السبت، ديسمبر 24، 2011

ع الجانب الآخر

قابلته وياليتني ما قابلته... فقد تغييرت حالته وغابت ابتسامته ونحف جسده وطالت لحيته... قلت له كيف الحال؟ فابتسم لي وقال دايما منصوب... فضحكت ضحكة عالية وقلت له هو انت لسه فاكر؟!... قال: وهل أنسى أنك من علمتني هذه الإجابة وقلت لي بأن الحال في اللغة العربية لا يأتي إلا منصوبا.... قلت له ولكني أراك حزينا قال نعم، فأنا مثل الحال أصبحت منصوووووبا...
وطال الحوار بيننا، وتشعبت مواضيعه، وأَخَذَنَا الحديث بأحزانه وأشجانه حتى نسينا برودة الجو القارص، وتجاهلنا الهواء الشديد.... 
والحق يقال أنني نسيت كل الحوارات التي دارت بيننا، باستثناء جملة واحدة قالها لي ولا يمكنني نسيانها:- " هي سحلت مرة واحدة وأنا أسحل كل يوم ألف مرة"
 عم يعقوب رجل صنايعي.. صنعته الكهرباء... وهو ماهر جدا فيها وأمين.. يرضى بما تعطيه له دونما نقاش أو فصال... قبل الثورة كان العمل على قفا مين يشيل علي حد قوله.. ولكن بعد الثورة قلَّت الأعمال وندرت الأموال، واضطر لإرسال زوجته إلى البلد لعدم قدرته علي دفع إيجار الشقة التي يستأجرها...
 قلت له يا عم يعقوب إن شاء الله الثورة ها تحقق لنا كل اللي بنتمناه وخصوصا الحرية... قال لي "ياااعم... حرية إيه وبتاع إيه! انت ها تقولي زي اللي عمالين يقولوا إن البنت اللي سحلها الجيش كانت نازله تدافع عن الحرية وتطالب بالديمقراطية.... قلت له الله أعلم ولنفرض! قال ياعم دي هيا اتسحلت مرة واحدة وجالها خمسين واحد عاوزين يخطبوها ويستيتوها... وأنا عمال اتسحل كل يوم ألف مرة ومش لاقي حد يعبرني... حرية إيه وكلام فارغ إيه .... ثم استشهد بمثال لم أستطع أن أرده ولا أصده، واضطررت بعدها للانسحاب... حيث قال.." البهايم لا مؤاخذة محبوسة طول النهار في الزريبة وصاحبها بيقدم لها الأكل والشرب وهي مبسوطة ولا بتهتم بالحرية ولا بالديمقراطية... أما لو صاحبها ما قدملهاش الأكل ولا الشرب إيه اللي ها يحصل".... قلت له ياعم يعقوب بس احنا مش بهايم احنا بني أدمين قالي ياريت كنا زي البهايم دا احنا لا محصلين بهايم ولا محصلين بني أدمين...


والله المستعان
محمد شحاتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق