انتهت جلسات المؤتمر ولما تنتهي فعالياته بعد،
ففي المساء كنا على موعد مع سهرة على كورنيش سوسة الشهير كورنيش "بوجعفر"،
كان المكان مقهى يغلب عليه الطابع الشعبي، وقد انعكس الكساد الذي تمر به مدينة
سوسة جراء قلة السياح على المقهى، فلم يكن من أحد سوانا، لذا أطلقنا العنان لضحكات
وقهقهات تخرج لا إراديا عندما يجتمع المصريون بعضهم ببعض.
مر الوقت سريعا حتى كاد أن ينتصف معه الليل، فسريعا تمر هي
أوقات الصفاء، التى نادرا ما تأتي، واضطررنا لمغادرة المقهى بعد أن رأينا أصحابه
يهمون بإغلاقة. ولم نستسلم لإغلاق المقهى فعدنا أدراجنا إلى الفندق نحاول أن نمسك
بتلك اللحظات، وطال بنا المقام حتى اقترب الفجر!
في صباح اليوم التالي - أو إن شئت فقل في فجره - أيقظني
رنين الهاتف، ونهضت من فوري أنظر في الساعة فإذا بها السادسة والثلث، كنت في أشد
الحاجة للنوم، كانت جفوني متعانقة، بذلت جهدا كبيرا كي أفك هذا العناق فلم أستطع،
عاد صوت الهاتف يصرخ من جديد، مددت يدي ألتقط السماعة، سقطت من يدي، تحسست مكانها،
بالكاد عثرت عليها، ولكن بعد فوات الأوان، فقد انتهى الصراخ. ترى من كان المتصل؟
تذكرته؛ دكتور سعيد فارس، كان يريد أن يرى سوسه في الصباح كما رأيتها بالأمس، ما
أحلاكي يا سوسة بعد الفجر، وما أثقل جفوني؟!
اتصلت بالدكتور سعيد في غرفته فلم يرد، عاودت الاتصال به
فلم يرد، خرجت إلى الشرفة فرأيته يتجول في حديقة الفندق، لوحت إليه بإشارات أن ينتظرني،
فأجاب بإيماءة من رأسه تعني الموافقة.
على كورنيش "بوجعفر" كانت هناك حركة بدأت تدب،
شباب يتريضون، ورجال ونساء قد خرجوا لتوهم من البحر، شئ غريب لاحظته على الكورنيش
وهو أن الرجال يحاولون إزاله ماء البحر عن أجسادهم بماءٍ عذبٍ أحضروه معهم في سياراتهم، فلا توجد
على الشاطئ مياه عذبه، ولست أدري ما السبب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق