وبعد أن انتهى الوقت المخصص للاستراحة وقف أمامنا
اثنين من تلاميذ المدرسة الدانماركية، فأخذا يتحدثان عن نفسيهما بصفتهما من أبناء الأقلية
الدانماركية، وبصفتهما أيضا من الألمان، وانتابنى شعور بأنهما يعيشان في أحسن
حال، وفهمت من كلامهما أنهما يتنقلان بحرية بين البلدين، ويتمتعان بكامل الحقوق. ولما سألهم أحدنا في
أي البلدين يفضلان العيش، جاء جوابهما متطابقا: الدانمارك!
ولما فتح الباب لطرح الأسئلة قمت وطرحت سؤالى فكان
كالتالي: "لاحظت عدم وجود العلم الألماني بجانب العلم الدانماركي فهل لهذا
سبب، أم أنه مجرد صدفة؟ وتتردد الرجل قليلا ثم قال: لا، إنه مجرد صدفة! ولمحت ابتسامة
منقصوصة على وجه هننج، فيبدو أنه لم يصدق مثلى ما رد به الرجل الدانماركي. وأحسست
بأن سؤالى قد أيقظ شعورا ما.
ولما انتهى بنا اللقاء ركبنا الأتوبيس متجهيين
نحو الدانمارك، هذا ما أخبرنا به مرشد الرحلة بمجرد أن انطلقنا، ولم أكن لأصدق هذا
الأمر، واعتبرته مزحة؛ فليس في البرنامج ما يشير إلى أننا سنذهب لزيارة الدانمارك،
وأيضا لم نتعود على فعل شئ من دون أن يكون مخطط له من قبل. وما كان لى أن أصدق هذا
الأمر سوى أن وجدت الأتوبيس يتوقف بنا لننزل منه فنجد أنفسنا على الجانب الأخر من
الحدود. نعم نحن الآن في الدانمارك، كل الشواهد تنبئنا بذلك، فكل اللافتات
الموضوعة على جانبي الطريق مكتوبة باللغة الدانماركية، وكل الإعلانات المعلقة والملصقة
على الحوائط والأبنية مكتوبة باللغة الدانماركية كذلك، ومحطة الأتوبيس ومحطة
البنزين والسوبر ماركت، كل شئ مكتوب عليه بالدانماركي، وتعجبت كثيرا عندما توقف
أحد أتوبيسات النقل العام أمامي فعلمت أنه قادم من ألمانيا، فهو يقوم بتوصيل الناس
للجانبين، وألح على سؤالا ظل يؤرقنى حتى هذه اللحظة: ترى في أى خزينة تورد
حصيلة هذا الأتوبيس، الخزية الألمانية أم الدانماركية؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق