ثمة طقوس أحرص على أداءها فور سماعى
أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي سيلقى خطابا، أهرع من غرفتي إلى غرفة التلفزيون،
أطفؤ الأنوار، وأشعل الشموع، وأغلق النوافذ، وأحرص على أن تكون هناك موسيقى هادئة،
تجعل الشقة تسبح في أمواج من الرومانسية!
نعم إنها الرومانسية التى تخرج من فم
القائد العظيم الذي يحنو على شعبه المتعطش للحنان، فطالما تجرع الشعب من نهر الذل
أعواما وأعواما، وإن شئت فقل قرونا وقرونا، حتى جاء اليوم الذي يسمع فيه كلمات
ليست بالكلمات، وهمسات ليست بالهمسات. ولا شك في ذلك فنحن شعب عاطفي بطبعه، شعب
يسمع ويتكلم أكثر مما ينصت ويفكر، شعب لا تعجبه الأغاني إذا خلت من كلمات مثل أحبك،
حبيبتى، أحبها، الحب كله، حبيب روحي وحبيب حياتي، ومع ذلك فهو شعب تكثر فيه
الخلافات الزوجية وتزداد معها حالات الطلاق!
أما القائد العظيم فقد فطن للأمر
كله، وخاطب الناس بما يحبوا أن يسمعوه، وأتى لهم بمن يسليهم ويسرِّى عليهم، أتى
لهم بكل النجوم من كل السماوات!
وهكذا فعلت مع كلمة السيسي الأخيرة!
لا، بل لقد فعلت أكثر مما اعتدت عليه في الماضي، فقد أحضرت الليلة علبة مناديل
الكلينكس ذات الحجم الكبير، ووضعتها بجواري كي أجفف بها دموعٌ انهمرت من عينيى
حينما سمعته يقول: انتو نور عنينا!
ياالله! أحقا نحن نور أعينكم! وانهمرت
الدموع أكثر فأكثر، وازداد انهمارها عندما سمعته يقول: اللي بيحبنا نحبه واللي
يخاصمنا نخاصمه!
يالك من قائد عظيم، كلماتك تدغدغ المشاعر،ونظراتك
تلهب الأحاسيس، وحركات يديك وجفنيك تحرك الجموع!
نعم (لازم نشتغل علشان مصر) (مصر ها
تكبر وها تبقى قد الدنيا دي كلها) (انتو حبايبي قوي)!
ولاعجب ولا ريب عندما ترى كاتبا مثل مصطفى
بكرى يهدد بالإضراب عن الطعام إذا لم يترشح السيسي للرئاسة! إن مصطفى بكرى رجل
مرهف الحس، عميق المشاعر، قلبه ينبض بالوطنية، ولسانه ينطق بالحق، ولا شك عندي من أنه يفعل مثل ما أفعل عندما يستمع إلى
كلمات السيسي وخطاباته، لا شك من أنه يهرع من غرفته إلى غرفة التلفزيون، ويطفؤ
الأنوار، ويشعل الشموع، ويغلق النوافذ، ويحرص على أن تكون هناك موسيقى هادئة، تجعل
الفيلا تسبح في أمواج من الرومانسية!
dislike
ردحذف