الخميس، نوفمبر 19، 2015

تونس الخضراء 18


 تركنا قصر الجم يعود لوحدته وعزلته، فلم يكن هناك من يؤنس وحدته ويشغل عزلته غيرنا وبعض الموظفين والحراس، تركنا القصر وصعدنا إلى مدينة الجم حيث حركة الناس كبيرة، والمقاهي ممتلئة، والأسواق عامرة، والمحلات مفتوحة، وقد أعطاني هذا شعورا بأن المدينة صاخبة، فعلى الرغم من أنها مدينة صغيرة تقع في وسط سهلٍ كان خصيبًا في الماضي، إلا أنها  تشتهر بأمور ثلاثة جعلتها متميزة عن باقي المدن، فتشتهر بالآثار السياحية، والأعمال الزراعية، وكذلك بصناعة  الجلود و الأقمشة والملابس والفسيفساء التي لها مع  مدينة الجم تاريخا يمتد إلى عشرات القرون، ويشهد على ذلك اللوحات الفسيفسائية التاريخية الموجودة بالمتحف الأثري بالجم، والتي قلّ أن يوجد لها نظير بالعالم. وقد زرنا هذا المتحف واقتربنا من لوحاته الفسيفسائية البديعة، وإن كان من تعليق لي على  هذا المتحف وما به من آثار فيمكنني أن أقول:  لقد بني هذه المتحف لتجمع فيه أرضيات البيوت الرومانية القديمة لتكون قطعا فنية خالدة، فما بالنا لو جمعت معها أثاثات تلك البيوت! لقد كان هنا حضارة!
بقي لي في الجَم شيئين لم أذكرهما، الأول وهو معنى كلمة الجَم، والحق أنني بحثت كثيرا عن معناها، وعرفت أن هذا الإسم أطلقه الفاتحون العرب عند قدومهم إلى هذه المدينة، وكانوا يقصدون به "الحصن" أو "القصر"، ثم كانوا ينطقونه "الأجم" فتحول مع مرور الزمان وتعاقب الأجيال إلى أن أصبح "الجم".

و الأمر الثاني وهو تساؤل برئ لم أجد له جوابا حتى الآن، ويكمن التساؤل في عدم معرفة السبب في أن محلات الملابس تعرض سراويل (بناطيل) الرجال من الخلف أي أنها تركز على مؤخراتهم؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق