السبت، أكتوبر 20، 2012

الربيع العربي في برلين 11


 
جعلت المحطة ومن فيها خلفي، ثم اتجهت ناحية الشمال فعبرت شارعا عرضيا وواصلت السير حتى وصلت نهر شبريه الذي يقسم برلين نصفين، وفوق الكوبري رأيت رجلا وقد ارتدى معطفا أزرق اللون ووضع إحدى قدميه على دراجته التى أسندها على سور الكوبري، وأمسك صنارة طويلة سوداء بكلتا يديه منتظرا أن تجود له بشئ يعود به فرحا إلى بيته، هكذا تخيلت. اقتربت منه أسأله عن أقرب الطرق وصولا للبرلمان الألمانى (فقط أردت أن أعرف الاتجاهات ). كان الرجل متحفظا كثيرا في كلامه، فأجابني:- " بأن أقصر الطرق أن يكون معك خريطة، أو أن تسأل في محطة القطار!" ولما هممت أن أتركه قال لي مبتسما وكأنه أدرك أني قد غضبت:- " ويمكنك أيضا أن تذهب من هذه الناحية سيرا على الأقدام، وأشار بيده ناحية الغرب، ثم بدأ يشرح بتفصيل أكثر وأعمق... ولما انتهى من وصفه سألني عن بلدي وعن سبب قدومي، ثم سألته عن وظيفته، فأخبرني بأنه يعمل في هيئة الغاز، حيث يقوم بإصلاح الأعطال والصيانة الدورية في المنازل والمصالح الحكومية، وتطرق بنا الحديث بعد ذلك إلى صيد الأسماك.
 
وجدتها فرصة ولا بد من استثمارها فهوايتى المفضلة هي صيد الأسماك؛ فأردت أن أستعلم منه عن أفضل الطرق لصيد الأسماك، واستغربت جدا عندما علمت أن لصيد الأسماك في ألمانيا ترخيصا؛ فلا يسمح لأحد أن يصطاد أسماك من بحر، أو نهر، أو ترعة، أو بحيرة في ألمانيا من دون ترخيص أو تصريح. وفي حالة ضبط أي شخص وهو يصطاد السمك من دون ترخيص فعلية دفع غرامة مالية فورية تزيد عن المائة يورو وإلا فالحبس هو البديل.
 وأخبرني الرجل الذي لم يفصح لي عن اسمه بأن الحصول على ترخيص لصيد الأسماك يتطلب حضور محاضرات لمدة أربعة أيام مقسمة على أسبوعين ( أيام نهاية الأسبوع: السبت والأحد).
 في هذه المحاضرات يتم تعريف الدارسين بأنواع المياه، والأسماك التى تعيش في كل منها، وكذلك أنواع الأسماك المختلفة؛ الضار منها وغير الضار، ومواعيد التكاثر، والمواعيد التى يستحب فيها الصيد، والمواعيد التى يمتنع فيها، وغير ذلك... ثم قال:"ياسيدي هنا في ألمانيا كل شئ بتصريح؛ فالأوراق هي كل شئ، وأنتم في مصر أول من اخترع الأوراق وأول من اخترع الروتين ونحن قد ورثناهما منكم!!"
 
 
ولما رأيت أن الرجل قد أصقل موهبته بالتعليم أردت أن أستفيد منه أكثر وأكثر فسألته عن أي نوع من أنواع الأطعمة يستخدم؟ فأجابني بقوله: " أستخدم طعم السبلة"! ورآني مندهشا مستغربا متعجبا فأخرج لى علبة صغيرة وقام بفتحها فرأيت دودا أبيضا يتحرك بداخلها. هذا الدود الأبيض يختلف اختلافا كليلا عن الدود الذي أستخدمه ويستخدمه الصيادون من أمثالي في فرع النيل الذي يمر بقريتي في دلتا مصر.

 وبدأ الرجل يشرح لي أن هذا الدود عبارة عن تحول اليرقات إلى ديدان، وأخذ الرجل يؤكد أن هذا الدود هو  أفضل إغراء لسمك البلطي ولمعظم أسماك المياه العذبة.

سألته عن سعره ومن أين يشتريه ؟ فقال إن سعر هذه العلبة لا يتجاوز اليورو الواحد، وأنه يشتريها من السوبر ماركت المجاور لبيته، ثم واصل حديثه بقوله: "وهناك طرق كثيرة لإنتاج هذا الدود". رأيت أن الموضوع شيق جدا فطلبت منه ورقة وقلما ثم بدأت أدوون ما يقول.

أخبرني بالطريقة الأولى وهي من بقايا الطعام عندما يترك لمدة أسبوع مكتوما في جو حار نسبيا حتى يتعفن فيخرج منه ذلك الدود!! وهنا سألته عن طريقة أفضل من هذه الطريقة المقززة فأجابني:- "هناك طريقة أخرى وهي أن تحضر رغيف خبز وتقوم بتخميره ثم عصره ووضعه في كيس مع قطعة صغيرة من الخميرة وملعقة سكر وخلطهم جميعا وتركهم لمدة أربعة أيام حتى يخرج الدود... فقلت له شكرا، واكتفيت بهذا القدر من الدود...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق