الأربعاء، أغسطس 31، 2016

الدكتور حسام بدر يكتب:

ملخص كتاب الثورة الاسلامية في الغرب لمؤلفه ‘"إجناثيو أولاجوى".

  •  ما أشبه اليوم بالبارحة
  • "مأساة سوريا وحضارة المسلمين في إسبانيا"
يعد تحدياُ شائكا أن يقتنع المرء برأي لم يألفه، وخاصة عندما يدور حول معطيات تاريخية رسخت في الأذهان على أنها حقيقة في كل تفاصيلها. وهذا ما فعله الكاتب الإسباني إيجناثيو أولاجوي في مؤلفه "الثورة الإسلامية في الغرب" (ترجمة أ. علي المنوفي، و د. طارق سالم ، وتحرير د. حسام  الدين بدر) - الذي عالج فيه قضية وجود المسلمين وانتشار حضارتهم الرائعة في شبه الجزيرة الإيْبِيرِيّة أو إسبانيا القديمة؛ وقد انطلق الكاتب من وجهة نظر تخالف ذلك التصور الذي ورد في كتب التاريخ سواء العربية أو غير العربية، والذي يشير إلى أن دخول الإسلام إلى إسبانيا كان نتاج عمل عسكري؛ يصف الكاتب ذلك بالهراء ويسمه بـ "الغزو المزعوم"، لأنه من وجهة نظره أنه من غير المعقول أن تحدث هذه المعجزة من خلال جيش من المسلمين ليس فقط قليل العدد بل أيضا العتاد.
يذكر الكاتب أن نزوح العرب المسلمين من الشرق إلى إسبانيا كان في هجرات متعددة، دفعتهم إليها تغير مناخي شديد (التنابض التناوبي المناخي)، تسبَّبَ في حدوث مجاعات، وأدى إلى هجرات واسعة نحو الغرب وحركات ديموغرافية كبيرة. ويؤكد الكاتب على أن الأمر لم يكن بعد ذلك إلا فتحاً سلمياً حضاريا، كان سببا في انتشار الإسلام ولغته العربية في تلك المنطقة، من خلال ما أطلق عليه "قوة الأفكار" ودينامكيتها واستيعاب الإسلام حضارة وثقافة الآخر، التي قدمت الطاقة الضرورية لهذا الانتشار وتطوره وقبول الآخر الدخول إلى الدين الإسلامي وتعلمه لغته في أفواج وبصورة كبيرة.
إن المسألة التي تناولها الكتاب تعكس لنا حوار الإسلام الحضاري الخلاق ، الذي جذب الشعب الإسباني إلى الدخول فيه، فتمازج هذا الشعب بحضارته وبثقافاته المختلفة مع الإسلام، ليتمخض من ذلك حضارة شهد لها التاريخ؛ إنه مخاض مصدره الإسلام الاستيعابي الذي لا يعرف ولا يعترف بالحواجز الجغرافية أو الموانع النفسية أو الفكرية، وينأى بنفسه عن الصراعات الدموية، فهو دين لا ينتشر بحد السيف، بل بالحوار وقوة الأفكار المنبعثة من هذا الدين، وما يمنحه للبشرية؛ وقد ربط " إيجناثيو أولاجوي " في كتابه هذا التاريخ بعلم الآثار والاجتماع والجغرافيا والدين والفن ، بل وفي بعض الأحيان (وإن كان نادراً) باللغة، وقام بتوظيف ذلك بصورة جيدة.
عندما قرأت الكتاب قارنت بين الأندلس وما حدث ويحدث في عالمنا المعاصر لأهلينا في سوريا، وسألت نفسي أيكون ما حدث خيرا إذا ما نظر إليه من زاوية التحولات التاريخية؟ أيكون خروج أهل سوريا إلى الغرب - رغما وقسرا بسبب الحرب - يقابل التنابضات المناخية التي أرغمت المسلمين والعرب ذات يوم إلى شد الرحال نحو إسبانيا؟ فقط يحتاج المسلمون في الغرب المعاصر فكرا إسلاميا بثوب جديد، أي تطويره طبقا للمستجدات الزمانية والمكانية، وذلك في أبنية الإسلام الثلاثة (البناء التشريعي والعقدي والأخلاقي)، دون أن يُمس معلوما من الدين بالضرورة، أي إسلام دون هدم معالمه، بمعنى آخر عدم صياغة إسلام أوروبي يكون أشبه بعجل "سيرابيس" الذي اختلقه الإغريق لتوحيد سكان مصر من الإغريق والمصريين.

إن مأساتكم يأهل سوريا ظاهري، وشر من قَتَل بعضكم موت خفي باطني، شر ضئيل ضعيف جزئي، منه يولد خير أكبر قوي، شر الجبابرة سقوط الكبر والكبرياء، توحش وسفك الدماء، ولا يدرون أنهم بجرمهم يحققون ناموس الوجود، يدفعون بكم إلى عالم الخلود، ومن أصلابكم سيكون التطهير، ومن التدمير سيكون التعمير، ومن هدم الطغاة سيكون البناء، إنه ناموس الحياة.، هناك من وراء البحر الأرض ستحكمون، من بلاد القوط والجرمان والرومان العالم ستقودون، فقد وعَدَ من ملكوته في السماوات " لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" بإبمانكم وعقول تعمل الصَّالِحَاتِ. سئل رسول الله (ص) أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية، فقال (ص) الأولى. والأمر لن يكون ببأس شديد أو سلاح، بل بعقل يهب البشرية الفلاح "وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا" وصلاح..... إنا نجهل وهم يجهلون، ألم يقل "إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" سافكو الدم قد منحوا الحياة وهم لا يدرون! ــ بأيديكم يأهل سوريا ستتحطم أسطورة "بلاط الشهداء"، فـ "شارل مارتل" صناعة الأغبياء، دعوا بارودهم يسكرهم، فاليوم خمر وغدا أمر، وما أشبه اليوم بالبارحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق