الجمعة، نوفمبر 29، 2013

سيادة القانون!



 
يرى صاحبي، بل ويكرر دوما، أن حل جميع مشاكلنا يكمن في تعريف المصطلحات وتحديدها؛ وبحسب رأيه فإنه لو عرف الناس عن أي شئ يتحدثون لحلت جميع مشاكلنا، ولانتهت معها معظم  خلافاتنا، ولاستطعنا سريعا إنجاز تقدم ملحوظ!
وقد أتفق معه كثيرا في هذا الأمر، خصوصا في هذه الأيام، التى اختلط فيها الحابل بالنابل، وتداخلت فيها الأمور بعضها ببعض، وظهرت فيها معانى جديدة لمصطلحات قديمة، فارتاب معها الناس، وباتوا لا يستطيعون تحديد المراد الصحيح للمعنى المقصود، ومن ثم ظهرت الخلافات التى باتت تهدد وحدة الصف المجتمعى، كيف ذلك؟ الجواب في القصة التالية:-
"كان أربعة من الفقراء جالسين في الطريق وكل منهم من بلد، أحدهم رومي والثاني فارسي، والثالث عربي والرابع تركي، ومرّ عليهم محسنٌ فأعطاهم قطعة من النقد غير قابلة للتجزئة ومن هنا بدا الخلاف بينهم، فكل منهم يريد أن يلزم الآخرين على اتباع رأيه في التصرف في النقود، أما الرومي فقال نشترى بها (رستافيل) وأما الفارسي فقال: أنا لا أرى من (الانگور) بديلا، وقال العربي: لا والله لا نشتري به إلاّ (عنبا) وقال التركي متشددا في لهجة صارمة: أن الشيء الوحيد الذي أرضى به هو: (أوزوم) أما ما سواه فإني لا أوافق عليه أبدا، وجرَّ الكلام الأربعة إلى الخصام، وكاد الأمر يستفحل لولا أن مرَّ عليهم رجل يعرف لغاتهم جميعاً، فتدخل للحكم بينهم، وبعد أن سمع كلامهم جميعا، وشاهد ما أبداه كل منهم تشددا في موقفه، أخذ منهم النقد واشترى به شيئا، وما أن عرضه عليهم حتّى رأى كل منهم فيه طلبته، قال الرومي هذا هو (رستافيل) الذي طلبته، وقال الفارسي: هذا هو (الانگور) وقال العربي: الحمد لله الذي أتاني ما طلبت، وقال التركي: هذا هو (أوزوم) الذي طلبته، وقد ظهر أن كلا منهم كان يطلب "العنب" من غير أن يعرف كل واحد منهم أنه هو بعينه ما يطلبه أصحابه.

المثال السابق يؤكد بوضوح على ضرورة فهم المقصود من المصطلحات، والأمثلة اللاحقة تدعوا للتفكير في المعنى الدقيق والحقيقي لها:-

هيبة الدولة، سيادة القانون، القضاء الشامخ، الشرطة في خدمة الشعب، الأهالى الشرفاء، المصالحة الوطنية، العدالة الانتقالية، تنظيم الإخوان، نكسة يناير، و ثورة 30 يونيو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق