الأربعاء، سبتمبر 14، 2011

سبعه ايام في الماضي ( من ادب السفر )



بسم الله الرحمن الرحيم



ســــــــبــــــــــــــعــــــــــــة

7 أيام في الماضي

(الأقصر وأسوان)

محمد شحاتة









مقدمة


                                         بسم الله الرحمن الرحيم


يقول المولي عز وجل في سوره آل عمران:-
(قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)الآية رقم (137)
ويقول أيضا عز من قائل  في سوره الأنعام:-
 (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين) الآية رقم( 11)

ويقول الشاعر :-
تغرب عن الأوطان في طلب العلا       وسافر ففي السفر خمس فوائـد
تفرج هم واكتساب معيشــــــــــــة        وعلم وآداب وصحبه ماجــــــد

     وأعتقد بأنني في رحلتي هذه  إلي الماضي(الأقصر وأسوان) كنت  قد حققت الفوائد الخمسة,حيث أنني كنت مهموما بالامتحانات ففرج الله بهذه الرحلة همي . وقد تعلمت من هذه الرحلة كثيرا عن آثار أسوان والأقصر مما يؤهلني إلي حد ما  أن أكون مرشدا سياحيا وبهذا أكون قد اكتسبت معيشة . ولا شك أنني قد تعلمت وتأدبت ووجدت أصحابا مجادا. والله أسأل أن يغفر لي ما كان من زلات وأن يرحمني في الدنيا والآخرة.... آمين



تحياتي مع التوقيــــــع
الصديق المطيــــــــــع
الذي في الخدمة سريـع
وفي الألمانية ضليــــع
محمـــد عبــد السمـيـع








      

   دق باب حجرتي رقم (155) مبني الفاروق (سيدنا عمر بن الخطاب) بمد ينه نصر للإسكان الطلابي, ففتحت الباب فإذا به صديقي سعد دخيل (بكالوريوس علوم),استقبلته بترحاب وترحيب والحقيقة أنه يستحق ذلك, فلقد جاءني ببشري كنت في احتياج إليها منذ سنين- ولكن دائما كانت تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن- وأعتقد أنها جاءت الرياح هذه المرة بما تشتهي السفن-. قال لي سعد :"إن رعاية الشباب بالجامعة قد أعلنت عن رحله إلي الأقصر وأسوان"  (وفي الحقيقة أنها لم تعلن ولكنها أخبرت من تعرفهم في كتمان تام, فمثل هذه الرحلات لا يعلن عنها). وأخبرني سعد بأنه يعرف مدير شئون الرحلات وأنه يمكنه التوسط لي عنده لكي يعطيني استمارة, وسألني سعد عما إذا كان معي نقود أم لا ؟ والحمد لله كان معي نقود وكان ثمن الرحلة (45 جنيها) فتواعدنا أن نتقابل في اليوم التالي في العاشرة والنصف صباحا أمام مبني الجامعة. وبالفعل وبعد انتهاء محاضرة  أ. جونتر  ذهبت إليه فوجدته في انتظاري, فصعدنا سويا الطوابق الثمانية بالمصعد الكهربائي ثم دخلنا على المدير الذي يعرفه سعد, سلمنا عليه ثم سأله سعد عن الرحلة وطلب منة أن يعطيني استمارة ولكن الموظف طلب مني إثبات (كارنيه) يثبت أني مشترك في فريق الجوالة بالجامعة متعللا بأن الرحلة خاصة بمن هو مشترك في فريق الجوالة! وقد حاول سعد كثيرا مع الموظف أن يعطيني الإستمارة إلا أن الموظف رفض رفضا شبه قاطعا. وسمع النقاش موظفا آخر كان متواجدا بالصدفة ,فسألني عن كليتي فقلت له بأنني أدرس في كليه اللغات والترجمة قسم اللغة الألمانية فسألني بدهشة ألا تعرفني؟؟!!!  فأجبته بأنني من الممكن أن أكون قد رأيته من قبل. فأخبرني بأنة يعمل موظفا بشئون الطلاب بالكلية وسألني عما إذا كنت مشتركا في أي نشاط من أنشطة الكلية أم لا ؟ فأجبته طبعا بلا!!! متعللا بأنني للأسف لم يكن لدي وقتا وأنني سوف أشارك في المستقبل !!! فنظر الموظف إلي مرة من أعلي إلي أسفل ومره أخري من أسفل إلي أعلي ثم أعطاني ظهره ملتفتا إلي الموظف المسئول عن رحلة الأقصر وأسوان سائلا إياه أن يعطيني استمارة قائلا: (أستاذ محمد اعطه استمارة إنه تبعي )!!!
فقال لي الموظف مماطلا : إذا عليك أن تأتيني يوم الأحد القادم. فقلت له أحقا سوف تعطيني الإستمارة إن جئتك يوم الأحد؟  فقال لي إن شاء الله (وأحسست أنة يوزعني)..............


      وجاء يوم الأحد وذهبت إليه وأخبرته بأنني على موعد معه لكي يعطيني الإستمارة وكنت في شك من أنه سوف يعطيني الإستمارة إلا أن الرجل قد خيب ظني وأعطاني الإستمارة وأعطيته النقود ثم ذهبت مسرعا فرحا ومندهشا لكي أمليء الإستمارة من مكتب الشئون في كليتي, وذهبت أولا إلى مكتب الموظف الذي بسببه تكرم علينا الأستاذ في الإدارة العامة وأعطاني  الإستمارة واسمه الأستاذ منصور لكي أشكره على ذلك, وسألته عن كيفيه مليء الإستمارة فدلني علي الموظف المختص فذهبت إليه وهنا بدأت مشكلة جديدة تظهر- ودائما وأبدا ما تحدث أشياء تعكر من صفو الفرحة وكما قال الشاعر:-
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
  فلقد أصر الموظف أن يرفق لي مع الإستمارة إثباتا لشخصيتي والمفروض أن يكتب البيانات على الإستمارة مباشره وهذا هو المتعارف عليه لذا ذهبت إلي الأستاذ منصور وأخبرته بما حدث فتعجب من ذلك وهم واقفا ثم جاء معي إلي ذلك الموظف. إلا أن الموظف أصر علي موقفه فاشتاط الأستاذ منصور غضبا وعلا صوته قائلا للموظف أن هذه الإستمارة خاصة بوزارة الشباب والرياضة وأن كتابه بيانات الطالب عليها شيء متعارف عليه في جميع الكليات. وشعرت من الحديث المتبادل بين الأستاذ منصور وموظف شئون الطلاب أن هناك سوء تفاهم سابق وسأكون أنا الضحية وستضيع الإستمارة لذا أسرعت جاهدا وبكل الوسائل أن أهديء من حدة الموقف وألطف من حرارة الجو إلا أن الأستاذ منصور طلب منى متحديا الموظف أن أذهب إلي مدير الكلية وأخبرة بما حدث وذهبت إليه ويبدوا أن مدير الكلية كانت قد وصلته شكاوى عديدة عن صاحبنا الموظف فقال لي في مسكنة مصطنعة "مع هذا الرجل بالذات لا يمكنني فعل شيء " فعدت إلي الأستاذ  منصور مرة أخرى

فأخبرته بما قاله سيادة المدير فتعجب الأستاذ  منصور مرة أخرى وجاء معي إلي المدير وقال له أيعجبك ما يفعله ذلك الموظف مع الطلاب فرد عليه المدير بنفس المسكنة المصطنعة "أرجوك يا أستاذ منصور !!! أنت تعرف هذا الموظف متزمت جدا ولا يتنازل عن رأيه وأنا لا أريد مشاكل!" فالتفت إلي الأستاذ منصور قائلا بصوته العالي "إياك أن تتنازل عن حقك ولو أن تذهب إلي رئيس الجامعة! فأجبته بنفس الحماسة "أبدا أبدا لن أتنازل عن حقي!!!!!" 
      ولقد هداني الله للذهاب إلي موظف آخر لكي يكتب لي البيانات وسبحان الله ذهبت إليه وتغاضى عن ما أثاره الموظف الأول والحمد لله انتهي أخيرا الموقف بسلام ولم يتبقى إلا الذهاب إلي الإدارة الطبية بالجامعة لإجراء الكشف الطبي وتمت الإجراءات ثم ذهبت مسرعا بعد ذلك إلي صاحبنا الموظف في الإدارة العامة لكي أسلمه الاستمارة . وأخبرني ذلك الموظف بموعد الرحلة والتي سوف تكون في (23- يناير-2004) أي بعد ثلاثة أشهر ...............

وجاءت الإمتحانات وما أدراك ما الإمتحانات وبالأخص امتحانات الشعبة التي أدرس فيها( فما أكثرها وما أطولها وما أسخفها وقل ما شئت من مديح)!!

والحمد لله مرت الإمتحانات بسلام وعدت بعد شهر ونصف الشهر إلي أسرتي ولم أمكث معهم إلا يوما واحدا وكأنني عدت إليهم لأخبرهم فقط بأنني مسافر مرة أخرى !!!!

        وقبل غروب شمس يوم الجمعة (23-1-2004) كنت قد أعددت حقيبة سفري  ثم اتجهت إلي محطة مصر حيث مكان التجمع المحدد وكان الموعد المحدد هو السابعة مساءا . وكالعادة كنت  هناك في الموعد المحدد وعند وصولي المحطة وجدت شبابا وفتيات " كثر" مجتمعون أسفل ساعة المحطة ورأيت أن كل مجموعه ملتفة حول راية تحمل اسم الجامعة المنتمون إليها. ورأيت لافته تحمل اسم جامعة الأزهر فاتجهت مسرعا إليها وسألت حاملها عن مكان تجمعنا فدلني عليه وكنت قد كتبت أنا الآخر لافته علي الكمبيوتر تلبيه لمطلب مشرف الرحلة والذي كنت عنده بالأمس لكي أتأكد من موعد الرحلة فسألني في بداية الأمر عن خطي (هل هو جيد أم لا ) فأجبته بأنة مقبول إلي حد ما وكان الغرض من السؤال هو أن أكتب له لافته عليها اسم جامعة الأزهر حتى يتجمع تحتها الطلاب في المحطة .
    وبينما أنا واقف في محطة القطار وبعد أن أخرجت اللافتة من حقيبتي إذ انحط علي شويب صغير السن وقصير القامة ولكنه وسيم إلي حد ما. ولست أدري من أين جاء هل نزل علي من السماء أم خرج من الأرض أم انسل من وسط الجموع الغفيرة الواقفة !!! المهم أنني فوجئت به يسألني (هل أنت من جامعة الأزهر؟  فأجبته بنعم. فسألني مره أخري هل أنت من كليه اللغات والترجمة؟  فأجبته بنعم. فسألني هل أنت من قسم اللغة الألمانية؟ فأجبته بنعم).  وهنا بدأ يتحدث معي بالألمانية المخلوطة ببعض كلمات من الإنجليزية؛ فعلمت أنه لابد وأن يكون في المرحلة الأولي من الدراسة في القسم . وبالفعل فهــــــــــو:     
        (أحمد الشرقاوي) الذي يدرس في الصف الأول قسم أدب ألماني والقادم من محافظه الشرقية مركز منيا القمح. وعرفته أيضا بنفسي ثم ذهبنا بعد ذلك سويا إلي المجموعة التي يقف معها, وتعرفت فيها علي أحمد حسونة, وفوجئت بأنه أيضا يدرس في قسم اللغة الألمانية, ولكن المفاجئة اشتدت عندما علمت أنه يدرس في الصف الرابع قسم أدب ألماني! وسبب الدهشة أنني أعرف جميع طلاب الفرقة تقريبا!!!   وأحمد هذا قادم من محافظة الشرقية ومن نفس مركز أحمد الشرقاوي (منيا القمح).
وتعرفت أيضا علي محمد إبراهيم سلومه؛ وهو الطالب بقسم اللغة الإنجليزية وفي الفرقة الرابعة أدب إنجليزي والقادم من مركز طنطا محافظة الغربية.




       وسألنا عن موعد تحرك القطار وعلمنا أنه سوف يتحرك في حوالي التاسعة والربع ولم يتبقى سوي نصف الساعة, والتي فيها أخذنا إثباتا للشخصية ولابد وأن نعلقه على صدورنا طوال الرحلة . وقبل انطلاق القطار بحوالى ربع الساعة أسر لي أحمد حسونه بسر خطير قائلا :-
            "محمد أريد أن أسر إ ليك بسر لا يعرفه إلا ثلاثة أنت ستكون رابعهم فقلت له: هات ما عندك (سرك في بير).فقال لي: إن أحمد الشرقاوي ليس مشتركا في الرحلة وأنه وضع اسمه مكان اسم طالب تخلف عن الحضور ولقد أحضرت له إثباتا للشخصية مزورا!!! فقلت له : إن هذا ليس من شأني واعتبرني لم أسمع شيئا ولم أعرف شيئا وإذا ما حدث شيئا فأنا لست مسؤلا عنه" (والحقيقة أن هذه ليست إيجابية وليست نهيا عن المنكر ولم آمر فيها حتى بالمعروف إلا أن قلبي والله يشهد علي ذلك كان ضد هذا العمل الحقير وكنت متأكدا من أنه سوف ينفضح في أقرب وقت )  ورأيت في وجهه اطمئنانا واستبشارا بهذه الإجابة....................
وجاء القطار وركبناه وكانت عربتنا رقم (9) وجاء المشرف وهو الموظف بالإدارة العامة والذي كان قد أعطاني الإستمارة, وبدأ يتأكد من شخصيات الطلاب ويطمئن علي الحضور ويتمم على الأعداد وذهب أحمد الشرقاوي بأمر من أحمد حسونه إلى الحمام ليختبىء فيه حتى يمر المشرف ثم جاء مرة أخرى, وذهب..... وأصبح في حيره وقلق وأقلقنا معه!!! وانتهى أخير هذا الموقف بسلام.  

     وانطلق قطار الشباب  في رحلتة إلى الماضي وبدأنا الرحلة بترديد دعاء السفر خلف أحد الطلاب ولم يكد ينتهي الطالب من الدعاء حتى سمعنا تنبيهات مشرف الرحلة بالإلتزام الكامل بالآداب العامة والمبادىء والقيم والمثل العليا حيث قال :-
                                             (يا جماعة لابد وأن تضعوا جامعة الأزهر نصب أعينكم وعليكم أن تحافظوا علي النظام العام, ولا يوجد ما يمنعكم عن اللعب والمرح ولكن في حدود المعقول والممكن) ثم علت حده صوته متوعدا كل من تسول له نفسه بأن يرتكب حماقات أو يفعل شيئا يشين جامعة الأزهر أو أن يتحدث مع السياح بحجة الحديث عن تنظيم مصر لكأس العالم 2010 (وهنا ضحك الجميع) فسوف يكتب فيه تقريرا يسلم إلي نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب  لكي يلقى ما يستحق من العقاب....  وبانتهاء كلام عمنا المشرف كنا قد وصلنا إلي محطة الجيزة ثم انطلق بنا القطار مرة أخري في رحلته الطويلة المملة إلي الماضي, ولكن قطع هذا الملل أغنيه كنت أعلمها للأحمدان وهذه الأغنية كنت قد تعلمتها في ألمانيا والتي تقول:

Auf der Mauer auf der Lauer
Setz'ne   kleine  Wanze
Schau Dir mal die Wanzen an
wie die Wanzen tanzen kann

وطلبوا مني أن أتحدث عن رحلتي إلي ألمانيا وتحدثت وقطع الحديث صوت طبل ومزمار وصاجات وأغاني فالتفت خلفي فوجت طابورا طويلا من الطلاب يصفقون ويهللون ويرقصون وقل ما تشاء .... وسمعنا ما يلي:-
طالب ينادي بأعلى صوته قائلا:( ولا  فيرد عليه الباقون بصوت أعلي منه إيه فيرددها الأول مره أخرى ويرد عليه الباقون بنفس الإجابة وأخيرا يقول (شوفت العروسه بتقول للعريس إيه ؟!!) فيقولوا جميعا وبصوت واحد (إيـــــــــــــــــه) فيعيد عليهم السؤال مره أخرى فيجيبوه بنفس الإجابة (إيـــــــه) فيقول (ماعرفش أدق الكوزبره إلا بقميصي المسخرة)   (وفعلا أغاني كلها مسخره !!!) وطلع علينا شاب آخر يسأل سؤالا آخر قائلا :(شوفت عادل إمام بيقول إيه) فيردوا إيـــــــــــه فيقول (الكباب الكباب ها يخلي عيشتكوا هباب)  كل هذا وبعض الطلاب يطبل والآخر معه صاجات يفرقع بها

والباقون إما مرددون أو راقصون أو مصفقون أو مستمعون  أو............ وقد ختموا جولتهم الأولي بتحيه لجامعة الأزهر تقول :- (جامعة الازهر ) فيرد الباقون (هيــــــــــــه) فيقول كليه التربية فيقولوا( هيــــه) فيقول كليه الهندسة فيقولوا (هيــــــــه) فيقول كليه العلوم اللي بيخلصوها في 12 سنه  فيقولوا (هيــه) فيغني (حسره عليها يا حسره عليها )  .. ثم انصرفوا !!!!!!!!
ولم يمض طويلا حتى جاءوا وفي مقدمتهم الأحمدان اللذان شاركاهم هذا الحفل الصاخب وقال أحدهم مغنيا طبعا:-
(أنا عايزه الميكانيكي يجى يصلح الباجور ....) فيكرروا خلفه هذا المقطع فيقول (حط إيده يا علي إيدي يا خفت أقوله لا ليبوظ الماتور...)
وانتقلوا بعد ذلك إلي أغنيه لأم كلثوم تقول (لا انا قد الشوق وليالي الشوق و........) ثم انتقلوا إلي أغنيه ليس لها صاحب تقول :-
                           (أنا ماشيه في شارع شريف قابلني شاب لطيف قالي .............)
ثم انتقلوا إلي أغية دينيه تقول (اللهم صلي عليه.......) واستمروا هكذا حتى الواحدة!!!!وخيم الصمت بعد ذلك علي المكان وكنا قد مررنا بمحافظة بنى سويف وأصبحنا عل مشارف محافظة المنيا , فنمنا قليلا ثم استيقظت فوجدت أننا أصبحنا في محافظة أسيوط, كل هذا والجو مظلم ولا نكاد نري شيئا من نافذة القطار سوى أضواء مصابيح الكهرباء وبعد أسيوط مر القطار علي محافظة سوهاج ثم نمت بعد ذلك حتى وجدت أننا وصلنا إلى محافظة قنا وكانت السابعة صباحا واختفى الليل وظلامه وأخذ النهار في الظهور والشمس في السطوع وبدا منظر النخيل في غاية الروعة والجمال (صنوان وغير صنوان وسبحان الله!!!) ورأينا العلامة المميزه لمحاصيل صعيد مصر وهي ((قصب السكر)) ورأينا عربات النقل الثقيل وهي تحمل فوقها ألآف الأعواد من القصب ذاهبة به إلي المصنع ..........
ومر بنا القطار علي محطة تسمى (القوصي) ثم (الكرنك) ولم يقف في الأخيرة إلا أنه وقف بعدها في محطة (الأقصر) فنزل من القطار طلاب حلوان والقاهرة وعين شمس وغيرهم من الطلاب بينما واصلنا السفر متجهين إلي أسوان ... وكنا قد دخلنا الأقصر في حوالي الثامنة والنصف ومر بنا القطار بعدها علي كل من المحطات التالية :( محطة الوحدة,أرمنت , الشغب, العلا, نجع أبوسعيد, الشوارنه, إدفو,الأرديسية,الطوناب,السراج,جعفر الصادق,كلابشه,الزعام, كوم امبو, أراو, الأعقاب بحري, الخطارة, أبوريش وغيرهم حتى وصلنا أخيرا إلي محطة أسوان في حوالي الواحدة ظهرا ).
ولقد بدا الصعيد مختلفا إلي حد ما عن الدلتا , فلقد مر بنا القطار علي أماكن لا يفصل الجبل فيها عن النيل إلا قضيب القطار (وسبحان الله)!!! ورأينا عددا لا نهاية له من (الدش) علي أسطح المنازل والعجيب أن هذه المنازل بسيطة جدا وتبدوا أنها لأناس لا يجدون قوت يومهم!!!!!
والمهم أننا وصلنا أخيرا والحمد لله إلي محطة أسوان , وأمام المحطة كان في انتظارنا مجموعه من الأتوبيسات والتي ركبنا فيها متجهين إلي (نزل مبارك الدولي ) وفى طريقنا إلي النزل مررنا علي النيل ورأينا عددا كبيرا من السفن الشراعية والغير شراعية تقف وتسير في النيل (منظرا رائعا) .

 ويتكون (نزل مبارك الدولي) من أربعة طوابق . في الطابق الأرضي قاعه للمحاضرات أو لإستقبال الضيوف ومطعم ومصلي وغرفا للإدارة. ويعلوا هذا الطابق ثلاثة من الطوابق الأخرى. ويتكون كل طابق من عدة غرف في كل غرفة عشرة من الأسره وبلكونه وثلاثة دواليب وبجوار كل سرير كوميدينوا وعل كل سرير بطانية وكبرتاية.

أول شيء دخلناة في نزل مبارك الدولي كان قاعة الاستقبال وفيها رأينا رجلا يقف علي المنصة يبدو عليه أنه يريد أن يقول لنا شيئا وبالفعل بدأ في ا لكلا م  فأصد ر تعليما ته إلي مشرفي الرحلات لكي يصعدوا إلي ا لطوا بق ا لعليا لكي يتسلمون ا لحجرا ت ويسلموها إ لي ا لطلاب ثم طلب منا  أن نبقى

في أماكننا لكي يخبرنا بالبرنامج الذي  سو ف نقو م بتنفيذه في الأيام ا لثلاثة (ا لسبت و الأحد والاثنين)   والتي سنقضيها في أسوان, وأخبرنا بأن موعد الإفطار يبد أ من ا لسابعة والنصف وينتهي في ا لثامنة والنصف؛ وبعد ذلك أي في ا لثامنة والنصف ستكون الأتوبيسات  في انتظارنا وسوف  نقسم إلى مجموعتان . المجموعة الأولى سوف تقوم بزيارة السد العالي ومعابد فيله. والمجموعة ا لثانية سوف تقوم بزيارة حديقة النباتات والمسلة النا قصة.  وأخبرنا أيضا بأن ا لغداء  سوف يكون من ا لثانية  وحتى الثالثة, والعشاء سيكون من التاسعة وحتى  العاشرة. وأما عن ا لبرنامج  ا لذي سوف نؤدية اليوم (السبت), فسوف نتنا ول طعام ا لغداء ثم نأخذ بعد ذلك قسطا من ا لراحة  حتى الخامسة. وفى الخامسة  سوف تنتظرنا الأتوبيسات خارج النزل لنذهب بها إلي متحف النوبة ثم نذهب بعد ذلك في جولة حره في مدينه أسوان...........

        انتهي كلام المشرف ببعض الرجاءات والأمنيات والنصائح التي لا تخلوا منها كل زيارة ثم انصرفنا صاعدين إلي الطابق الثالث حيث غرف نومنا. ولقد طلبت من أحمد حسونه أن يذهب إلي المشرف لكي يحضر لنا مفتاح الغرفة لأننا أردنا أن نجتمع في غرفة واحدة وأسرع أحمد, وكنا متشوقون لرؤية الغرفة, وفوجئنا بأن الغرفة لابد وأن يسكن فيها عشره أفراد, وجاء أحمد بمفتاح الحجرة رقم (6) ودخلناها وأخذنا أربعة أسره مقابلة لبعضها البعض, وكنت أنا بجوار البلكونه. ومن هذه البلكونه يمكنك أن  تذهب في رحلة طويلة وبعيدة جدا عبر تاريخ البشرية. فمن هذة النافذة مباشره تقع عيناك أول ما تقع علي المقابر (مقابر أسوان )!!!!! والجدير بالذكر أننا وعلي طوال الرحلة من القاهرة وحتى أسوان لم تقع أعيننا إلا علي المقابر. ويبدوا أن الصعايدة  يعيشون فقط علي الموت وعلي أمجاد الأموات , فما السياحة إلا مجدا للأجداد (حقيقي هي رحله إلي الماضي!!!!!)
( وقد قال أحد الطلاب متفكها بان هذه المقابر كانت بسبب الحرب العالمية للصعايدة !!!)

     خلعنا ملابسنا وجاءنا أحمد ببونات الغداء , ثم توضأنا ونزلنا الطابق الأرضي للصلاة. وكالعادة دائما وفي كل سفر يحدث نقاشا حول قصر الصلاة وعدم قصرها. فهناك من يقول أنه لا يجوز لنا القصر؛ وذلك لأننا نوينا الإقامة. وطالب يقول إنني لم أنوي القصر. وهناك طلاب لا يعرفون ما معني القصر أصلا! ولكن هناك من يتفق معي من أنه يجوز لنا القصر وهكذا ..... والمهم أننا في النهاية صلينا الظهر والعصر قصر وجمع تقديم... ومنعا للإختلاف كنت أنا الإمام !!!!

      وبعد خروجنا من المصلي جاءنا أحمد حسونه بخبر ربما يكون غير سار: وهو أن المشرف قد اكتشف أنه يوجد طالب زائد لذا اضطر أحمد حسونه إنقاذا للموقف أن يعيد بونا للمشرف ومن هنا أصبح أحمد الشرقاوي- والذي ليس مشتركا أصلا في الرحلة-  ليس لديه بونا للغداء وكان لزاما علينا أن نحمله معنا علي الغداء.....  دخلنا بعد ذلك إلي المطعم وكالعادة لا نقف في الطابور بل نندس وسط الصفوف من أقرب نقطة وندخل بين الواقفين !! وصرفنا البون وكان عبارة عن (أرز , و طبيخ بطاطس, و سلطة طماطم, و قطعه من اللحم مختلفة تمام الإختلاف عن لحم المدينة الجامعية, ثم رغيفان وإصبعين من الموز)...  أكلنا وأكل معنا أحمد ثم قمنا نطلب المزيد (طفاسه!!!) وأعطونا ولكن أرز وبطاطس فقط !!

        بعد تناول الغداء نمنا حتى الخامسة, ثم وجدنا الأتوبيسات في انتظارنا أمام النزل لكي تذهب بنا إلي متحف النوبة. ويبعد متحف النوبة عن ( نزل مبارك الدولي) حوالي كيلوا ونصف الكيلوا أي أننا يمكننا الذهاب إليه سيرا علي الأقدام.. ويقع النزل في شارع يسمي بشارع (السادات أو الخزان سابقا) وفي هذا الشارع دارت معركة قديمة جدا بين المسلمين وأبناء النوبة. وكان يقود جيوش المسلمين (عبد الله بن سعيد بن أبي السرح) وانتهت المعركة بعقد صلح بين الطرفين وسمي هذا العقد بـــ (صلح حسن الجوار)....... وتقع مقبرة الشهداء علي الجانب الأيمن من الطريق وذلك وأنت متجه إلي المتحف من النزل وهؤلاء الشهداء هم الذين ماتوا في إخماد الثورة المهدية والتي كانت في السودان وكان يقود الإنجليز القائد البريطاني "كتشنر" وكان ذلك في عام (1898) وبعد هذه المقبرة بحوالي 300 متر تقع مقبرة أقدم مقبرة في مصر منذ دخول الإسلام, والتي تضم رفات الكثير من الصحابة والتابعين والذين شاركوا في الفتوحات الإسلامية في إفريقيا. وتسمى هذه المقبرة بمقبرة الفاطميين ...

         وفى هذا الشارع أيضا مقبرة الأديب الكبير (عباس محمود العقاد)..... ( حقا إنها رحلة إلي الماضي) وبجوار مقبرة العقاد يوجد مبني (إذاعة وتلفزيون جنوب الصعيد) وبجوار هذا المبنى كاتدرائية كبيرة تشبه إلي حد كبير كاتدرائية العباسية وتسمي هذة الكاتدرائية بـــ(كاتدرائية كبير الملائكة)...
وأخيرا وصلنا إلي متحف النوبة ,,, ويعد هذا المتحف وحديقته من أحدث المتاحف في الشرق الأوسط إذ تم بناؤة  بمساعدة اليونسكوا وبتكلفة قدرها حوالي (60مليون دولار), ويضم هذا المتحف آثارا لعصور مختلفة فتجد فيه آثارا من العصر الحجري وآثارا من عصر الأسرات (الفراعنة) فمرورا بالعصر اليوناني ثم المسيحي وأخير الإسلامي ويوجد فيه أيضا قسم خاص بصور غرق  بلاد النوبة. وكنا قد دخلنا المتحف في حوالي الخامسة والنصف عصرا ونظرا للزحام الشديد فقد  تخلفنا عن الأحمدان ودخلت أنا ومحمد سلومه . ولقد حذرونا في الخارج من استخدام الفلاش في التصوير وذلك لأنه يضر الآثار إلا أنني ليس لدي كاميرا بدون فلاش وقد رأيت مشهدا لشيخ يجلس علي كرسيه وأمامه أطفال في أيديهم مصحف (يعنى كتاب!!!). . وكان منظرا رائعا لذا قررت أن ألتقط له صوره وليكن ما يكون! والتقط صورة,,,, وعلي الفور جاء المشرف وأخذ الكاميرا ووقفت أتجادل معه وقلت له بأن المشرف لم يخبرني لذا أصر الرجل أن آتى له بالمشرف  ووجدت المشرف واقفا بجوارنا فسأله الرجل عما إذا كان أخبرنا أم لا ؟! فقال أنه أخبرنا وحذرنا.....والحمد لله كان مشرفا كما نقول (جدعا) فقد حل المشكلة بسهولة حيث قال للرجل أعطني الكاميرا وسوف أحتفظ بها ولن أعطيها إياه إلا بعد الخروج من المتحف.   والحمد لله مر هذا الموقف بسلام ...
ولقد كنا نريد أن نلتقط صورا في حديقة المتحف إلا أن الليل كان قد أسدل ستائره والجو أظلم, لذا قررنا أن نعود إليه في الغد حتى نستمتع بمشاهد الآثار بكثير من التأني...
بعد زيارة المتحف ذهبت بنا الأتوبيسات إلي محطة قطار أسوان حيث المكان الذي سوف تنتظرنا فيه حتى ننتهي من جولتنا الحرة في أسواق أسوان الجميلة والتي تشبه إلي حد كبير (خان الخليلي) . وكنت أريد شراء أفلاما للكاميرا وشبشب حمام , واشتريت واشتري رفيقي محمد نظارة ثم دخلنا بعد ذلك أحد البازارات,,,, فقط لكي نتفرج,,,, إلا أننا ظننا أن الأسعار فيه رخيصة لذا اشترى صديقي بعض الأشياء واشتريت معه (مسلة) صغيرة حتى نقلل من السعر إلا أننا فوجئنا بعد أن عدنا إلي النزل أن الرجل الصعيدي ضحك علي المنوفي (فحزنت جدا جدا جدا). ودخلنا بعد ذلك الإنترنت وهناك أسعار سياحية وسوء معاملة!!! والمهم أنني وجدت ثلاث رسائل وبعثت بثلاثة أخرى ثم عدنا بعد ذلك إلي الأتوبيس ومن ثم إلي النزل فتناولنا طعام العشاء والذي يتكون من (رغيفان,وقطعه من الجبن,وكيسان شيبسي, وبيضة, ومربى, وزبادي) ثم صلينا المغرب والعشاء قصرا وجمع تأخير وكنت أنا أيضا الإمام ثم نمت بعد ذلك إلا أن الأحمدان ومحمد سلومه خرجا للتنزه ولم يعودوا إلا في الثالثة صباحا.
وفي  فجر اليوم التالي (الأحد) استيقظت علي جرس تليفون محمد صابر المحمول ومحمد هذا يدرس في الفرقة الرابعة بكلية التربية قسم رياضيات . أيقظت الأصحاب ,فصلينا الفجر في جماعه ثم جلسنا نتناقش في موضوع ( الختان) ثم جاء موعد تناول الإفطار والذي يتكون من (رغيفان,وفول,وبيض, ومربى,ولبن وشاي) وكانت الأتوبيسات في انتظارنا خارج النزل لكي نذهب بها إلي المسلة الناقصة ثم حديقة النباتات.
أولا المسلة الناقصة والتي تبعد عن نزل مبارك الدولي حوالي خمس دقائق بالأتوبيس وسميت بالناقصة لأنه لم يكتمل عملها حتى الآن  ولم يكتمل عملها لأن القدماء المصريين وجدوا فيها شروخا فتركوها وذلك علي الرغم من أنها أكبر مسلة في التاريخ الفرعوني حيث يبلغ طولها 42 مترا وعرضها 4,2متر ويصل وزنها إلي 1137 طن . وليس اسم المسلة اسما "هيروغروفيا" بل يرجع إلي العرب وهو بمعني الإبرة والإبرة تشبه إلي حد كبير المسلة والمسلة تستخدم حتى الآن في حياكة الجلود والأقمشة السميكة. ولقد اعتقد العربي المسلم أن الفراعنة كانوا يقدسون المسلة لأنه شاهدها أمام كثير من المعابد. أما عن اسم المسلة بالفرعونية فهو(تخن) أي الأصابع المضيئة وذلك لأن الفراعنة كانوا يغطون قمة المسلة بالذهب وحينما تسطع الشمس وتمر علي المسلة تضيء!!!!!!!!!!!
 وتعد المسلة عند الفراعنة رمزا للمعبد مثل المأذنه  للمسجد, والصليب للكنيسة..... ولقد كان المصريون القدماء يقطعون المسلة من الجبل بواسطة حجر يسمي حجر (الديوريت). وكانوا يفصلونها عن الأرض بفتحات وخنادق صغيرة أسفل المسلة يضعون فيها أجزاءا من شجر الجميز الذي يسقونه بالماء فيتمدد فينفجر الصخر(جديدة صح ولا).. وكانوا ينقلونها عن طريق النيل, ويحتمل أن تعود هذة المسلة إلي عصر حتشبسوت لأن عصرها يسمي بعصر المسلات....
ذهبنا بعد ذلك إلي حديقة النباتات والتي تسمي أيضا بحديقة النيترون. ولهذه الحديقة قصة طولية محتاجة إلي تركيز !!!!!
فعندما ذهب كتشنر إلي أسوان للقضاء علي الثورة المهدية, رأى في النيل جزيرة كبيرة جميلة ومليئة بالأشجار. ووجد أنها ملكا لأبناء أسوان؛ فساومهم علي أن يأخذ هذه الجزيرة ويعفي أبنائهم من الخدمة العسكرية. ووافق أهل أسوان علي ذلك, وأغضب ذلك وزير الدفاع؛ فاعترض؛ فعزله الملك. وسميت هذه الجزيرة بـ(السيردار). والسير معناه القائد أي (دار القائد). ثم استولي الملك بعد ذلك علي الحديقة فسميت بـ(حديقة الملك). وقد أمر الملك باستيراد أنواع كثيرة من الأشجار من جميع أنحاء العالم وزراعتها فيها... وفي عام (1928) رأت هيئة البحوث أن هذه الجزيرة مليئة بالأشجار المختلفة فقررت الاستفادة منها في إجراء البحوثات  بدلا من إرسال الباحثين إلي الخارج . وتقع الجزيرة علي مساحة 17 فدان وهي مليئة بالأشجار المختلفة وسبحان الله يوجد فيها أشجارا لا تنمو إطلاقا إذا ما خرجت من هذه الحديقة وأشجارا استوائية تنموا بجوار أشجار مدارية (سبحان الله)
 والجانب الغربي للحديقة(أي بعد النيل) عبارة عن جبل, وفي هذا الجبل مقابر تسمي بمقابر الشرفاء أو النبلاء وهم الحكام الذين كانوا يحكمون جزيرة (الفانتين) وكانوا يحكمونها كولاة للفراعنة.. ومن المعروف أن المقابر المنحوته في الجبال لم تكن لتبني إلا للملوك الفراعنة فقط .....ولكن لما كان لهؤلاء النبلاء من مكانة كبيرة وهامة عند الفراعنة حيث أنهم كانوا قوادا عسكريون يحمون الحدود الجنوبية للبلاد لذا فقد نحتت لهم المقابر في الجبال ....ويصل الإنسان إلي هذه المقابر بواسطة أكثر من 150 درجة سلم شبه عمودية. وفي أعلي الجبل أي فوق المقابر يري المرء مجموعه من القباب والتي ترجع إلي العهد الفاطمي. والتي كانت تستخدم كأبراج للمراقبة وكان يطلق عليها الفاطميون اسم (قبة علي الهوا) حيث أنها كانت مرتفعه .... ومع مرور الوقت حرف هذاالإسم حتى وصل إلي ( قبة سيدنا علي أبو الهوا)!!!! وأصبح مزارا دينيا يأتي إلية النساء والرجال كل عام ويقدمون القرابين ويذبحون الذبائح ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!!! ويلفت نظرك قبة كبيرة الحجم وحديثة البناء ومحاطة بحديقة. وهذه القبة مبنية علي قبر لرجل يسمى (أغاخان)أو(محمد شاة) وتسمي هذه القبة بـ(قبة رمله) ولهذا الرجل ولذاك القبر قصة:-
             (أغاخان أو محمد شاة) كان إيراني الجنسية وكان مبتلي بمرض جلدي قد يأس من علاجه إلا أنة عندما جاء إلى أسوان وعرض علي طبيب أسواني شفي من المرض(طبعا بإذن الله) فحب الرجل أسوان وقرر البقاء فيها حتى الموت وانتمي إلي الطريقة الإسماعيلية وكانت زوجته الرابعة هي (أم حبيبة, ملكة جمال فرنسا في ذلك الوقت) والتي كانت وصيته لها بأن تدفنه في أسوان!! إلا أنة مات في الإسماعيلية ودفن بها .  وتنفيذا للوصية فقد نقلت زوجته جثمانه من الإسماعيلية إلي هذا المكان وبنت فوقه قبة, وعينت حراسا.  وكانت تضع علي قبره كل يوم وردة حمراء, وحينما كانت تسافر خارج مصر كانت تعين من يضع علي قبره كل يوم الوردة الحمراء  ......  و....(تأمل هذا الوفاء جيدا)!!!
 ويقال أن أغاخان كان غنيا جدا جدا جدا؛ فكان يوزن ثم يصنع بوزنه ذهبا في عيد ميلاده. والآن قد أغلق هذا المكان بأمر من زوجته الرابعة أم حبيبة وذلك لأنه حدث بجوار هذه القبة عدة حرائق ويقال أن هناك سببا آخر وهو أن زوجته كانت قد استأجرت مقرئا يقرأ علي قبره عصر كل يوم, وكان يأتي أناس كثيرون لزيارة المقام, فكانوا يشوشون على المقرئ فأمرت بإغلاقه...........  وأخيرا فلهذا الرجل من زوجته الرابعة اثنين من الأبناء أحدهما كان لاعبا للكره في أمريكا ومات فيها بسبب حادث سيارة. والآخر شيخ طريقه الإسماعيلية في أسوان وقد توفيت أمهما منذ حوالي خمس سنوات...!!!!!!

ومن المعلوم أن أهل أسوان يعيشون جميعا علي الجانب الشرقي للنيل لأنه لا يوجد في الجانب الغربي للنيل سوي بعض البيوت القليلة والتي يعيش فيها أبناء النوبة ....

وكنا قد عبرنا النهر بالفالوكه  لنصل إلي الحديقة والتي فيها قضينا وقتا جميلا ولطيفا في ظل المرح والفرفشه ....ولكن في حدود المعقول والممكن!!!

       عدنا بعد ذلك إلي النزل , تناولنا الغداء , ثم خرجنا (الأحمدان والمحمدان) متوجهين إلي متحف النوبة لزيارته مره أخري (لأننا لم نستمتع به بالأمس) وبينما نحن في الطريق استأذن الأحمدان لكي يذهبا إلي وسط المدينة لكي يشتريا فيلما للكاميرا. وتواعدنا أن نتقابل في المتحف وعند وصولنا  (محمد سلومه وأنا) وجدنا أن المتحف ما يزال أمامه  نصف ساعة حتى يفتح أبوابه للجمهور فمواعيد الزيارة من (9 - 1 صباحا,5 - 9 مساءا) فرأينا أن نتجول بجوار المتحف حتى تمضى هذه النصف ساعة, ووجدت رجلا ألمانيا فتعرفت عليه واسمه (هوفمان) والقادم من بلدة في جنوب ألمانيا تسمي Freiburg)) وتحدثنا طويلا, ودخلنا المتحف سويا, واستأذن محمد سلومه ليعود إلي النزل وذلك لأنه شعر بتعب . وبينما كنت أتجول مع (هوفمان) في المتحف إذ جاءني أحد العاملين في المتحف من الأمن (طبعا) وطلب مني إثبات الشخصية متسائلا عما إذا كنت مرشدا سياحيا أم لا, فقلت له لا, إنما هو صديق لي تعرفت عليه خارج المتحف, وأعطيته في بداية الأمر جواز سفري فقال لي أنني لا أعترف به وطلب منى البطاقة (فعلمت أنه لا يعلم أن هذا الجواز يعمل به داخل وخارج مصر أما البطاقة فلا يعمل بها إلا في مصر ) المهم أعطيته البطاقة والكارنيه وأخذ معه أيضا جواز السفر (سبحان الله)  وذهب بهم إلي رئيسه وكنت في الحقيقة قلقا !!! وجاءني معتذرا وعارضا المساعدة وقال لي تجول في المتحف كما تشاء (سبحان الله)!!
       خرجنا نتجول علي الكورنيش وعزمنى علي عصير في أحد السفن العائمة وشرب هو البيرة ثم طلب بيرة مرة أخري وطلبت أنا شاي بلبن.(وطبعا هو الذي دفع)!!!  بعد ذلك تجولنا على الكورنيش إلي أن وصلنا إلي محطة قطار أسوان حيث كانت الأتوبيسات في انتظارنا وذهبت معه إلي الفندق وتواعدنا أن نتقابل مرة أخري في الأقصر يوم الأربعاء القادم لكي أرد له العزومه.....
  عدت بعد ذلك إلي النزل , تناولت أالعشاء , ثم جلسنا نتبادل أطراف الحديث وتحدث الأحمدان ومحمد سلومه عن مغامراتهم النسائية واتضح  لي أنني الوحيد فيهم وربما الوحيد في النزل بل وربما الوحيد في مصر الذي ليس له مغامرات نسائية وذلك لأنهم صوروا لي أن الجميع يفعل ما يفعلوه(!!!!!) وكفرنا بصلاتي المغرب والعشاء قصر وجمع تقديم عن ذلك الحديث الممتع(!!)

       في اليوم الثالث(الاثنين) وبعد تناول الإفطار كانت الأتوبيسات المتجهة إلي السد العالي ومعابد فيلة في انتظارنا وركبناها واتجهت بنا بداية الأمر إلي السد العالي ( وفكرة بناء سد علي النيل كانت فكرة قديمة طالما راودت المصري القديم حتى تحجز عنه الفيضان إلا أنه لم يستطع تنفيذ هذه الفكرة إلا في العصر الحديث ) ولقد كان المصري القديم يتوجه لبناء الأبنية الدينية  والمعابد وكان ذلك لهدف سياسي أيضا وهو القضاء علي البطالة!!!
وقبل بناء السد العالي كان يوجد سد أسوان أو خزان أسوان وقد تم بناؤه ما بين عامي (1898-1903) وكان يحجز خلفه حوالي 2,5 مليار كم3 من مياه الفيضانات ..
    ومر بنا الأتوبيس علي خزان أسوان ثم عرج بنا الأتوبيس من طريق يسمي طريق السادات ويبدوا أن كل شوارع أسوان تسمى بهذا الاسم والمهم أن هذا الطريق يربط بين أسوان ووادي حلفا في

السودان. وقبل أن  نصل إلي السد العالي توقفت الأتوبيسات لننزل منها لمشاهدة بناء كبير يسمي بـ(رمز الصداقة المصري السوفيتي) وقد بني هذا الرمز مابين عامي (1970-1973) ويصل طوله

إلي 76 مترا ويدل هذا الرقم علي أول مقياس لارتفاع  المياه خلف السد العالي بعد الانتهاء من بنائه... ولقد تم بناء هذا الرمز بتكلفة قدرها 1,5 مليون جنيها مصريا . وشكل الرمز كالتالي:-

        بني هذا الرمز علي هيئة خمسة أوراق تشبه أوراق شجر الكافور وهذا العدد يشير إلي أصابع اليد الواحدة (الصداقة) وعلي كل ورقة يوجد العديد من الرسومات والنقوش . فعلي الورقة الأولي والتي هي في الواجهة شعاري مصر والإتحاد السوفيتي (ورمز مصر عبارة عن النسر) وعن يساره يقع الرمز السوفيتي وهو عبارة عن سنبلتين علي هيئة دائرة وفي مركزها يوجد منجل ومطرقة متقاطعين وذلك دلالة علي أن الإتحاد السوفيتي دولة زراعية وصناعية ويعلو المنجل والمطرقة نجمة دلالة علي أنهم أول من ارتادوا الفضاء ويوجد أسفلهما قرص الشمس دلاله علي أنهم كانوا يحلمون بإمبراطوريه لا تغيب عنها الشمس . ولم يتجه رأس النسر المصري إلي اليسار كما هو الحال بل اتجه إلي اليمين ليظهر أن مصر ليست تابعة للإتحاد السوفيتي ولكنها مجرد صديقة . وفوق النسر كلمه للرئيس جمال عبد الناصر تقول (( إن سنوات طويلة  من العمل المشترك قد أقامت صرحا للصداقة العربية السوفيتية لا يقل عن صرح السد العالي قيمة ولا رمزا ..... جمال عبد الناصر)). وأعلي هذا كله توجد الآية القرآنية التي تقول ((( وجعلنا من الماء كل شيء حي ))). وبين الرمزين المصري والسوفيتي خط طويل يعبر عن نهر النيل ويتصل هذا الخط بنافورة تقوم بعملية التنقيط علي الصحراء لتخضر الأرض فيعم الخير وينتشر العلم وتنهض الأمة.... ويربط الخمسة أوراق من أعلي ترس علي هيئة تاج ليكون كما كان جمال عبد الناصر يردد دائما (ارفع رأسك أيها المواطن ) تاجا علي رأس كل مصري!!!!!
ويقال أن المهندس (عبد الرحمن شريف) هو الذي قام بهذه الرسومات !!

      انتهينا سريعا من زيارة رمز الصداقة المصري السوفيتي , فركبنا الأتوبيسات متجهين إلي السد العالي ومر بنا الأتوبيس علي بحيرة ناصر والتي يبلغ طولها حوالي 500 كيلوا مترا وعرضها مابين 10-12كم وتخزن المياه بداخلها بسعة تصل إلي 164 مليار كم3......  وأخير وصلنا إلي السد العالي العملاق والذي اشترك في بنائه حوالي 40 ألف عمل ولمدة 11 سنة , فتم الانتهاء من بنائه في عام 1971بتكلفة قدرها 350مليون جنية.... ولقد اختير موقع السد في أضيق منطقة لعرض النيل والتي تصل إلي حوالي 450 مترا.
التقطنا بعض الصور بجوار هذا السد, ثم ركبنا الأتوبيسات مرة أخري ولكن متجهين هذه المرة إلي معابد فيلة. وتقع معابد فيلة في جزيرة  بالقرب من خزان أسوان والتي  كانت قد أغرقت تماما بسبب بناء خزان أسوان؛ إلا أن اليونسكوا قد تدخلت بعد استغاثات طويلة من الحكومة المصرية (طبعا) لإنقاذ هذا المعبد ومعابد أخري مثل معبد أبو سنبل وكان ذلك مابين أعوام (1972-1982) .
 ولابد من ركوب الفالوكة حتى نصل إلي هذه المعابد والتي هي في موقع ساحر وجذاب ..
 وكلمة فيله بالمصرية القديمة (بلاق أوبلاك) بمعنى الركن الجنوبي وبنيت هذه المعابد للإلهه إيزيس والتي كانت يطلق عليها القدماء (فلفيوا)أي المحبوبة فتطورت الكلمة إلي أن وصلت إلي فيلة .  وتحتوي هذه الجزيرة علي  عدة معابد لعدة عصور مختلفة بدءا من العصر الفرعوني والذي يتمثل في معبد (نقتنبوا) ومعبد الإله (شو)إلة الهوى فمرورا بالعصر البطلمي والذي يتمثل في الأعمدة البطلمية التي بناها(بطليموس الثالث) والتي تصل إلي 31 عمود , وقد ادخل المسيحيون تعديلات كبيرة علي المعابد حتى تتلاءم وعقيدتهم..
ويوجد علي بوابة معبد (نقتنبوا) تماثيل علي هيئة أسود.  والأسود بالذات لأن التماسيح لا تخاف من شيء سوي الأسود!!!!!

وقد حكي لنا المرشد عن أساطير كثيرة منها أسطورة إيزيس وأوزوريس وابنهما حورس وحكاية حورس مع عمة ست (حكاية مشهورة) وحكي لنا أسطورة أخرى قريبة الشبه بها تسمي (أنس الوجود ومحبوبتة زهرة الورود). وحدثنا المرشد أيضا عن مهمة المعبد والكرابين التي كانت تقدم للآلهة وعن الكهنة وقدس الأقداس وسراديب الكهنة والتي كانوا يدخلونها ويتحدثون فيها بصوت عالي ليخيلوا للناس أن الآلهة قد جاءت . وأخبرنا أيضا بان الكرابين التي كانت تقدم إلي الآلهة كانت طبعا من نصيب الكهنة وخاصة الذهب منها!!!!!!!!!
   
       انتهت زيارتنا لمعابد فيلة فركبنا الفالوكة عائدين إلي الشاطيء. ثم ركبنا الأتوبيسات عائدين إلي النزل, وهناك تناولنا طعام الغداء. وبينما نحن نأكل جاء مشرف النزل فطلب من أحمد الشرقاوي إثبات شخصيته ولكن أحمد تحدث معه باديء الأمر بلهجة غير محترمة مما أغاظ المشرف وجعله يرفع من صوته وأصر علي أن يري إثبات الشخصية. وللعلم أن أحمد هذا ليس مشتركا في الرحلة.  لذا تحدث أحمد بعد ذلك بكل أدب واحترام وسار أمام المشرف لكي يحضر له إثبات الشخصية . وسبب طلب المشرف من أحمد إثبات الشخصية هو أن أحمد حسونة ادعي للمشرف (كذبا) أن معه صديق من أسوان ويريد أن يأخذ له بونا زائدا ولكن المشرف طلب منه أن يحضر له صديقة الأسواني  وأشار أحمد حسونه علي أحمد الشرقاوي فرآة المشرف ومن هنا انفضح الأمر بل إن شئت فقل انفضحت جامعة الأزهر بأجمعها!!!!  وذلك لأن الحسنة تخص والسيئة تعم !!! ولأن المشرف يعرف أحمد ويعرف أنه ليس من الصعيد فدخل الشك في رأسه وجاء وحدث ما حدث! ثم حكي أحمد الشرقاوي للمشرف الحقيقة, وظن أحمد بأن إفصاحه عن الحقيقة سيشفع له عند المشرف وسيعف عنة؛؛؛ إلا أن المشرف خيب ظنه وأصر علي ترحيله إلي بلدة وعلي حسابه الخاص وليس هذا فقط فلقد جاء مشرف آخر وأصر علي أن يبلغ الشرطة ويتم ترحيله عن طريق الشرطة وتدخل المشرفون التابعون لجامعة الأزهر وانتهي الأمر بترحيل الأحمدان علي حسابهما الخاص وهنا انتهت قصة النصب والطمع!!!! نمنا بعد هذة الحادثة حوالي ساعة ثم ذهبنا بعد ذلك بالأتوبيسات في جولة حره في مدينة أسوان الجميلة النظيفة وهناك اشتريت بعض الأشياء من بلح وكركدية وفول سوداني واشتريت أيضا تيشيرتا علية رسومات فرعونية وأشياء أخري  ودخلت الإنترنت ثم عدت بعد ذلك إلي النزل ,فتناولت العشاء ثم صليت ثم عدت ثانية إلي السوق مع محمد و تامر ومصطفي وذلك لكي نعيد للرجل الصعيدي ما اشتريناه منه  أو نأخذ فوقه أشياء أخري وأخيرا لم انتصرت علي الصعيدي !!!!

    في صباح اليوم الرابع (الثلاثاء)  وفي حوالي الخامسة صباحا كنا قد صلينا الفجر ثم تناولنا الإفطار وجهزنا حقائبنا استعادا للذهاب إلي الأقصر . وفي السابعة والنصف وبعد تأخير عن الموعد المحدد انطلقت أخيرا الأتوبيسات إلي الأقصر( دره المدن المصرية وأكثرها شهره والتي تضم بين جنباتها نسبة كبيرة من آثار العالم وهى بحق جامعة مفتوحة للتاريخ الإنساني عبر العصور التاريخية المختلفة بدءا من عصر ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث مرورا بالعصور الفرعونية المتعاقبة  فالعصر اليوناني فالروماني فالقبطي فالإسلامي ( رحلة إلي الماضي)   !!!!
وتقع الأقصر بين خطى عرض 25-26 درجة شمالا وخطي 32 -33 شرقا... وتقع الأقصر جنوب القاهرة بمسافة 670كم تقريبا وتقع شمال مدينة أسوان بحوالي 220كم وجنوب غرب مدينة الغردقة بحوالي 280 كم وتتكون مدينة الأقصر من شطرين البر الشرقي والبر الغربي ويبلغ تعداد سكان الأقصر حوالي 400,000 نسمه تقريبا وتبلغ المساحة 2410كم2 متضمنة الظهير الصحراوي... والمساحة المأهولة بالسكان 208كم2, والمساحة المنزرعة 41504 أفدنه مزروعة (قصب السكر وقمح وغير ذلك). وللأقصر تاريخ مجيد في مصر الفرعونية حيث كانت عاصمة مصر القديمة- أطلق عليها الفراعنة اسم "واست"ومعناها الحكم والسلطان .. وعرفها الإغريق باسم "طيبة"نسبة إلي المدينة اليونانية "تيب". وقد أطلق عليها شاعر الإغريق الشهير "هوميروس" اسم المدينة ذات المائة باب لكثره ما بها من صروح عالية وبوابات شاهقة . ثم سماها  العرب "الأقصر"لكثرة ما بها من قصور فخمة ومعابد ضخمة. وقد ظلت الأقصر مقرا للسلطة في مصر القديمة في الفترة الممتدة بين عامي 2100 إلي 750 ق م . وكانت تمثل مدينة الأحياء والأموات ببريها الشرقي والغربي علي ضفتي النيل رمز الحياة عند القدماء .. وتضم الأقصر أشهر معابدنا وآثارنا وأيضا متحف الأقصر وهي تجمع بين عظمة وغموض الأجداد وبين بساطة الحياة القروية بعيدا عن ضوضاء المدينة .............

         وصلنا إلي الأقصر في حوالي الواحدة  ونزلنا في نادي شباب المدينة المنورة.. وشتان بين نزل مبارك الدولي وهذا النزل. والحقيقة أنه لا يوجد وجها للمقارنة علي الإطلاق !!! ففي الحجرة خمسه أسره. كل سرير بطابقين والحمامات غير نظيفة ولا توجد أية وسائل للترفية!!! والمهم تناولنا الغداء ثم نمنا حوالي ساعة.  وبعد ذلك خرجت حجرتنا (الثمانية) ( إسلام محمود كلية العلوم, و محمد مأمون, وأحمد سليمان, وعلي محمد, وعلاء محمد, ومحمد صابر كلية التربية قسم رياضيات, ومحمد سلومه  وأنا, كلية اللغات)  لكي  نتجول في الأقصر المدينة الجميلة.  وذهبنا إ لي ا لكورنيش ودخلا (محمد و إسلام) معبد الأقصر. وتجولنا على الكورنيش وتحدثنا مع الألمان الذين هم بكثرة في الأقصر. ثم عدنا سريعا بعد ذلك إلى النزل. تناولنا العشاء, وبعد ذلك ركبنا الأتوبيسات متجهين إلي معبد الكرنك لحضور حفل (ا لصوت والضوء) وتحدثت سميحة أيوب والعديد من الفنانين وتجولنا بين جنبا ت المعبد وكان الجو بارد بعض الشيء.  ثم عدنا بعد ذلك إلي النزل فصلينا ثم نمنا ويقال أن الأحمدين (أحمد حسونه وأحمد الشرقاوي) قد اتصلا بتامر( أحد الطلاب المشاركين في الرحلة) وجاءا ليلا إلي النزل لكي يبيتوا معنا إلا أن المشرفين قد رأوهم فاضطر الأحمدان أن يتعللا لهم بأنهم ما جاءا إلا ليسلما عليهم. والمهم أنهم لم يبتوا معنا !!!!

 وفي اليوم الخامس (الأربعاء) تناولنا طعام الإفطار ثم ذهبنا بالأتوبيسات إلي معابد مدينة (هابو) والتي تقع في البر الغربي وكل هذه المعابد معابد جنائزية وكانت تستخدم لدفن الموتى.. أما المعابد التي بنيت في البر الشرقي فهي معابد للعبادة والخدمة اليومية وهي معبد الأقصر, ومعبد الكرنك.
وصلنا أول ما وصلنا في البر الغربي إلي معبد (هابو) والذي يعود بناؤه إلي العهد البطلمي. وكان يستخدم مدخل المعبد كبرج مراقبة . وفي المعبد غرف أو حجرات للثالوث المقدس والتي بنيت في عهد تحتمس الثالث والثالوث المقدس هم :-
آمون وهو الإله العام
موت وهي الزوجــة
خنسو وهو الإبـــــن

         ولقد أخبرنا المرشد أنه قد حكم مصر حوالي 11 فرعون اسمهم رمسيس أشهرهم رمسيس الثالث.... ثم انتقلنا بالأتوبيسات إلي معبد حتشبسوت أو معبد(الدير البحري) . ومعني  اسم حتشبسوت بالفرعونية (قرينه الإله)  وليس هذا هو اسمها الحقيقي . واسمها الحقيقي هو (ماعت كارع) . وقد أطلق علي هذا المعبد اسم الدير البحري وذلك في العهد المسيحي لأن المسيحيون استخدموه كدير للعبادة.  وقد حدثت في هذا المعبد تغيرات كثيرة من قبل تحتمس الثالث والذي كان عدوا لحتشبسوت.... ولقد التقطنا صورا في هذا المعبد مع السياح وخصوصا الألمان منهم.
ركبنا بعد ذلك الأتوبيسات متجهين إلي مقابر (وادي الملوك) تلك المقابر التي تعتبر أفضل ما عثر علية من آثار ليس في الأقصر فقط بل في العالم أجمع !!!  ولقد اختار القدماء المصريون هذا المكان بالذات والذي هو عبارة عن جبال في البر الغربي للنيل , وهذه الجبال شاهقة الإرتفاع  وتشبه إلي حد كبير الأهرامات وذلك لأن المقابر عند القدماء كانت لا بد وأن تأخذ الشكل الهرمي . ولأن المقابر التي كانت قد بنيت من قبل قد تعرضت جميعها للسرقة .  فعلي سبيل المثال أهرامات الجيزة والتي قد تفنن المصريون القدماء في بناء الغرف المضللة للصوص فلقد بنوا داخل الهرم غرفا سفلي وأخري عليا وغرفا مخفية وغرفا ظاهره وسراديب ومصاعد يصعب الصعود عليها. ولهذا السبب نجد أن اللصوص قد أحرقوا الهرم بعد سرقته انتقاما للفراعنة على تضليلهم (لأنهم طلعوا روحهم) !!!ولهذه الأسباب وغيرها  بدأ الفراعنة في البحث عن أماكن بعيده عن الأعين وجعلوا نصب أعينهم أن تكون مقابرهم ملتزمة بالشكل الهرمي. واستقر بهم الأمر علي الجانب الغربي للنيل في ألأقصر.  وقد تم بناء هذه المقابر في سرية تامة وحتى لا يتسرب الخبر فقد أمر الفرعون (الملك) ببناء مدينة بالقرب من المقابر وسميت بمدينة العمال.........


وعدد المقابر التي اكتشفت حتى الآن يقدر بحوالي *62* مقبرة كلهم سرقوا تقريبا!! وذلك علي الرغم من السرية والتضليل الذي تفنن فيه المصري القديم (ويبدوا أن اللصوص كانوا أذكي من الفراعنة لذا يجب علينا أن نبحث عن تاريخ اللصوص لتمجيده!!!!!!) ولم يعثر إلا علي مقبرة واحدة سليمة وهي مقبرة الملك الصغير  (توت عنخ آمون) والتي اكتشفت في عام (1920).
وقد كانت تتفاوت مدد بناء هذه المقابر, وذلك حسب فترة حكم الفرعون فهناك مقابر استغرقت ثلاث سنوات, وأخرى عشرة, وثالثة خمسة عشر سنة ....وكانت توضع في المقبرة كتبا دينية وتماثيل ورسومات تمثل عذاب القبر ونعيمه. فتجد علي الجدران رسومات ثعابين لها رأسين وإنسان ذو وجهين وحيوانات مفترسة وأشكال مرعبة!!!  ودخلنا بعض المقابر مثل مقبرة (مرتاح, تاوسرت وست نخت, ستي الثاني, رمسيس الثالث).
انتهت زيارتنا لهذه القابر البديعة البناء سريعا ولم يمكنني الاستمتاع بهم وذلك لأن بعض الأصحاب كان كل همهم أن يتكلموا مع السياح وأن يلتقطوا معهم بعض الصور التذكارية وكنت أنا الضحية لأنني الذي كنت أتحدت الألمانية ... المهم عدنا إلي النزل تناولنا فيه الغداء وكنا قد تسلمنا تيشرتات عليها شعار تنظيم مصر لكأس العالم 2010, وذلك لأننا سوف نستقبل وفد الفيفا والذي سوف يأتي اليوم إلي الأقصر لمشاهدة الملاعب !! وركبنا الأتوبيسات وذهبنا إلي نادي شباب الأقصر ووقفنا أمامه أي علي الكورنيش ننتظر وفد الفيفا وسعادة الوزير (وزير الشباب) ولكنني وجدت أن الوفد سوف يتأخر (ودائما ما تتأخر الوفود الرسمية وخصوصا إذا كان المرافق مصري!!!) لذا تجولت وحمد سلومه علي الكورنيش وتقابلت مع رجل هولندي وتحثنا طويلا ذهابا وإيابا إلي أن عدنا أخير إلي نادي شباب الأقصر وانتظرنا طويلا وكان يقف معنا سائحون ألمان وتحدثت معهم وأخيرا جاء سعادة الوزير والوفد المرافق لسيادته وبمرورهم بنا انتهي الموقف.!!!!. ثم ذهبنا بعد ذلك تبعا للبرنامج إلي (متحف الأقصر) ويقع متحف الأقصر هذا  علي النيل وهو مجهز بأحدث الأجهزة وفيه كثير من التماثيل التي تنتمي إلي عصور مختلفة .... ثم ذهبنا بعد ذلك (محمد سلومه وأنا) نتجول علي الكورنيش وعليه شاهدنا لافتة تشير إلي متحف التحنيط والذي يقع مباشرة علي النيل ويقال أنة المتحف الوحيد في العالم الذي يختص بنوع واحد من الآثار (التحنيط) وبالفعل دخلناة وكانت التذكرة للطلاب جنيها واحدا وللعامة ثلاثة جنيهات . وفي المتحف توجد طريقة التحنيط (مكتوبة ومرسومة) وتتم عملية التحنيط كالتالي:-
(1)   تطهير الجسد بالماء المقدس .        (ولا أعرف ما هو الماء المقدس ولا من أين يأتون به)
(2) دهان اللفائف بالراتنج السائل.         (وقد سألت المسئولين عن المتحف عن ماهية  الراتنج فأجابوني ولم أفهم شيئا)
(3)   لف المومياء بلفائف الكتان .
(4)   (أتوبيس) يشرف علي المومياء وذلك في حضور إيزيس ونفتيس والأقرب والأصدقاء يصاحبون المتوفى !!
(5)   أربعة من الثيران يجرون الزحافة وعليها أخينا المتوفى (والبقاء لله ولا عزاء للسيدات!!!!)

     وبعد أن انتهينا من زيارة هذا المتحف الرائع والذي يحتوي علي كثير من المومياوات الحيوانية والبشرية والذي يضم أيضا توا بيتا في غاية الدقة والروعة  والإبداع!!!!! ذهبنا لمقابلة الأحمدان واللذان كنا قد تواعدنا معهما في اتصال هاتفي لكي نلتقي بهما للاطمئنان عليهما ولكي نعطيهما نقودا كنا


قد جمعناها لهما وذلك لأنهما طلبا منا المساعدة ... ووجدناهما في انتظارنا, فسلمنا عليهما وأعطيناهما النقود وأخبرانا بأنهما في أحسن حال وحكيا لنا قصتهما العجيبة الغريبة والتي تقول :
أنه عندما خرجا من النزل وبعد القصة الطويلة والنهاية المأساوية التي كانت ولابد أن تكون (انظر صفحة رقم 11) قررا أن يذهبا إلي الأقصر. وبينما هما في  السيارة المتجهة إلي الأقصر تعرفا علي شاب (مهندس) من الزقازيق. وبدا لهما أن الشاب من أسره غنية؛ فحكيا له قصتهما فدعاهما الشاب إلي الغداء وطبعا قبلا!!  وأراد الشاب أن يحجز لهما ليسافرا بالطائرة إلا أن الطائرة (حسب قولهما وكما فهمت منهما!)  كانت مكتملة فاضطرا علي البقاء في الأقصر ليلة أخري وفي اليوم التالي ركبا القطار عائدين إلي بلدتهما.  وبينما هما بالقرب من ملوي في المنيا تعرفا أيضا علي رجل وحكيا له قصتهما المأسوية, فدعاهما في بيته وأعطاهما نقودا, فعادا مرة أخري إلي الأقصر واتصلا بصديق لهما في الأقصر وجاء وأحسن استقبالهما (قصة عجيبة)!!! 
المهم أعطيناهما النقود وكنت قد شعرت بالجوع لذا استأذنا منهما لنذهب إلي النزل علي أن نعود إليهما مره أخري لنتجول في المدينة ونؤجر الدراجات!! وعدنا إلي النزل ثم عدت إليهما مره أخري وللأسف لم أجدهما !!!
في اليوم السادس (الخميس) وبعد تناول الإفطار والصلاة (طبعا) ذهبنا إلي معبد الكرنك. ذلك المعبد الكبير جدا والذي كنا قد ذهبنا إليه أول أمس ولكن مساءا في عرض (الصوت والضوء)... وترجع تسميته بالكرنك إلي العرب, وذلك لأنهم لاحظوا شدة الشبة بينة وبين قصر(النعمان بن المنذر) في العراق والذي كان يسمي بـ(الخورنق). فحرفت الكلمة إلي أن وصلت إلي (الكرنك) وبداية المعبد طريق يسمي بطريق الكباش و كان يتألف هذا الطريق من 1000 تمثال علي هيئة رأس كبش وجسم أسد وأسفل رأس الكبش يوجد تمثال للملك الذي كان يحكم مصر في ذلك الوقت .. وكان هذا الطريق يربط بين معبد الكرنك ومعبد الأقصر ..
ويضم هذا المعبد قاعه كبيرة جدا تسمي قاعه الأعمدة وتحتوي هذه القاعة علي 134 عمودا من أضخم الأعمدة في العالم!!! وعلي الأعمدة   نقوش ورسوم كثيرة تجسد الأحداث والإنجازات الفرعونية القديمة ومن أشهر الصور الموجودة على هذه الأعمدة صورة للإله (مين كم) إله الإخصاب.. ولهذا الإله قصه غريبة ... وهي أنه في فتره حكم ملك من الملوك والذي كان متوجها إلي حرب وأخذ معه كل الصالحين للحرب من شباب ورجال أقوياء, بينما ترك الضعفاء العاجزين والمعوقين والنساء والأطفال. وكان من بين من قعدوا ولم يذهبوا مع الملك رجل يسمي (مين كم) . وتأخر الجيش وعندما عاد وجدوا أن نساء المدينة كلهم حوامل!! وكان صاحب هذة العملة (السوداء) هو صاحبنا (مين كم) فقرر الملك معاقبته, فأمر بتقطيع يده اليمنى ورجلة اليسرى ... فحزن صاحبنا (مين كم ) حزنا شديدا وقرر الابتعاد عن المدينة, لذا ذهب إلي الجانب الغربي وهناك أصبح إلها للإخصاب !!!!!!
وتوجد في هذا المعبد أيضا مسلات ضخمة وقد ذكر لنا المرشد أن عدد المسلات التي خارج مصر سواء بسبب السرقة أو بسبب إهداءات الرؤساء والملوك تصل إلي 14 مسلة, موجودة في روما وباريس وواشنطن وغير ذلك من البلدان!!!
ويضم المعبد بحيرة تسمي بالبحيرة المقدسة والتي يرجع بناؤها إلي تحتمس الثالث . ولقد كان المصريون القدماء يعتقدون أن عرش الآلهة في السماء وينزل من تحته الماء وكان يعتقدون أيضا أن الإله يتجول  علي الماء بزورقه الذهبي (كلام غريب)!!!!
ولقد كانت الكهنة يتطهرون بماء هذه البحيرة ثم يذهبون للصلاة ,وأيضا النساء اللاتي  لا ينجبن كن يأتين إلي هذه البحيرة (نساء عبيطه حتى في أيام الفراعنة). وكانت البحيرة تستمد ماءها من النيل من خلال قنوات . والآن من خلا مواسير لضخ المياه وأخري لشفطها!!!!
انتهت زيارتنا لمعبد الكرنك وذهبنا بعد ذلك إلي معبد الأقصر الذي كان قد طمست معالمه بمرور الزمن وردم بالتراب ولم يظهر منة شيء حتى لقد بنيت علية مدينه كاملة أيام الفاطميين ويوجد عليه حتى الآن مسجدا بمأذنه شاهدة علي ذلك. ومعبد الأقصر يشبه إلي حد كبير معبد الكرنك !!!!
عدنا بعد ذلك إلي النزل لكي نعد حقائبنا لنعود إلي بلادنا .  وفي السابعة مساءا كنا في محطة قطار الأقصر لننتقل به من الماضي إلي الحاضر .....
وفي اليوم السابع كنا في القاهرة ومنها إلي بلدتي المنوفية,, ولو لم أكن منوفيا لوددت أن أكون منوفيا..
محمدشحاتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق