الثلاثاء، ديسمبر 08، 2015

تونس الخضراء 27


انتظرنا "غسان وأنا" خارج المتحف حتى ركب وفد جامعة الدول العربية أتوبيسهم. تحرك الأتوبيس ومن خلفه سيارة الحراسة، خلى المكان من الزائرين، فرأيت على جانبي الباب الرئيسي للمتحف لافتتان من الرخام، الأولى عن يمينة مكتوب عليها ما يلي:
"تفضل المجاهد الأكبر فخامة الرئيس
الحبيب بورقيبة
بتقديم هذا القصر لوزارة الشؤون الثقافية
ليكون مقرا للعمل الثقافي المتخصص"
أما اللافتة الثانية فكانت عن يسار الباب ومكتوب عليها:
"المتحف الوطني للحضارة والفنون الإسلامية"
على الباب استقبلنا شاب عشريني وسيم بابتسامة ترحيب، اصطحبنا إلى قاعة المدخل، رأينا فيها نموذج خشبي رائع لجامع القيروان الكبير، جامع عقبة بن نافع، وأمامه علقت لوحة خشبية كبيرة كتب أسفلها "واجهة جامع الثلاثة أبواب"، وعن يمينها برزت لوحة كبيرة تحمل عنوانا طويلا:
" أسماء الخلفاء والملوك والأمراء والولاة الذين حكموا أفريقية منذ الفتح الإسلامي سنة 27 ه- 648م إلى آخر العهد العثماني سنة 1116 ه- 1706 م"
وقفت أمام اللوحة أتأملها فإذا بها قد جمعت أسماء أكثر من مائة خليفة وملك وأمير ووالي كلهم حكموا إفريقية، الأمر الذي إن دل على شئ فإنما يدل على أن الحضارة الإسلامية كان لها شأنا كبيرا في هذا البلد.  ورأيت غسان ينظر إلى و هو مبتسم، فعلمت أنه يتعجلني.
 تركت اللوحة بعد أن التقطت لها صورة احتفظت بها على هاتفي، ثم تبعت غسان ومعه مرشد المتحف. دخلنا قاعة الخزف، فرأيت أواني فخارية غاية في الروعة والجمال، منها ما يعود إلى الحقب الأغلبيّة (القرن التاسع الميلادي) ومنها ما يعود إلى العهد الفاطميّ (القرن العاشر الميلادي)، وجميع هذه الأواني قد تم جمعها من مواقع أثرية في مدينتي رقادة وصبرة بالقرب من القيروان.  بعد قاعة الخزف دخلنا قاعة النقود أو (قاعة التاريخ الاقتصادي العملة- الموازين) كما هو مكتوب على بابها، وفيها رأيت مجموعة من النقود التي تصوّر تاريخ إفريقيّة الاقتصادي على مدى أكثر من ستّة قرون، دراهم من فضة ودنانير من ذهب، وكانت نظرة واحدة إلى تلك العملات تكفي لمعرفة مدى الرخاء والازدهار اللذين كانت تتمع به تلك الممالك من عدمه.
أمّا أجمل قاعات المتحف من وجهة نظري فكانت قاعة القبّة، قاعة تشرف على حديقة القصر، تعلوها قبة بيضاء منقوشة بعناية فائقة، وبها زخارف وتنميقات زجاجية في غاية الروعة والجمال، وتحت هذه القبة جمعت بعض القطع الثمينة من البلّور والرصاص والبرنز.
ورأيت مرشد المتحف وقد أخرج من جيبة مجموعة من المفاتيح و توجه صوب باب مغلق يفتحه، ثم أشار إلينا بقوله: سوف أريكم ما لا يراه إلا كبار الزوار، وإذا بنا في قاعة المصاحف!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق