الجمعة، ديسمبر 25، 2015

تونس الخضراء 34


إيه يا قيروان بالله هبي وأعيدي حديث أهل الضاد
أسد بن الفرات والبلوي        من تعدتك في حماة العوادي
وابن سحنون وابن نافع والقوم العظام الأجلة الأطواد[1] 
ما أجمل القيروان وما أهدأها، أحب المدن القديمة ذات التاريخ العريق، وحبي للمدن القديمة التي لم تغير جلدها أشد. بيوت القيروان قديمة ومازالت محتفظة بشكلها القديم كذلك، معظم البيوت من طابقين، حوائطها الخارجية مطلية باللون الأبيض، والأبواب كما هو الحال في المهدية مطلية باللون الأزرق. أبيض وأزرق هما لونا النقاء والصفاء بالنسبة لي.
شوارع القيروان ضيقة ومتعرجة، ستتوه فيها حتما لو لم يكن معك مرشد مثل غسان. أين نحن الآن يا غسان؟
-         انظر، هذا هو الجامع الكبير، جامع عقبة بن نافع!
ما أبهاه! أصاب جلدي قشعريرة لرؤية حائطه الشاهق الارتفاع، من الخارج أحسست أنه يشبه جامع عمرو بن العاص، ثمة وجه شبه، ربما عبق التاريخ، أو ربما الصانع نفسه. متى بني هذا الجامع يا غسان؟
" بناه عقبة بن نافع، القائد العربي الكبير، وقت أن حط برحاله في القيروان سنة 50 هجريا" أجاب غسان ثم أضاف سائلا: وهل تعرف لم سميت القيروان بهذا الإسم؟ كان جوابي بالنفي مما فسح المجال لغسان كي يواصل حديثه، قال:
"القيروان ليست كلمة عربية بل فارسية، وتعني مكان السلاح ومحط الجيش، أو تعني استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس فى الحرب. عندما أنشأها عقبة بن نافع كان هدفه أن يستقر بها المسلمون، إذ كان يخشى إن عاد المسلمون إلى بلادهم أن يعود أهل إفريقيا إلى دينهم."
-         وما السر في اختيار هذا المكان؟ تساءلت.
" يقال أن عقبة بن نافع اختار هذا المكان لأنه يبعد عن البحر- الذي يسيطر عليه البيزنطيون -  بمسيرة يوم واحد، كما أنه يبعد عن الجبال- التي تسيطر عليها القبائل البريرية وقتذاك - بنفس المسير، علاوة على ذلك فإن أرض القيروان أرضا منبسطة، الأمر الذي  يسمح باستنفار الفرسان في يسر وسهولة. كما أنها قريبة من المناطق التى تنمو فيها السبخة وهي نبات يحبه الإبل."
اقتربنا من باب الجامع الكبير، كان الجامع مغلقا، إلا أن لوحة خشبية معلقة على إحدى جانبي الباب لفتت انتباهي، كان بها ورقة تحمل صورة لكتاب قرأته، هذا الكتاب نقله إلى العربية أستاذي الدكتور محمد شامة منذ أكثر من ثلاثين سنة.  الكتاب يحمل عنوان " الإسلام قوة الغد العالمية"، ترى هل دار بخلد الدكتور شامة أن يصل كتابه يوما إلى القيروان؟ سأسأله عندما أعود إلى القاهرة.



[1] الأبيات من قصيدة للشاعر التونسي الطاهر القصار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق