" سيد أفندي راجل نشيط متحرك بيحب المشي أصله كان بيمشي زمان لما كان فيه شوارع وأرصفه وناس معدولين.. ما علينا... سيد افندي جه في يوم وقرر يخرج يتمشي. قال الجو النهارده بارد وجميل، ويا حبذا لو خرجت واتمشيت. مراته عارضت. الحق يقال إنها عارضت لخروجه. قالت له ياسيد افندي من جرج من داره اتقل مقداره خليك قاعد. الدنيا برد. إنت مش صغير دلوقتي عشان طيش الشباب دة. سيد أفندي قالها: بلاش كلام فارغ، الدنيا مش برد ولا حاجه، الجو بديع وزي الربيع، ثم أنا مش كبير زي ما انتي فاهمه أنا لسه شباب. المهم سيد افندي خرج من بيته يتمشي فضل ماشي ماشي لحد المطره ما حصرته. في الأول ابتدا الهجوم بالسحاب. مدفعيه السحاب بدأت، وبعدين دمدمه الرعد هزت الارض... هجوم من السحاب. سحاب تقيل ورمادي غامق بيجري سيد افندي بص في السما حس بضئالته. حس هو أد إيه صغير. منظر رائع! مفيش ثواني والهجوم ابتدا. وابتدا هطول المطر. مطر مطر مطر.. سيد افندي نزِّل عنيه من على السما وبص في الشارع. يروح فين ويجي منين مفيش غير شجرة هناك. جري عليها ووقف تحت الشجره شويه. الشجره كانت ساعتها بتستحمي في الميه بقالها شهور ما استحمتش.. المهم إن الشجره غرقت سيد افندي بطين نازل منها. الشجره نضفت وسيد افندي غرق طين!! طلع جَري من تحت الشحره ووقف تحت المطر. قال المطر أرحم. ادور وتانه راجع جري علي بيتهم. ما عرفش يرجع ليه؟ أقول لك ليه. سيد افندي كان معلم الشارع بالحفر اللي كانت فيه.. المطره نزلت ضيعت معالم الشارع بقا الشارع زي فينسيا، زي مدينه البندقيه، بيلمع وكله ميه..
سيد افندي مش واخد خوانه ومش باصص علي رجليه. هُب وقعت رجله في الميه وصلت لرجلين البنطلون. بقا رجل مبلوله ورجل مش مبلوله. قال معلهش فضل ماشي بس بسرعه شويه عدت جنبه عربيه ماخدش خوانه. العربيه رشته كله طين. نط على يمينه عشان يفادي نفسه، اتزحلق وقع في مطب. بقا نصه طين ونصه ميه. باختصار: سيد افندي بقا عجينه. طلع يجري وهو مروح. المطره اشتدت عليه والدنيا كلها عطلت. العربيات ماشيه ببطئ والناس بتجري. بقت سرعه الناس زي بطئ العربيات. ولأول مرة يتساوي اللي ماشي واللي راكب باستثناء واحد؛ إن اللي راكب مش مبلول واللي ماشي مبلول. سيد افندي افتكر كلام مراته لما قالته: ما تخرجش انت مش صغير لسه عشان طيش الشباب. قال ياريتني سمعت كلامها. فضل ماشي اكتشف سيد افندي وهو ماشي إن المشي في المطر خطر. اتزحلق تلت أو أربع مرات كل مرة ربنا نجاه. ولولا كده كان زمانه وقع في بلاعة. سيد افندي فكر ليه الشارع ما فيهشي بلاعه ولا اتنين ولا تلاته؟ كانوا زمان بيعملوا الشارع وبيعملوا البلاعه. دلوقت بيعملوا البلاعة لوحديها.... مش كده ولا إيه؟!" (تأليف أحمد بهجت ونقلتها من لسان فؤاد المهندس)
لما مات فؤاد المهندس ودعنا معه كلمتين وبس. ولما مات أحمد بهجت ودعنا معه كلمتين وبس وصندوق الدنيا؟!! عليهما رحمات الله!
والله المستعان
محمد شحاتة
يشرفني ويسعدني تعليقاتكم!
ردحذف