وفتح باب النقاش وودت لو أقف لأخبرهم بما رأيت خارج
القاعة، فلو يعلمون ما أعلم، ولو رأوا ما رأيت لما تحدث أحدهم ولما طرح واحدا منهم
أي سؤال. ولأنهم لا يعرفون ما أعرف ولم يروو ما رأيت فقد بادروا بطرح أسئلة عدة
معظمها كان استفسارا عن وضع الجالية التركية في ألمانيا، وهل يشعر الأتراك بحريتهم
الكاملة، وهل يتمتعون بكافة الحقوق التى يتمتع بها أمثالهم من الدانماركيين؟ وكنت
أتوقع أن تأتى الإجابات دبلوماسية، لا سيما وأن من بين الحضور من يعمل في البرلمان
الألماني، إلا أن الرجل صدمنى عندما أجاب بقوله: إننا كأتراك مازلنا نشعر بعدم
تقبل المجتمع الألماني لنا، ولعاداتنا، وتقاليدنا، ونشعر بأن هناك انحيازا كبيرا
من وسائل الإعلام ضدنا، فمثلا ترى الإعلام دائما ما ينحاز للجانب الألماني على
حسابنا، فلو كانت هناك قضية أحد أطرافها
من الأتراك وكان الخطأ من الجانب التركي تقوم الدنيا ولا تقعد، وتدور الرحى ولا
تتوقف. أما إذا كان الخظأ من الجانب الألماني فلا حس ولا خبر!
ويبدو
أن سفيان المغربي تأثر كثيرا بما أخبر به الرجل عن وضع الجالية التركية في ألمانيا،
فسمعته وقت خروجنا من القاعة يدندن بمقطع
من أغنية مغربية تقول "هلك الإنسان"، ثم رأيته وقد أخذ في ترديدها
وتجويدها، فقلت له أتغني "هلك الإنسان!"، وماذا بعد أن يهلك الإنسان؟! وسمع
عبدالله الأردني ما قلته لسفيان فلم يتمالك نفسه، فوضع إحدى يديه على قلبه، واستند
بيده الأخرى على أحد المقاعد، وانتابته حالة من الهستيريا التى لا ينفع معها أية
عقاقير، ولا يصلح معها أية مهدئات. وكاد عبد الله يسقط على الأرض من أثر الضحك،
ووقف الجميع مندهشا مما يحدث لعبدالله. وعرفت في النهاية أن ما أضحك عبدالله لم
يكن كلمات الأغنية بل ما أضحكه هو أننى سمعتها خطأ. فالأغنية التى كان يغنيىها
سفيان هي أذاك الإنسان وليست هلك الإنسان!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق