لم يمض على انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب سوى أربعة عشر يوما، ولو قمنا بعمل حصر للشتائم والسباب التي تم قذفها على المجلس الجديد لاحتجنا إلى أربعة عشر يوما أخرى!! ولكن لابد لنا أن ندرك أن الوضع الان يحتاج إلى احتواء من الكبير حتى ولو كان مجنيا عليه. ويحتاج أيضا مصابرة ومثابرة منه حتى ولو كان مظلوما. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة ولننظر ماذا فعل عليه الصلاه والسلام:-
بعد انتهاء غزوة حنين وتقسيم الغنائم. وجد الأنصار أنهم قد ظلموا حيث أنهم لم يأخذوا نصيبهم الكافي من الغنائم، حتى قالوا: إنَّ هذا لهو العجب يُعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. وتقول الرواية:-
"لما أعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما أعطى من تلك العطايا في قريشٍ وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصارِ منها شيء وجد هذا الحي من الأنصارِ في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم: لقد لقي والله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إنَّ هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليكَ في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء (الغنيمة) الذي أصبت؛ قسَّمت في قومك وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصارِ منها شيء. قال: "فأين أنت من ذلك يا سعد؟" قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرةِ، قال فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجالٌ من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردَّهم، فلمَّا اجتمعوا له أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فحمد الله أثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "يا معشرَ الأنصارِ ما قاله بلغني عنكم وجدة وجدتموها عليَّ في أنفسكم.. ألم آتكم ضلال فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم" قالوا بلى لله ورسوله المن والفضل ثم قال: "ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟" قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل قال- صلى الله عليه وسلم- أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبًا فصدقناك ومخذولاً فنصرناك وطريدًا فأويناك وعائلاً فآسيناك.. أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعةٍ من الدنيا تألفتُ بها قومًا ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاةِ والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار"، قال: فبكى القوم حتى اخضلت لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسمًا وحظًا ثم انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتفرقوا" السيرة النبوية ج5/ص 176/ 177 بتصرف يسير.
لقد اتبع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في حل هذه القضية منهجًا غاية في الرقي والسمو والشفافية، ولا بد لنا من وقفات مع هذا المنهج الفريد لنتعلم كيف يُحل الخلاف مهما كان حجمه، فالموقف جد خطير أن يجد بعض الصحابة في أنفسهم من فعل للرسول- صلى الله عليه وسلم- وهم الذين آمنوا به وصدقوه وناصروه. ولكنها الطبيعة البشرية التي تعامل معها الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- بأحسن ما يكون.
والآن ننتظر من الأغلبية البرلمانية أن ينتهجوا نهج المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه فى تعامله مع الآخر وفي احتوائه للمحتجين والغاضبين دونما إقصاء أو تخوين..
والله المستعان
محمد شحاتة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق