السبت، ديسمبر 05، 2015

تونس الخضراء 26


بزخات مطر كأنها الدموع، وهبات رياح كأنها الأنين، وبرودة جو كأنها قسوة الفراق ودعتنا سوسة، ترى هل سأعود إليك يا سوسة أم أن الطريق بلا عودة!   وداعا أيها الحبيبة!
لم تكن محطتنا الأولى هي جامع عقبة بن نافع كما جاء في نشرة العاشرة لغسان، بل توقفنا في "رقّادة"، وهي مدينة صغيرة لا تبعد سوى بضعة كيلو مترات قليلة عن مدينة  القيروان. في "رقادة" زرنا كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة الوسط، فقد أراد غسان أن يعيد كتابا قد استعاره من مكتبها وقت أن كان يعمل فيها مدرسا. وقد لفت انتباهي أن معظم طلاب الكلية من الفقراء القادمين من الريف، رأيت ذلك من بساطة ملابسهم، وتواضع هيئتهم، وهو الأمر الذي أكده لي غسان حينما أخبرني أن معظم الدارسين في هذه الكلية قدموا إليها من الجنوب والوسط.
وعلى مقربة من هذه الكلية كانت محطتنا الثانية، فيها توقف غسان بسيارته الفضية من نوع "سيتروين" أمام بوابة كبيرة، بدى من شكلها أنها بوابة لأثر إسلامي قديم.
-         ما هذا يا غسان؟
-         هذا هو المتحف الوطني للفن الإسلامي؟
في حركة لا إرادية أخرجت هاتفي والتقطت للبوابة صورة، فقد أعجبنى كثيرا شكلها، والحق أن كل أشكال الأبواب في تونس تعجبني، تعجبني بقوسها العلوي، ونجمتها السداسية أو الثمانية، ومساميرها الحديدة التي ترسم هلالا، أو كفا بأصابع، أو ترسم نباتا أو تصنع نجمة. كانت هذه البوابة بلا باب، كانت صماء مفتوحة، رأيت من فتحتها أشجار النخيل يتدلى منها سعف أخضر كثيف، أبهرني المشهد، فكم أنا عاشق لأشجار النخيل وخاصة في شهري سبتمبر وأكتوبر عندما يحمر بلحها!
على باب المتحف كان يقف رجلان أحدهما يحمل على كتفه كاميرا كبيرة، كانت هناك حركة غير عادية، رجال ونساء يخرجون، أتوبيس كبير يقف أمام المتحف، رجال حراسة، ما هذا؟ هل للأمر علاقة بي؟! تساءلت!

-         لا، ليس للأمر علاقة بك. أجاب أحد موظفي المتحف. وأضاف: هذا وفد من جامعة الدول العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق