وفي
محطة المعرض وصلتني رسالة من "ليلى أرمانيوس" تدعوني فيها على عشاء مصرى
صميم سيكون في مساء الغد وسيحضره كلا من رامز وأحمد مسعد، واتصلت بها كي أشكرها
وأستعلم أكثرعن تفاصيل العزومة ثم حددنا الموعد.
جاء
القطار فركبناه إلى محطة هانوفر الرئيسية، ورأينا ازدحاما كبيرا في المحطة، وتبين
لى أن سبب الزحام هو تأخر القطار لعشر دقائق، وهنا تنبأ اشتيفان بأن القطار - ومن دون
شك- سيأتى ممتلأ عن آخره، ولن نجد لأنفسنا مكانا نجلس فيه، ونصحنا أن ندخل إلى
المطعم مباشرة!
قلت له
وأنت؟ فأجاب بأنه سيذهب إلى الدرجة الأولى فهو يحمل معه بطاقة من البرلمان تسمح له
بركوب الدرجة الأولى! وأسرعنا الخطى (هننج وأنا) نحو عربات الدرجة الثانية على أمل
أن نجد لنا فيها مقعدا خاليا.
وجاء الأمر كما تنبأ به اشتيفان، ولم نجد أمامنا
من خيارسوى أن نذهب إلى عربة المطعم، فجلسنا على أول مقعدين خاليين، وطلب كل واحد
منا فنجانا من القهوة!
أخرج
هننج مجلة وانكفأ يقرأ فيها، ونظرت حولى فوجدت كل واحد يقرأ في كتابه واضعا سماعة في
أذنه، وساد الصمت القطار، وانعدمت الحركة بداخله سوى من مرور إحداهن وهي تحمل في
يديها ما طلبه المسافرون! وأخرجت هاتفي
لأجرى عدة اتصالات بالزملاء، فاتصلت أولا بمنى حجازي كي أعرف منها آخر الأخبار
وأحدث التطورات، وسألتها هل ذهبت مع الزملاء للقاء السفير المصري أم لا؟! فأخبرتني
بأنها لم تكن تعرف الموعد، ولذلك فلم تذهب إلى الحفل!
لم تعرف، ولم تذهب! كيف هذا، وقد أخبرتهم جميعا
بالموعد في حينه؟! وما أن انتهت المكالمة معها حتى اتصل بي رامز يسألني عن رقم
تليفون السفير المصري، فقلت له :ليس معي. وتعجبت كثيرا من سؤاله؛ فالساعة الآن
الخامسة والربع، ولا يعنى هذا سوى أنهم قد تأخروا عن الموعد، وأنهم لن يستطيعوا
الوصول إليه في كل الأحوال.
قال لي رامز
إنهم يبحثون عن مكان السفارة منذ ساعة ونصف، وأنهم يتيهون الآن في الأرض، ولا
يعرفون كيف يصلون، وأنهم قرروا العودة إلى المنزل!
كان الظلام قد غطى برلين عندما وطأتها قدماي، فقد خرجت منها والظلام يكسوها، وعدت إليها والظلام يغطيها، وخرجت منها والإنهاك قد أعياني، وعدت إليها بإنهاك أكثر منه وأعيى. ومع تثاقل قدماي عند صعودي درجات السلم كانت أمنيتى الوحيدة أن ألقى بنفسى فوق السرير من دون حراك، وعاهدت نفسى أن أفعل ذلك فور عثورى على السرير، إلا أننى ما لبثت أن نكصت بعهدي عندما رأيت أحمد ورامز يجلسان مع عبد الرحيم في الصالة!
حكي لنا أحمد أنه ذهب اليوم متأخرا ساعة كاملة
عن موعده مع النائب! وأن نائبه أعطاه مقالة ليترجمها من الإنجليزية إلى الألمانية.
ربما عقابا له على التأخير! أما رامز فلم يفعل شيئا سوى أنه ظل يراقب الموقف.
وانضم إلينا عبد الله الأردني وامتد بنا الحديث إلى منتصف الليل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق