الأحد، مارس 31، 2013

الربيع العربي في برلين 148





كان هذا اختصارا لما قرأه علينا السيد فالتر بانبوكر، وهذا الاختصار عبارة عن جزء يسير مما قيل، ولو قدر لي أن أذكر كل ما قيل لأحس القارئ أن الشعب اليهودي في أوروبا مثل القطط بسبعة أرواح، يموت ويحيا ويشرد ويعود. بل إنني أذكر عندما كنت أستمع إليه وهو يعدد علينا بشاعة المذابح وسنوات الاضطهاد وأعداد القتلى وأرقام المشردين أمسكت بقلمي وكتبت ما يلى:- " يا لك من رجل محظوظ، ومن عائلة محظوظة؛ فعلى الرغم من كل هذه المآسى والكوارث التى حدثت لشبعكم فما زلت حيا، ولم تمس بسوء، بل وتعيش في ألمانيا على كفوف الراحة"!
وصمت الرجل ليعطي الفرصة لمن لديه سؤالا أن يطرحه، وكان يراودني سؤال أبحث له بحق عن جواب مقنع، لذا فلم أتردد أن أرفع يدي وأطرح عليه السؤال التالي: ما الدافع القوى وراء كراهية هتلر لليهود؟ ثم أردفت سؤالى بتوضيح بسيط قلت فيه: لقد قرأت في إحدى المرات أن اليهود في ألمانيا كانو يمارسون الرذيلة ولديهم أنشطة كبيرة في أمور الدعارة والمعاملات الربوية، ولأن هتلر كان يريد شعبا قويا ويحاول أن يجعله نقي العرق، فقد رأى أن الحل يكمن في تطهير المجتمع الألماني من اليهود! وهنا ضحك الرجل وضحك معه الجميع ثم قال:
" لم يكن اليهود في يوم من الأيام مجتمعا يمارس الرذيلة ولم يكن مجتمعا يتاجر في الدعارة ولا يتعامل بالربا، بل لقد كان المجتمع اليهودي مثالا في الانضباط وسمو الأخلاق، وهناك أمثلة كثيرة لعلماء وكتاب وأدباء من اليهود الذين أسْرو وأثّروا في الحياة العلمية والأدبية بالكثير من المراجع والمؤلفات والأبحاث، وما يمكنني ذكره من أسباب، طالما برر بها هتلر وجنوده، عملياتهم، ومذابحهم، ضد اليهود، هي أن الجنود اليهود الذين شاركو في الحرب العالمية الأولى كانو سببا رئيسيا في هزيمة الجيش الألماني في تلك الحرب، فأخذو يبثون هذه المعلومات في الشعب الألماني لتهيئتهم وتحفيزهم لكراهية اليهود، مما يجعل انقضاض هتلر وجنوده عليهم أمرا سهلا وميسورا، ومن دون رحمة أو شفقة من قبل الجيش، ومن دون تعاطف من قبل الشعب"
وتوالت أسئلة كثيرة من الزملاء على السيد اليهودي، فمنها ما تعلق بالجالية اليهودية في ألمانيا، ومنها ما تعلق برأيه في الاحتلال الإسرائيلي وما يفعله بالفلسطينيين، وذكر لنا الرجل أنه قد أصابه ضرر بالغ من جراء الأحداث التى تحدث في الشرق الأوسط . وحكي لنا  حكايته مع جاره الألماني حينما  قابله بعد حرب غزة معاتبا إياه على تلك الأحداث. فما كان منه إلا أن حاول أن يشرح له أنه لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بهذا الأمر. وأنه ضد ما يحدث هناك!!  في هذه الأثناء خطر على بالى أن أطرح سؤالا آخر، فقد شغلتنى كثيرا تلك الطاقية التى يرتديها، فقمت برفع يدي للمرة الثانية لأسأله: هل تسمح لك السلطات الألمانية بأن تلقى محاضراتك في المدارس والجامعات وأنت ترتدي هذه الطاقية التى بلا شك في أنها رمز ديني؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق