الأحد، فبراير 03، 2013

الربيع العربي في برلين 109





تلقفتنى المخرجة بنظرة فاحصة، تحدثت بعدها مع حاملة الكاميرا وهي تشير بكلتا يديها ناحية وجهي، ثم رأيتها تقترب منى لتقول: إن أشعة الشمس تعوق عدسة الكاميرا، لذا علينا أن نتحرك يمنيا بعض الشئ، وتركت لها نفسى فأخذت تحركنى مرة ناحية اليمين وأخرى ناحية الشمال، وأشفقتُ على حاملة الكاميرا، فقد بدت لى وكأنها تئن مما تحمله فوق كتفها، أما تلك التى تحمل في يدها الميكروفون فلم أشعر بوجودها إلا عندما قرأت اسم القناة المكتوب على الميكروفون الذي تحمله، إنها قناة (دراي سات) أو ( القناة الثالثة) وهي من القنوات المشهورة في ألمانيا، وأخذتنى القشعريرة، ترى هل سينطلق لساني أم أنه سيتلعثم؟!  وبعد أن قمت بتعريف نفسي بدأ الحوار:-
-        ما رأيك في ردة فعل العالم العربي على الفيلم الأمريكي المسيئ لنبي الإسلام؟
-        عفوا سيدتى فأراكي تحصرين ردة الفعل على العالم العربي فقط، وهذا ليس صحيحا، فالمظاهرات التى حدثت على مدار الأيام السابقة لم تقتصر على الدول العربية فحسب، بل تعدتها إلى معظم الدول الإسلامية تقريبا، فرأينا مظاهرات في باكستان وإيران وأوزباكستان، وتركيا، حتى أنه كانت هناك مظاهرات من مسلمي أوروبا. أما عن رأي في ردة الفعل فقد كتبته أول أمس في مقالة تحت عنوان " حيدر حيدر" ذكرت فيها أنه قد آن الأوان أن يعرف المسلمون في العالمين العربي والإسلامي أن الهجوم على السفارات وما يعقبها من قتل للأبرياء، وحرق للأعلام لم تعد هي الطريقة المثلى لمواجهة أولئك المسيئين، بل ينبغي أن يكون الرد بالمثل، فعندما يكون هجوما جاء عن طريق إنتاج فيلم يسيئ للنبى، فعليهم في المقابل أن ينتجو فيلما يوضح الصورة الحقيقية التى كان عليها النبى!
-        ما رأيك في عرض هذا الفيلم في ألمانيا لا سيما وأن هناك جهات عدة تصر على عرضة من مبدأ حرية الإعلام؟
-        ينبغي أن يعرف الجميع ما معنى كلمة حرية؛ فالحرية عندما تكون من دون ضوابط تصير فوضى، فأنا على سبيل المثال جئت إلى ألمانيا بلد الحريات، ولكنى مقيد فيها بقيود كثيرة، فلا يمكننى أن أكسر فيها إشارة مرور، ولا أن أرفع صوتى في الشارع بعد العاشرة مساءا، وعلى أن أحترم جيراني، وزملائي فلا يحق لي أبدا بدعوى الحرية أن  أسخر من ثقافتهم، ولا أتهكم على ديانتهم، ولا أتندر على بلادهم! ونحن كبشر نعيش في كوكب واحد علينا أن نحترم بعضنا بعضا، ولا نفعل ما من شأنه إيذاء الآخرين والسخرية من ديانتهم ومعتقداتهم؛ لذا فأتمنى ألا يعرض هذا الفيلم.
-        وماذا ترى في ردة فعل دول الربيع العربي على هذا الفيلم خصوصا وأن هذه الثورات جاءت لتنادي بالحرية؟
-        إن المظاهرات التى اندلعت في دول الربيع العربي ليس لها علاقة بالربيع العربي إنما جاءت ضد من يسئ إلى المعتقدات، والدليل على ذلك اندلاع الكثير من المظاهرات الضخمة أيام الحكم الديكتاتوري ضد الرسوم الكاريكاتورية التى قام بها أحد الرسامين الدانيماركيين!
-        السؤال الأخير: هل سيتغير الوضع في مصر بعد الثورة؟
-        طبعا، وأراه يتغير للأفضل.
وانتهى اللقاء سريعا، وأحسست أني لم أقل شيئا، وأحسست كذلك أن الرهبة والقلق قد زالتا، وأن ثقتى في نفسى تزداد، وأيقنت أنه لا يوجد شئ اسمه المستحيل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق