بين الواقع
والخيال دوما مسافة، إن لم تكن مسافات، بيد أن واقعي اختلط بخيالي فتلاشت بينهما
المسافات، وأصبح خيالي واقعا، وأضحى واقعي خيالا، ودام الحال كذلك حتى بعد أن خرجتُ
من الجامع الكبير، جامع عقبة بن نافع. شكرا لك يا غسان أن حققت لي حلمي! ولكن
أخبرني، إلى أين وجهتنا الآن؟
والحق أن كل الوجهات
تساوت أمام عيني، فلو عاد بي غسان إلى "رقادة" حيث البوليس وتوقيفه، أو
عاد بي إلى "سوسة" حيث لا جديد، أو حتى سافر بي إلى المطار فأجلسني في
الطائرة العائدة إلى القاهرة لما تأثرت، فقد رأيت القيروان، وصليت الجمعة في
جامعها الكبير، وأكلت الكفتاجي.
سنذهب الآن إلى
مقهى "عراك"، وبعده سنزور فسقية الأغالبة وبعدها قبر الصحابي أبي زمعة
البلوي. أجاب غسان. ما أروعك يا غسان، وما
أروع صحبتك!
في حَواري
القيروان جائني اتصال من تونس العاصمة، كان الأخ "محمد رباح" يطمئن على
حالي! أخبرته أن كل شئ على ما يرام، وأنني صليت الجمعة والعصر في القيروان، وأنني
في طريقي الآن إلى مقهى "عراك"، وفي الليل سأركب القطار إلى تونس
العاصمة. أخبرني الأخ الكريم أنه قد رتب لي كل شئ، وسأبيت الثلاث ليال القادمة عند
صديقنا المشترك "منير".
من يكون
"منير"؟ سأل غسان.
منير؟ منير صديق
عزيز، تعرفت عليه قبل ثلاثة أعوام في القاهرة، كان قادما من تونس، أمه ألمانية
وأبوه تونسي، اصطحبته لأسبوع كامل، زرنا سويا معظم معالم القاهرة، وافترقنا على
أمل اللقاء، ترى هل سنلتقي، كم أشتاق لرؤياك يا منير!
قبل أن نصل إلى
مقهى "عراك" كنا قد اشترينا المقروض القيرواني وبعض الهدايا التذكارية،
الأسعار هنا مناسبة، والباعة تعساء! اللهم هون عليهم، وفك الكرب عنهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق