الخميس، ديسمبر 17، 2015

تونس الخضراء 31


سلمنا الشاب إلى رجل عجوز وانصرف، كان العجوز ودودا لدرجة كبيرة، رحب بنا ترحيبا مبالغا فيه، كنا نقف في وسط الدار، ما كل هذا السجاد؟ تساءلت.
 يبدو أننا في متحف للسجاد، لا، ليس هذا بمتحف، وإلا فلماذا لم نشتري تذاكر دخول؟ وهل كان للمتحف الإسلامي برقادة تذاكر؟ يبدو أن متاحف القيروان مجانية.
كانت الدار خالية من الزوار، فقط الرجل العجوز، وشاب نحيل  رأيته عن بعد يبدو أنه أحد العمال. دخل بنا العجوز في أكثر من غرفة، جميع حوائط الغرف مزينة بسجاد، وبها أثاث قديم، الدار من طابقين، من وسط الدار يمكنك رؤية غرف الطابق الثاني وممراته، قال العجوز إن صاحب الدار كان محافظا للقيروان، أهدى داره للحكومة فحولتها دارا لصناعة السجاد.
في إحدى الغرف أخرج العجوز من داخل دولاب قديم طاقية حمراء وصدرية زرقاء وشال طويل أحمر. قال: هذا هو الزي التونسي التقليدي، ارتديه واجعل صديقك يلتقط لك صورة!
فرحت كثيرا بالزي التونسي، وطلبت من غسان أن يلتقط لي صورة. هل لى أن أحتفظ بالزي؟ سألت العجوز.
-         لا، هذا الزي عهدة، ولكن يمكنك أن تحتفظ بالصورة.
اصطحبنا العجوز لرؤية شئ جديد، فدخلنا غرفه صغيرة رأينا فيها سيدتين عجوزتين تغزلان السجاد، أشفقت عليهما كثيرا، لاسيما وقد أحنى الزمان ظهريهما. كانتا تغزلان بحرفية عاليه، أثنيت على ما يصنعنه، ثم خرجنا إلى صالة كبيرة، فيها نادى العجوز على العامل كي يعرض أمامنا ما صنعوه من سجاد. وبينما كان يعرض العامل سجاده أخذ العجوز يشرح لنا: هذا كليم من الصوف، وهذا قطيف من الحرير، وهذا مرقوم، وهذا بخنوق، وهذا حرام، وهذه قشابية، وهذا حولي، وهذه عبانة، وهذه جبة، وهذه بطانية.
-         نأمل أن تشتري منا شيئا يا سيد محمد.
-         يشرفني ذلك ولكن....
-         لدينا سجادا صغيرا، خذ لك واحدة للذكرى.
-         كم ثمن أصغر سجادة لديكم؟
-         45 ديناراً.
أحسست أنني في مأزق، فلم أكن قد أعددت للأمر عدته، وحاولت أن أغير موضوع البيع والشراء إلى موضوع آخر، فسألت العجوز:
-         كم تحتاج السجادة من وقت؟
-         زربية بطول ستة أمتار تحتاج إلى ستة أسابيع عمل. أجاب العجوز.
-         ما معنى زربية؟ تساءلت
-         سجادة، أجاب العجوز ثم عاود:

-         خذ لك زربية صغيرة، فلم نبع شيئا منذ أسابيع. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق