تونس الخضراء 41

إلى القلعة الكبرى...

طالت المسافة الواقعة بين القيروان والقلعة الكبرى، أو هكذا بدت، لماذا سنذهب إلى القلعة الكبرى؟ تساءلت.

-         مفاجأة. أجاب غسان

في الطريق إلى القلعة الكبرى مررنا بقرى صغيرة، لكل قرية حرفة تميزها عن غيرها، رأيت قرى تعرض أواني فخارية، وأخرى تعرض أبوابا حديدية، وثالثة تعرض سجادا، ورابعة تجمع بين هذا وذاك، كان الطريق عبارة عن معرض مفتوح، وكانت أضواء المآذن تتلألأ كأنها أضواء نجوم، كان الجو ساحرا.

-         مرحبا بك في القلعة الكبرى حيث أسكن. قال غسان.

-         أووه، هل تسكن هنا؟ تساءلت.

توقف محرك السيارة في شارع جانبي، نزل غسان، أخرج مفتاحا فتح به بابا لمنزل من طابقين، جذبني فدخلت خلفه، سلمت على والده، كان يشاهد الأخبار، لم تكن أخبارا جيدة، محاولة اغتيال شخصية رياضية هامة في سوسة، استرها يارب.

تركني غسان مع والده، كان ودودا، قال أنه يحب مصر وأهلها كثيرا، أخبرته أننا نبادل أهل تونس نفس الشعور وزيادة. ساد الصمت المكان، ثم قطعه غسان قادما وعلى وجهه ابتسامة: هيا لأريك المفاجأة!

خرجت إلى الصالة فإذا بي أمام مائدة طعام، يزينها طبق فخاري به... ما هذا يا غسان؟!

-         إنه المفاجأة.. هذا كسكسي بالحوت.

لم أصدق عيناي، لا لم أصدق أذناي، أقصد، لم أصدق كليهما. وسمعت صوتا نسائيا قادما من الداخل:

-         مرحبا بك أيها المصري، شرفتنا.

كانت والدة غسان، وضعت زجاجة كبيرة من المياه، ورغيفا من الخبز الفرنساوي الطويل على المائدة، ثم قالت:

-         تفضل، أخبرني غسان أنك لم تجرب الكسكسي بالحوت.

-         لم أستطع الإجابة من وقع المفاجأة، فقط أومأت برأسي أحييها، ثم رفعت يدي بالقرب من وجهي كما يفعل اليابانيون وانحنيت لأشكرها.

كانت مفاجأة رائعة، والأروع أنها جاءت في وقتها، ترى هل جاءت في وقتها حقا أما أنها مثل كثير من المفاجأت تأتي في غير موعدها. كم الساعة يا غسان؟

-         السابعة والثلث.

-         ومتى يتحرك القطار المتجه إلى تونس؟

-         بعد عشر دقائق.

-         يا إلهي، وكم من الوقت نحتاج حتى نصل المحطة؟

-         عشر دقائق.

-         !!!