الأربعاء، ديسمبر 23، 2015

تونس الخضراء 33



يقولون إن الجمال محال
 ومازال في القيروان الجمال
فعفواً إلهي إذا قلت يوما
لقد حل في القيروان الكمال[1] 
ما أجمل واجهة هذا المسجد وما أقدمها، قال غسان بعد أن انصرف الشاب المسكين وخلا لنا الجو واتسع بنا المكان: هذا المسجد من أقدم مساجد المدينة، يعود إلى الحقبة الأغلبية، بناه محمد بن خيرون سنة 252ه، ولأن له ثلاثة أبواب متجاورة فقد سمي بمسجد الثلاثة أبواب، باب للرجال وباب للنساء وثالث للأطفال.
كان المسجد مغلقا، هنا تغلق المساجد بعد كل صلاة، سألت غسان: متى سنصلي الجمعة؟
نظر غسان في ساعته وقال: مازال أمامنا وقت، سنتناول الغداء أولا، ثم بعد ذلك نذهب فنصلى الصلاة الثانية في جامع القيروان الأعظم.
-         الصلاة الثانية! وعدتني أن تفسر لي معنى الصلاة الثانية!
أخذ غسان نفسا عميقا ثم أخرجه ببطء، بعده قال: تعرف أن يوم الجمعة هو يوم عمل في تونس، وأن عطلة نهاية الأسبوع هي يومي السبت والأحد، وهذا تقليد قديم يعود إلى أيام الاحتلال، وعندما استقلت تونس عام 1956 وجاء بورقيبة إلى الحكم أبقى كثيرا من الأوضاع الوظيفية كما هي، وعندما تضرر المواطنون التونسيون من حرمانهم من صلاة الجمعة، طلب بورقيبة من المشايخ يستفتيهم في الأمر فأفتوا بجواز تأخير صلاة الجمعة إلى ما قبل صلاة العصر، ثم قسّم المساجد يوم الجمعة إلى قسمين: القسم الأول يؤدي الصلاة في وقتها، بينما يؤجلها القسم الثاني إلى ما قبل صلاة العصر بحوالي نصف ساعة، وبهذا تتاح الفرصة أمام الموظفين لأداء صلاة الجمعة بعد انتهاء مواعيد عملهم الرسمية.
لم أكن أعرف أن يوم الجمعة ليس بإجازة في تونس، وكان علي أن أتبين ذلك وقت أن كنا في جامعة رقادة، لقد كان يوما دراسيا عاديا، كيف مرّ علىّ مثل هذا الأمر؟


[1]  من قصيدة للشاعر التونسي محمود الغانمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق