الخميس، يناير 14، 2016

تونس الخضراء 42


أصابني الهلع وقت أن علمت أن القطار سيصل المحطة بعد عشر دقائق، عليّ أن أختار، بين أن أترك الكسكسي بالحوت، أو أن أترك القطار.
كان من الصعب علىّ تفويت القطار، فقد اتفقت مع "منير" أن ينتظرني في (محطة برشلونه) المحطة الرئيسية بتونس العاصمة، وكان من المستحيل أيضا تفويت أكلة مثل الكسكسي بالحوت. لذا انقضضت عليها كالمحروم، كنت آكل بكلتا يداي، ليس لطعم الكسكسي بالحوت مثيلا، ما أطعمه! تمنيت لو كان لي فمان وأربعة أيادي! كنت أنظر إلى الساعة أرجوها ألا تتحرك، ماذا لو توقفت آله الزمن للحظات!
حاول غسان طمأنتي، أخبرني أن هذا القطار دائما ما يتأخر عن موعده، وأنه لا شئ يدعو للقلق، وأن أكله الكسكسي بالحوت فرصة لن تعوض، كُل يا راجل كُل!
رآني غسان وقد هممت واقفا، فاقترح على المبيت عندهم هذه الليلة وفي الغد أسافر إلى تونس، وعندما لم أوافق اقترحت والدته أن تلف لي الكسكسي بالحوت كي آخذه معي.
ما أصعب فراقك أيها الكسكسي! وما أسرع الوقت هذه المرة! ساعة الحظ لا تعوض، إلا إنها دائما ما تأتي متأخرة.
ودّعت مَنْ في البيت على أمل اللقاء، نعيش هذه الدنيا على أمل، ووقت أن يتحقق الأمل، نكون على موعد مع القطار.

وفي محطة قطار القلعة الكبرى، وهي لا تبعد سوى سبع دقائق بالسيارة، لم نر قطارا ولا ركابا، كانت المحطة خالية، ساكنة، سكونها رهيب، لا أحد، لابشر، أين الناس؟ يا إلهي! حتما قد غادر القطار؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق