السبت، أغسطس 02، 2014

الأخلاق في القرآن 6



تابع 1- خلق طهارة النفس


أما الآية الثانية التى تحث على طهارة النفس فقد جاءت في سورة الشعراء في قول المولى عز وجل (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) فما القلب السليم؟
يقول القرطبي: " القلب السليم هو القلب الخالص من الأوصاف الذميمة، والمتصف بالأوصاف الجميلة"[1] ويقول بن كثير هو القلب السالم من الدنس ومن الشرك[2] واتفق معه الواحدي في أنه القلب الخالى من الشرك[3]، وأضاف إليهما السعدي: هو القلب الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشروالإصرارعلى البدعة والذنوب، ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها من الإخلاص والعلم واليقين ومحبة الخير وتزينه في قلبه، وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله.[4]
أما الرازي فقد ذكر ثلاثة آراء لتفسير هذه الآية اختار منها هذا الرأى، ووقف معه بشدة، وفيه أن القلب السليم هو البعيد عن الجهل والأخلاق الرذيلة[5] ثم علل ذلك بقوله: ذلك لأنه كما أن صحة البدن وسلامته عبارة عن حصول ما ينبغي من المزاج والتركيب والاتصال، ومرضه عبارة عن زوال أحد تلك الأمور، فكذلك سلامة القلب عبارة عن حصول ما ينبغي له وهو العلم والخلق الفاضل، ومرضه عبارة عن زوال أحدهما، فقوله: ( إلا من أتى الله بقلب سليم) أن يكون خاليا عن العقائد الفاسدة والميل إلى شهوات الدنيا ولذاتها، فإن قيل: فظاهر هذه الآية يقتضي أن من سلم قلبه كان ناجيا، وأنه لا حاجة فيه إلى سلامة اللسان واليد فجوابه: أن القلب مؤثر، واللسان والجوارح تبع، فلو كان القلب سليما لكانا سليمين لا محالة، وحيث لم يسلما ثبت عدم سلامة القلب[6] .
وكعادته يتألق سيد قطب في استنباط المعاني القرآنية وتحليلها تحليلا يلمس القلوب قبل العقول حيث قال: "فليست هنالك من قيمة في يوم الحساب إلا قيمة الإخلاص. إخلاص القلب كله لله، وتجرده من كل شائبة، ومن كل مرض، ومن كل غرض، وصفائه من الشهوات والانحرافات، وخلوه من التعلق بغير الله. فهذه سلامته التي تجعل له قيمة ووزنا (يوم لا ينفع مال ولا بنون)؛ ولا ينفع شيء من هذه القيم الزائلة الباطلة، التي يتكالب عليها المتكالبون في الأرض، وهي لا تزن شيئا في الميزان الأخير".  [7]فاللهم ارزقنا قلبا سليما، وارحمنا يوم لا ينفع مال ولا بنون!


[1]  الجامع لأحكام القرآن- القرطبي- الجزء 16 ص 44
[2] ابن كثير ج 6 ص 134
[3] الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، الواحدي ص 791
[4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، السعدي، ص 647
[5] التفسير الكبير / مفاتيح الغيب، الرازي، تفسير  سورة الشعراء
[6] المصدر السابق
[7] في ظلال القرآن سيد قطب سورة الشعراء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق