الثلاثاء، يناير 26، 2016

توس الخضراء 47


في مسجد عثمان بن عفان، كان عدد المصلين ليس بالكبير، وكما هو الحال في المساجد الأخرى؛ فالإمام يقرأ برواية قالون عن نافع، ويصمت طويلا قبل الركوع، ويسلم تسليمة واحدة. وقد أصبحت كل هذه الأمور عادية بالنسبة لي، إلا أمراً واحدا لفت انتباهي؛ فبعد أن انتهت الصلاة وهممنا بالخروج من المسجد وقعت عيني على ورقة معلقة على الباب مكتوب فيها ما يلي:
"ماذا يقول العلماء حول مسألة الجماعات العاملة للإسلام
لا مانع أن تتعدد الجماعات العاملة للإسلام ما دامت الوحدة متعذرة عليهم بحكم اختلاف أهدافهم واختلاف مناهجهم، واختلاف مفاهيمهم، واختلاف ثقتهم بعضهم ببعض على أن يكون هذا التعدد تعدد تنوع وتخصص لا تعدد تعارض وتناقض، ويتم بين الجميع على قدر من التعاون والتنسيق، حتى يكمل بعضهم بعضا، ويشد بعضهم أزر بعض، ويقف الجميع صفا واحدا في كل القضايا المصيرية التي تتعلق بالوجود الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية وبالشريعة الإسلامية، وبالأمة الإسلامية.
وعلى أية حال يكون حسن الظن والتماس العذر فضيلة يتصف بها جميع الأطراف فلا تأثيم ولا تضليل ولا تكفير بل تواص بالحق، وتواص بالصبر وتناصح في الدين، مع التزام الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
ومثل هذا التعدد أو الاختلاف – اختلاف التنوع- لايؤدي إلى تفرق ولا عداوة، ولا يلبس الأمة شيعا، ويذيق بعضها بأس بعض، بل هو تعدد واختلاف في ظل الأمة الواحدة، ذات العقيدة الواشجة. فلا خوف منه، ولا خطر فيه، بل هو ظاهرة صحية ولكن الذي يدمي القلب حقا أن يوجد بين الدعاة والعاملين من لا يقدر هذا الأمر حق قدره، وأن يبذر بذور الفرقة أينما حل، وأن يبحث عن كل ما يوقد نيران الخلاف، ويورث العداوة والبغضاء، وتركيزه دائما على مواضع الاختلاف، لا نقاط الاتفاق، وهو دائما معجب برأيه، مزك لنفسه وجماعته، متهم لغيره. والحق أن الاختلاف في ذاته ليس خطرا، وخصوصا في مسائل الفروع، وبعض الأصول غير الأساسية، إنما الخطر في التفرق والتعادي الذي حذر الله ورسوله منه".

كشفت لي هذه الورقة عن وجود خلاف ما من نوع ما، فما كانت هذه الورقة لتكتب وتعلق على باب المسجد بهذه الطريقة التي تكررت فيها كلمة الاختلاف ومشتقاتها أكثر من عشر مرات إلا لكون شئ ما قد حدث. ترى ماذا حدث ومن هم أطراف الصراع وما هو سبب  هذا الاختلاف؟! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق