الثلاثاء، أكتوبر 23، 2012

الربيع العربي في برلين 14


وقفنا جميعا مبهورين بهذه المحطة، وتصميماتها الإبداعية، والدقة المتناهية، والفخامة، والعظمة، وقل ما تشاء من مديح. فالمحطة كبيرة جدا، تبلغ مساحتها حوالى 250 ألف متر مربع، وتعتبر محطة مركزية بين محطات القطارات فى أوروبا، فتلتقى بها قطارات الشمال والجنوب مع قطارات الشرق والغرب، ويزورها يوميا نحو 700 ألف راكب.
ولا تتعجب عندما تعرف أنه قد وضع  كل شىء في الحسبان،  فبدءاً من بلاطات بيضاء ذات بروزات تشعر بها قدمك لإرشاد المكفوفين أثناء سيرهم فى المحطة، إلى مقابض درابزين السلم الحجرى الذي  به حروف وأرقام بارزة لو لمسها الكفيف لعلم أين يجد قطاره وعلى أى رصيف يوجد. وروعيت تلك البروز أيضا  فى أزرار المصاعد و التى صممت على هيئة بانوراما ليتمتع الزائر بمشاهدة المحطة.

 



والمحطة مؤمنة تأمين كامل من خلال وحدة كاميرات للمراقبة تتنوع أشكالها ومهامها، فهناك كاميرات 360 درجة تتابع المحطة على مدار 24 ساعة ومن كل الزوايا عبر متخصصين لهذا الغرض فقط، وهناك كاميرات أحادية الجانب لإطلاق صافرات الإنذار فى حالة انبعاث أى دخان يمر أمامها حتى ولو دخان سيجارة، لأن التدخين ممنوع داخل المحطة، ويتم التصدى لأى سلوك ممنوع أو إرهابى بسرعة عبر وحدة شرطة متخصصة داخل المحطة. حتى الناحية الجمالية تمت مراعاتها من خلال تصميم رائع للمحطة ونوع الإضاءة بها ولون الطلاء المتماشى مع ألوان القطارات والأرضيات التى تم استيرادها من الصين!!
وفي المحطة طابقين رئيسيين للقطارات فالطابق الأسفل تسير به القطارات المتجهة من الشمال للجنوب وتصل لروسيا وإيطاليا، وفي الطابق الأعلى تسير القطارات المتجهه من الشرق للغرب وتصل بين هولندا وبولندا. هم هناك مترو الأنفاق لمن أراد أن يذهب  داخل برلين ثم إن بها  ممرات تؤدي إلى موقف انتظار السيارات وإلى الميناء. هذا غير المحال التجارية التى يبلغ عددها نحو 70 محلاً، تتنوع بين المطاعم المختلفة التى تقدم أطعمة من شتى بقاع العالم، ومحال الهدايا، والكتب، وتأجير السيارات، والملابس، بحيث لا يحتاج الراكب للخروج منها  للشراء. كله موجوووود!
وأما من حيث الصيانة فحدث ولا حرج، فالمحطة مفتوحة على مدار 24 ساعة وتتواصل حركة مرور القطارات بها على مدار اليوم ما عدا القطارات شديدة السرعة التى تعمل حتى الواحدة صباحاً وتبدأ عملها فى الرابعة صباحاً، وخلال تلك الـ 3 ساعات يتم تنظيف المحطة وصيانة أى جزء بها. وقد روعي أيضا  فى تصميم المحطة أن تتم الصيانة  بهدوء، ودون أى إضرار بالشكل الجمالى لها. فهناك  بلاطات مربعة مثبتة بمسامير فى حالة الحاجة لتغيير سلك كهرباء، أو ماسورة مياه فلا حاجة لحفر أو تعطيل.
وفي المحطة أرصفة لقطارات فائقة السرعة، وأخرى لقطارات متوسطة السرعة، ولكل منها قضبان ومسارات لا تتعارض مع الأخرى، وقد زود كل رصيف بشاشات كمبيوتر توضح لرئيس المحطة كل أبواب القطار والعربات وحركة الركاب صعوداً وهبوطاً، فلا يعطى شارة انطلاق القطار إلا بعد ملاحظة جيدة لهذه الشاشات، كما أن تسيير القطارات فى المحطة يتم عبر شبكة كمبيوتر لأن أى تأخير فى موعد أى قطار يؤثر على ألمانيا كلها!

والمدهش في الأمر أن حوائط المحطة مصنوعة من الزجاج الذي خصص كثير منه  لتوليد الطاقة الكهربائية التى تستخدم فى إنارة المحطة ليلاً.
 
ولما لم نجد ما ننطق به من روعة وعظمة  ما رأيناه خرجنا من البوابة الرئيسية للمحطة العملاقة متجهين ناحية الجنوب حيث البرلمان الألماني.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق