والغربية، لكن السلطات الألمانية الشرقية لم تتأثر بذلك وأمرت في اكتوبر عام 1961 بالزيادة من ارتفاع الجدار، وقد بلغت كلفة عملية إنشاء الجدار حوالي 150 مليون دولار. وبلغ طول الجدار حوالى 155 كيلومترا، ضمت 300 مركزا للمراقبة ،و 22 مخبأ. وقطع الجدار 97 شارعا في المدينة و6 فروع لمترو الانفاق وعشرة أحياء سكنية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق