الأحد، أكتوبر 21، 2012

الربيع العربي في برلين 12


ودعت صائد الأسماك الذي أبى أن ألتقط له صورة، أو أن أعرف له اسما. وانطلقت في طريقي حتى وصلت محطة القطار (أوستبانهوف) فتجولت فيها بعض الوقت، وعرفت أن بإمكاني أن أذهب منها إلى المحطة الرئيسية لأكون بالقرب من البرلمان الألمانى...

عدت إلى البيت من طريق غير الذي ذهبت منه، وعدت أيضا بشعورغير الذي خرجت به، فقد أحسست أنني قد تعلمت شيئا جديدا، وتعرفت على اتجاهات المكان الذي أسكن فيه... فحقا " البركة في البكور"..

وجدت عبد الرحيم جالسا في الصالة ومعه أحد الزملاء الجدد، عرفني عليه بقوله:- " هذا هو سفيان من المغرب من الأمازيغ" قلت له: يعني من البربر! فلم يرد سفيان، وأجاب بدلا منه عبد الرحيم، بنعم.
 
سفيان

حاولت التحدث مع سفيان بالعربية؛ إلا أنني أحسست أنه لا يحب التحدث بها، فكلما حدثته بالعربية أجده يرد علي بالألمانية، أو لا يرد أصلا، أو يظهر لى أنه لم يفهمنى جيدا.

سألت عبد الرحيم عما إذا كان قد تناول طعام الإفطار أم لا؟! فأجابني بأنه لا يوجد خبز. فقلت له إن معي خبزا أبيضا من مصر فهل معك ما نأكله به؟! أجابني بأن معه زيت من المغرب !! استغربت لذلك، فهل نفطر بزيت؟!

نهض عبد الرحيم ودخل المطبخ ثم أحضر زجاجة خضراء بلاستيكية وقد امتلأ نصفها بزيت زيتون. ثم قال: "ياعزيزي إنه ليس زيت زيتون عادي؛ بل إنه زيت من شجرة الأرجان النادرة".  ثم أخذ يعدد لي فوائدها وخصائصها حيث قال:-

شجر الأركان أو الأرجان هو شجر نادر للغاية، يتواجد بجنوب المغرب فقط في العالم بأسره! وزيت الأرجان هو أغلى الزيوت في العالم لكثرة فوائده. ويقال أن هذه الشجرة عمرت لملايين السنين، فهي تتميز بقدرتها الهائلة على مقاومة الجفاف ومحاربة ظاهرة التصحر، وتنتشرهذه الشجرة على مساحة آلاف الهكتارات في عدد من المحافظات الجنوبية المغربية من ضمنها (الصويرة وأغادير وتارودانت وتيزنيت وشيشاوة).

أصابتني دهشة كبيرة فكيف لنا في مصر لا نعرف عن هذا الزيت، ربما لأن عندنا زيت الزيتون؟! ربما!!
 وعلمت بعد ذلك من خلال البحث عنه أن هذا الزيت يستخلص بطريقة خاصة ويستعمل في أغراض التغذية والتجميل وبعض العلاجات الطبية، كما تستغل فضلاته كعلف مقو للماشية. وللأسف الشديد فقد تعرضت غابات أرجان على مر السنين لاستغلال مفرط وخطير سواء من طرف رعاة الماشية، أومن منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي، ولم يتم الالتفات إلى وضعيتها التي تنذر بالخطر إلا أخيرا حيث اتضح أن تأهيل هذه الشجرة وحمايتها يستوجب تضافرا فعليا وحقيقيا لجهود العديد من الجهات.. شدوا حيلكم يا مغاربة لحماية هذا الذهب السائل.

أحضرت طبقا فصب عبد الرحيم فيه قليل من الزيت، وأحضرت الخبز المصري وجلسنا نأكل زيت بخبز أو إن شئت فقل خبز بزيت. وانشغل سفيان في ضبط التلفاز الذي فشلنا (عبد الرحيم وأنا ) في ضبطة بالأمس. شكرا لك يا سفيان.

في أثناء تناولنا للإفطار حكيت لعبد الرحيم حكايتى مع صائد الأسماك، وكيف أنه كان متحفظا في البداية، وكذلك  النهاية عندما رفض أن ألتقط له صورة تذكرني به، ثم عقدنا مقارنة بين الألمان والعرب في مثل هذه الظروف ؛ فلو أن أجنبيا جاء إلى بلادنا فسيجد الترحيب والكرم المبالغ فيه، وإذا سأل سؤالا فسيجاب عليه في الحال، ولن يرفض أحد منا أن تلتقط له صورة بل وسنكون سعداء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق