محمد الصادق إبراهيم
عرجون من مواليد مدينة إدفو سنة (1321ه 1903م)، تخرج من الأزهر الشريف عام
1929م، وتدرج في سلكة الأكاديمي حتى وصل إلى عمادة كلية أصول الدين سنة
1964م، كما عمل أستاذا في كل من: الكويت والسودان والجماهيرية الليبية والمدينة
المنورة وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
ويتميز عرجون بكتاباته
القوية والتي يصفها محمد رجب البيومي "بالأسلوب الرجل، ففي أسلوبه ما في
شخصيته من فحولة وشجاعة وقوة، فلقد كان الأستاذ ذا حمية مخلصة وغيرة ملتهبة
تلمسها في حديثه كما تراها في بريق عينيه وتوهج ملامحه".
توفي عرجون سنة 1981م
وهو صاحب كتاب (محمد رسول الله تحقيق ورسالة) الذي أعادت نشره مجلة الأزهر، عدد
شهر رمضان لعام 2016م.
كتاب "نحو منهج لتفسير القرآن" صغير الحجم نسبيا ولكنه عظيم الفائدة؛ فالكتاب يقع في حوالي مائة
صفحة من القطع المتوسط، ومن عنوانه يستطيع
المرء بسهولة الوصول إلى محتواه، إذ إنه يعتني في المقام الأول بتفسير القرآن
الكريم وفي ذلك يقول مؤلفه: "إذا فماذا يعني عنوان هذا الكتاب [...] إنه يعني
عما ينبغي أنه تكون عليه الدراسة القرانية في مناهج دراستنا الإسلامية التي يجب أن
نوجه_ وكدت أقول_ أن نحول إليها واقعنا الدراسي في تفسير القران". (ص: 8)
في الفصل الأول بدأ الكاتب بوصف
حال التفسير منذ بدايته وحتى وقتنا الحاضر بشئ من إيجاز، أوضح أن الاهتمام بجوانب
القرآن في التفسير كان متنوعا وفي ذلك يقول: "فنحن نجد أن البحث في جانب
العبادات من تفاسير القرآن قد اتسع مجاله ونالت فيه مسائل الفروع الفقهية عناية
تجاوزت واقع الناس إلى الفروض والتخمينات. وفي جانب الفروع اللغوية [...] نجد فيضا من البحث في قواعد اللغة. وفي العقيدة [...]
اتخذ جمهور المفسرين الذين لهم عناية بهذا الجانب [...] حصائد الفكر البشري قديما وحديثا في أعصرهم
ميدانا لبحوثهم وألقوا بها في خضم الدراسة القرانية." (ص: 14)
وفي الفصل الثاني والذي اختار له عنوان " الفلسفة الإسلامية"
أرجع عرجون أسباب تأخر التفسير إلى "إغراق الهداية القرآنية في خضم الحصائل
الفكرية" ومنها الفلسفة الأجنبية عن الإسلام كفلسفة أرسطو.
ثم اخذ في غير موضع يناقش موضوع التفسير العلمي للقرآن، منتقدا هذا
النوع من التفسير رافضا للتعسف وحشر العلوم والنظريات حشرا وتحميل النصوص ما لا
تحتمل ابتغاء القول بذكرها مسبقا في القرآن لآن النظريات متغيرة والقرآن أبدي، حتى
إن بعض الحقائق المسلم بها قد يأتي ما يعصف بها فلنحذر.
هذا وقد انتقد الشيخ عرجون الشيخ محمد عبده أحد رواد المدرسة الحديثة
للتفسير في تفسيره لسورة الفيل بأن المقصود بالحجارة في قوله تعالى: "ترميهم
بحجارة من سجيل" بأنها مرض الجدري، على أنه حفظ للشيخ محمد عبده مكانته وتأدب
معه قائلا:" ولقد كان الشيخ الامام محمد عبده وهو الشعلة المضيئة في انارة
الطريق لتجديد تفسير القران والعودة به الى بيان الهداية القرانية حذرا في لباقة
عندما عرض لمثل هذا التأويل العلمي [...] في تفسير سورة الفيل" الخ. (ص: 20)
هذا وقد وضع الشيخ فصلا كاملا أسماه"ضرورة غربلة كتب التفسير"
وذكر السبب في ذلك، إذ إنها تحتوي على الكثير من المغالطات والتناقضات بله الموضوعات. كما
أقر بأن الأمر ليس هينا على أنه من الأهمية بمكان؛ فهذا القران الدستور الأول
وعليه محور الهداية بل هو الهداية ذاتها فلنوليه اهتماما ننل به الهدى والله نسال
السداد والسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق