"اشتيفان كون" شاب
وسيم، له جسم رياضي ووجه صبوح، وله قبول واضح. يكبرني بسنتين تقريبا وهو شاب
متواضع أو ربما بدى لي ذلك، فقد رأيته يحمل حقيبته بنفسه مع وجود مساعده، ويركب
القطار مع امتلاكه لسيارته، وقد يكون هذا أمرا عاديا هنا في ألمانيا، إلا أنه ليس بعادي
مطلقا عندنا في مصر حتى مع حكم الإخوان المسلمين، فلم أجد نائبا حتى الآن يركب
مثلنا في المواصلات العامة، أو يمشى متواضعا بين الناس!
وانطلق القطار السريع بعد أن استوينا على
مائدة في مطعمه، وانحنت إلينا سيدة في الأربعينات من عمرها تسأل عما يمكنها أن
تقدمه لنا، وطلبنا إفطارا سريعا كان هو الأغلى في حياتي، واشتقت كثيرا إلى الفول
والطعمية، فمع طعمهما الذي لا يقاوم، فثمنهما أيضا لا يقاوم، ولا يمكن مقارنته بما
دفعته اليوم مقابل طبق من البيض وفنجان من القهوة!
وفي أثناء الإفطار تحدثنا عن القطارات في ألمانيا، وخصوصا السريعة منها وذكر لي النائب أن القطار الذي نجلس
فيه الآن والذي يسمى ICA هو أسرع قطارات ألمانيا،
وأغلاها على الإطلاق، فبجانب سرعته العالية فإنه يقدم كذلك العديد من الخدمات لجمهور المسافرين مثل: وصلات الإنترنت للكمبيوتر الشخصي (الخدمة غير متوفرة
في كل القطارات)، والوجبات، والمرطبات. ولا يتوقف هذا النوع من القطارات إلا في
محطات القطار الرئيسية في المدن الكبرى.
وفي الطريق إلى هانوفر مررنا بمدينة تسمى "فولفسبورج"
قال لى اشتيفان إن هذه المدينة الصغيرة التى لا يتجاوزعدد سكانها المائة والعشرون
ألف نسمة تعد مدينة سياحية وصناعية كبيرة، والفضل في ذلك يعود لشركة "فولكس
فاجن" الشهيرة، التى غيرت وجه الحياة في هذه المدينة فجعلت منها مقصدا للسائحين وقبلة للمستوردين. ثم سألنى عن المدن الصناعية في مصر، فقلت له إن
لدينا مدنا صناعية تعتمد في صناعاتها على الاستيراد والتجميع، وقلت له بأن مدننا الصناعية
الجديدة التى بنيت في الصحراء بنيت بطريقة عشوائية؛ فلا طرق تصلح، ولا وسائل
مواصلات تنفع، وذكرت له مثالا بمدينة السادس من أكتوبر التى بنيت لتستوعب خمسة
ملايين نسمة ولا يوجد بها قطار يربط بينها وبين العاصمة، وحتى الطريق الذي بنى
ليربط بينها وبين القاهرة ظهرت فيه عيوب كثيرة أضافت إلى ضيقه وبؤسه متاعب لا تحصى
لمن يريد أن يسكن فيها! ثم تحدثنا بعد ذلك عن وسائل النقل في القاهرة والزحام
الشديد وأمور أخرى حتى وصلنا إلى مدينة هانوفر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق