الاثنين، أكتوبر 15، 2012

الربيع العربي في برلين 6


قطعت بنا الطائرة مسافة 2711 كيلو متر في حوالى أربع ساعات، وبمجرد هبوطها وتوقفها عن الحراك إذا بى أرى رجلين أولى بأس شديد، وذوي عضلات ضخمة ترهب الناظرين، وعلى أذنيهما سماعات كاتمة للصوت وفي أيديهما قفازات، رأيتهما وقد  قفزا من       فوق سيارة صنعت خصيصا لحمل الحقائق، وصل بها سير كهروبائي متحرك فدخل أحدهما أسفل الطائرة ووقف الآخر أمام السير، وما أن وصلت إليه  الحقيبة الأولى  حتى قام بالتقاطها ووضعها في العربة وكأنها علبة صنعت من كرتون!!

تمت عملية ختم دخول الأراضي الألمانية واستلام الحقائب بسلاسة ويسر. سلمت "الأمانة" الحقيبة للسيدة أمل، ورأيتها تجلس على كرسي متحرك وجددت لي الدعوة لتوصيلنا. عندها سمعت "منة " تناديني فذهبت إليها فإذا بها تقول:- "على فكرة أنا مش موافقة إنى أركب مع الست دي أنا ما باركبش مع ناس ما أعرفهمش" واتفقت معها في الرأى "منى"، ولم يبدي أحمد أي اعتراض. قلت لهم: "على فكرة يا جماعة أنا ما طلبتش منها إنها توصلنا، بالعكس هي اللي عرضت ". ورأيت منهم إصرارا فنزلت على رغبتهم حرصا على عدم شق الصف.

 وأصابني حرج شديد وحيرة، فهل أتركهم يذهبوا وحدهم  وأذهب لأولبى الدعوة! وما الذي سأتحج به للسيدة أمل؟!

في طريق الخروج من صالة الوصول رأيت سيدة تحمل في يدها لافتة حمراء مكتوب عليها  IPS ""، وهذه الكلمة اختصارا لـ  Internationales" Parlaments-Stipendium"  " أي "المنحة البرلمانية الدولية" . أسرعت إلىها فألقيت عليها التحية، ثم عرفتها بنفسي وبزملائي. وبدورها قامت هي أيضا بتعريف نفسها فقالت: اسمي السيدة "شينكل برج" وأعمل موظفة في جامعة "هومبولد" وهي الجامعة التى تتولى تنظيم هذه المنحة مع البرلمان الألماني "البوندستاج"، ثم أخبرتنا  بأنها علمت بالإضراب الذي قام به مضيفوا مصر للطيران، وأنها علمت أيضا بأن طائرتنا سستأخر عن موعدها فتابعتها حتى موعد الوصول، وللتخفيف عنا فقد قررت أن تأتي وتستقبلنا. لا أدري وصف ساعدتي ساعتها واظن أن زملائي كانوا يشعرون بنفس سعادتي وأحست أن الله معنا.. شكرا لك يا رب!

شكرنا السيدة شينكل برج على هذه اللفتة الطيبة ثم عدت مسرعا إلى السيدة أمل فقد وجدت الحجة والعذر.

أحضرت السيدة شينكل برج تاكسي يسع لأكثر من خمسة أفراد فوضعنا فيه حقائبنا ثم ركبناه. سأل السائق إلى أين؟فأجابته السيدة بقولها: " أدلبرترشتراسه" فأخذ السائق في كتابة  العنوان على جهاز ( الجي بي إس) وانطلق.

استقبلنا هواء نقي أحسست بنقائه في أنفي، وشعرت بهدوء تام، فلا ضوضاء، ولا كلكسات، ولا خناقات، ولا زحام. ورأيت النظافة، والنظام، واحترام  إشارات المرور،  حتى قال أحمد مازحا "أنا مش شايف إن فيه فرق يا جماعة  بين القاهرة وبرلين حتى الشارع دا عندنا منه" فرددت عليه بقولى: " تمام.. وحارة العربيات دي كمان لسه شايفها عندنا في مصر قبل ما نيجي!!)
محمد شحاتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق