استئذنا موظف القلعة بالدخول فسمح لنا، كل القلاع
متشابهة، وأكثر الشبه وأوضحه يكمن في حسن اختيار الموقع، فموقع هذا البرج فريد،
يطل مباشرة على ميناء المدينة، ومنه يمكن رؤية أسطح المنازل بوضوح، المدينة ساكنة،
هادئة، وشاحها أبيض وأزرق، سماؤها صافية، وأمواج شواطئها تلتطم بالصخور على خجل
واستحياء!
لم نمكث كثيرا في البرج، نزلنا المنحدر من دون أن
نبذل أي مجهود، كنا في غاية السعادة بعد أن لفحتنا نسمات البحر المعبئة برائحته الجميلة،
سألت عن مطعم يبيع وجبات خفيفة، كاد الجوع يأكلني، أشار شاب إلى مطعم بالقرب من
الجامع الكبير، أوَ هذا هو الجامع الكبير[1]؟
تساءلت في اندهاش، فلم يكن للجامع مئذنة!
تركني الدكتورسامح أدخل المطعم وحدي، فلم تكن
لدية رغبة في تناول أي طعام، خصوصا وأن معدته تحتاج إلى بعض الراحة بسبب أكل
الفندق!
كان المطعم خاليا من الزبائن، والحال كذلك مع
المدينة الساحرة، فلا سياحة ولا حركة، كنت الزبون الوحيد في المطعم، استقبلني
صاحبه بحفاوة، وخصوصا عندما علم أنني مصري، عرض الرجل بضاعته، فاخترت مكرونه
ودجاج، وأحضر معهما سلطة كانت لذيذة.
حدثني يوسف صاحب المطعم، وهو شاب ثلاثيني، أن
الحال واقف، والكساد كبير، والغلاء فاحش؛ فمنذ أحداث سوسة، بل ومن قبل سوسة وهو
يعاني قلة الزبائن. حاولت التخفيف عنه فغيرت حديثي، قلت له هل تشاهد الأفلام
المصرية؟ أجاب: نعم، أحب عادل إمام.
في تونس يعشقون عادل إمام، ويحفظون جميع مسرحياته
وأفلامه، ويغنون لحليم، ويطربون لأم كلثوم، وينصتون بخشوع إلى عبد الباسط
والمنشاوي. محلاها تونس ومحلا شعبها الأصيل.
[1] يعود
بنـاء هذا الجـامع إلى فترة تأسيس المدينة، وهو الجـامع الرسمي المخصص للخليفة
ولحـاشيته. شهد المعلم العديد من التغييرات انتهت بتحويله إلى كنيسة ومقبرة لقواد
الجيش الإسبـاني في أواسط القرن السـادس عشر ميلادي. وقع تجديد الجامع وتوسعته في
نهاية القرن الثامن عشر من قبل الأتراك. تعود الهيئة الحالية للمعلم إلى سنة 1962
حيث أعيد بناؤه مع احترام مسـاحته الأصلية والإبقـاء على واجهته الرئيسية ومدخله
الذي يشبه قوس النصر الرومـاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق